فَصْلُ المَقَال
كانت كلُّ الأنهار بلا جِسْرٍ ،
فلماذا جازفتُ بقنطرةٍ بين الحكمةِ والشَّرعِ ؟
لو أنى سِرتُ قبالةَ سيدةٍ كاشفةٍ فخذيْها الكاكاويّينِ ،
للاقيتُ أحبائي صَفّاً صَفّاً:
أوَّلهُم دانتي حارثُ لغةِ الإيطاليّينَ بمحراثٍ ،
أوسطُهم جاليليو المشنوقُ إذا همسَ : تدور ،
وآخرُهم لوركا الشاربُ من رقص البدو.
ولو أنى نقّلتُ مَدَاسى في شاتلييه
للمعتْ قرطبةٌ في فانوس المترو ،
وتجلّى ندمُ المنصور على حِلفِ المصلحةِ.
أنا حدّثتُ امرأتي بحديثِ الكنَبة،
ثم تحرَّيتُ صنيعَ المجتهدينَ بأجرٍ أو أجريْن،
ورتّبتُ مواريثي :
في الميمنةِ : الأزليّون وبّوابو الكوثر وكلاميون شديدو الوطأةً،
في القلبِ : البرهانيّون وتشريحُ الأندلسِ ، وزريابُ ، وطوقُ حَمَامٍ
في الميَسْرةِ : مجازيّونَ مُدَانونَ ، وولادةُ ، وقُضاةُ
البدعةِ في النار ، وأنجالُ أرسطو .
لستُ حزيناَ من منشور مناهضةِ الفلسفةِ،
أنا أدرى أن المنصورَ تراجيدىٌّ كالعَسْكرٍ،
لكنى نقّلتُ مَدَاسى في أرض الله ،
فليستْ تسلخني المحرقةُ لأنَّ الناسَ هم الحبُّ،
ومفتاحي: نصفُ الجَبّر ونصفُ الحريّةِ،
فلماذا يكرهني المحتسبُ ؟
تسائلنى التلميذةُ :
هل كان أبو عبد الله مصيباً في رفع العَلمِ الأبيضِ ؟
فأجيبُ : سأخصمُ من أرصدةِ البنكِ ثمانيةَ قرونٍ ،
كي أتأمّلَ في الليلِ مصيري.
تسألني : كيفَ ستقضى الأيامَ الآتية ؟
أجيبُ: سأعلن للرجل إذا قبَّلَ أنثاه بعَرْضِ الشارعِ،
أو مَسَّ عجيزتَها بحنانِ العلمانيّينَ :
أنا أنكرتُ تهافتَ مدراءِ الحشرِ ،
فردمَ الأهلُ علىَّ وأحياني الغرباءُ .
تعالتْ ألسنةُ اللهب ،
ليتدفأ في الجُبَّةِ طابورٌ من نسلٍ :
يتدفأ فولتير وروسو ،
يتدفأ سارتر والرمزيون وماتشادو،
يتدفأ فوكو وحواريو ماركسَ.
يصطفّون بمريلةِ الصِّبيةِ في كرسي أفيروسَ الطائر،
فيما أقبعُ في القبر أواصلُ تضفيرَ الحكمة بالشرعة ،
وأطرافي تتدفّأُ من محرقةِ المخطوطات.