من أحلام الصيف
هتف الشاطىء بالمدح ألا ترحمني
أنا من يوم خلقنا عبقريُّ الشجنِ
عمرنا عمر هوانا وهو عمر الزمنِ
وعلى قربك منّي آه ما أبعدني
****
فأسرّت موجة في أذن الشاطيءِ الحبيب
كيف تشكونا وإنّا منك يا شطُّ قريب
نحن في قلبك يا عاشق نفنى ونغيب
ولنا في الرمل لو تعلم تاريخ عجيب
****
وتلاشت فتنة الأمواج في حضن الرمال
بعد أن أسكرت الشاطىء من خمر الوصال
وأغارت موجة حيرى فحيّت في دلال
وانثنت لم تسعد الشط وللشط ابتهال
****
ورأى الشاطىء حواء تناجي آدما
فتمنى لو أغالته المقادير فما
ليغنّيها على الخلوة لحناً حالما
حرم الموج صداهُ حين ولّى ساهما
****
وسرت حوّاءُ تختال على نور الأمل
وأتى آدم يختال على نور المُقل
فتغنّى الشط والأمواج ألحان الغزل
نسيا العتب وهاما بتغاريد القبل
****
حين راحت هي تبني من رمال الشط قصرا
يرقص الطلُّ عليه وتذيب الشمس تبرا
ومضى آدم يبني من معاني الحبّ شعرا
فيزيدان جمال الشطِّ والأمواج سحرا
****
ونضت حواء عن خبتها مثل السراب
ونضا آدم عن صحرائه مثل السحاب
نسجا ثوبيهما من سحر أحلام الشباب
ثم ناما فوق صدر البحر مجنون العباب
****
عربد الموج وشبّت في رمال الشط ثورهْ
قال للأمواج مالي لم أنم فيكن مرّه
وأرى الأنجم تختال على الآفاق حرّه
لهفتا للشطّ يشكو لبنات البحر أمره
****
لهفتا للشط يهوى الموج والموج مريد
فإذا ما أقبلت حوّاء فالكل عبيد
وهي حواء لها في كلّ شيءٍ ما تريد
هي كالأقدار معناها قريب وبعيد
****
فكرة لله لا يعلمها أحكمنا
حارت الأفكار فيها مذ عرفنا الزمنا
في هواها قد علمنا وجهلنا المحنا
كلنا عطف عليها وهي لا ترحمنا
شعر: صالح الشرنوبي