saharyfolk (عبدالوهاب حنفى )

فولكلور سكان الصحارى المصرية

 

             رياح التغيير ... والتغير الثقافى فى الواحات المصرية

                                                      ( عبد الوهاب حنفى )

 

من اهم ما تتسم به الشخصية الواحية ،هو القابلية المفرطة فى الأخذ عن الوافد ، فقد فرضت العزلة التاريخية على تكوين هذه الشخصية عنصرا مهما فى كيانها ، يتمثل هذا العنصر فى ان الوافد ارقى وأكثر تقدما ، واعظم حكمة ، وهنا نود الاشارة الى ان هذه السمة هى سمة الاختلاف بين ثقافة الواحات وثقافة البدو ، فالثقافة الاخيرة تتسم بالذاتية المفرطة ، التى تنظر الى الآخر وتوسمه بالدونية ، وبالتالى فهى لاتأخذ منه الا بحذرشديد ، بعكس ثقافة الواحات المنفتحة على كل ما هو وافد ، لذلك كان للتيارات الثقافية الوافدة اثرا كبيرا عليها. وربما كانت هذه السمة المهمة فى الشخصية الواحية سببا مباشرا فى محاولة الكثيرين من اهل الواحات ارجاع نسبهم الى مناطق خارج الواحات ، سواء من وادى النيل ، او الجزيرة العربية ، او المغرب العربى ، وبرغم ان جانب كبير من هذه الادعاءات يمكن ان يكون لها نصيب من الصحة ، الا ان هذا لايمنع من مخالفة جزء كبيرمنها للحقيقة .

وتعود هذه الظاهرة فى مجملها الى عدم الاهتمام بما يسمى بعملية التنسيب ، بصورة متوارثة وموثقة ، وهذه واحدة اخرى من الفوارق الجذرية بين الثقافة الواحية من ناحية ، والثقافة البدوية من ناحية اخرى ، حيث يحرص البدو على الشجرة القبلية ، بصورة تاريخية موثقة ومتوارثة وواضحة بدرجة لايشوبها اى لبس ، ومراعاتها فى كل مناحى الحياة ،من حيث علاقات التزاوج ، والقضاء العرفى ....الخ

لذلك فأن غياب التنسيب الموثق لسكان الواحات، يعد من اهم المشكلات التى يواجهها من يتعرض لدراسة الأصول السكانية  ، والجانب الديموجرافى لهذه المجتمعات .

كان للتيارات الثقافية الوافدة للواحات اثرا ليس قليلا على مكون الثقافة الشعبية فى هذه المناطق ، على اختلاف ظروفها الجغرافية ، فنجد التأثير الواضح لثقافة الأمازيغ – من صحراء المغرب العربى – يظهر فى العديد من ا لسمات الثقافية لواحة سيوة وصل فيها الى حد اللغة الاولى للمواطن السيوى  ، بينما نجد بعض من عناصر الثقافة البدوية قد تزاوجت مع ثقافة الواحات فى البحرية ، اما فى باريس بالواحات الخارجة ففيها تأثر بثقافة الجنوب الافريقى ، حيث كانت محطة المعبر الحدودى لمصرالى افريقيا على طريق درب الأربعين ،

اما الواحات الداخلة ، فقد كانت بوتقة واسعة لاستقبال العديد من المؤثرات الثقافية ،

فلم تقتصر المؤثرات الوافدة لها على الجوار الجغرافى ، انما تخطت  حدودالجغرافيا الى  ميراث التاريخ .

واذا ما حاولنا تشخيص التيارات التى كانت لها التأثير المباشر ، وغير المباشر على عملية بناء وتكوين الشخصية ( الواحية ) بعامة ، والمرأة بصفة خاصة ، فاننا نستطيع تقسيمها – وفقا للبعد التاريخى – الى تيارات قديمة ، وأخرى حديثة :

                                                                                                                                                                  اولا :التيارات القديمة

 

كانت الواحات الداخلة هى عاصمة مجموعة الواحات المصرية كلها ، لتوسط موقعها على طريق السفر من افريقيا الى المغرب ، وقبل العصر الاسلامى ، كانت محطة السفر التى تربط بين المسيحيين الافارقة ، وبطريرك الكنيسة فى الاسكندرية ، لذلك كانت الواحات الداخلة مصدرا لأكبر خراج اقتصادى ، بحكم اتساع رقعتها الزراعية ، وتعداد قوتها البشرية ، وهى كذلك حتى الآن .

ومنذ العصور الفرعونية ، كانت قرية بلاط الحالية مقرا لحاكم الواحات ، ثم تحول المقر الى مدينة موط ، ثم الى قرية القصر .

