آفــــــــــــــاق

الموقع خاص بالكاتب ويتضمن إنتاجه الأدبى المنشور

                                  

                                  الفصل الخامس

<!--

<!--<!--

 

    وعاد كسرى إلى عرشه وهو لا يكاد يصدق نفسه ، دخل إيوانه سعيداً يتأمل حوائطه وسقفه وأرضيته وكأنه يؤكد لنفسه أنه عاد لعرشه ، وكان أول ما فعله بعد أن استراح بقية اليوم أن سأل عن حمزة وأرسل إليه يدعوه وأجاب حمزة الدعوة شاكراً وركب هو والملك النعمان وأصفران وعقيل ودخلوا المدينة وسط مظاهر التكريم والترحيب مما أدهش النعمان الذى كان يلاقى الذل والهوان كلما جاء إلى المدائن ، وعندما وصلوا إلى باب الإيوان مد الوزير بختك يده لينزع عن حمزة سيفه فما كان من حمزة إلاّ أن لطمه على صدغه لطمة أوقعت منه الأسنان واشتد غضب وغيظ الوزير لكنه لم يجرؤ على الإفصاح عن مشاعره وهو يعلم مدى حب ملكه لهذا الشاب العربى الجلف من وجهة نظره وأضمر فى نفسه ضرورة الإنتقام عندما تحين الفرصة ومع الضجة خرج بزرخمهر ليستطلع الأمر وهو يحدس ما جرى واعتذر للأمير حمزة بأنه نسى أن يخبره بالتقاليد المتبعة فى الدخول على الملوك ورد حمزة بأنه لا شأن له بهذه التقاليد وأنه لن يترك سيفه وإلاّ عاد إلى بلاده ، واسأذن له بزرجمهر فى الدخول بسلاحه فدخل وتلقاه الملك بالترحاب والتكريم وشكر له فضله وأجلسه بجانبه ومكثوا بقية اليوم فى ضيافة الملك ما بين طعام وشراب وحديث إلى أن قرب الزوال فاستئذن حمزة فى الانصراف فعرض عليه الملك أن يفرد له قصراً يكفيه هو ورجاله لكن حمزة أبى بأدب وشكر للملك حسن ضيافته وكرمه ووعده بالزيارة كل يوم وعاد إلى حيث بعسكر جنوده ..

    قضى حمزة بعض الوقت مع الملك النعمان فى السمر والحديث ثم أوى كل منهما إلى خيمته لينام ، وكان عمر الذى لا يعرف أحد متى ينام أو متى يصحو يعس حول خيمة حمزة وفوجئ بشبح يتسلل فى اتجاه خيمة حمزة فتبعه دون أن يشعر به وما إن اقترب الشبح من باب الخيمة حتى انقطع نفسه تحت قبضة عمر التى أحاطت بعنقه وهو يسأله بصوت خفيض عمن يكون وماذا يريد ..؟ أجاب الرجل بصعوبة أنه عربى مثله يعمل فى خدمة الأميرة مهردكار ابنة الملك كسرى أنو شروان ، خفف عمر قبضته قليلاً وسأله عما يريد ، قال وهو ياهث أنه يحمل كتاباً من سيدته للأمير حمزة وهى تنتظر منه الرد ، أخذ عمر الكتاب من الرجل وأمره أن ينتظر مكانه حتى يعود ودخل على حمزة فأيقظه وقص عليه الحكاية ، خفق قلب حمزة عند سماعه اسم الأميرة رغم أنه لم يرها من قبل ونهض فتناول الرسالة وفضها وأخذ يقرأ وعلامات العجب والدهشة تبدو واضحة على وجهه ، أخبرته أنها سمعت عنه الكثير ورأت بنفسها طلعته كالبدر إشراقاً وكالغزالة بهاءً وكالأسد بسالة ، وعاهدته على الحب والوفاء وأكدت له أنها لن ترضى بغيره بديلا وتتمنى أن يكون عنده لها مثل ما عندها له ، وعليه إن كان يريد أن يراها أن ينظر إلى الوراء ويرفع نظره لأعلى قبل دخوله إيوان أبيها ..

    استغرق حمزة فى تفكير عميق وأخذ يقلب الأمر على كل وجوهه ، من هى مهردكار هذه ..؟ وكيف تبدو .. هل هى جميلة وما عمرها .. والأهم هى بنت كسرى نفسه وهو أعجمى يحتقر العرب ولا يمكن أن يزوج ابنته من بدوى لا يسكن القصور و..و..وعمر يستحثه ليكتب الرد وولما رآه متردداً أيقن أنه لن يحظى بجواب على الفور فخرج عمر ولما رآه متردداً أيقن أنه لن يحظى بجواب على الفور فخرج إلى الرجل وأخبره أن الأمير ليس عنده الآن دواة ولا قرطاس وعليه أن يعود لسيدته ويطمئنها بأن كل شيئ يجرى كما تحب وأنه سيكتب لها فى وقت آخر ..

