ملائكة البحيرة الزرقاء
على الأضواءِ غنَّت زُرقةُ البّحرِ الجميلِ
وعادت تكسرُ الأحجارَ دُرًّا كاسيًا فجرَ الحنينِ
وبين اللّيلِ والنَّارِ
مواقيتٌ
وعذبٌ من صفاءِ اللّحنِ ينسابُ
ترانيمًا على شرفاتِ قصرٍ من قواريرِ
وأغصانًا تُحاكيهِ
فهذي من نخيلٍ قد أمدّ السّحرَ أنهارًا
وأنغامًا
على تينٍ وزيتونٍ وفجرٍ من تصاويرِ.
وأوراقٌ على سطحٍ
كأنّ الحلمَ يُنشيهِ
كورداتٍ تفتّحنَ
سرابًا حين نادينا كمانَ الهمسِ يكويهِ
وأحداقٌ تَراخينَ
شراراتٍ وأشواقًا
وفوق الوردِ عذراءُ
فراشاتٌ قطفنَ الحسنَ أوتارا
وأشجارا
رحيقٌ كانَ من خمرٍ على كفٍّ لعذراءِ
وبين القطفِ واللّمسِ
عذاباتٌ
عليها من شفاهِ الوجدِ وعدٌ من أزاهيرِ.
وحول القصرِ غدرانٌ
حليبًا كانَ ما فيها
وصوتُ الصّبحِ قد فاضَ
لجينًا فوق واديها
عصافيرٌ على الغُدرانِ تختالُ
بألوانٍ منَ الرِّيشِ
وأطباقٍ منَ الحَبِّ
سقاها الأمسَ من رفقٍ روابيها
وشمسٌ من شروخِ الزّهرِ تكسيها
ومن عُمقِ البُّحيراتِ
جلالُ الصّمتِ منثورٌ ويبقيها
غماماتٍ منَ التّوتِ
ورمّانٌ حواشيها
صدٍى لِلوقتِ مكتوبٌ على لوحٍ
ودوحٌ قد يُلاقيها
كأنَّ الصمت في صدري براكينٌ
على نقرِ المزاميرِ.
منَ الأصدافِ قد جاءوا
كأطفالِ الغزالاتِ
يواقيتٌ
كأطيافٍ لخيلِ المهرجاناتِ
يرضنَ الرّوضَ أفراحًا ويرقصنَ
كأنفاسِ اليماماتِ
ويلمعنَ
فَسِنُّ الحقلِ هيمانٌ
وفلٌّ في عناقيدِ
يَطُفنَ الحفلَ أرواحًا ويغدقنَ
على الأحزانِ مرجانا
وفوق الشّهدِ مبخرةٌ
بطعمِ السّعدِ رنَّانا
وبين السّندسِ الخافي
يُقِمنَ العُرسَ للماءِ
وعينُ الماءِ تَشتاقُ
لجسمِ الحورِ يسقيها براءاتٍ
وأنوارا
فيصفو الغيلُ بالوادي
وتُمسِي في رباباتٍ حكاياتُ المقاديرِ.
شُجيراتٌ بصمغِ الأرضِ والسّنطِ
وأقذاءٌ على نهدِ الجماداتِ
ضبابُ الكونِ مسكونٌ
بطميٍ من شظايا من ضماداتِ
ومنها نهرُ نارٍ قد تمادى ساكبًا حِمَمًا
على متنِ الكراماتِ
وأنثى من سوادِ الدّمعِ تقتاتُ
وتُلقي من جنونِ الجمرِ أفعى من سمومٍ، من حقاراتِ
تَصِيدُ السّنطَ مذبوحًا ومسفوكًا
على دربِ المناحاتِ
ومن أجداثِ أشباحٍ
عَلَت في البرِّ أصواتٌ
زفيرُ الرّوحِ من تيهِ الضّلالاتِ
كَفَرْوِ القطِّ ممسوسٌ
برجفٍ من جفافِ الحلقِ موسومٌ
وأشواكٌ على جفنٍ لأمواتِ
تَصُبُّ الزّيتَ أفواجا
بأفواهِ الأغاديرِ.
على عرشِ المدى نامَ
قصيدُ الشَّاعرِ الزَّاهِي
يَخُطُّ الأمرَ تكوينا
بكهفٍ غائمِ الظّلِّ
يَمدُّ الكفَّ شطآنًا منَ الخيرِ
فيجري في مآقينا ضياءٌ من ندى الطّيرِ
وأقداحٌ منَ الوجدِ
عليها من حروفِ السّحرِ ترتيلٌ
وأذكارٌ خلال النّفسِ تمضي مثل أنسامٍ
تَناهت في فضاءٍ كانَ مثقوبا
على قولٍ جديدٍ كُلّما غابَ
يعودُ القولُ منثورًا على الرجعِ
كأنَّ الحرفَ لا يفنى
ويفنى في أغاريدي دعاءٌ كانَ مستورا
فليتَ القلب إذْ يهفو إلى عطرٍ منَ العشقِ
يسيلُ الشّاعرُ الزَّاهِي
على لوحٍ منَ الغيبِ
بهيًّا مثل أفكارِ المحاذيرِ.
د. السيد عبد الله سالم
المنوفية – مصر
10 ديسمبر 2012