الموقع الثقافي والتربوي لـ سحر مقلد

موقع ثقافي وتربوي للمهتمين بمجال البحث العلمي

نموذج أبعاد التعلم لـ«مارزانو».. تعليم الطلاب عادات العقل المنتجة

 

عرف الفكر التربوي في السنوات الأخيرة تحولات تربوية مهمة، وانتقادات كبيرة لطرق تدريس العلوم التقليدية المتبعة في مراحل التعليم المختلفة (الابتدائي– الإعدادي – الثانوي)، ومن جملة هذه التحولات الاهتمام المتزايد بتنمية العادات العقليةHabits of Mind  للتلاميذ، حيث إنها من أهم صفات الفرد المثقف علميًا.

 

وتدعو أساليب التربية الحديثة إلى أن تكون العادات العقلية، هدفًا رئيسًا في جميع مراحل التعليم بداية من التعليم الابتدائي، حيث يرى مارزانو Marzano,2000 أن العادات العقلية الضعيفة تؤدي عادة إلى تعلم ضعيف بغض النظر عن مستوانا في المهارة أو القدرة. كما يشير كوستا Costa,2001 إلى أن إهمال استخدام عادات العقل يسبب الكثير من القصور في نتائج العملية التعليمية؛ فالعادات العقلية ليست امتلاك المعلومات بل هي معرفة كيفية العمل عليها واستخدامها أيضًا، فهي نمط من السلوكيات الذكية يقود المتعلم إلى إنتاج المعرفة، وليس استذكارها أو إعادة إنتاجها على نمط سابق 2003Perkins.

 

ولما كان الواقع التعليمي يؤكد أن التلاميذ يفتقرون إلى استخدام العادات في مختلف النشاطات التعليمية والعملية في مادة العلوم (إبراهيم الحارثى،2002)، إضافة إلى أنهم يحفظون المصطلحات والمفاهيم العلمية دون فهم أو استيعاب (مجدي رجب ،2000) (ليلى حسام الدين و حياة رمضان،2006) Marzano,2000؛ لذلك فقد أكد المخططون لمناهج التربية العلمية على تضمين العادات العقلية في مناهج العلوم.

 

ومن المناهج التي تبنت عادات العقل المنهج الوطني البريطاني حيث أكد على ضرورة تنمية العادات العقلية التالية:(حب الاستطلاع، واحترام الأدلة، وإدارة التسامح، والمثابرة، والانفتاح العقلي، والحس البيئي السليم، والتعاون مع الآخرين) (National Curriculum,2005).

 

  كما ظهر الاهتمام بالعادات العقلية من خلال عدد من المشاريع التربوية التي اعتمدت عادات العقل كأساس للتطوير التربوي، ومن هذه المشروعات مشروع الثقافة العلمية أو تعليم العلوم لكل الأمريكيين حتى العام 2061م. لمؤسسة التقدم العلمي الأمريكية(American Association for the Advancement of Science (AAAS), Project, 2061, 1993) حيث حدد المشروع عددًا من العادات العقلية التي يركز على تنميتها تعليم العلوم، ومنها (التكامل، والاجتهاد، وحب الاستطلاع، والانفتاح على الأفكار الجديدة، التشكك المبنى على المعرفة، ومهارات الاستجابة الناقدة، والتخيل، والعدالة...إلخ).

 

وفى مشروع باسم الملكة إليزابيث    Project Queen Elizabeth(Q.E, 2004) لتنمية العادات العقلية أكد المتخصصون على تنمية العادات العقلية التالية (التفكير المرن، والاستماع إلى الآخرين، والسعي للدقة، والإصرار (المثابرة)، والفضول والمتعة في حل المشكلات، ورؤية الموقف بطريقة غير تقليدية) من خلال مناهج العلوم.

 

ويشير كوستا وجرمستون (Costa & Gamstom,2001)  إلى أن تنمية العادات العقلية تتطلب من المعلمين استخدام أساليب تدريسية تساعد علي تجسيد الأفكار لاستيعابها، كما أنها ترتبط بمراحل النمو المعرفي؛ ولهذا يجب أن تكون الأنشطة التعليمية التي نسعى من خلالها لتطوير العادات العقلية مناسبة للمرحلة النمائية المعرفية للمتعلم.

