لمحهـا واقفةً بشرفة المطبخ المُطلة على المنور الفاصل بين شقتيهما..
جميلةٌ هى-زينبُ- وشقيـّة, طالما قطع آلاف الامتار خلفهـا وهى تذبحه ببسمتهـا اللذيذة..كانت تُلملم شعرها وتلفلفهُ ببطء وتصنع منه–كعكةً- أعلى رأسها..
أخرج مشطا من جيبه وأخذ يمشّط شعرهُ بعصبيةٍ..ضحِكت زينب وانصرفت للداخل
*جاء صوتُ المذياع زاعقاً مدوياً:{هنيئـاً ياعرب..كلّها فرْكـة كعب.. وندخل تل ابيب!}
هبط السلم قفزاً, وصـل المقهى, شاهد المعلم -اسماعيل- يسدُّ المدخل بجسده الضخم زاعقاً{طلاق بالتلاته م يخش جيبى مليم ف ليلتى}..تمادى, أخرج من احشاء -النصبة- عشرة صناديق كولا مُثلّجة وفتحها مجاناً فى صحة تل ابيب!
* راح يرتشف زجاجة الكولا على مهلٍ.. حدّث نفسه:{لماذا لا يسمحون لأصحاب السابعة عشرة بـالذهاب الى تـل ابيب؟}.أحسّ طعماً غريباً بالقطرات الاخيرة من زجاجة الكولا المُثلّجة!
*لم يُفلح الإطار المُزركش لشهادة التخرُّج..ولا اللقاءات الخاطفة بزينب, ولا آلاف المُكعبات من السُّكر-البنمى– المدعوم..فى تغيير المذاق الملعون لتلك القطرات الأخيرة!
*الرمال ناعمة كالسراب, تسحب -البيادةـ فتغوصُ حتى رقبتها..-عبد المعبود- رجلٌ عكِرُ المِزاج,ضخمُ الكفّين, بأعلى ذراعه الأيسر ثلاث شرائـط سوداء..كان قاب قوسين من التسريح من الجيش والعودة لتجارة البهائم التى يعشقها..لكن -ديّان- الأعور فـوّت عليـه الفرصة!
*حين اقترب من مدخل المقهى, بادره المعلم اسماعيل قائلا{بالزمّة مش مكسوف وانت متقمع ولازق شريطين على دراعك ومقفِّـز الجزمه..على ايه ياحسرة-!}
* لم تعُد لقاءاته الخاطفة -بزينب- تحدثُ ذاك الفرْح القديم..لم يعد وميضُ عينيهـا يُشِعُّ بتلك البراءة المعهودة..ولم تعُد حفاوة المعلم اسماعيل ودُعاباته كعهدها
*وقف شاخصاً فى المياه الهامدة الباردة, فيما بعضُ الرفاق يستحمـون والبعـضُ منهمكون فى مصّ القـصب.. وآخرون يلعبـون الكرة..أمعنَ النظر فى الساترالضخم المهول..كيف أُقيم؟.وهؤلاء الاشباح المتناثرون فوق الابراج بزيّـهم الاخضر القانى..دائماً يرطنون بأشياءٍ مُبهمةٍ..ماذا لو رأتهم زينبُ, أو شاهدهُم المعلم اسماعيل صاحب اللسان السليط؟!..ظلّ الغضب يعصف بصدره حتى أفاقه زعيق الرقيب-عبد المعبود- مُعلناً إنتهاء المشروع!
* لم يكن ليُصدِّق أن المياه الهامدة الباردة..كانت تُنصتُ إلى غضبه ومقته فى ودٍ..حتى آن الاوان لتلفظ بركانها المهول , تظلِّلها سماءٌ جديدةٌ مدججةٌ بنسورٍ جائعةٍ..وملائكةٍ يُنظِّفون الفضاء بأجنحتهم البيضاء!
*تهاوتْ السنون السِّت العجاف..سنةٌ فى كل يـومٍ..وفى آخر سنةٍ عجافية, تهاوتْ..تهاوى معها شبحٌ ضالٌ بمظلته ,كان على مرمى البصر منه..قفز من -دُشمته- مُهرولاً..تزامنَ وصوله, مع ارتطام الشبح بالأرض..انقضّ عليه..سحب مسدسه وقيّده , نزع أكتافه المزركشة بالنجوم ,أقسم:ان يُهدى واحدةً لزينب..وواحدةً للمعلم اسماعيل!
*فى المقهى أحاطته دائرةٌ من الأنفاس الفرِحة..وكان المعلم اسماعيل يحتويه فى صدره العريض..شعُـر بحرارة الأنفاس تلفحه..عاجلوه بزجاجة كولا مثلجة..راح يرتشفها ببـطءٍ..قطرةً قطرةً..إنتهى..طلبَ زجاجةً أُخرى!!@
نشرت فى 2 أكتوبر 2014
بواسطة samirahmedelkot
مجلة جماعة الابداع الجميل لشعراء القمر والنيل
جماعة الابداع الجميل واحة لكل ابداع اصيل معاً نرحب بالمبدعين في كافة فروع الابداع (موسيقى - شعر - غناء -فنون تشكيلية - انشاد دينى - ابتهالات - ثقافة - صحافة - تمثيل - اخراج ...الخ ) ...نرحب بكل صاحب موهبة وكل ابداع حقيقى يقف على الطريق لنأخذ بيده ..نقيم انتاجه »
ابحث
تسجيل الدخول
عدد زيارات الموقع
101,820