قيس
نذرَ العمرَ للغرامِ صبيّا = وانقضى عمرُه ولم يجن شيَّا
غيرَ شوك أدمى أمانيه فارْتا = عَ وقاسى الحرمان صبّاً خليّا
تخذَ الليل معبدًا وسنا الحبّ إلْـ = ها من سحر فينوس حيّا
كُلما أطلع الكرى فجرَ حُلمٍ = حسب الليل صبحَه سَرْمديّا
وإذا أشرق الصباحُ ولم يلقَ سنا = ه ظنّ الصباحَ عشيّا
رحمتا للمحروم يصنع سلوا = هُ من الدمع سيكبًا وعصيّا
***
قال لي وهو مطرق الرأس حزنا = أي شيءٍ جنى الحنين عليّا
ليس ذنبا أني أهيمُ بحوّا = ءَ فما زلتُ في الهوى آدميّا
نحن في مغرب الحياة نسينا = بالصبابات صُبحها الأزليّا
وأبونا الطريدُ ألقى علينا = في هوى الغيد درسَهُ القدسيّا
فأجبناهُ مؤمنين فقد كا = نَ عليه السلامُ برًّا نبيّا
ونسينا التفّاح إلا خُدودا = واشتهينَاه في الخدود حييّا
ونسينا الفردوس إلاّ وُعُودا = ولقاءً تحت الغصون حفيّا
ونسينا الشيطان إلاّ لُعابًا = وأكفًّا تطوي المعاطف طيّا
ونسينا ثأرَ النعيمِ الذي ضا = عَ ورُمناهُ في الغرامِ هنيّا
ونسجنا المنى محاريب شعرِ = وتخذنا الهوى إلهاً عليّا
وتخذنا الأوهامَ دُنيا فتون = وأقمنا عُرسَ السّهاد بكيّا
وحرمنا الخلود إلا خلودًا = خلق الفنّ روحه الأبديّا
وهي حوّاءُ لم تزلْ تُلهم المعْـ = ـجزَ من فنّها وتُعطي الشهيّا
قد رضينا من أجلها الدهرَ غيثًا = من رذاذ حينًا وحينا أتيّا
وأنا الشاعرُ المعربد بالعين و إنْ = كنتُ بالفؤاد تقيّا
لم أنلْ من غرامها ما تمنّيْـ = ـتُ وما زلتُ بالتمنّي شقيّا
آه من فتنة تهزُّ وجودي = وتشبُّ النيران في أصغريّا
أنا قيسٌ ليلاه في كلّ ليلى = وهواه المشاعُ لم يكُ غيّا
أرصدُ السبل ربّما لاحَ بدرٌ = فأنارَ الوجودَ في ناظريَّا
وأُريدُ الحياة خمرا وشِعرا = وغراماً مُطهرًا عبقريّا
ثم تمضي الأيامُ بي ظاميء القلْـ = ـبِ ولمّا أُفنِ الطريق مُضيّا
لا هوًى يرعش الجفون خشوعًا = ويفيض الإلهام شعرا رويّا
لا ولا قاسم الجمال على النّا = س حُظوظًا ينُيلُني منه شيّا
أنا سأمانم زاهدٌ في حياتي = والأماني تكوي حنايايَ كيّا
***
قلت يا صاحبي هناك خيالٌ = عاش للملهمين يُدني القصيّا
فأرِق شعرك الحزين مدامًا = واسقه العاشقين خمرًا نديّا
فتولّى عنّي وغمغم شعرا = لم تصافح أنغامه أُذُنيّا
شعر: صالح الشرنوبي