الطبيب الشاعر/ السيد عبد الله سالم

أشعار الطبيب الشاعر/ السيد عبد الله سالم

authentication required

فضة من أجل فيينا، وقبران

كان الفتي كانْ
خارجآً من قتامةِ الدموع والمكانْ
وكان الفتي : يكونْ
صارخآً في جثةِ الهمودِ والسكونْ
وصار صارياً:
قلوعٌ قلوعٌ قلوعْ
نار سخيةٌ حطّتْ علي الميادين والجدرانْ
وعرشتْ علي المروجِ ريحآً وريحانْ.
جسمان في الفضاء يسبحان
هل موقتُ الجحيم حان؟
تلويحةٌ وآهتان
دمعتان مخبوءتان وارتعاشتان مكتومتان
خفقتان قالتا: آن السعيرُ آن.

* * *

وهذه قلوعٌ تشدُّها قلوع.
أسماكٌ عظيمةٌ تقول:
هذه مدائنُ الخيانات والشواطئ القتيلة.
حوتٌ نقي أتي إلي نام في زعانفي ثم عضّ خيشومتي
وفات لي وعداً وأحبولةً فتيله.
ماءٌ ملَّغمٌ بالكباريتِ والكوارثِ النبيله.
أسماكٌ عظيمة تقول:
هاهنا حُمولاتٌ ثقال.
هاهنا فجيعةُ الجمال.

* * *

يخرج القدماء في العراء
ويصرخون:
واهِ وي
كوةٌ كوتْ كليمها الكليمَ كي
وغابةٌ غوتْ غريبهَا الغريبَ غدرةً وغي
واهِ وي
أقئ عالمي القمئَ قي
وها مدائنُ الميولة التي تميلُ مي
فأي جثة علي يدي أي
وواه واي.
صيح بي:
طائراتٌ طائراتٌ تحملُ العاشقينَ والسارقينَ
للجزيرة التي يرقدُ الرجالُ في عشبها العقيم
طائراتٌ وتجريم.
قال: لا ترحلِ الرحيلَ خلِ مقلتيكَ مقلتينِ لي
أنا شطيركَ الموقوفُ في زنزانةٍ تختمُ الشعراءَ
بالمُثول والرغوةِ الصحفيه.

طائراتٌ في قوائمٍ المعلنينَ عن خريطةٍ فريدةٍ
للتراجعِ الربيعي الأنيقْ
وعن شارةِ فضائيةٍ للغريقْ
أنا سميكَ الصليبُ لا تذهبْ فجوهرةُ الذهابْ
ترابٌ علي ترابٍ علي ترابْ.
وأسماكٌ عظيمةٌ تقول:
كان الفتي ماءْ
يدحرج الأرضَ للسماءْ
يسقسق النداءْ:
يا..
يا..
يا..
جذعُ جمرٍ في حَشَايا
يا مشقّقاً مَدايا:
يا قُوتَتِي السؤالُ: هل أنا..
سوا يا؟

* * *

الجَوهري في الرؤي يجئ:
بلاد تأوّدتْ بين حربتين مشحونتين
تمتصُّ عضواً ذكورياً صاعداً من جثةِ العالمِ الذي
يسمونه ثالثاً
مهمومة بتطوير ناهديها وابتداع جورب درامي
يشعُّ في مؤخراتِ المسافرينِ والقادمينِ في:
West Bahn Hof
غزالةٌ ملسوعةٌ تطوفْ
لا المراعي وسيعةٌ ولا تروي غليلَها القطوفْ
عطشٌ منمقٌ علي حلمتين،
وتبدأ ارتعاشهُ الدفوفْ:
(نهدٌ - نهدانِ - نهودْ.
قططٌ، غاباتٌ، ينبوعٌ، فحّاتٌ، لبؤاتٌ، وفهودْ.
نهدٌ- نهدانِ - نهودْ.
نهدٌ: نهرُ يتفتّقُ، ملتئمٌ يتمزقُ، خلجانٌ تتحققُ،
أرضٌ تتشققُ، مبتردٌ يتحرقُ،
جبلَ صلدٌ يترقق، سيل مغلول يتدفقُ،
برد وسلام في الشجر المصهودْ.
نهدانِ: جريحان يذوبان، غيابان يئوبانِ،
رجيمانِ غريبانِ يتوبانِ وليس يتوبانِ،
عليلانِ يطيبانِ، وخوخانِ يطيبانِ، خفوقٌ
في الدمَّ، وجيبانِ: وجيبٌ نعسانٌ،
والثاني مسهودْ
ونهودْ: أدغالٌ تتربض، نمراتٌ تتريضُ،
أمواجٌ تتوحشُ لا تتغيض، حيواناتٌ،
أعشابٌ زُرقٌ، وجناحاتٌ تتهيضُ،
تنخفض نهادٌ ، ترتفعُ وهُودْ.
نهدٌ - نهدانِ - نهودْ.
أكوانُ نهودٍ، ذراتُ نهودٍ، أسلاكُ
نهودٍ، ومسافاتُ نهودٍ، وظلالُ نهودٍ
، وهجيرُ نهودْ
جبلٌ يشهد، جبلٌ مشهودْ.

