النفط.. سعادة أم شقاء
عبد العزيز المحمد الذكير
هل يمكن أن نُطلق على ما قبل النفط في بلادنا السنوات العجاف؟ أم أن السنوات العجاف هي القادمة؟
لم تكن مدننا وقرانا تعاني من ندرة المواد الطبيعية ولم تكن تصطدم بالأزمات الاقتصادية التي تظهر عادة استجابة لندرة مادة أساسية.
لم نكن نسمع عن التضخم ولا عن ألاعيب شركات النفط العالمية ولم نعرف شيئاً اسمه "مرحلة ما بعد النفط".. "كانت الطاقة لدينا.. تستهلك حسبما تمليه الحاجة البشرية لاحسبما تمليه نسبة الاحتياطي العالمي.. أو المحافظة على السعر.. فلقد أدى استخدام النفط خلال الفترة الزمنية القصيرة الماضية إلى تغيير الاقتصاد العالمي والبنى الاجتماعية والسياسية وكذلك الأساليب الحياتية للإنسان بشكل أكبر بكثير جداً مما أدى إليه استخدام أية مادة أخرى في العالم. إلا أن المصادر النفطية العالمية محدودة، وان بداية الوصول إلى ذروة الإنتاج النفطي العالمي وكذلك هبوط المخزون النفطي العالمي غير القابل للتعويض أصبحت قريبة وواضحة للعيان.
الطاقة لدينا كانت غابات (الغضا) و(السُّمر) و(الارطا) يحتطب الناس بسواعدهم ويعرضونه في الأسواق.. ففي أي يوم نجد هذه "الطاقة" معروضة وليس فيها احتكار ولا وسطاء تسويق ولا أراجيف هبوط وارتفاع أسعار الصرف. فالطاقة لدينا كانت الرياح التي يرسلها الخالق تذرو الحبوب وتصفّي المحاصيل.. وهذه لا سلطة لل "أوبيك" عليها لأنها خارج نطاق الأوبيك".
الطاقة لدينا كانت قوة الحيوان وكان خياراً طبيعياً وهي طاقة لا تحتاج إلى الكثير من الصيانة وقطع الغيار ولا تسبب تلوثاً. كانت الشمس طاقتنا في التدفئة والتجفيف.. من هنا نقول هل كانت الحالة أسعد أم أشقى؟ وأميل إلى القول إن استخدام الشمس لإنتاج الطاقة لم يكن أمراً جديداً.. وليس النفط إلا طاقة شمسية محتجزة بشكل مكثف.. ولقد بدأوا في أمريكا بإعادة تصميم المنازل بحيث تستفيد من الشمس.. وتقول التقارير إنه لو تم تعميم ذلك فسيتوفر أكثر من 12 مليون برميل نفط يومياً، وإذا استخدمت وحدات التبريد والتدفئة التي تعمل بالطاقة الشمسية في المستشفيات والمدارس والفنادق والإسكان الحكومي فسيكون رقم التوفير أكبر من هذا.
ولكنني أيضاً أرى أن هذا الأمر لا يناسب شركات الطاقة. فهذه الشركات ترى أن المصادر البديلة "ثورة" عليها وعلى احتكاراتها. وطالما أن البترول يدر أرباحاً هائلة على تلك الشركات فإن الاستثمار في البدائل "يؤجل..؟".
تغيرت الدنيا.. فلم نعد نستطيع الحياة بدون طاقة النفط!!
حتى لو أصبنا بالحساسية من جراء التلوث!.