سجدة في طريق النور
(مع الكون وهو يرتقب أول خطوة خارج الغار لنبي الانسانية)
كل حصاةٍ في الطريقِ أومأت تنتظرُ = وكل ذرات الأثير أقبلت تكبّرُ
والريح من كل اتجاهٍ أيقظت ربابها = وأسبلت على جبين أفقها أهدابها
واسترسلت تعزف للسكون من صلاتها = وتستعيد شجوها همسًا على لهاتها
وتسمع الجبال من تسبيحها أنغاما = لم تدرِ كيف انحدرت من قلبها إلهاما
والفجر من مزاره النعسان في وجه الوثنْ = ردَّ خُطاهُ لخُطٍا جديدةٍ على الزمنْ
جاءت تهز مطرقًا أمام ربٍّ مطرقِ = كلاهما وهمٌ لوهمٍ جاهلٍ ملفقِ
جاءتْ تردُّ الظلمَ مدحورًا إلى طاغوتهِ = ندامةً مذعورةً تصُرخ في تابوتهِ
جاءتْ تَؤُج نارُها تأَوُّهَ المضطهدِ = وتُضرمُ الإباءَ في جبينهِ المستعبدِ
جاءت ونورُ اللهِ يحدو الخطوَ في طريقها = والكون يستاف عبير الصحوِ من شروقها
والبيد ليلٌ ضارعٌ في القيدِ حول الصنمِ = والناس أوهامٌ تدور في ضلالها الملثَّمِ
في خيمةٍ خيَّمَ فيها الرقُّ منذُ الأزلِ = وغمغمَ الإنسانُ حولَ قيدِه المكبّلِ
جاءت إليهِ تنزعُ الهوانَ من جبينهِ = وتحصدُ الإطراقَ والذّلةَ من جفونهِ
جاءت من الغارِ من النور خُطا محمدِ = طُوبى لمن خفَّ إليها بالضياءِ يَهتدي
شعر: محمود حسن اسماعيل