<!--
<!--<!--<!--
مابين الفن والسياسة ........ بقلم م/ البرنس الجوجرى ( عمرو الجوجرى)
عندما تُذكر كلمة الفن يقفز إلى ذهن المتلقى مباشرةً قارئاً كان أم مُستمعاً أنه الغناء أو الرقص أو التمثيل . ذلك لأنها ثقافة مجتمع رسخَتها أفكار أطلقها أصحاب المصالح الضيقة ولاقت رواجاً عند العامة ومُسطَحى الفكر من أنصاف المتعلمين لمفهوم الفن.
والفن مُفردة للفظة الفنون . وهو مايُعَرف اصطلاحاً بأنه هو الإبداع أو الخلق أو الإبتكار لشيئٍ موجود وليس من العدم لأنه فعلٌ بشرى .
والفنون نوعان , تعبيرية وتطبيقية . فأما التعبيرية يَنقِل بها الفنان أو المُبدع أفكاره ومشاعره وأحاسيسه ووجداناته لشيئٍ ُمعيَن إلى المتلقى قارئاً أو مُستمِعاً أو مُشاهِداً بعد أن يُضفى عليها إبداعه اللغوى صياغةً والحِرفى قواعداً والحِسى مشاعِراً بغرض الإستمتاع أو الإنتفاع.
وأدوات الفن التعبيرى هى القلم والفرشاه وآلات النحت والتشكيل والعزف . ولكل مُعَبرٍ أدواته , فالأديب يُطوع حروف اللغة ـ أى لغة ـ لصياغة كلمات تَصنع مع بعضِها عبارات تحمل أفكارًاً ومعانى لتخلِق فى مُجمل عباراتها موضوعاً يُعلِن فى الأصل عن رؤية الأديب . ويضم هذا النوع عدة ألون من الفن .كتابة القصة بنوعيها القصيرة والطويلة ( الرواية( والمقال والخُطب والرسالة وحديثاً البوست والهاش تاج والتويتة . وكذلك نَظْم الشعر بألوانهِ المتعددة العمودى والمُقفى والمُرسَل والحر والعامى والموال والموشح .
وهناك الصورة كوسيلة تعبيرية باستخدام الفرشاه وهو ما يُعرف بالرسم على الورق والقماش والجرافيتى على الحوائط ( الجِِدارية) والأخر بالتصوير وهو الفوتوغرافيا لإنتاج لوحات ابداعية تعبيرية ينقل بها الرسام والمصور إحساسه . ولقد برَع الإنسان القديم فى تقديم فن تعبيرى أخر ربما بقصد التخليد أو التعظيم الذى تَحَول فيما بعد لعبادة لفرط التقديس إما لأشخاص أو كائنات وهو النحت على الجدران وصناعة التماثيل . وتَغَيرالتوجه لهذا الفن فى العصر الحديث .
بقيت الفنون التشكيلية التى تجمع بين التعبير والتطبيق. ويُحسب على الفن التعبيرى أشكال وفرت لفنون أخرى الذيوع والإنتشار كالغناء بالنسبة للشعر والتمثيل الدرامى والفكاهى بالنسبة للقصة . أما الرقص فيضم تصنيفة الباليه والرقص الإيقاعى والشعبى وكُلها فنون تعبيرية .
ننتقل إلى الشق الآخر من الفن وهو الفن التطبيقى وهو الذى تكون بدايته فكرة فى رأس المبدع تقوده إلى البحث والدراسة والتجريب ثم الإنتاج . كالطبخ والتحنيط والعماره والصيد والتعليب والبيع والشراء والفلاحة والبناء وغيرها كثير .
وبعد أن استعرضنا ألوان الفنون وكان ذلك ضرورياً لموضوع المقال لندلف إلى الربط بين الفن والسياسة . ولكى نربط بينهما يجب أن نعرف أن السياسة تُعَرف اصطلاحاً بفن الممكن أو فن التعامل مع الأشياء والمواقف وإدارتها . وهو مايَعنى استخدام كل الوسائل المتاحة وغير المتاحة بالجلب أو الإستِدعاء سواء كانت مادية أو معنوية لتحقيق هدف أو الوصول لغاية ما. وينسحب ذلك على كل مناحى الحياة الشخصية والأُسرية والمجتمعية والدولية .
وللسياسة جناحين هما الناعم والخشن . أما السياسة الناعمة تتحقق باستخدام الفنون التعبيرية والخشنة تُستغل فيها الفنون التطبيقية. وفى كل الأحوال يمكن استخدام الجناحين لتحقيق الغرض كما فى السياسة الخارجية فى التعامل مع الدول إما لكسب الوُد أو التأييد وذلك بالناعمة أو لتحقيق المصالح المتبادلة بالخشنة المبنية على الأسس والقواعد والإتفاقيات والمعاهدات والصفقات . وفنون الحرب فى حالة الصدام والمواجهة مع العدو واستخدام الفنون الناعمة بتحفيز الجنود بالتحميس بالأغانى الوطنية والخطب لرفع المعنويات . وينسحب ذلك على كل الأمور والتى نطلق عليها السياسة الزراعية والتعليمية والسكانية والصحية وغيرها وكلها تخضع لكل ماقيل .
فالزراعة تحتاج إلى الإرشاد وهو ناعم والتشريع وهو خشن .
ومن كل ماسبق استعراضه نخْلُص إلى نتيجةٍ هامة وهى أن الفن بشقيهِ التعبيرى والتطبيقى وسيلة لتحقيق السياسة . وليس المفهوم الدارج بأن السياسة شأن سلطوى . فقد قال رسولنا الكريم ( كلكم راعٍ وكلكم مسئولٌ عن رعيته فالرجل فى بيتهِ راعٍ لأهله ومسئولٌ عن رعيته ) فإدارة شئون البيت سياسة وإدارة شئون المصنع أو المنشأة سياسة تستوى فى أهميتها مع إدارة شئون الدولة مع فارق المسئوليات ولكنها تندرج تحت( سياسة ) فالسياسة فن والفن سياسة مهما تعددت أشكالها وأساليب تحقيقها .
أعلى النموذج