* * *

فيينا 14 تبارز الغرباء:
جسمانِ يبحثانِ في الحدائقِ الكتوم
عن فجيعة أيديولوجية خاصةٍ بالقرى والشوارعِ
التي تغصُّ بالمساحيقِ والجياع
وعن صيغةٍ أنثويةٍ لاشتراكيةِ الصراع.
أقولُ جسمانِ يبحثانِ عن مرادفٍ رفيعٍ
لبهجة الضياع!!
جسمان في زئبق الخواءِ يسبحانْ.
ما كنتُ وصّافاً لجلوةِ الرؤي ولكنني أؤرّخُ الجنونْ:
فراعنةٌ ساقطونْ
تفلّتوا بليلٍ من المدائنِ التي تبقُر الرضيع
هاربين من طاجن الحكومةِ التي تغتال طفلةً وشاعرا،
فراعنةٌ يفجّونَ في شقوقِ الكون باحثين
عن سراويلَ أو مجرّةٍ حنون.

والفتي نَدِيّ:
يقول لي المجهولُ: هَيّ
الداخلُ الموءودُ في حيّ
وعتمتي ترميزُ ضَيّ

صيح بي:
سِكينةٌ تدسّها يدَانْ.
أنا الذي يدينُ أم أنا الذي يدانْ؟
والشبابيكُ مقفولةٌ في المساء:
عصافيرُ لقاَّطةٌ علي الحقول والمحيط
عصافيرُ خلتْ وراءها مربعاً مقسّماً بين ليلينِ زائفينِ
وأعماراً تهمشتْ علي رخامةِ البرلمانْ!
جسمانِ يحلمانْ:
فراعنةٌ يفركونَ ماء العيونِ والجرائدَ اليومية
يشخصَّونَ دورَ تدليكِ الابتساماتِ والبطون
ودورَ مُذهِبِ الكروبِ عن مكروبه الجليل.
فراعنةٌ يريقونني: دلتا ونيل
فضةً صديئةً في مثلثِ الفخذينِ للغانياتِ
اللواتي يعلّقن صورةً للينين في فتحةِ الثديين
المرهلَّينِ
ثم يندبن قسوة الزمان!
والكائنات يحلمان.

* * *

كان الفتي كانْ
والجامحُ استكانْ:
الشوارعُ - الشرانقُ استنامت علي الجبين - والجامحُ استكان.
كمينٌ بكل خطوتين - والجامحُ استكان.
أنثي دخولةٌ في وليفها الوليفِ - والجامحُ استكان
قبلةٌ متروكة علي الرصيفِ - للجريح والظميء
كنائسٌ حضّانةٌ للفاجر البرئْ
وهجٌ علي قدمين - والجامحُ استكان
رصاصتان خلاعتان للمهجتينِ - والجامحُ استكان.
صالةٌ عريضةٌ لعرض حرفيةِ الاغتيالِ - والجامحُ
يصيح بي الصائحُ:
تجيئك المرأة المخلوعةُ الخالعه
تبثٌ في الأشياءِ حكمة الفاجعة.
إنها في جريمةِ الكونِ ضالعة!!