ومثلما كانت الواحات الداخلة عاصمة لمملكة الواحات – كما يقول ابن حوقل - فى العصور قبل الاسلامية ، فقد ظلت ايضا عاصمة بعد دخول الاسلام ، وقد كانت مقرا لآل عبدون الذين كانو ا يحكمون الواحات آنذاك ، وهناك العديد من الوثائق التى تؤرخ لقرية القلمون بالداخلة ، التى كانت عاصمة ومقرا لقاضى الشرع الشريف لأقليم الواحات وجرجا ، وقد ظل هذا الوضع قائما حتى نهاية عصر محمد على .

ومع وصول حاكم الواحات الذى كان يدعى طنبور التركى بأسرته الى القلمون ، تخلقت اول ثقافة طبقية فى الواحات ، فيما عرف بطبقة الملاك  ، وطبقة الفلاحين ، والطبقة التر كية كان يطلق عليها  لقب السيهات ، حيث كان يسبق الأسم لقب سى ،ومن الطبيعى انه لم تقم علاقات زواج فيما بين الطبقتين ،ومن اشهرعادات نساء الطبقة العليا التركية الأصل ،هو عدم الخروج من المنازل الا ليلا، بعكس نساء طبقة الفلاحين الذين كانوا يخرجون نهارا ،  ويعاونون الرجل فى العمل الزراعى ،  وحتى الآن تعيش هناك سلالات لعدد من العائلات التركية فى قرية القلمون .

                              ثانيا :التيارات الثقافية  الحديثة

   اولا:  هيئة تعمير الصحارى

         فى عام  1961 كانت  بداية وصول  اولى قوافل  التعمير  الى الواحات الداخلة والخارجة ، فى مرحلة تاريخية شهدت انقلابا حضاريا  وثقافيا واقتصاديا فى كلتا  المنطقتين  ،  الخارجة  والداخلة ، وان كانت  الاولى اقل تأثرا  من الثانية ، بسبب موقعها القريب – نسبيا – الى الصعيد الأوسط ، بالأضافة الى كونها العاصمة الادارية للمحافظة ، التى تستقطب – بالضرورة – عناصر بشرية لازمة للحكم والادارة .

 فقد كانت الواحات الخارجة كانت –قبل وصول قوافل التعمير- عاصمةادارية لمحافظة الصحراء الجنوبية ، منذعام 1922، والتى تغير اسمها ليكون محافظة الوادى الجديداعتبارا من عام 1961 ، وبذلك كانت الواحات الخارجة اكثر الواحات المصرية تعرضا للتيارات الثقافية الوافدة ، فمنذ العصو الوسطى وحتى العصر الحديث ، شهدت الخارجة واستقبلت تيارات ثقافية مختلفة المصادر ، منها لكونها محطا ومعبرا وبوابة لمصرعلى طريق درب الأربعين  ا لذى ظل طريقا للربط الحضارى والتجارى بين مصر وشمال افريقية من جهة ، والأمم الأفريقية فى الجنوب من جهة أخرى ، ومن اهم ما يمكن الأشارة اليه من عناصر كانت شديدة التأثيرالثقافى على منطقة الخارجة ، هى تجارة الرقيق الوافدة من افريقية عبر درب الأربعين ، حيث كان بعض تجار هذه السلعة يبادلون اهل الواحات الخارجة عدد من الرقيق ، مقابل تزويدهم بالمؤن اللازمة للمسافرين ، والأعلاف لقوافل الابل ،

وقد كان لهذه الظاهرة اثرا كبيرا – على المدى القريب والبعيد – على التركيبة السكانية ، خاصة فى منطقة باريس والخارجة .

كذلك ، ومنذ ان تحولت القيادة فى محافظة الصحراء الجنوبية لتكون تحت ادارة سلاح الحدود ، الذى كان يحكم – ايضا – محافظات سيناء ، واسوان ، والصحراءالغربية ( مطروح- واحة سيوة - الواحات البحرية – واحة الفرافرة ) وقد تبع ذلك انتقال اعداد هائلة من عسكر وهجانة الحدود من خاصة من سيناء واسوان الى الواحات الخارجة بصورة مكثفة ، واقل منها الى الداخلة . وقد كانت هذه الهجرة (  الرسمية ) عاملا مهما فى التأثير الثقافى الوافد على الواحات الخارجة تحديدا ،

ايضا ، فقد كان لقرب الواحات الخارجة من بلدان وادى النيل – وهى اقرب الواحات المصرية الى خط النهر – سببا مباشرا فى استقبال حركة التجارة من والى منطقة الصعيد ، وبالتالى كان طبيعيا ان يستقر عدد كبير من تجار الصعيد فى الواحات الخارجة بأسرهم واقاربهم ، فقد كانت بلاد الصعيد الأوسط – آنذاك – مناطق طاردة ، بعكس مناطق الواحات التى كانت وقتها بكرا ،تقبل ، بل تشجع على الوفادة البشرية ، خاصة فى تلك النشاطات التى لم تدخل قبلا فى ثقافة السكان المحليين ،  

 

 تلك الهجرة التى ما لبثت حتى تحولت الى استقرار ،وذوبان اجتماعى لكل هذه الفئات الوافدة .

