قصة قصيرة
**حبي الأول و الاخير**
أسدل الليل ستاره..حان موعد عودته إلى البيت..الكل بانتظاره،حتى مائدة الطعام.
يظنون أني لا اكترث لتأخره،لكني أنتظره بلهفة لأرتمي بين أحضانه.هو الرجل الوحيد الذي أحببته بصدق.لم و لن أحب غيره كما أحببته..و لم و لن أجد مثله،بطيبته و حنانه و رقته،بخوفه علي،بحبه لي.هو الوحيد الذي أحبني و هو مستعد للموت من أجلي..مستعد ليرتمي في المجهول ليسعدني..أين أجد حبا كهذا..رجلا فيه كل المواصفات الجميلة و الراقية..تسعده التضحية بالغالي و النفيس من أجل رؤية ابتسامة على وجهي.
طال ترقبي..دقات قلبي على وشك أن تتوقف..فليس من عادته أن يتأخر خارج البيت.هو ليس رجلا مستهترا يخالف مواعيده و يسهر خارج بيته..لا بد و أن مكروها حصل له.
الهاتف لم يرن..في الغالب هو في محنة ولم يستطع الاتصال..ربما وقع له حادث..أفكار سوداوية تدور في رأسي و تجول في خاطري..ما العمل..فليس بيدي حيلة..لا أستطيع فعل أي شيء سوى الانتظار..الانتظار القاتل..فأنا مكتوفة الأيدي و لا حول وﻻ قوة لي.
و أنا في تفكيري غارقة،رغم أن الجميع يفكر أني غير مبالية،إذ بجرس الباب يرن..مرة و اثنتين.
لماذا لا يفتح الباب و يدخل؟فهو صاحب المنزل و مالكه..لديه مفتاح ..يمكنه الولوج.لماذا لم تطأ قدماه بعد عتبة الباب؟
رن الجرس مرة أخرى..هذه الرنة أقوى و أطول من سابقتها..ما العمل؟
دون تفكير ،توجهت مسرعة نحو الباب.إنه هو..و أخيرا وصل..سيحضنني بين ذراعيه..سيقبلني كعادته..رجع حبيبي إلي..لقد عاد..لن يستطيع تركي..هو لي..نعم لي.
الحمد لله عاد من انتظرته الليل بطوله..يهون كل شيء في سبيل عناقه..تقبيله..اللهو معه..الجلوس فوق ركبتيه و ضمه إلى صدري.ضمة منه تساوي حنان العالم بأسره..الكون كله.لا شيء يضاهي الشعور الذي يحسه كل واحد منا تجاه الآخر.
وصلت عند الباب..القفل عال و لن أستطيع الوصول إليه..حملت كرسيا و حاولت فتحه.لم يكن حبيبي..إنه شخص آخر لا أعرفه..رجل يرتدي جلبابا برتقالي اللون أو هكذا خيل إلي..سألني من أكون..بكل عفوية وبراءة أجبته.طلب مني أن أنادي من بالداخل،ففعلت.تركته و وليت خائبة إلى غرفة الجلوس.
في الصباح الباكر سمعت بكاء و شهيقا..لا أعرف ماذا يجري..ما عساي أن أفعل..انا عاجزة حتى عن السؤال.
مرت ساعات النهار ببطء شديد..بدأ الناس يتهافتون على المنزل..العائلة كلها حاضرة..لا اعرف معظمهم،لكنهم هناك يحاولون مواستي.على ماذا؟..لا أعلم.
وأخيرا،يا الله..أخيرا،و بعد طول انتظار عاد إلي..نعم ..عاد حبيبي الغالي إلي..إنه بالغرفة و الكل يحوم حوله إلا أنا..منعوني من الدخول إليه..حالوا بيني و بينه رغم أنهم يعلمون بالحب الذي يجمع بيننا.فلا هو و لا أنا أقوى على فراقه..سأضيع بدونه..ليس لدي أحد غيره يحميني..يوصلني إلى بر الأمان.
ما هي سوى لحظات حتى سمحوا لي برأيته..كان هناك بانتظاري.. ضممته إلى صدري و قبلته.. أحسست بمشاعره باردة تجاهي..كيف ذلك ؟فليس له غيري و حبه لي ليس بمرتبة حبه لأخرى.
قلت ،ضممته إل و الكل ينظر إلينا و يرمقنا..ظنت أنه سيحضنني بعد غيابه..سيمنحني حنانه و يمرر يده على شعري البني الناعم كما يفعل كل مرة، لكن ،وكغير عادته ،لم يحرك ساكنا و كأنه نائم في سبات عميق..
لقد رحل و لن يعود.
بقلم /نرد أزرقان

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 111 مشاهدة
نشرت فى 8 يوليو 2015 بواسطة saherelliall44

عدد زيارات الموقع

33,022