آفــــــــــــــاق

الموقع خاص بالكاتب ويتضمن إنتاجه الأدبى المنشور

                 

<!--

<!--<!--<!--<!--

الخســـــــــــوف

الكاتب " محمود عرفات " لا يحتاج لتعريف فهو عضو اتحاد الكتاب وعضو نادى القصة وعضو الجمعية المصرية للسرديات ، وصدر له " مقام الصبا " رواية عن دار ابداع الحرية و" على شاطئ الجبل " فى طبعتين عن ابداع الحرية والثانية عن الهيئة العامة للكتاب وهى المجموعة التى حصل بها على جائزة الدولة التشجيعية عام 2005 م ثم " مشمش الرابع عشر " رواية فى طبعتين أيضاً عن ابداع الحرية ومكتبة الآداب 2009 م وأصدر عام 2009 م أيضا مجموعة بعنوان " المريدون " عن دار الناشر ، وأخيراً المجموعة التى بين أيدينا الآن وهى " الخسوف " عن ابداع الحرية .. ومحمود عرفات يمارس ابداعه بهدوء بعيداً عن صخب المنتديات الأدبية مكتفياً بفرض اسمه فى الساحة بحروفه دون صوتٍ عالٍ أو ضجة فارغة ..

مجموعة الخسوف تحتوى على خمس عشرة قصة تبدأ بثلاث قصص هى " مرآة غائمة – انتباه – رفقة " وهى قصص يمكن أن تصنف ضمن أدب الحرب ، لكن ليس بالمفهوم السائد لهذا اللون الأدبى فهى لا تعرض بطولات عسكرية وقت الحرب ، أو تدور حول شخصية عسكرية معروفة بالبطولات والإنجازات الحربية فى ميادين القتال ، لكنها تبرز بطولات انسانية راقية ، ولحظات خاصة جداً فى حياة شخصياتها بعد انتهاء الحرب بسنوات طويلة ، وإذا أخذنا نموذجاً منها وليكن مثلاً قصة " انتباه " نجده يبدأ بوصفٍ لمكان اللقاء بينه وبين أحد رفاق الحرب ( أكتوبر 1973 ) – وهو دار المدرعات بالقاهرة – والمشاعر التى تتضارب بداخله خلال مدة انتظاره للشخص المرتقب والذى نفهم أثناء الحديث أنه المقصود بالإهداء فى بداية الكتاب –  وهو المغفور له اللواء الركن عثمان كامل قائد اللواء الرابع عشر المدرع فى حرب أكتوبر – وتبدأ الجلسة بالتعرف والابتسامات واجترار الذكريات ثم لا تلبث أن تنتهى بستار من الدموع على العين وبقايا من رمال ناعمة فى الحلق ، وهو المعادل الموضوعى للخسوف ..

ولم يفت الكاتب أن يمر على ثورة 25 يناير فسجل مشهداً منها بقصة " شهيد وحفيد " والتى انتهت أيضاً بحالة تقترب من الخسوف وكانت بطولتها لامرأة بسيطة تعمل بائعة للكتب القديمة وأشياء أخرى بالقرب من ميدان التحرير حيث تشتعل أحداث الثورة والمرأة فى حالة قلق على حفيدها الذى يشارك فى المظاهرات والذى مات والده عسكرى الأمن المركزى بضربة شمس وماتت أمه فى ولادتها الثانية ..

و " الخسوف " وإن كان عنواناً لإحدى قصص المجموعة إلاّ أنه كحالة – وكظاهرة طبيعية نعرفها جميعاً تحدث للقمر فتحجبه – يسيطر على معظم نهايات القصص بما يعنى وجود ترابط ووحدة عضوية تجمع قصص المجموعة ، ويعنى أيضاً وحدة الحالة لدى الكاتب ، وهذا لا يعنى أن هناك حالة من التشاؤم لدى الكاتب على الاطلاق ، لكنه فيما أرى إذعان لسطوة الزمن برضى كامل ، وارتباط شديد بالماضى الذى يشكل ملامح الحاضر ..