 

 وبينما ترى لوري (Lowery,1999) أن أحد الأسباب الرئيسة لفشل التعليم الرسمي هو أن المربين يبدؤون بالأمور التجريدية عبر المواد المطبوعة وعبر اللغة اللفظية بدلًا من الأفعال المادية والسلوكيات، والاتجاهات نحو الأشياء الحقيقية كالعادات العقلية، و يضيف هاروت وكلير(Hart&Keller,2003) أن انخفاض القدرة على الاستيعاب المفاهيمي قد يعزى إلى العادات العقلية التي يتبعها التلاميذ، وتؤكد روتا (Rotta,2004) إلى أن تنمية العادات العقلية يساعد في تنظيم المخزون المعرفي للمتعلم، وإدارة أفكاره بفاعلية وتدريبه على تنظيم الموجودات بطريقة جديدة والنظر إلى الأشياء بطريقة غير مألوفة لتنظيم المعارف الموجودة لحل المشكلات؛ فقد يفيد تدريس العادات العقلية في تنمية الاستيعاب المفاهيمي في مادة العلوم لدى تلاميذ المرحلة الابتدائية.

 

وظهرت تصنيفات متعددة لأبعاد العادات العقلية فقد صنف مارزانو وزملاؤه (1998) مكونات البعد الخامس (العادات العقلية المنتجة) إلى ثلاث مجموعات، وهي: (التفكير والتعلم على تنظيم الذات – والتفكير الناقد – والتفكير والتعلم الإبداعي)، كما حدد كوستا و كاليك(2002) ست عشرة عادة عقلية قابلة للتعلم و التدريب ظهرت في كتاب عادات العقل سلسلة تنموية، إضافة إلى أنها كانت محط اهتمام وتركيز علماء النفس المعرفي، حيث ظهر ذلك من خلال الدراسات والبحوث التي قام بها عدد من الباحثين التربويين وولف و براندت Wolfe&Brandt,1999))، ودياموند وهوبسون(Diamond&Hopson,1999)، ولاورى Lowery,1999)) كما أن قائمة العادات العقلية التي حددها كوستا وكاليك أوضح في التصنيف من قائمة العادات في نموذج مارزانو فهي محددة التعريف وشبه متفق عليها (إبراهيم الحارثى ،2002).

 

ولما كانت قائمة العادات العقلية التي حددها كل من كوستا وكاليك هي تطوير لقائمة مارزانو؛ فقد وقع الاختيار على خمس من العادات العقلية التي جاءت متفقة مع قائمة العادات العقلية التي حددها كل من كوستا وكاليك الست عشرة لتكون مجالا لهذه الدراسة.

 

وقد أشار بعض الباحثين المهتمين بتنمية العادات العقلية مثل كامبوى (Campoy,1999)، وكوستا وكاليكCosta & Kallick,2002))، و(يوسف قطامي وأميمة عمور، 2005)، و(يوسف قطامي ،2007) إلى أساليب متنوعة لتنمية العادات العقلية من خلال مناهج التعليم، إلا أن الباحث يتبنى في هذه الدراسة «نموذج أبعاد التعلم Dimensions of Learning Model لمارزانو وزملاؤه حيث إن هذا النموذج  يستند إلى الفلسفة البنائية ويهتم بالتدريس كعملية استقصائية تهدف إلى فهم المتعلم لما يحدث حوله و التعامل معه، كما يؤكد على العادات العقلية.

 

 وقد أجرى دوجارى وآخرونDujarj et al,1994)) دراسة أكدت تأثير اثنين مِن' مكو'ناتِ نموذج أبعاد التعلم لمارزانو في تنمية الاستيعاب المفاهيمِى والإلمام بعملياتِ العِل'مِ في تدريس مقرر العلوم البيئية المؤهلة للجامعة، حيث وجدت فروق ذات دلالة عند مستوى (0.05) بين متوسطات درجات تلاميذ المجموعتين الضابطة و التجريبية لصالح المجموعة التجريبية في متغيرات الدراسة، كما أشارت (صفاء الأعسر، 1997) إلى أن تصميم نموذج مارزانو لإبعاد التعلم يتيح للمعلم إمكانية أن ينتقي من النموذج ما يناسبه فقد يرى الاكتفاء بالبعد الثالث الخاص بتعميق المعرفة وصقلها، أو البعد الرابع الخاص بالاستخدام ذي المعنى للمعرفة، وقد يرى الجمع بينهما، ويتوقف ذلك على ما يهدف إليه من استخدام النموذج ويتناسب مع طبيعة المناخ التعليمي.

 

ولما كان هناك إمكانية في التأكيد على استخدام أبعاد معينة دون أخرى في نموذج أبعاد التعلم لمارزانو؛ لذلك فقد رأى الباحث إمكانية استخدام نموذج أبعاد التعلم لمارزانو بصفة عامة مع التأكيد على البعدين الثالث والخامس بصفة خاصة لتنمية بعض عادات العقل.

 

مما سبق تتحدد مشكلة الدراسة في استقصاء فاعلية نموذج مارزانو لإبعاد التعلم في تنمية بعض العادات العقلية في مادة العلوم.