لذلك ، فالواحات الخارجة كانت قد اتخذت تكوينا سكانيا خليطا مستقرا ، لايحمل من الخصوصية الثقافية التى تتسم بها الواحات عموما ،تلك الخصوصية التى طالما حافظت عليها العزلة التاريخية والجغرافيةايضا .

لكل هذه الأسباب كانت الواحات الخارجة اقل الواحات تأثرا من الناحية السكانية والثقافية ، عند وصول قوافل التعمير ( الحكومى ) اليها عام 1961 .

 

لكن الأمركان  مختلفا فى الواحات الداخلة ، التى تبعد عن الواحات الخارجة بمسافة مائتى كيلو متر فى اتجاه الغرب ، والتى عاشت فى خصوصية ثقافية لعهود طويلة ، بسبب عزلتها الجغرافية عن مناطق الاحتكاك الثقافى الأخرى .

وواقع الأمر ، انه يمكن القول بأن الواحات الداخلة كانت هى الأكثر اغراء وجاذبية لقوافل التعميرالجديدة الوافدة لعدة أسباب ، منها :

1- أن الواحات الداخلة هى أكبر الواحات المصرية من حيث حجم المخزون الجوفى لمياه الآبار ، وهو ما يشكل عاملا مساعدا مهما فى انجاز خطط التنمية الزراعية ، التى تستهدفها قوافل التعمير بصفة أساسية .

 

2- ان السكان بالداخلة يتميزون بثقافة زراعية فائقة ،قلما تتوافر فى كل الواحات الأخرى .

 

3- أن التعداد السكانى بالداخلة هوالأعلى ، مما يساعد ويضمن توفير الأيدى العاملة الزراعية المدربة ، التى تتطلبها التنمية الزراعية .

 

4- أن المعمور البشرى فى الداخلة، موزع على مسافات متباعدة جغرافيا ، مما يضمن التواجد البشرى المسبق ، فى خطة التوسع الزراعى ،  وهوما يوفر على الخطة الانفاق على خلق مجتمعات فى مناطق مستحدثة ، وما يتطلبه ذلك من تكاليف البنية الأساسية لمثل هذه المستعمرات الجديدة ،ويكفى – للتدليل على ذلك – ان نذكر أن قرية بلاط وحدها كانت تضم _ عند وصول التعمير الحكومى – عدد58 تابعا ،يضم كل واحد منها عدد من العائلات التى تمارس العمل الزراعى على مياه العيون القديمة والسواقى ، وسط مساحات شاسعة من الأراضى القابلة للزراعة ، ما أغرى صاحب القرار التنموى ،باتخاذ هذه ( التوابع ) نقطة الانطلاق والتوسع ، وهو ما لم يتوفر فى الواحات الأخرى

استطاعت ( هيئة تعمير الصحارى ) وهو الجهاز الرسمى الذى انيطت به مهام تعمير الوادى الجديد ،ان تحدث انقلابا جذريا فى  منطقة الواحات الداخلة ، على المستويات الأقتصادية ، والاجتماعية ، والثقافية  ، لذلك كانت بحق ، هى اهم واكبر المؤثرات الثقافية الوافدة الحديثة فى الداخلة . ولعل اللافت للنظر ، هو ان هذا التغير – او التغيير – الانقلابى ، جاء فى مدة زمنية شديدة القصر ، اذا ما قورنت بآثارها التى خلفتها  بعد رحيلها ، اذ لم يصل عمر هذه الهيئة العمرانية الى أكثر من تسع سنوات فقط ، وهو زمن لا يمكن له ان يحدث مثل هذه التغييرات فى اى مجتمع آخر ، ولكن قدرة الواحات الفائقة على تقبل اية عناصر وافدة ، كانت هى المبرر الأوحد لهذه النتائج التى حدثت على أرض الواقع .

لهذا فاننا يجب ان نعرض لبعض مما سلكته هذه الهيئة العمرانية الجديدة ، فى هذا المجتمع الواحى المعزول منذ زمن ليس بالقصير ، خلال مدة بالغة القصر !!!

اولا : كانت رحلة السفر من الواحات الداخلة الى الواحات الخارجة ( اقل من مائتى كم ) تقطعها سيارات نقل الركاب الى جانب البضائع – مع الأبقار أحيانا – فى مدة تتراوح بين 24 الى 36 ساعة ، وتستكمل الى القاهرة فى ثلاثة أيام أخرى !!

