تحيات الحجر الكريم
حلم
ليت الفتي حجر
حتى ينام المرهقون,
وينضج التفاح في ذيل الصبايا,
يستعيد الحبُّ لوعته,
يؤوبَ الهاجرون إلى الربابة بعدما هجروا
ليت الفتى حجر
لارتاح منهوكون من هتك الضنا,
وانفكّ مغلولون من وحش السلاطين
الذين تألهوا,
وتفتَّتَ الضجر
ليت الفتى حجر
حتى يصير الخلق في الدنيا سواسيةٌ:
فلا بيض ولا سود,
ولا عبد ولا سادات,
و لا مدن و لا غجر
ليت الفتى حجر
يهوي على رأس الزناة
الآكلين السحت بالتقوى
وقد فجروا
الساكتين على مذلة طائعيهم,
مغمضين العين عن شفط الدماغ من الشهيد,
وحين توزيع الغنائم في الدجى: اشتجروا
ليت الفتى حجر
نام المحب على بقايا بيته,
واستيقظ الشجر
ليت الفتى حجر
تسرى تحيات الصغار خلال قرميد استدارته
تذيع:
هنا الصغار مخازن الكبريت من كمد,
فلما مسهم مس الهوى: انفجروا
ليت الفتى حجر.
الجامعة الأمريكية
كانوا يفترشون السلم والبهو,
يغنون على اسم فلسطين أناشيد الحب,
يضمون محمد ليسوع
حين تداهمهم حلكات الليل,
يضيئون القلب الصافي,
وينيرون الصدر الموجوع
في يدهم صورة طفل سجَّته رصاصاتُ
الغل على فخذ أبيه المصدوع
"القدس لنا" تصعد من بطن المذياع
مدببة
تخرق صمت الشرع وفقه الشارع والمشروع
وعلى الأسوار وفي شباك الفصل وفوق
رفوف المكتبة شموع
فتيان منحرفو اللكنة,
مزهوُّون بعطر الجامعة الأمريكية,
رسل العولمة بباب اللوق نهارًا,
متباهون بثروات الأهل,
ومختالون بقاع الذات وليس الموضوع
لكن أياديهم كادت تخلع أحجار القاعة
وحديد البوابات وجذع النخلة
منضمين وملتئمين كأن الواحد في
المجموع
فتيات منتشيات بالأكتاف العارية,
و بالأثداء المتحررة المتحركة,
و بالأرداف الناهضة أو الرابضة,
ومتشحات بعلو الطبقات العليا,
ممتلئات بالرغد المطبوع وبالخجل المصنوع
لكن هدير حناجرهن وهن يرددن:
"الغضب الساطع آتٍ"
كان يكحل أعينهن بصدق الروح المشطورة,
ويلف الأشجار بلمع ملائكة مطعونين,
فخلف الصف سطوع و أمام الصف سطوع
فإذا الميدان الواسع يرتج,
وحيطان المتحف تنشج,
وطيب المقهورين يضوع
حين شممت تذكرت زمان السقيا,
يوم اشتعل الطلاب وصرخوا في البردِ:
"الحرب هي الدفء,
ليسقط إيهام الخادع,
يسقط وهم المخدوع"
كان الضباط يحيطون المسرح مدَّرعين:
الأسلحة مجهزة بزناد يتأهب,
لكن الأفئدة موّزعة بين القامع والمقموع
فغسيل الأدمغة المحتلة مسموح,
لكن غرام الأرض المحتلة ممنوع.
أحرقت الأيدي الغضة علم التلموديين,
فنَبَتت معرفة طازجة:
ثمة ناس في الصبحية تقتل,
ثمة ناس في الظهر تكبل,
ثمة ناس في الليل تجوع
أحرقت الأيدي الغضة علم الشرطي الكوني
(وكان يرفرف في سارية المسرح,
ويرفرف في قمصان المحترقين برعب الطفل
المصروع)
فاندلع الكشف: الراعي صنو الذئب,
وحارس حقل التين هو اللص,
وفوق الراية جثمان مرفوع
لما صار العلمان رمادا,
لم يعد الفتيان هم الفتيان الغندورين,
و لم تعد الفتيات الفتيات الغندورات,
اختلط القطر على القطر لتتخذ القطرات
اسم الينبوع
انصهروا في موقعة الدمع,
فوحدهم قهر التابع,
وحدهم قهر المتبوع
لتظل على سبورات الدرس فلسطين,
وخلف البوابة بعض شموع.