* * *

أسماكٌ عظيمةٌ تبوح لي:
هل عاد لائقاً لمثلي أن يقول:
«صافيةً أراكِ يا حبيبتي كأنما كبرتِ خارجَ الزمن»؟
أنا مضت بي السنونُ والطعون،
وغربلتني غرابيلُ الضحايا ولطمةُ الزمنِ الخئون،
عهدٌ من الغناء فات
وابتدتْ بي عهودٌ خليقٌ بها أن أقولَ،
طبقاً لنهجي الدماري الحنون:
الينايريون
قادمون
تحت عانة الجنيةِ الحَرون!

* * *

كان لي فيكِ برقٌ يشدُّ جثماني
وكان لي فيكِ عصفورٌ هوائي نحيل
ابتلَّ ريشُه بأضلاعي ونام
مفتشاً كان عن فضةٍ وعن سماء
كان قال: كلُّ وجهةٍ شمسٌ تعومُ أو أصيل
قلتُ: يا عصفورُ يا نحيلُ يا بلبلُ عُدْ
فهذه الخرائبُ التي تنشَقُّ عن تماثيلِ عمدةِ الأدباء
تدججّتْ بأحجار الفضائح الوطنيه
وأخفت علي فراغها انهيارَنا الجميلْ!.
كان الفتي كان.
عصفوري البليلُ سلَّ نايه وناح:
يقول لي المجهولُ: فيكَ فاحَ فَي
فابدأ الهجيرَ، نخلُكَ الرطيبَ ني
وجنةُ ارتحالكَ العليل عَي
وها هو الجحيمُ، ها، فَهَي.
ونام في ضلوعي
كلعبةٍ عرائسيةٍ تحت بالونةٍ خضراء.

* * *

يستيقظ الأطفالُ تحت تفاحةِ السوقِ، أو
تحت خيمةِ التفريط
والعصافيرُ لقّاطةٌ علي الحقولِ والمحيط.
يدهم الفراعينُ سكة الكبائنِ التي تغطُّ
في حائض الفاعل الجنسي والفعل الوديع

2

تهرول البيوتُ في السائلِ الكريمِ للنوافذ الكريمه:
(كورير - كورونا:
يهتف الفرعونُ ضاحكآً مرةً، ومرةً محزونا.
كورير - كورونا:
يلقط الفرعونُ وردةٌ
فضيةٌ ويحسبُ
الجروحَ والأنينا.
كورير - كورونا:
يفَنّدُ الفرعونُ قيمةَ العطيةِ التي فاضت
من ندي الشقراءِ جُوداً مكرّماً ميمونا.
كورير - كورونا:
عصافيرُ باعتْ ظهرها المطعونا.
كورير - كورونا:
متي يصرخ الفرعونُ: مرةً أضاعوا ترابنا،
ومرة أضاعونا؟
أسماكٌ عظيمة تقول:
نخيلٌ يطردُ العاشقين
ويحضن الطحلبَ السري والسارقينْ
نخيلٌ مؤهلٌ لرشقةِ الراشقينْ.
ما كنتُ رصّاداً ولكني أواجهُ انكشافَ القنايل:
عاهراتٌ يقشرنَ قمصانآً ومحرابا،
ويفتحن ضلعهن للخرابة التي تألقت شهداءَ أحبابا،
عاهراتٌ يفتّقن خوخاً وجلبابا
ويصنعن للتواريخ والفتوح بابا،
ويخرجن للكفاح السياسي أفرادآً وأسرابا،
ثم يلعقن ما يلي في الدجي الجميل:

1.    توابيتَ الشهيدِ والقتيلْ

2.    صرخةَ الجموعِ ساعةَ الجوعِ والرحيلْ.

3.    رايةَ المظاهرات والمضاربات في بورصة الأحزاب أو دورة المياه.

4.    جلودَ سلخِ الشياه.

5.    رغوةَ التجمعاتِ التي تسمي في التحاليل: Under ground

6.    أعضاء تناسلية صناعية للفلاسفة المزركشين والشعراء

7.    تقدمَ الأشياءِ للوراء.

8.    تواريخَ النهوض والسقوطِ والنهوض والسقوط خلف حائط المجاز والزجاجْ

9.    الوطنَ الرجراجْ

10.                       النمط الآسيوي للإنتاجْ!

عاهراتٌ في الدجي الجميلْ
يضئنَ لي عتامةَ الفكرِ والسبيلْ.