 

أولاً: نموذج أبعاد التعلم لمارزانو

 

  Dimensions of Learning Model

 

قدم «روبرت مارزانو وآخرون» نموذجًا تعليميًا نما في ضوء نتائج بحوث التعلم المعرفي  وأطلق عليـــه «نموذج أبعاد التعلم Dimensions of Learning Model» ويستطيع أن يستخدمه المعلمون في مرحلة رياض الأطفال حتى نهاية المرحلة الثانوية، والهدف النهائي للنموذج أن يصبح التلاميذ لديهم القدرة على تطوير أنفسهم على نحو يجعلهم قادرين على الاستمرار في التعلم خلال حياتهم.

 

ويشير مارزانو وكاندل ((Marzano& Kendal,1995 إلى أن التعلم يعد بمثابة نشاط مستمر يقوم به الفرد عندما يواجه مشكلة أو مهمة تمس، حياته فتولد لديه طاقة ذاتية تجعله مثابرًا في سبيل الوصول إلى حل هذه المشكلة وإنجاز تلك المهمة، وأن المتعلم يتوصل إلى المعارف و المعلومات من خلال بناء منظومة معرفية تنظم وتفسر خبراته من متغيرات العالم من حوله، وهذه المعرفة نفعية يستخدمها الفرد لتفسير ما يمر به من خبرات و مواقف حياتية.

 

وقد صنف (مارزانو و آخرون, 1999) أبعاد التعلم إلى خمسة أبعاد وهي :

 

البعد الأول: الاتجاهات والإدراكات الإيجابية نحو التعلم: Positive Attitudes and Perceptions Toward Learning

 

حيث يرى أن اتجاهات المتعلم وإدراكاته هي التي تكون كل خبرة من خبراته فبعض الاتجاهات تؤثر في التعلم بطريقة إيجابية والبعض الآخر يزيد من صعوبة التعلم، فقد وجدوا أن إدراك المتعلمين لقدراتهم على حل المسائل يعد عاملاً أوليًا وأساسيًا في أدائهم، وإذا أدرك التلاميذ أنهم ضعفاء في حل المسائل الرياضية فإن هذا الإدراك يتغلب على معظم العوامل الأخرى، بما في ذلك القدرات والمهارات الخاصة بالتعلم السابق(Silver & Marchal,1999).

 

  وقد حدد مارزانو و زملاؤه (Marzano ,et al,1997) عاملين أساسيين يجب مراعاتهما في تنمية الاتجاهات و الإدراكات الإيجابية نحو التعلم وهما:

 

· مناخ التعلم Learning Climate  يؤثر المناخ الصفي على التلاميذ بشكل كبير، فإذا أتيح للتلاميذ مناخ صفي جيد – بما يتضمنه من معلم وأقران وفصل دراسي – فسوف تتكون لديهم اتجاهات إيجابية نحو عملية التعلم في إطار هذا المناخ.

 

· المهام الصفية: Classroom Tasks تعد اتجاهات التلاميذ في المهام الصفية ذات أهمية في إنجاز المهام التي كلفوا بتحقيقها وإنجازها، فإذا ما توفر لدى التلميذ اتجاهات إيجابية نحو المهام الصفية فسوف يتم إنجازها بشكل جيد.

 

وقد حدد مارزانو Marzano,1995)) مجموعة من الأداءات التي يجب على المعلم مراعاتها في تدريسه لتنمية الاتجاهات و الإدراكات الإيجابية نحو التعلم وهي:

 

- استخدام أساليب تجعل المهام التدريسية ذات قيمة وضرورية للتلاميذ.

 

- التخطيط الجيد لمناخ ومهام التدريس لتكون في مستوى فهم التلاميذ و في مجال اهتماماتهم.

 

- تقديم نموذج للتلاميذ يوضح كيفية إنجاز مهمة تعليمية كاملة.

 

- تقديم تغذية راجعة إيجابية للتلاميذ.

 

- توفير المصادر والوقت والأجهزة والإرشادات الضرورية لإنجاز المهمة.

 

- إتاحة الفرصة للتلاميذ لإكمال المهام الصفية مفتوحة النهاية.

 

ويشير مارزانو إلى أن استخدام استراتيجية التعلم التعاوني يؤدي إلى زيادة التقبل والتفاهم بين التلاميذ بعضهم مع بعض وتقبل وجهات النظ

 

المصدر: د حسام مازن - كلية التربية بسوهاج
sahermaklad

الموقع الثقافي والتربوي لـسحر مقلد

  • Currently 20/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
6 تصويتات / 1760 مشاهدة
نشرت فى 20 يونيو 2011 بواسطة sahermaklad

ساحة النقاش

الموقع الثقافي والتربوي لسحر مقلد

sahermaklad
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

186,445