فقد كان درب الغبارى القديم ، هو الطريق غير الممهد والذى كثيرا ما كانت تغوص عجلات العربات فى رماله فى بعض المسافات ،وتتخطى الجبال والهضاب صعودا وهبوطا فى مسافات أخرى ،  مما كان يجعل من الانتقال بين الداخلة و ا لخارجة  ، ضربا من المغامرة !! وقد كان بوم الثلاثاء اسبوعيا هو فقط اليوم المحدد للسفر ، 

كانت أهمية هذه الرحلة اشد ما تبدو ، فى سفر طلاب المدرسة الثانوية الى الخارجة ، حيث لم يكن هناك بالداخلة سوى المستوى التعليمى الأعدادى ( حتى عام 1962) 

وبالتالى فلم يكن من المتاح لهؤلاء من صغار التلاميذ ، الا ان يكتفوا بزيارة اهليهم فى الداخلة- فقط - فى أجازة نصف العام ، على الأكثر !!

وعلى درب الغبارى  هذا كانت هناك العديد من العلامات التاريخية والمعتقدية ، خاصة ان هذا الدرب كان هو طريق السفر من وادى النيل الى المغرب العربى،والعودة ، وبالتالى فقد كان بالنسبة للمغاربة هو طريق الحج والتجارة ، عبر الواحات ، ثم قوص بالصعيد الأوسط ، ومنها الى ميناء عيذاب على البحر الأحمرثم الى الأراضى الحجازية ، وهناك العديد من الأحداث والروايات التاريخية التى ارتبطت بهذا الدرب ،   منها على سبيل الأمثلة :

منطقة المغربى والتى تبعد عن الداخلة بمسافة120كم الى الشرق ، وقيل انها كانت تضم ضريحا لأحد المشايخ المغاربة ، وقد توفى فى هذا المكان ،وهو فى طريق عودته من الحج عائدا الى بلده فى المغرب ، فدفن فى هذا المكان ، وصار الموقع مزارا للمسافرين ، ومحطة للراحة الجسدية ( والنفسية ايضا ) ومكانا لتناول الوجية التى يطلق عليها اهل الداخلة ( أكل السكة )

ومما زاد من قوة هذا المعتقد الشعبى لدى اهل الداخلة ، حول قداسة هذا الشيخ صاحب الضريح ( المغربى ) هى تلك الواقعة الحقيقية ( تاريخيا ) والتى ننقلها عن اللواء رفعت الجوهرى ، مؤرخ سلاح الحدود ، فى سرده لأحداث الغزو السنوسى للداخلة ، حيث يقول :

 ( فى يوم 10 من مايو سنة 1916 قامت قوة من الأستراليين ،يبلغ عددها عشرين ، ومعها مستر اومسترنج ، والشيخ محمد سعيد بقصد اكتشاف طريق الداخلة ، وقد وصلوا الى ( المغربى ) وهى نقطة فى الجبل تقع فى ثلث طريق الصحراء ما بين الخارجة والداخلة ، وهناك تقابلوا مع طيارتين كانتا تكتشفان جيوش السنوسية بالداخلة ، وقد اطلقتا القنابل على موط وهى عاصمة مركز الواحات الداخلة ، والراشدة ، وعادت دورية الكشافة بالطريق ما بين اسيوط والخارجة ، فقام الشيخ محمد سعيد ومعه كل ما يلزم لأحضار حطام الطائرتين على ا لعربات ، وفعلا عاد بأجزائها يوم 2 من يونية ، ولم يصب ركابها بضرر .

وفى شهر يونية ، سقطت طيارة ما بين الداخلة والخارجة ، فقامت للبحث عنها قوة من ا لجيش البريطانى ، يرافقها الشيخ محمد سعيد ، وقد وجدت بجوار( المغربى )  وهى نقطة ما بين الخارجة والداخلة ، الا انه وجد راكباها قتيلين ، احدهما قتل نفسه ،والأخر قتلته الحادثة ، وقد دفنا هناك ، وعادت القوة البريطانية بالطيارة المكسورة يوم 26 من يونية سنة 1916 ، وقد استحضرت هاتين الجثتين فى سنة 1921 وارسلتا الى المنيا ، لدفنهما فى مقبرة الجيوش هناك )

هذا مايرويه – نصا – اللواء رفعت الجوهرى ، من واقع السجلات اليومية لسلاح الحدود .

ولعل حوادث الطائرات البريطانية ، وسقوطها فى منطقة ( المغربى ) تحديدا ، بعد قصفها لسكان الواحات الداخلة ، يكون مبررا قويا لأن يعتقد الجميع فى (  بركة ) وقداسة هذا الشيخ المغربى ،،،

 

 

يمر درب الغبارى أيضا على منطقة ( الغراب ) وهى قبل الوصول الى واحة الخارجة بمسافة 30 كم ، وكان المسافر على هذا الطريق يستطيع ان يرى بقايا خط سكة حديدية فى منطقة الغراب هذه .