    بدأ بال حمزه ينشغل بهذا الأمر الذى لم يحسب حسابه فهو يعلم أن ملكا مثل كسرى يصعب عليه ان يرضى بزواج ابنته من بدوى لا يسكن القصور ولا يرتدى الحرير ويعيش حياة خشنة ، وفى حالة ما اذا عرض عليه أن يتزوج من ابنته فيرفض أو يتعالى عليه سيضطر لاستخدام سيفه لانه لن يرضى بالاهانه ولما اتعبه التفكير رأى ان يترك الامر يسير حسب الظروف وقبل ذلك فكر فى انه لابد من رؤيتها وعزم عند أول زيارة لكسرى أن يتصرف كما رسمت ليه لكى يراها بعينيه وهذا ما حدث وعندما وقعت عيناه عليها انبهر بجمالها فقد كانت مهردكار أو شمس الدنيا كبدر يتلألأ حيته بلطف ورد تحيتها بلباقه ودخل الايوان وقد غدا عاشقا ، تلقاه كسرى بكل الترحيب والبهجة واجلسه الى جانبه وبقرب بزرجمهر حتى يترجم ليه وكان بختك حاضرا وقد أخذ الغيظ يقتل قلبه وبينما هو فى تفكيره لما يمكنه من اخذ ثأره من حمزه خطرت على باله فكرة اسرع بعرضها على الملك لكن الملك رد عليه باقتضاب ومحاولا صرفه عن هذا الأمر ولاحظ حمزه هذا الحوار فسأل بزرجمهر عما يدور وترجم له الوزير ما عرضه بختك ورفضه الملك وشرح له أن بختك يضمر له الشر والحقد واصر حمزه على أن يعرف ما يدور فأخبره أن بختك يقترح أن يشاهد حمزه وهو يصارع الأسد المحبوس لديهم فى قفص من صغره فطلب حمزه أن يستأذن الملك فى أن يسمح له بمصارعة هذا الأسد لكن بزرجمهر حاول صرفه عن هذا الأمر وأصر حمزه عليه فسأل الملك وزيره عما يدور بينهما فأخبره وحاول الملك أن يصرفه عن هذا الأمر ولكن حمزه أصر بشدة قائلا أنه فى طريقه اليهم صرع أسدا مثله وفى الحال أمر كسرى أن يؤتى بالاسد أمام الايوان بالساحه الواسعه واجتمع خلق كثير وجلس الملك على ظهر الايوان ومعه جميع الوزراء ورجال الحاشيه والناس على الجدران من كل ناحيه يتفرجون كما خرجت مهربكار الى شباكها وهى حزينه خائفه عندما علمت بالأمر ، اقترب حمزه من القفص وكسر بابه كى يخرج الاسد وعندما شعر الاسد بأنه حر زأر بصوت كالرعد وقابله حمزه بصوت أعلى والتقاه وهو ينقض عليه وامسكه من وسطه فشل حركته وكلما حاول ان يقرب فمه من حمزه ضربه حمزه ضربه قويه فأنشب اظافره فى زنديه فسال منهما الدم وتمزقت ثيابه واستمر الصراع بينهما الاسد يحاول الافلات من ذراعى حمزه دون جدوى وحمزه يطبق الخناق عليه واثناء حركتهما لمح حمزه مهربكار وقد لمعت الدموع فى عينيها خوفا عليه فصاح صيحة اهتزت لها الأرض وتزلزلت وارتبك الاسد فتمكن منه حمزه وارداه على الأرض وشد يده بقوه حتى خلعها من جسده فزأر بوهن وهو يلفظ انفاسه ومات ، صدر عن الجميع صراخ ملأ سماء الساحه من العرب والعجم ونزل الملك ليهنئه وقبله بين عينيه وهنأه الجميع عدا بختك الذى زاد كمده وحقده على حمزه وأخذ يفتش فى ذهنه عن حيلة أخرى يقضى بها على حمزه وتذكر الأصفران فانفرجت أساريره وبعد ايام قليلة وبينما كان حمزه فى خيمته دخل عليه عمر وأخبره أن رجلا يتحدث العربية بالباب ويريد لقاءه فسمح له ودخل الرجل وعرف نفسه بأنه أحد رجال الوزير بختك وأخبره أن الوزير يريد أن يبدأ معه عهدا جديدا من الصداقه والحب وبرهانه على ذلك أن هناك لدى كسرى جوادا لا مثيل له يدعى الأصفران من يمتلكه يمتلك القوه والمنعه وعليه أن يطلبه فقط من الملك على أن لا يخبر أحدا أن بختك هو الذى دله عليه ، وعندما طلب حمزه من بزرجمهر أن يحدث كسرى بهذا الشأن انتفض الوزير غضبا وشعر أن هناك من يكيد له ليتخلص منه ورفض رفضا قاطعا هذا الطلب ولما شعر الملك بأن هناك شيئا غير عادي سأل بزرجمهر فأخبره فاربد وجهه وقال له لو طلبت نص ملكى لأعطيته لك راضيا أما هذا الجواد فلا فقد قتل خير فرسانى وهنا ازداد اصرار حمزه والح الحاحا شديدا حتى اضطر الملك فى النهاية للرضوخ للأمر وبلغ الخبر الأميرة مهردكار فغضبت وقالت فى نفسها : مالهم يريدون الخلاص منه وحزنت أشد الحزن وجاءت النتيجة على خير ما يرام وازداد حمزه قوة بعد امتلاك هذا الجواد وازدا بختك حسره بعد أن فعل حمزه بالجواد ما فعله بالاسد واستطاع ترويضه وأصبح مالكا له وعاد حمزه الى خيامه سعيدا بالجواد وأوصى عمراً به ولاحظ عمر سعادته فدعا له بالفوز بمهردكار أيضا

المصدر: الكاتب
samibatta

أهلاً ومرحباً بك عزيزى القارئ .. أرجو ألاّ تندم على وقتك الذى تقضيه معى ، كما أرجو أن تتواصل معى وتفيدنى بآرائك ومناقشاتك وانتقاداتك ..

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 101 مشاهدة
نشرت فى 22 إبريل 2014 بواسطة samibatta

ساحة النقاش

سامى عبد الوهاب بطة

samibatta
أهلاً ومرحباً بك عزيزى القارئ .. أرجو ألاّ تندم على وقتك الذى تقضيه معى على صفحات هذا الموقع .. كما أرجو أن تتواصل معى بالقراءة والنقد والمناقشة بلا قيود ولا حدود .. ولكل زائر تحياتى وتقديرى .. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

90,043