سراب
بين أمواجكَ يا دهـ = ـر مضى بي زورقي
تائه الغاياتِ مَغلو = لاً يُرَى كالمُطلق
وأنا فيه كما شا = ءَت رياحُ الخالقِ
وهوَ لو يرحم شكوا = يَ قضى بالغرقِ
* * * = * * *
أيّ شطآنكَ يا دهـ = ـر سأرسو في حماهْ
صِفهُ لي من قبل أن أبـ = ـلُغَ يا دهر مداهْ
أهوَ حقٌّ مثلما حدَّ = ثَنى عنه الرواهْ؟
أم خداعٌ نسجته = لضحايا ها الحياهْ!
* * * = * * *
حدثوني عن شبابي = وأمانيه الرّطابْ
إذ رأوْني طائر الأحـْ = ـلامِ وثّابَ الرّغابْ
ليتهم يدرون ما حلَّ بنفسي من عذابْ
ليُؤيحوا أُذُنَ الظّمْـ = ـآنِ من ذكرِ السّرابْ
* * * = * * *
بين أفراحِ المواليـ = ـد أتيتُ العالما
لستُ أدري أمريدا = جئته أم مرغما
أو أنا أدري كما يدْ = ري ذبيحٌ ألما
إنها النار فلا تُلْـ = ـقوا عليها ضَرَمَا
* * * = * * *
حدّثوني أين طفلُ الْـ = ـفكرِ طفلُ الخاطرِ
أين هذا الطّفلُ مِلءُ الْـ = ـقَلْب ملْءُ النّاظرِ
أولى ضاعَ وما أدْ = ري مصير الآخرِ
فدَعوني أندب العمْـ = ـرَ بذَوبِ العُمُرِ
* * * = * * *
في لُحُوني أيها النّا = سُ دموعٌ وجراحْ
فاسمعوها أو فصمّوا = فَلسَلْوَايَ النواحْ
قبل أن تُسلمَني الأَرْ = ضُ إلى كفِّ الرّياحْ
فأرى في الكون نورَ اللّـ = ـه لا نُورَ الصّباحْ
* * * = * * *
أتْرِعُوا كأْسَ صَبَابَا = تي وفُكّوا قيدَ حسّي
فيقينُ العيش في أذْ = هانكم من بعض حَدْسِي
أتْرعوها فهي روضٌ = فيه أنسى جدبَ نَفسي
علّني انظُرُ في صَفْـ = ـحَتها مأتمَ عُرْسي
* * * = * * *
أو فَخَلوا الدهرَ يسقيني = فيرْوي أصغريّا
فلقدْ عُدتُ من الحُزْ = نِ خيالاً عبقريّا
أو نعيبًا في حِمَى الأمْـ = ـوَات لا يُطرِبُ حيّا
أُلْهِمُ البُومَ رثاءَ اللّيْـ = ـلِ بكّاءًا شجيّا
* * * = * * *
أيّها النّاسُ لقد نفّـ = ـضتُ من عُمري يدِي
وهَفَتْ رُوحى إلى رُؤْ = يَة ما يطوى غَدِي
آه لو أسطيعُ أن أعْـ = ـرفَ كُنْهَ الأبدِ
آه لو أدري مصيرَ الرُّ = وحِ بعدَ الجسدِ!
آه لو أعلمُ ما بعْـ = ـدَ فناءِ المُوجَدِ
أهوَ بعثُ رُهنَتْ سا = عتُه بالموعدِ؟
أمْ هو الوهْم يُريْـ = ـنى القربَ كالمُسْتَبعَدِ
آه لو أنّّيَ ما عُمِّـ = ـرتُ أو لم أُلَدِ!
1944
شعر: صالح الشرنوبي