ومنطقة الغراب لها – ايضا - قصة تاريخية ، تعود الى شهر اكتوبر من عام 1916 اثناء محاولة الاحتلال السنوسى الليبى للواحات الداخلة ، وتحرك القوات المصرية مع القوات الأنجليزية عبر الواحات الخارجة ، متجهة الى الداخلة لتحريرها من الغزاة ،وبهدف نقل القوات العسكرية الى منطقة المعركة ، شرعت فى انشاء خط للسكة الحديدية ، حتى وصل هذا الخط الى منطقة الغراب ، حينئذ علم الغزاة بقدوم جنود مصر وبريطانيا ، ففروا هاربين منسحبين شمالا الى الفرافرة ثم الى الواحات البحرية ، واسم الغراب هذا يعود الى ( غراب ) المياه ، الذى يقوم بتزويد القطار بالمياه اللازمة من خلال البئر التى تم حفرها فى ذ ات الموقع . 

 

كان درب الغبارى هذا ، هو النافذة الوحيدة التى يمكن ان يطل منها أبناء الداخلة على اقرب مناطق العمران فى مصر ،  وقد شكلت صعوبة السفر خلال هذا الدرب أولى صور العزلة الثقافية ، تلك العزلة التى دامت حتى وصول هيئة تعمير الصحارى .

وخلال اقل من عام ، قامت هيئة التعمير برصف هذا الطريق ، فى نفس مسار درب الغبارى ، ذلك الأسم الذى لم يعد يعرفه احد الا من خلال الخرائط القديمة ، حتى النقاط والمحطات التى كانت شهيرة فيما مضى ، اضحت فى طى النسيان ، رغم ارتباطاتها الوثيقة بتاريخ المنطقة، الذى يحمل أحداثا لم يمض عليها الا ما يقارب 90 عاما فقط ، فقد اصبح المسافر يقطع المسافة من الداخلة الى القاهرة فى حوالى عشر ساعات فقط ،،،وبالتالى فقد ذاب العديد من العناصر الثقافية المميزة للسكان ،مع سهولة ويسر الأتصال بوادى النيل بكل ربوعه ، وثقافاته المختلفة .

 

لذلك كانت عملية رصف  طريق الداخلة ، الخارجة /  درب الغبارى  سابقا ، خلال هذه المدة الوجيزة ، تعد فاصلا ثقافيا حاسما  ،أنهى العزلة التاريخية الضاربة فى القدم، وبرغم ذلك ، فأنه لم يصب الخصوصية الثقافية بكل مكوناتها المحلية ، ولكنه ، وبشكل مؤكد ، استطاع أن يدهس ( السيرة الذاتية ) لدرب الغبارى ، بما تحمله من قصص وحكايات الشيخ المغربى وكراماته ، التى تبخرت سريعا ، مع دخان المركبات التى تتسابق على اسفلت الطريق الجديد .

 

ثانيا :  استخدمت هيئة التعمير الحفارات العملاقة  فى حفر الآبار الجوفية ، من تلك النوعية التى  تستخدم فى حفر آبار البترول ، والتى كان يطلق عليها اسم ( بريمة ) وبعد أن كان الأهالى يحفرون آبارهم بآ لة ( الدولاب ) التى تستغرق قرابة خمس سنوات لحفر بئر واحدة ، اصبح الأمر لا يستغرق أكثر من اسبوع واحد ، اضافة الى أن تكاليف الحفر – فى عصر هيئة التعمير – كانت تتحملها الحكومة كاملة ، دون تحمل الأهالى لأية أعباء مالية .

وبذلك تسببت هيئة التعمير فى توقف الأهالى عن حفر الآبار بالطريقة التقليدية ، وان كان هذا التوقف ظل مؤقتا ، الى أن عاد الدولاب البلدى مرة أخرى بعد انسحاب الحكومة من توليها مسئولية التعمير ، وقد عاد الدولاب مطورا بصورة نسبية  ، ولكن لم تعد معه الأغانى التى كان الرجال ينشدون بها أثناء  العمل فى الحفر ،  وهو ما نتناوله تفصيلا ، خلال الفصل الخاص بالعادات المرتبطة بحفر الآبار فى الواحات الداخلة .

 

ثالثا :  كما ذكرنا ،  فقد كان ضمن المغريات التى جعلت هيئة التعمير تتجه بثقلها نحو الواحات الداخلة بصورة اكثر تركيزا ، عما عداها من واحات أخرى ، كان وفرة العمالة الزراعية المدربة والماهرة ،خاصة وأن حرفة الزراعة هى مكون ثقافى بالدرجة الأولى .

