كأن العشب إذ ينمو بخديك
وفوق العُشْبِ كُنتَ الجِسمَ ممْدودًا
رأيتُ الرّيْحَ من دربٍ سحِيقٍ نَهْرُهُ الصّافي تُواتِيكَ
كأنّي حين مرّ الرُّمحُ من فيكَ
وشُطآني شراشيبٌ مُهلهةٌ كأوطانِي
كأنّ العشب إذ ينمو بخديكَ
وأسماكٌ وحيتانٌ تلاقيكَ
على وجدٍ وتكوي بحرَ أحلامي وترميني
على سجّادِكَ الغالي بُساطًا يَقْتَفي إثْرِي
تَقولُ الشعرَ هربانا
وتَخفي في ملامي حُزنكَ الغضبانَ تَنهاني
أيا صحبي
أترمِيني برمزٍ في قصيدِ الهجرِ خوّانا
فلا تَهربْ
ولا تَغضبْ
ولا تشكي عيونَ المُهرِ للمُهرِ
ولا تَكتبْ كلامًا كان نشوانَا
ولا تَسبقْ خيولَ السّبقِ في الشّوطِ
فأَنتَ الريحُ تَهزِمُكَ
ولنْ تَمشي مقاديرٌ على فيكَ
ونورُ الشّعرِ يَهدِيكَ
وحين الشيخ مهمومًا يُنادِيني
ويَسقِينِي إمامًا كُنتَ تحويهِ
وتَنفي كُلَّ ما فيهِ
فهلْ أنتَ
رسولُ اللهِ يا صحبي؟
وحين الشيخ يَرمِيكَ
على نصٍّ كتابُ اللهِ يَشفِيكَ
فتنفِي بعدَ تعذِيبٍ
كلامًا كُنتَ تتلُوهُ
وتمشي في خرابِ العُمرِ مسْجُونَا
علاءَ الدّينِ يا صحبيْ
وإنجيلي
تُراكَ الآنَ في روضٍ تُباهيني
وعندَ العصرِ تَلقانِي
وتَدعوني
بأنّي سوفَ أدعوكَ
رسولاً في كتابِ العشقِ مَكتوبٌ
ويومَ الدّينِ تَشفعُ لِيْ
وتدعونِي بمولاكَ
فمنْ منّا
يُناجِيكَ
ووَلاّكَ
أمَمسوسٌ بمسّ الشّعرِ والعشقِ
ومسُّ الشّعرِ شَيطانِي
أمَمهورٌ لِتُمْسِي في غيَابَاتٍ
مَتَاهاتٍ
وتَسرِقُنِي على حُزني
وألقاكَ
على العُشبِ
يَقُولونَ
عروسَ البحرِ نادَاهَا
وغنّى لحنَ نجوَاهَا
فهلْ أنساكَ يا صحْبِيْ؟
وبعضٌ من أحاسيسي
تَعَاطَتْ عِطرَ ذِكرَاكَ
فأَنتَ النّهرُ أنسَاهُ
وأَعدو صوب مَجْرَاهُ.
د. السيد عبد الله سالم
المنوفية - مصر