أيتها العنادل التى تتوسدنى هبينى غناءك .. فالطريق طويل
كلما طاشت العيون , وانبجست القلوب , وتفتقت الآذان , وانتشى الوجدان فى حضرة الملكوت , ما ثم إلا استعارواصطلاء لما وراء المعانى , الفضة الت...ى تذاب على صفحة الماء , والذهب الذى يشتعل على خدود الشمس , والزبرجد المتسوسن فى محيا السماء , كلهن حملن صفقات أبدية للوجود , وخسارة فى بورصة اللاوجود , إذ ما تورارت الخيول لتراها الزرقاء خلف نشوة المجهول , ويتحينها الأحدب ليدق أجراس البؤس فى الحياة , كان النورس يتمرس الغربة على أسنة الرياح .. وعلى صوارى الضباب .. إذ يتربص قراصنة القفز على حدود الى اللا حدود .. فالكأس فارغة .. ولا تتعشم ما رنوت للجة البحر أن تستنيم .. ولا لقاعه أن يترث قرش .. فقط كن متحمسا لروعة الجنان فى حدائق المرجان .. فإن الذى يتربص بالغرق يغرق .. وانتضى روحانياتك وأنت تمنح الحوت رعشة يديك .. واعتصر رونقك وأنت تغازل غصن الفراشة التى أنطقتك . دع الفراسة عند شواطىء البهاء فأنت معلق بين اللذة والذوق والإدمان .. أنت ما استفزتك الألوان القزحية ستردخ الى الماوراء .. ستقنع جيوش الردة للاشىء لترعوى .. فالجذوة التى خبلتك ستحييك .. والصهوة التى أطلقتك ستنجيك .. ما ثم غير فتوح ابن عربى ومكياته, ووقوف ابن الفارض على مشارف مقامات العشق .. جرد سهامك من ريشها فأنت المقتول على بابها .. فحيث مظلات حالك كن .. ولا تقف أبدا مع المجاذيب ..أنت سالك والسالك لا يقف .. فمركز الدائرة يستهويك .. ولبن السرار .. وما قيدتك ظلمات المشيمة .. فالصرخة ممتزجة بالوجود .. والقابلة التى هالها مخاضك كم سافرت عبر ساعة الزمن اليك .. ولما تشممتك هامت فى مجراتك .. أيها المختار من لجنة التحدى .. لك سبعة أسماء , وسبعة أفلاك .. فكان حتما عليك أن تتنصل من المادة .. تتماهى فى طاقات الكون .. وكان لك أن تغرد حيثما يحط ركابك .. فالرحلة غامضة .. ولكنها تبوحك سرها .. الشرفات التى تعودت أن تلمس عينيك .. لن تبكيك أبدا .. قل لمن سكبت أشعتها الشرقية فى كاسات قلبى .. لن تهربى .. ستجلس تحت وريف روحى .. وتلعبين بأقدامك فى ماء حياتى .. فهذه البارجة المحملة ببخور حتشبسوت ستجمرنى .. ويحها الحبشة .. وستعترف إيزيس أنى الذى قضيت على ست .. وسأدير عجلات أحمس على هكسوس الهجر .. فالجرعة التى وهبها الحسن بن على شريان صحارينا ستظل .. وسألضم إبرة الحياة لأخيط بها ثقب أوزوننا .. ولن أتطفل على ذاتى .. فقد ملغمتها بالحق .. وشحنتها بالجمال .. إجر أيتها الأنهار لتشبعى عيونها .. وارمحى يا سحاب على أرض وجودها .. وسجى فإن نباتى جففه الشوق .. ولحيتى ما عبثت بها طفلة الضلوع.. لن أوئدها , ولن أصبح هارونا مادمت ومضة فى شجرات العيون .. وسأصرخ فى نوح ضمنى سفينتك .. فقد عركت لهب الحنطة حين تسلبنى نفسى .. وسئمت الجبل .. فالنخلة التى أو بلتنى تمر رضائها .. ستمنحنى لابد الوقوف على قدمى .. وسينطق الجذع هزنى .. والمحارة التى أخرجتنى ستنبىء العالم عن قدرى .. كم كرهت رشفة السيف .. وكم ذهلت من ثدى يتمطى كثعلب .. أكل الذى كبلته رواشف الشفق سيغمض عينيه لليل منتصب ؟ أيتها العنادل التى تتوسدنى هبينى غناءك .. فالطريق طويل .
