وقف أمام المرآة , قال:لابُدّ من أن اُهذِّب شَعرَ رأسى , وأصبُغهُ , باستثناء موضعٍ صغيرٍ أعلى السالفين , وأن أستخدم عطراً شبابياً , وأنظرُ فى مرآةٍ شبابية , وأبتسمُ ابتساماتٍ شبابية!..
وقال:هذا -أمشير- ,مازال أمقتُه وأمقت مطره , وزوابعه , -وشخير زوجتى-!
أعرفُ أن -سلمى- ودودةٌ , وهادئةٌ كنسمةٍ ربيعيةٍ , خاصةً بعد أن صارت أرملةً-..وأعرف أننى أروقُها كما تروقُنى , رغم فارق العقدين بيننا , غير أنها حييّةُ أكثر من اللازم , تُحب أولادى كثيراً , وتخشاهم أكثر!..
*أمّا -سمَاره- , فهى أكثرُ فتنةً وأُنوثةً ,وجنوناً أيضاً{آهٍ -سَمَاره- يا شغف الروح , هذا قلبى يزأرُ بحُبِك بعيدا عن المثاليات التى تتكئُ على رغباتى وتُذكّرنى:أنى مازلتُ طيباً , ومُستأنساً , وقائداً , وتابعاً..ومع كل هذا أُحبُكِ..أحبُكِ جداً}
*وقف أمام المرآة -ثانيةً- ,أغمض عينيه هُنيهةً , ثم فتحهُمـَا , شاهد نفسه أسداً -غضنفر- إنتعش, وبُشَّت أساريره , لكنه حين اقترب أكثر , رأي -الغضنفر- وديعاً يتثائب ويُذرف الدمع تباعاً, وقبل أن يوشكُ الليلُ على الرحيل ,ضغط بمخالبه المستأسدة على معدته , فأيقظ عصافيراً جائعة, لكنّ الطعام هناك , حيث -شخير- زوجته الوحشىّ, والتى لن يرضيها , أنَّ شيئاً يحملُ بصمـاتها , يذهبُ هكذا , دون مقابل!
*{اّهٍ -سَمَاره- أيتها الغنوج المتوهجة , مازالت فتنتُكِ تُدغدغُ قلبى , وأنا مُستلقياً برتابةٍ قاتلة, تُذكرُنى بالعسل المأسوف عليه!..
أمّا أنت أيها -الأمشير- اللدود الذى , خبَّـأ النجوم , وأسْكَت العصافير , وجعل الدمع يسيل , والاُذنُ تئنُ تحت وطأةِ الصَّفير , والتنُّوراتُ تُعرّى أفخاذَ نسائها؟..تباً لك!
مرحى -سَمَاره- , مازال وجهُك الفاتن يسحرُنى , لابُدّ وأنك امرأةٌ صيفية, حيث شُرفتك لم تزل مضاءةً , تماماً كوجهك ,كأنك تومئين لى أن أظلّ يقظاً , قاتلك الله , كيف تُشبهيننى بأمشير؟ وأنا من أبدي إنبهاراً بشعرك المُترامى الأطراف , وعينيكِ الشقيَّتين البُنتين اللّتين تعصفان بلُبِّى ووقارى..أجل سَمَاره , لقد أصبح الوقتُ ملائماً تماماً , لنبحثُ عن أفعالٍ شبابية, مازلتُ شغوفاً بالحب الذى أعرفه مُذ كانت المرأةُ لا تجد مشقّةً لتُثبت أنها -أُنثى-..آهِِ أيتها الفاتنة , لم يعد مُلائماً , أن تقبعَ -شبه الأُنثى- فى فراشها خاملةً , تستنهضُ ذَكَرَها , إذ كيف يُراقُ ثلجُ بثلجٍ؟ , لن يُسعف -الذَّكرُ- حينئذِِ سوى أن يقول شكراً لفنجان القهوة ,ثم يتسللُ الى الشارع , ليستقبل وابلاً من المطر , حيثُ لم ينتعشُ مُنذُ دهرٍ!..كم أتمنى قبل أن أشيخَ وأُقبرُ هُنا , وأنتِ تمرحين في حديقة قلبى..أن أصمدُ , وأصدُّ الزوابع , وأمشير , ودلالكِ المُستبـد , نعم , سأجلسُ على نفس الكرسىّ , بنفس المكان , أنتظر عودتك , مُحذِّراً إيّـاك:ليس بصديق , ذلك الجالسُ إلى طاولتى , ذو الشعر اللّامع , والبشرة الغضّـة المُشبّعة بالإحمرار , والذى رُبما يصغُرنى بعِقدين , والذى يُخبِّئُ خلف نظارته السوداء:عينين نهمتين متحفزتين}@