* * *

الفراعينُ يهرسون المركباتِ والشوارعَ العاطفية.
الحوانيتُ نائمةٌ وخلفَ الشبابيكِ يقظةٌ تخبُّ في الملاءاتِ والملابسِ الداخلية
وخلفَ أمطار الخريف كائنانِ يعلكان غنوةً رتيبةً
حولَ ما تسميه المقالاتُ باسم:
القضية الفلسطينية!!
غنوةٌ داسها مطرٌ حزين
بعد أن تَفلَّتْها شدوقُ الفراعين
في ليلة جنائزيةْ!!
وكانت الأسماكُ في الدجي تقول:
هذه البلادُ فَرْجٌ عمومي،
بحجمِ الأمةِ العربية.

فيينا - أغسطس 1980

اشارات:

1.    حامد حماد، شاب مصري في الثانوية العامة، التقينا به في فيينا، يبحث عن سبيل.

2.    فيينا 14. الحي الذي كنا نقطنه: جمال القصاص وأنا.

3.    «صافية أراك..» بيت الشاعر صلاح عبد الصبور من «أحلام الفارس القديم».

4.    تمثال ضخم لجوته كبير الأدب الألماني بميدان الأوبرا بفيينا.

5.    كورير وكورونا، اسما الجريدتين النمساويتين الوحيدتين اللتين تصدران بالنمسا ويوزعهما الشباب المصري.

6.    «وست بان هوف» محطة القطارات الرئيسية.

زين العابدين فؤاد يركب أرجوحة خضراء

يجئ في الدجي الثقيل مرةً،
ومرة يجئ في الشموعْ
وتارةً يطير في قُري الحياري
وتارةٌ يحطُّ في الضلوعْ
وهو في زمانٍ قابضٌ أريجَه،
وفي زمانٍ، يضوعْ
المرفأ الحنونُ في بلادٍ،
وفي بلادٍ
قلوعْ.

* * *

المدي
كان عُشبة مضاءه
وكنتُ في صبابتي
مفتّتاً علي نوافذِ البراءه.
بان لي كائنٌ يطلُّ بين نخلةٍ وبين ماء
ويمنحُ الحريقَ موعدا
صاح في سنيني:
المدي عشبةٌ، والسماءْ
همستُ: جدولٌ يفيضُ بالبقول والندي
قال: فاشهدِ العناقَ يجرفُ المكانَ
والهديلَ يكنسُ الرداءه
وادخلْ إلي ابتهاجة الفصول
سابحآً في تموُّجِ العباءه
لتجلوَ الخبئَ تحتَ قبةِ الخلاء.
قلتُ: إنه المَدَي
رمزه الغناء إذ يصيرُ سكةً،
وسرمدا
قال: أهلُه الندي
وبيتهُ الفضاء.

* * *

الكائنُ الذي أطل بين نخلة وبين ماء
إسمُه : ابتداء

* * *

هنا صبابةٌ وظامئون:
دخلتُ بهجةَ الفصول
كان كائني الذي يشبه النخيلَ أو يشابه الماء
واقفاً فوق فسقيةٍ
تشع أنبياء
جسمهُ البهي مشعَلٌ
بجمرةِ العقيق أو بخمرةِ الوصول
فارعآً يفك سُرةَ الداخلين،
عارياً يضفّرُ العشبَ في العشب منديلَ فتنةٍ
علي خواصرِ الراقصين،
يعجنُ الغصونَ بالغصونِ ليمونةً، وحنّاء
علي أسي المستضعفينَ أو علي بطونِ النساء
لترتوي بصرخةِ الأجنةِ الحقولْ
بخورٌ خانقٌ في بهجة الفصولْ
وأنا مقسّمٌ بين لذةِ المنع،
ولذة الحصولْ
والكائنُ الذي أطل لي بين نخلة وبين ماء
كان هامساً يذيعُ في القادمين:
لكل دربٍ رقصةٌ،
لكل رقصة أصول.

* * *

حدوده عصيةٌ:
إن قلتُ هذه تلول من الطينِ في وجنةِ البلاد
قال أبعدُ النجومِ في كفوفِ القاطفين
إنْ قلتُ لا يقدرُ القاتلونَ أن يحبسوا الورود
قال في كل زنزانةٍ يلتمّ عاشقون
إن قلتُ كلمةٌ، سنابلٌ، قرنفله
قال: قنبله.
الكائن الذي أطل بين نخلةٍ وبين ماءْ
سماءْ.

