يا ابنة الأحزان
يا ابنةَ الأحزانِ قُومِي = و اغلقي بابَ الخِصَامِ
و اسْكُبِي ضوءَ النّهارِ = فوق أسرابِ الحمَامِ
و اغزُلي صُبحًا جديدًا = من تراتيلِ السّلامِ
و اقطُفي وردَ الصّبايا = غازلاً عقدَ الغرامِ
و اصفحي عن كلّ نخلٍ = غابَ في رخوِ الكلامِ
و انشُري صمتَ الحياةِ = مهرجانًا من يمامِ
كلُّ روضٍ في حماكِ = كانَ رمزاً للسقامِ
شاكيًا في كلّ بدرٍ = طعنةَ العشقِ الحرامِ
مَجْدُكِ الزّاهي قديمًا = قد غدا نهبَ اللّئامِ
بَعثروكِ في الزّوايا = ثمّ قاموا للقيامِ
أيُّ عيدٍ فيكِ صارَ = عيدَ ضربٍ بالحُسامِ!
أيُّ صوتٍ فيكِِ صاحَ = ضاعَ صمتاً في الزّحامِ!
خيّروكِ أن تموتي = بين ظلٍّ أو ظلامِ
أو تكوني – يا هواني - = محضَ حصوٍ من رُكامِ
أين نيلي كانَ سحراً = شافيًا كلَّ الأنامِ!
أين ذكري كانَ دربًا = باعثاً مجدَ الخيامِ!
كانَ تأْريخي يساوي = بدءَ فجرٍ للنّظامِ
ركنَ دينٍ في رُباكِ = يَرتوي فيضَ الزّمامِ
فيكِ بحرٌ من علومٍ = كانَ يجري كالغمامِ
فيكِ أُسدٌ من رجالٍ = فيكِ نهرٌ من كرامِ
كلُّ ما فيكِ جميلٌ = طينُ أرضٍ و المُدامِ
رحبُ صدرٍ والحنانِ = طيبُ نسمٍ والمُقامِ
إن تَعُودي في سمائي = يَزدهي بدرُ التّمامِ
أو ينامُ الليلَ صبّ = دمعُ قلبِ المُستَهامِ
كلُّ نارٍ فيكِ راحتْ = في ضُحىٍ بردَ السّلامِ
لو يعودُ العشقُ فيكِ = ساطعًا دونَ الملامِ
لو يعودُ النّورُ نوراً = مثل عيدٍ كلّ عامِ
لو يعودُ العودُ عودًا = من شرابٍ والهُيامِ
كنتُ أبكي مثل شمعٍ = في مقامٍ للإمامِ
كنتُ أغدو مثل نخلٍ = شاقَ دهرًا لابتسامِ
كنتُ أعدو صوبَ طيرٍ = طارَ ذكرًا في منامي
كنتُ أُعطِي كلَّ بنتٍ = من بناتي من مسامي
عقدَ فلٍ وانْبِهارِ = خمرَ شعرٍ واحْتِشامِ
يا ابنةَ الأحرارِ قُومِي = هاتِ كأْسًا من مُدامِ
فوق قبرٍ للشّهيدِ = واسْكُبي فوق العظامِ
واصعدي نحو الخلودِ = صوبَ يومٍ للقيامِ
و انشري صوتَ الأغاني = لحنَ حُبٍّ للسّلامِ
د. السيد عبد الله سالم
المنوفية - مصر