،وفى ذلك نذكر التجربة التى حاولت هيئة التعمير تنفيذها ، فى بداية عهدها بالعمل فى المنطقة ، حين قامت – لتنفيذ خطة غير مدروسة للحكومة تهدف الى توطين البدو – بتمليك أراضى زراعية ومساكن لمجموعة من البدو ( من قبائل اولاد على ) ممن كانوا يترددون على شمال الواحات الداخلة ، يعيشون على سلب ونهب محاصيل الفلاحين ، ولم تشهد هذه المحاولة الا الفشل الذريع ، بسبب ما نؤكد عليه دوما ، وهو ان الزراعة ثقافة ، وثقافة البدوى لا تتفق مطلقا مع هذا الشاط المستقر . بل أن علاقة البدوى بالفلاح تصل فى تاريخها الى حد العداء .

وقبل قدوم هيئة التعمير الى المنطقة ، كان فلاح الواحات الداخلة يتسم بدرجة عالية من الخبرة والنشاط والمثابرة ، والدليل على ذلك هو هذا الكم الهائل من الانتاج الحيوانى الذى يتم تصديره الى الواحات الخارجة ، والواحات البحرية ، والفرافرة ، وبعض مدن اسيوط ، منها مايتم تصديره بطرق شرعية ، ومنها بطرق التهريب ، بسبب انخفاض السعر المحلى  ، مع توافر الانتاج .

وقد كان العمل الزراعى ، هو النشاط السائد تماما دون غيره ، وكان نظام  الأسرة الممتدة ، هو النمط الاجتماعى الغالب للسكان ( والأسرة الممتدة هو نظام اجتماعى يسمح بزواج الأبناء فى منزل أبيهم  ) وبالتالى يكون الأب الكبير دائما هو ولى الأسرة ، بمن فيهم من الأبناء الرجال المتزوجين وابنائهم ايضا ، وكانوا جميعهم يعملون فى زراعة أراضى وآبار الأسرة ، مهما كان حجمها ، كبيرا ، ام محدودا ،

 لهذه الاسباب وغيرها ، سعت هيئة التعمير الى فلاحى الداخلة لجذبهم للعمل بها ،

متبعة اسلوب ونظام الأجر باليومية ، واذكر ان هيئة التعمير كانت تعطى أجرا يوميا للعامل قدره عشرون قرشا ، بما يوازى ستة جنيهات شهريا .

ولما كانت الزراعة فى المنطقة ليست بذات العائد المادى الذى يغرى بالتمسك بها كنشاط منفرد ، فقد سعى كل رب أسرة ( ممتدة ) الى تشغيل معظم الأبناء من الرجال فى هذا العمل ( الحكومى ) الجديد ، الذى يدر دخلا نقديا سائلا بصفة شهرية – خاصة وأن الانتاج الزراعى آنذاك كان للاستهلاك المنزلى وليس للبيع – اما وقد اصبح فى الآمكان الحصول على رواتب شهرية ،بأقل الجهد ، فلما لا ؟؟؟

خاصة اذا كان ما يقومون به من عمل ، يدخل فى دائرة العمل الشكلى والصورى ، شأنه فى ذلك شأن معظم العمل الحكومى ، بمفهومه التقليدى فى مصر عموما .

وهنا نستطيع ان نسجل مدى التأثير الاجتماعى والثقافى لهذه الظاهرة التى تسيدت مجتمع الواحات الداخلة ، خلال فترة تواجد مؤسسة التعمير ، والى ما بعدها ايضا ، وهوما يتجلى فى بعض الصور التالية :

 

1-  مع اتجاه معظم الأيدى العاملة فى العمل الزراعى ، الى العمل الحكومى ، اهملت الزراعة المحلية التقليدية بمحاصيلها التى كانت تغذى المجتمع المحلى بالأكتفاء الذاتى ، واتجه ( الفلاحون ) الى شراء معظم طعامهم !!

 

2- مع الآعتماد على هيئة التعمير فى حفر الآبار التى تغذى زراعات الأهالى ، وعدم تمكنها من تلبية كل احتياجات المياه فى المنطقة ، فقد جفت معظم الأراضى ، والعيون القديمة ، دون استعواض لها ، مع ترك الأهالى للعمل الجماعى فى حفر الآبار بالطرق التقليدية القديمة ، نظرا لما تتطلبه من قوى بشرية متفرغة ، وجهد لا يقدر عليه من اعتادوا العمل الحكومى .

 

3- أهملت هيئة التعمير بصورة تامة ، زراعات النخيل ، فلم يكن انتاج البلح ضمن أجندتها ،حيث اقتصرت خطتها – فقط – على محاصيل الغلال بغرض التصدير الى العاصمة ، وذلك بهدف سرعة عرض انجازات الهيئة على مسئولى الحكومة ، ولما كان النخيل من الأشجار التى لاتثمر الا بعد مرور خمس سنوات على الأقل ،اذن فهو من المحاصيل ذات النفس الطويل ، التى لا تسعف بعرض النتائج العاجلة ، وقد كان فى ذلك تجاهل تام لعنصر ثقافى مهم للغاية ، فى ايكولوجيا الحياة فى الواحات ، التى ظلت لقرون عديدة تعتمد فى كل مناحى حياتها على النخلة ،بكل مكوناتها ، وليس بلحها فقط .