* * *

القناطرُ الخيريةُ ارتحلتْ إلي الأحباء:
دخلتُ بهجةَ الدموعِ فخصّني برشّةٍ شهيةٍ
ثم مد لي بردية ، وقال:
من هنا مبدأ البكاء.
فقرأتُ:
( إن ندماءكَ قد كذبوا عليك.
فهذه سنواتُ حربٍ وبلاء.
ما هذا الذي حدث في مصر؟
إن من لا يمتلك شيئًا
أضحي من الأثرياء.
يا ليتني رفعتُ صوتي في ذلك الزمان.
يا ليتني رفعتُ صوتي في ذلك الزمان.)

حدوده عصيةٌ علي الحدود:
تتبعتُ خطوه في المدينةِ التي يدوسها حذاءٌ غريب
فغذَّ رقصه إلي القصائدِ التي تنط في ردهة السجون
أتيتُه علي نهرٍ مسافرٍ لا يبلُّ غلةَ الظامئين
فجاء صوب الستائر التي حيكت بقمصان أنثي،
وأنثاهُ شكلٌ للدماء
راوغتُ جرحَه خلفَ انكسارةِ الحصان
ففرَّ مني في كتاب النيلِ، أو في أزقةِ الفسطاط.
وحينما طلبته إلي الثري،
أجابني في الورود.
حدوده عصيةٌ علي الحدود.

* * *

العرّافُ يخلطُ الرملَ بالنشيجْ:
ضفّرَ الأغصانَ في خصري،
عرّي خبيئي،
وحطّني في تموج الفسقية التي تمورُ بالحجيجْ.
وكان يبكي ساعة
وساعة يغني وحيداً كالأنبياء:
كل احتراقةٍ خطوةٌ
وكل خطوةٍ نسيجْ.
قسَّم الرغيفَ قسمتين،
وأعطاني ثريداً وجنيةٌ وطلسماً
علي شكل ظبي نحيل
ثم دقّ عينّي في صفحة بيضاء
فكتبتُ:
(إن الناسَ يصنعون تاريخهم
بأيديهم، ولكنهم لا يصنعونه علي
هواهم، إنهم لا يصنعونه في
ظروفٍ يختارونها هم بأنفسهم بل
في ظروفٍ يواجهون بها، وهي معطاةٌ
ومنقولةٌ لهم من الماضي)
وحينما نشلتُ جثتي من الفسقية التي تمورُ بالنشيج
كان كائني الذي أطل بين نخلةٍ وبين ماء
يحض أنثي جحيمه علي الانقذافِ في حشا الراقصين
ثم ينتشي،
ويستطيل،
حتى غدا
طيورًا، أو أثيرًا،
أو مَدَى.
والمدى كان عُشبةً مضاءةً، تضئْ
اختفي بها كائني الجميلُ،
راحَ حينما ظننتُه يجئْ
وحين صار بيته الفضاء
جاء صوتُه البريء:
ذاهبٌ إلي البلاد،
ففي البلاد ظلّي،
وفي ظلي أفئْ
وردّدَ الصدى:
تارةً يطيرُ في قري الحيارى،
وتارةً يحط في الضلوعْ
هو المرفأ الحنونُ في بحارٍ،
وفي بحارٍ
قلوعْ
وكل رحلةٍ عنده: رجوعْ
لأنه البادئُ الذي ابتدا
حدودُه المدى
حدودُه المدى
حدودُه.

بيروت 1982

اشارات:

1.    زين العابدين فؤاد، هو الشاعر والمناضل المعروف ، صاحب دواوين: وش مصر، والحلم في السجن، صفحة من كتاب النيل.

2.    المقتطف الأول للحكيم الفرعوني ايبو - أور، والمقتطف الثاني لانجلز.

 

saydsalem

الطبيب الشاعر/ السيد عبد الله سالم

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 54 مشاهدة
نشرت فى 24 أكتوبر 2013 بواسطة saydsalem

الطبيب الشاعر/ السيد عبد الله سالم

saydsalem
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

118,306