خماسيات
ثلاتُونَ عامًا والنّبْضُ فِيكِ غائِبٌ
والنورُ كانَ أستارًا
من ظلامٍ قد غمرْ
والفَجرُ يرحلُ من عيونِكِ هاجرٌ
وجدَ المُحبين وغدوةَ الشّجرْ
ثلاتُونَ عَامًا تَنتشِين بقهرِكِ
المصلُوب تحت عباءةِ التّكفيرِ
عن ماضينا الذي انتِحرْ
مآقينا مرخيّةُ الأهدابِ مرعُوشةُ النّبَضاتِ
يُساكنُها جحيمُنا الذي انْتصرْ
ثلاتُونَ عَاماً تَنثرينَ وَرْدَكِ بين الحقُولِ
وحقلُكِ المرْصُود في الوادِي
تَمُوتُ فيهِ الغُصونُ ، والزّهرُ انْدثرْ
يَغِيبُ في هواكِ مَنْ افتدَاكِ
والخؤونُ قد انْتَصرْ
ثلاتُونَ عَامًا تَشتَهين وجودَنا
وعبيرَنا وانْتفَاضةَ دمنا
ولا حياةَ في الوجُودِ لمَنْ غفرْ
غِيابُنا في وجودِكِ جريمةٌ
فلا تنسي عصرَ الجواري والأغا
ومحاكمَ التّفتيشِ أو خلع الظفرْ
ثلاتُونَ عَامًا ونيلُكِ المَعبُود قد صار
في المنظورِ حُلُمًا واخْتَفى
بين تُرّهات الصورْ
وفوضى المُنتشين بزورقٍ
ملآنِ بالضّحكاتِ وانْكسارَاتِ الحجرْ
ثلاتُونَ عَامًا ما انْتَظَرتُكِ فيها يومًا
ولا غنت بلابلٌ فوق الشّجرْ
ولا هامت يمامةٌ بعشقِها الذي ظهرْ
ولا فاضت في الحقولِ اشتباكاتُ الأصابع
في أيادي العاشقين
ولا غنى الياسمينُ فَاتحًا قلْبَ المُلاقِين وجدهم عند السّحرْ
ثلاتُونَ عَامًا ما انْتَهتْ
إبْيَضّ فيها شعْرُ رأسِي وانْتَصبْ
ولا عادَ قَلْبي ينْبُضُ بالغَرامِ
ولا قلْبٌ للحبيبِ قد الْتهبْ
ثلاتُونَ عَامًا إنْتَهيْنا فيها ولا انْتهتْ
رِحْلةُ المغيبِ في الأفقْ
ثلاتُونَ عَامًا تَرْحلينَ للشّرُوقِ
وتَنْبُضينَ نَبْضَ قَتلٍ في العرُوقِ
وتَرْقُصينَ رقْصةَ الذبيحِ في الرّوحِ
كأي أنثى بدّلُوا شّعْرَ الرّؤسِ
وكَمّمُوا
ثلاتُونَ عَامًا تَشْرَبينَ من دِمَانا
ثلاتُونَ عَامًا تَنْطِقِينَ بِلَهْجةٍ
مسْبوكةٍ طعم العدمْ
وأنّة من لَهيبٍ حرّقتْ فيّ النّغمْ
أنا المُعادلُ لانْكساركِ في انْكساري
أنا المخبأُ في دُجاكِ رَحْمَةً
أنا صاعدٌ بانْتصاري فوق الهرمْ
ثلاتُونَ عَامًا تتْئِمينَ مواجدًا وقصائدًا
مِن صديدِ
فَاتحٌ خُرّاجَ عُمركِ للمدى
فاشْهَقي شهْقةً نَضيعُ بعدها بَين الأممْ
وانْزفي حُلمكِ المغْصوب واقْصفي القلمْ
مُسافرٌ في غفْلةٍ مِنْ ضياءٍ أو نغمْ
ثلاتُونَ عَامًا يا بلادي ما اشْتَكينا
نَسَجْنا حُلمنا مِنْ جلدنا وانْتَشينا
بَنَيْنا لحْدًا مِنْ عَظْمنا
وهواكِ يَومًا ما نَسيْنا
واصْطفيْنَاكِ إلاهًا
يَميْنًا لغيرِ الله يَومًا ما سَجدْنا
ثلاتُونَ عَامًا تَمْرُقينَ فِي فَضاءٍ
غَازلٍ أحْزَانَنا
مَوجَة مِنْ سِحابٍ و زَلْزلاتٍ مِنْ مَطرْ
تَحُطّ رِيشَها المَنْتُوف
وَرْدةً لِلعاشِقينَ بحرها
وسادةً لِلخافقينَ وَحْدهمْ
رَصَاصةً نحوَ الألمْ.
د. السيد عبد الله سالم
المنوفية – مصر
21-12-2011