ولأن البلح يشكل أهمية خاصة وهو العنصر الثقافى الأهم فى حياة الواحات ، عادت رعايته من جديد ، بصورة تفوق الماضى ، حتى قبل بدء التعمير ، وقد كان الدافع الى هذا البعث الجديد ، هوتلك المصانع العديدة التى تتولى تعبئة وتغليف ثمار البلح ، بهدف تسويقه وتصديره ، وبالتالى فقد اضحى هذا المحصول نشاطا اقتصاديا بالغ القيمة ، ما جعل زراعة اشجار النخيل ورعايتها المستمرة ، تأخذ مكان الصدارة بين الآنشطة الزراعية الأخرى دون منازع .

ولعل ذلك ما يعد مؤشرا مهما فى خصوصية الثقافة الزراعية فى المنطقة ، التى تتمثل فى اهتمام شباب الفلاحين بهذ المحصول المحلى الذهبى . 

 

4-  من تجليات الدخول النقدية الشهرية فى صورة رواتب ، ظهور المقاهى التى تعج بالرجال والشباب ، ممن كانوا – فيما مضى – يقضون يومهم كاملا من قبل الشروق الى ما بعد غروب الشمس فى حقولهم ، بصفة يومية ، خاصة والحقول تبعد عن المساكن بمسافات بعيدة ، حتى انك حينما كنت تصادف رجلا فى شوارع الواحة فى غير يوم الجمعة ، فأن عليك ان تسأله عن صحته ، فمن لا يسرح الى الغيط فى يومه ، لابد وأن يكون مريضا !!!

لذلك عجت المقاهى بكل هؤلاء ، وقد تبدلت ملابسهم الى الأحدث والوافد من الأزياء   ، واجتمع الشباب من ابناء البلد ، بالوافدين من أبناء وادى النيل العاملين فى هيئة التعمير ، وتكونت بينهم علاقات ، فى العمل ، والمقاهى ، والمنازل أيضا .

وقد كان لذلك الأثر الثقافى الهائل على الشخصية المحلية ، خاصة ان معظم هؤلاء الوافدين لم يعودوا الى بلادهم ، بعد زوال مؤسسة التعمير، لتفضيلهم الحياة فى الواحات .

كانت خطورة هذا العنصر فى منظومة التغير الثقافى الذى احدثته هيئة التعمير، يكمن فى تحويل العاملين الزراعيين بها من عمالة مؤقتة باليومية ، الى عمالة دائمة

( مثبتة ) مع نقلهم الى قوة العمل الحكومى فى مجلس المدينة  ( الادارة المحلية )  وقد جاء هذا الأجراء بمثابة الرشوة ، مقابل السكوت عن الانسحاب المفاجئ لهيئة التعمير من المنطقة ، وما كان يمكن ان يحدثه ذلك الهروب من آثار اجتماعية واقتصادية فقط ، اما الخلل الثقافى الذى خلفته هذه الهيئة ، فلم يلق اية اهتمامات ، او دراسات تذكر ، بل لعلنا  نستطيع ان ندعى اننا اول من يتعرض لهذا الأمر ، وذلك لما يمثله من اهمية بالغة ،خاصة عند التعرض لدراسة التاريخ الثقافى لمنطقةالواحات الداخلة ، بمنهج علمى وميدانى وتاريخى أيضا  !!!

ولكن ، لعل العزاء فى تلك الآثار المترسبة جراء هذه المرحلة ، وانسحاب التعمير الحكومى  ،الذى لم يدم عمره لأكثرمن تسع سنوات ، مع ثبات التقافة الزراعية الأصيلة فى تكوين الشخصية المحلية ، عاد الناس من جديد الى العمل الزراعى ، ليكون هو النشاط السائد والأساسى ، ولكن فى صورة مطورة .

فبعد ركوب الدواب للحقول ، صارت الدواب تجر عربات الكارو التى تحمل الفلاح وزوجته وابناءه الى حقولهم – محملة بالمحاصيل والأعلاف فى رحلة العودة .

أيضا ، لم يكتف الفلاحون ( الموظفون )  برواتبهم ، فسعوا الى النشاط الزراعى    ( بعد الظهر ) ولكن على دراجة بخارية او سيارة ، خاصة وقد اصبح لكل المناطق الزراعية طرقا ممهدة .

ثانيا : تهجير نكسة 1967

  مع هزيمة 1967 التى لحقت بمصر ، وما تبعها من تهجير لسكان مدن قناة السويس ، فقد كان للواحات الداخلة النصيب الأكبر فى عدد المهجرين ، خاصة وان نسبة كبيرة منهم كانوا ينتمون فى الأصل اليها، وقد كان اغلبهم يعيش ويعمل فى منطقة الجناين بمحافظة السويس ، وكان انتمائهم الاصولى للواحات الداخلة سببا فى سرعة انصهارهم اجتماعيا ، لذلك لم تكن فترة التهجير مؤقتة ، كما كان مقدرا لها ،وبقى منهم العدد الأكبر مستمرا فى الواحات الداخلة تحت المغريات الاقتصادية الفارقة .

