مجلة جماعة الإبداع الجميل

مجلة مختصة بأخبار الثقافة والادب وتبنى المواهب فى كافة مناحى الحياة

 

 

سأحدثكم اليوم ـــ ايها السادة ـــ عن رجل عظيم , من عظماء امة نسيت امجادها وتنكّرتْ لماضيها , فتاهَ حاضرها وتضبّبَ مستقبلها , رجل عُدّ من اعظم مائة شخصية احدثت تغييرا في تاريخ البشرية , نقشت صورته على إحدى شرفات مجلس النواب الامريكي , كواحد من أعظم من سنّوا القوانين عبر التاريخ . وأظن أن أغلب شباب أمتنا ــ من محيطها الى محيطها ــ لا يعرفون شيئا عنه , رغم أنك اذا سالت احدهم عن ريال مدريد او برشلونة يسلسل لك تاريخهما الكروي , ونجاحاتهما والدورات التي فازا فيها , والجد الخامس عشر لكل لاعب من لاعبيهما , والاهداف التي حققها كل لا عب , والزاوية التي أطْلَقَ منها قذيفته نحو الهدف , أما تاريخهم فلا يعرفون عنه الا بمقدار معرفتي بالكرة الذرة معا . من هذه الشخصية ؟ وما الافتراءات التي افتريت عليها , وما السبب؟ فأقول : وصلوا على طه الرسول :
هو السلطان سليمان بن السلطان سليم الاول الملقب ب( سليمان القانوني او العظيم) عاشر السلاطين العثمانيين , وثاني من حمل لقب "أمير المؤمنين" من آل عثمان . بلغت الدولة الإسلامية في عهده أقصى اتساع لها حيث أصبحت أقوى دولة في العالم في ذلك الوقت . وهو صاحب أطول فترة حكم من 6 نوفمبر 1520م حتى وفاته في ايلول 1566م . عرف باسم سليمان القانوني لما قام به من إصلاح في النظام القضائي العثماني . 
ظل السلطان سليمان في جهاد مستمر على عدة جبهات لأكثر من ثلاثين سنة , قلّم فيها أظفار الغرب وحطم الكثير من جيوشهم واساطيلهم , ودخل الكثير من عواصم دولهم , فأذعنوا له , ودفعوا الجزية , وتسابقوا لكسب وده , والاستعانة به اذا الم بهم طارق . وفي خضم توسيع الإمبراطورية ، أدخل سليمان إصلاحات قضائية في مجال التعليم والجباية والقانون الجنائي, حدد قانونُه شكلَ الإمبراطورية لقرون عدة بعد وفاته . كان رحمه الله شاعراً اديبا , راعياً كبيراً للثقافة ومشرفاً على تطور الفنون والأدب والعمارة في العصر الذهبي للإمبراطورية العثمانية . تكلم الخليفة أربع لغات : العربية والفارسية والصربية والجغائية (لغة من مجموعة اللغات التركية مرتبطة بالأوزبكية والأويغورية) . وكان الى جانب ذلك تقيا ورعا , كتب القران الكريم بيده ثماني مرات وانشأ ورمم عدة مساجد منها المسجد الحرام . حكمه ضم الكثير من عواصم الحضارات الأخرى كأثينا وصوفيا وبغداد ودمشق وإسطنبول وبودابست وبلغراد والقاهرة وبوخارست وتبريز وغيرها. 
اما الافتراء فمسلسل مشبوه الكتابة , مشبوه الاخراج والانتاج , بأسلوب لا يخلو من الاغراء والتشويق والايحاءات الجنسية , تناقلته عدة قنوات فضائية مشبوهة ليقّدَّم للمشاهد العربي في فترة الذروة . تقدَّم فيه الدولة العثمانية على أسوأ مثال وبأسوأ صورة ، صورة الدولة التي ينغمس سلطانها ووزراؤه وقادة دولته في الخمر والنساء والحريم ، وهي نفس الصورة المترسخة في العقلية الأوربية عن المسلم عامة , والمسلم العثماني خاصة ، صورة الرجل الذي لا يفكر إلا في شهواته وملذاته ، فصوّر المسلسل السلطان سليمان رجلا ماجنا , ليس له هدف سوى الجلوس مع الحريم والتنقل بين احضان الجواري , والاستماع للمغنيات ومعاقرة الخمر , وترَكَ المجال لنساء القصر لحياكة الدسائس وادارة شؤون الحكم , واقصاء هذا وتعيين ذاك . انه المسلسل الشهير سيّء السمعة ( حريم السلطان) .
