الطبيب الشاعر/ السيد عبد الله سالم

أشعار الطبيب الشاعر/ السيد عبد الله سالم

اللاجئون

(بين الخيام والظلام وهدير السيول في أرض المعراج وفي شتاء مقرور الرياح مسعور العواصف جرفت أمطاره خيام اللاجئين...)

 

 

بكى عليَّ الصَّدى واللَّحْنُ والوَتَرُ = وَلَمْ أَزلْ لِعَذّابِ الشِّعْرِ أَنْتَظِرُ

أومت إليَّ سواقيه فقلت لها = مات الربيع ومات العطر والزهرُ

دُوري على نوحك المهجور في أُفُقٍ = ناح التراب عليه واشتكى الحجرُ

لا ترقبي عائدا بالناي أو دَنِفًا = تُعطيك بعض الهوى من شجوه الذِّكَرُ

ولا تظني صلاة الوحي آتيةً = إنَّ المصلِّين بالإلهام قد عبروا

إنَّا غريبان ساقَ الظلمُ أدمعنا = إلى فجاجٍ بها يستوحشُ القدرُ

في رحلةٍ لا تعي الأيَّامُ وجهتها = ولا يتاح لها حلٌّ ولا سفرُ

ولا ديارٌ ولا أهلٌ ولا سكنٌ = ولا حياةٌ ولا عيشٌ ولا عُمُرُ

كأنَّنا في خضمِّ الريح عاصيةٌ = من الغصون رَمَى آجالها الشَّجَرُ

تلفَّتي هاهُمُ في الأرض إخوتنا = تعاورتهم خطوب الدهر والغيرُ

كانوا بأوطانهم كالناس وانتبهوا = فما همُ من وجود الناس إن ذُكِرُوا

مُشَرَّدُونَ بلا تيهٍ فلو طلبوا = تجدُّدَ التّيهِ في الآفاق ما قَدَرُوا

يلقى الشريدُ فجاج الأرض واسعةً = لكنهم بمدى أنفاسهم حُشروا

في خيمةٍ من نسيج الوهم لفَّقَهَا = ضميرُ باغٍ بمجدِ العُربِ يأتمرُ

أوهى وأوهن حبلا من سياسته = لو مسَّها الضوء لاتقدت بها السترُ

تعدو الرياح بها نشوى مقهقهةً = كأنها بشقوق النمل تنحدرُ

أو أنها حين تذروها سنابكها = أضغاث شيءٍ تلاشى ماله أثرُ

تهتزُّ إن ذاقت الأحلام صفحتها = بنسمةٍ لظلال الخلد تأتزرُ

وتنشب الذعر في الأوتاد هاربةً = في صدر ساكنها إن زارها المطرُ

فكيف لافت زئير السيل كيف غدت = ووَيلهُ كنبالِ الموتِ ينهمرُ

وغيمهُ لم يدعُ في الدهر ثاكلةً = في جفنها دمعةٌ للثُّكلِ تُدَّخَرُ

جفت دموعهمُ من طول ما ذرفوا = فجاء يذرف عنهم كُلَّ ما ستروا

وينفُخ الصّور من بوقٍ يصب به = هول العذاب فلا يُبقى ولا يذرُ

لعلَّهُ يقظةُ الأحرار أرسلها = أذانُ بعثٍ به قد واعدَ القدرُ

لعلَّهُ الصيحة الكبرى تدقُّ على = باب الجهاد ليومِ أمره عَسِرُ

تلقى به عصبة الشذاذ آخرةً = على مُداها ذئاب الغرب تنتحرُ

وتمَّحِي قصَّةٌ صهيونُ لفَّقَها = وكم لبهتانها من زيفهِ صُورُ

لعلَّهُ الهولُ والرحمنُ أرسلهُ = لتستردَّ بهِ أمجادها مُضرَ

لعلهُ عِزَّةٌ جاءت مجلجلةً = لكي يُصيخ إليها النائم الخدرُ

يا منْ لِقومٍ على الأوحال ينهشهمْ = غول الشتاء بريح فجرها عكرُ

ملعونةُ اللمس من مستهُ راحتها = عضَّتهُ أفعى سرى من نابها الخطرُ

إن لمْ تُذقهُ الردى هونًا فرحمتها = أن تبذرَ السلَّ فيهِ ثمَّ تنحسرُ

كانوا عُراةً فغطى البرد أعظمهم = والجوُّ خفَّ لهم بالموت يعتذرُ

وكُبكِبوا في مخاضاتٍ يُشل بها = خطو الرياح وتنعي نارها سقرُ

ما بين طفل تمد الراحَ نظرتهُ = وأمه في مطاوي النزع تنفطرُ

وغادةٍ تُمهلُ الأقدارُ فتنتها = في بغتة الأفق لم يُدرك لها خبرُ

طارت وعادت وصارت في مفازعها = حمامةً في مدارِ الصيدِ تنسحرُ

وطيفِ عُرجون شيخٍ في تهاربهِ = مع العصا كان شيخًا ثم يندثرُ

أسطورةٌ تُخجل النيا حكايتها = بل نقمةٌ في حشا الأحرار تستعرُ

عمَّا قريب يدُ القهار تُطلقها = نارًا بها عصبة الأشرار تندثرُ

وتسترد فلسطين بيارقها = مرفرفات بمجد النصر تزدهرُ

ويملك العرب الأحرار أرضهمُ = والله أعظم إنَّ الحقَّ منتصرُ

 

1951

 

 

 

شعر:   محمود حسن اسماعيل

saydsalem

الطبيب الشاعر/ السيد عبد الله سالم

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 53 مشاهدة
نشرت فى 22 أكتوبر 2013 بواسطة saydsalem

الطبيب الشاعر/ السيد عبد الله سالم

saydsalem
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

113,200