كان من الآثار الثقافية لهؤلاء المهجرين فى الجانب الاقتصادى ، تلك الثقافة الزراعية الجديدة التى تمثلت فى ادخال خضراوات تزرع لاول مرة فى الواحات الداخلة ، مثل الكرنب ، والبقدونس ، والخص

وما يهمنا اكثر من غيره فى عناصر التأثر ، هو استحداث احد العناصر الجديدة فى احتفالية الزواج ، هو عنصر احتفالية الحنة .

وكما ذكرنا ، فقد انصهر المهجرون اجتماعيا ، فكانت بناتهم فى بؤرة اهتمام الراغبين فى الزواج من ابناء الواحات ،

كانت الحنة فى احتفالية الزواج فى الواحات الداخلة طقسا لايتم فى احتفالية ، ولكنه كان مجرد ممارسة تتم فى الخفاء ، بل ان الحناء فى يد العريس كانت كثيرا ما تثير السخرية من الاصدقاء الشباب .

مع تعدد زيجات فتيات مهجرى السويس ، وممارستهم لطقس احتفالية الحنة ، تغلغلت تفاصيل هذا العنصر فى الثقافة الشعبية المحلية فى الواحات الداخلة ، حتى ان هذه الاحتفالية كانت تسمى - لفترة قريبة - بأسم الحنة السويسى ، نسبة الى مصدرها الدخيل

 

 ثالثا : الحملة السنوسية على الواحات                              

 

أغلب الظن ، ان التيار الثقافى  الذى وفد على الواحات فى صورة الغزو السنوسى فى منتصف القرن التاسع عشر ، كان له الأثر الكبير على المناطق التى استقر فيها لمدة اطول مما عداها من الواحات ، فالثابت ان هذا الغزو قد  استقر اولا فى سيوة ، لمدة تزيد على المائة عام ، وما تبعه ذلك من سيادة المذهب السنوسى حتى الآن فى سيوة الى جانب الطريقة المدنية الشاذلية .

ايضا ، استقر السنوسيون ردحا طويلا من الزمن يصل الى اكثر من ثلاثين عاما ، فى الواحات البحرية ، ولازالت زواياهم الدينية قائمة ، بل لازالت هناك مساحات من اراضى النخيل ، شمال الباويطى ، لازالت مخصصة كأوقاف ، ينفق ايرادها على جامع السنوسيه وخدامه الكثيرون .

لذلك فانه من المهم والمنطقى ، ان نربط بين وضع المرأة فى واحة سيوة والواحات البحرية فى الوقت الحالى بهذه المؤثرات الثقافية الوافدة ، او الغازية على وجه التحديد ، خاصة وان تاريخ المرأة فى هذه المناطق كان يذخر بالعديد من مزاولة الحرف التقليدية خاصة من تلك التى تقوم على منتجات النخيل ، والتى اختفت تماما فى العصر الحالى ،كنتاج طبيعى لاحتجاب المرأة عن الحياة اليومية فى مجتمعاتها .

ولغياب ذات السبب ، ونقصد تأثير التيار السنوسى ، عن منطقة الواحات الداخلة والتى عاون سكانها القوات المصرية فى طرد الغزاه فى قرابة ستة اشهر لاتزيد .  وقد حدث ذلك عام 1916

لذلك ، فقد ظلت المرأة فى الواحات الداخلة بعيدة عن تيارات التغير ، وبالتالى ظلت على حالها من التميز الثقافى ، المحافظ على الخصوصية ، حتى الآن .

للمزيد راجع موقعنا ( عيون المشربية ) على العنوان التالى 

http://egyptfolk.blogspot.com/2010/10/blog-post_29.html

 

 

 

 

 

المصدر: دراسة بخثية وميدانية
  • Currently 145/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
41 تصويتات / 1234 مشاهدة
نشرت فى 13 يونيو 2010 بواسطة saharyfolk

ساحة النقاش

عبدالوهاب حنفى

saharyfolk
متخصص فى مواد الفولكلور فى الصحراء الغربية ( الواحات المصرية الخمس وقبائل بدو منطقة مطروح و سيناء و العريش) ... عمل مديرا للفنون الشعبية بالثقافة الجماهيرية لعشر سنوات ومديرا عاما لمشروع أطلس الفولكلور المصرى لخمس سنوات وله أكثر من100دراسة بحثية وميدانية حول الثقافة الشعبية لسكان الصحراء الغربية و الشرقيه المصرية »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

137,999