اما السبب فيكمن في الرسالة التالية . تعالوا نقرا الرسالة ثم نعلق بعد ذلك : 
)) أنا سلطان السلاطين وبرهان الخواقين . أنا سلطان البحر الأبيض والبحر الأسود والبحر الأحمر والأناضول والروملّي وقرمان الروم ، وولاية ذي القدرية ، وديار بكر وكردستان وأذربيجان والعجم , والشام ومصر ومكة والمدينة والقدس وجميع ديار العرب والعجم , وبلاد المجر والقيصر وبلاد أخرى كثيرة افتتحتها يد جلالتي بسيف الظفر , ولله الحمد والله أكبر . أنا السلطان سليمان بن السلطان سليم بن السلطان بايزيد , إلى فرنسيس ملك ولاية فرنسا . وصل إلى أعتاب ملجأ السلاطين المكتوب الذي أرسلتموه مع تابعكم ( فرانقبان ) ، وأعلمنا أن عدوكم أستولى على بلادكم ، وأنكم الآن محبوسون ، وتستدعون من هذا الجانب مدد العناية بخصوص خلاصكم ، وكل ما قلتموه عرض على أعتاب سرير سدتنا الملوكانية ، وأحاط به علمي الشريف على وجه التفصيل ، فصار بتمامه معلوما . فلا عجب من حبس الملوك وضيقهم ، فكن منشرح الصدر ، ولا تكن مشغول الخاطر , فإننا فاتحون البلاد الصعبة والقلاع المحصنّة وهازمون أعداءنا ، وإن خيولنا ليلا ونهارا مسروجة، وسيوفنا مسلولة ، فالحقّ سبحانه وتعالى ييسر الخير بإرادته ومشيئته . وأما باقي الأحوال والأخبار تفهمونها من تابعكم المذكور .... تحريرا في أوائل شهر آخر الربيعين سنة 932 من الهجرة النبوية الشريفة 1525 من الميلاد , بمقام دار السلطنة العلية , القسطنطينية المحروسة المحمية )) .
اعد بعدها جيشا عظيما , وأبحر به القائد الفذ "خير الدين برباروسا" من إسطنبول إلى جنوب فرنسا ، لمساعدتها في تخليص ميناء "نيس" من قبضة "شارل الخامس"، ونجح في ذلك , وعقدت معاهدة بين الدولة العثمانية وفرنسا ، تركت فيها الأخيرة ميناء طولون الفرنسي برضاها للإدارة العثمانية ، ليصبح قاعدة بحرية إسلامية للدولة العثمانية ، إذ كان الأسطول العثماني آنذاك اعظم الاساطيل التي تجوب المتوسط , ويهاجم في غير هوادة الأهداف العسكرية الإسبانية , التي كانت تهدد دول المغرب العربي والملاحة بالبحر المتوسط . 
هذا ـــ يا دام عزكم ــ هو القائد العظيم , وتلك هي الافتراءات , وهذه هي الاسباب . حقد اسود يُنفثُ في جسد الامة على شكل سموم فكرية قاتلة , تشوه تاريخنا وتنسينا امجادنا وحضارتنا , وللأسف نساعدهم نحن , فنقول في دراستنا (الاستعمار التركي , الاحتلال العثماني) , وسخِرنا كثيرا من حضارة بني عثمان , ووصفناها بالتخلف و الرجعية , بل وكنا عونا للحلفاء في تحطيم أركانها أثناء الحرب العالمية الأولى . ويْلي على امة ضحكت من جهلها الامم . طبتم وطابت اوقاتكم .

samirahmedelkot

جماعة الابداع الجميل

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 64 مشاهدة
نشرت فى 10 يناير 2016 بواسطة samirahmedelkot

مجلة جماعة الابداع الجميل لشعراء القمر والنيل

samirahmedelkot
جماعة الابداع الجميل واحة لكل ابداع اصيل معاً نرحب بالمبدعين في كافة فروع الابداع (موسيقى - شعر - غناء -فنون تشكيلية - انشاد دينى - ابتهالات - ثقافة - صحافة - تمثيل - اخراج ...الخ ) ...نرحب بكل صاحب موهبة وكل ابداع حقيقى يقف على الطريق لنأخذ بيده ..نقيم انتاجه »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

89,142