أضف إلى ذلك أن الكاتب ينهج نهجاً موحداً فى بناء القصص فى المجموعة حيث يمكن أن نراها فى إطار قصة الذكريات أو العودة للماضى ، وإن كانت البداية دائماً فى اللحظة الآنية وبحركة بسيطة أو حدث عارض تتفجر الذكريات لتضعنا فى زمن الحدث ، فعلى سبيل المثال تبدأ قصة " انتباه " بـ " سمعت دقات خطواتى على الأرضية اللامعة فتذكرت وقعها على شاطئ القناة ..." وفى قصة " رفقة " تبدأ بـ  " فى صالة السفر بالمطار أتممت إجراءات الوزن وختم الجواز ومضيت إلى الكافيتريا لتناول القهوة ، أخذت أول رشفة ففاجأتنى عاصفة باسيلى رزق الله .. " ويتم التبادل بين اللحظة الآنية وزمن الحدث بنعومة ويسر ودون أن يشعر القارئ بأى خلط بين الزمنين ..

ويلمس الكاتب فى مجموعته قضيتين من القضايا الهامة على المستوى الاجتماعى والتى تعتبران قضايا رأى عام ، وهما قضية المرأة وقضية الوحدة الوطنية ، ففى الأولى نجد وجوداً مكثفاً للمرأة بصورها المختلفة ، الأم والزوجة والأخت والعاشقة وكلٌ تقوم بدورها الايجابى بشكل طبيعى ، بل وهناك قصتين على لسان المرأة كراوٍ للحدث ( الخسوف – نجم غارب ) أما القضية الثانية فتتجلى بوضوح فى قصة ( رفقة ) وجاءت صياغتها بلا افتعال أو إدعاء ولكن بتلقائية وبساطة تخفى الهدف منها ..

وكان للميتافيزيقا نصيب فى قصص هذه المجموعة الرائعة تمثلت فى قصتى ( لغة الكلاب ، محمول ) حيث تعرض الأولى لصبى يزعم أنه يعرف لغة الكلاب ويعانى من مجتمع لا يهضم هذه الأفكار والمزاعم حتى يثبت لهم صدقه ، وفى القصة الثانية ( محمول ) يعرض هواجس تدور داخل رجل ميت محمول على الأعناق فى طريقه لمثواه الأخير وهى أفكار لا تخلو من طرافة وحكمة ، وفى الحالتين لا نجدها ميتافيزيقا صارخة تقترب من العبث مثلاً أو تخرق قواعد المعقول بشكل فج ..

ويأتى كل هذا فى إطار لغوى بسيط دون افتئات على اللغة ، وبلا خروج على المألوف محافظاً على الفصحى إلاّ فيما ندر وحيث تقتضى الضرورة مع استخدام الجملة القصيرة والتى لا تدع مجالاً لترهل القصة ..

نشرت فى جريدة مسرحنا العدد 330

بتاريخ 11 / 11 / 2013

 

 

 

 

 

المصدر: الكاتب
samibatta

أهلاً ومرحباً بك عزيزى القارئ .. أرجو ألاّ تندم على وقتك الذى تقضيه معى ، كما أرجو أن تتواصل معى وتفيدنى بآرائك ومناقشاتك وانتقاداتك ..

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 105 مشاهدة
نشرت فى 12 نوفمبر 2013 بواسطة samibatta

ساحة النقاش

سامى عبد الوهاب بطة

samibatta
أهلاً ومرحباً بك عزيزى القارئ .. أرجو ألاّ تندم على وقتك الذى تقضيه معى على صفحات هذا الموقع .. كما أرجو أن تتواصل معى بالقراءة والنقد والمناقشة بلا قيود ولا حدود .. ولكل زائر تحياتى وتقديرى .. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

90,068