الدكتور السيد عويضة القائد الحازم

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

إعداد الدكتور /صبري فوزي أبوحسين

أستاذ ورئيس قسم الأدب والنقد بكلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنات بمدينة السادات

 

هذه سيرة مصري أزهري، نشأ طيبًا، وعاش طيبًا، ومات طيبًا، إن شاء الله تعالى، إنه في مقام أساتذتنا الكبار الصالحين المصلحين الذين حياتهم نعمة، وعشرتهم نعم، وتوجيههم نعة.

إنه السيد عبدالقادر عويضة عويضة، المعروف بالسيد عويضة، ولد في 4/3/1947م،الموافق 12جُمادى الأولى 1366هـ بقرية النمروط من مركز فاقوس بمحافظة الشرقية، ويسكن في بيت بمدينة الزقازيق، أوجز سيرته التعليمية والعلمية قائلاً:" بعد حفظى للقرآن الكريم بالقرية التحقت بالمعهد الدينى  في فاقوس شرقية وحصلت منه على الشهادة الإعدادية الأزهرية، ثم حصلت على الشهادة الثانوية الأزهرية من معهد الزقازيق الدينى ـ ثم على شهادة العالية (الليسانس)  في اللغة العربية من كلية اللغة العربية جامعة الأزهر بالقاهرة بتقدير (جيد جدا) سنة 1975م وعينت معيدًا بكلية اللغة العربية  في الزقازيق بأمر تكليف من جامعة الأزهر ضمن العشرة الأوائل على دفعة سنة 1975م بكلية اللغة العربية بالقاهرة0

وحصلت على شهادة التخصص (الماجستير)  في الأدب والنقد سنة 1981م ثم على شهادة العالمية (الدكتوراه) مع مرتبة الشرف الأولى  في الأدب والنقد سنة 1984م وعينت مدرسا للأدب والنقد بكلية اللغة العربية بالزقازيق، ثم حصلت على درجة (أستاذ مساعد)  في الأدب والنقد سنة 1988م ثم على درجة (أستاذ)  في الأدب والنقد  في سنة 1992م0

ثم عينت عضوًا محكمًا  في اللجنة العلمية الدائمة سنة 2000م لتحكيم أبحاث المتقدمين لدرجتى (أستاذ مساعد، وأستاذ)  في الأدب والنقد، وقد حكمت عشرات الأبحاث من سنة 2000م حتى الآن0ثم عينت رئيسًا لقسم الأدب والنقد  في شهر فبراير سنة 2004م ثم عينت عميدًا لكلية اللغة العربية بالزقازيق  في 24/11/2004م حتى 31/7/2007، ثم عينت أستاذًا متفرغًا بالكلية منذ هذا التاريخ وإلى الآن".

وقد انتقل أستاذنا بإذن الله تعالى، إلى رحمة الله ورضوانه وجنته يوم الجمعة 25/سبتمبر/ 2020م، الموافق 7من شهر صفر 1442هـ، عن ثلاث وسبعين سنة وخمسة أشهر، بعد معاناة مع أمراض عديدة مزمنة.

وكانت رسالته للماجستير عن: (شعر الحرفيين  في العصر المملوكى دراسة ونقدًا)، وكانت رسالته للدكتوراه عن: (الخصومة بين المجددين والمحافظين وأثرها في شعرنا المعاصر)، ثم تتالت تآليفه العلمية من كتب وأبحاث،  فمن أبحاثه:0

<!--فن المديح  في شعر ابن نباتة ـ دراسة ونقدًا 0

<!--عبدالحميد بن يحيى الكاتب واضع الأصول الفنية للكتابة الأدبية0

<!--دراسة  في المقامات الهمذانية وخصائصها الفنية 0

<!--نشأة التدوين وتطوره من العصر الجاهلى إلى أواخر القرن الثانى الهجرى0

<!--وطنية حافظ إبراهيم  في الميزان 0

<!--دراسة  في شعر الفتوحات الإسلامية وخصائصها الفنية0

ومن كتبه المنشورة:

<!--أثر الإسلام  في الشعر  في عصر الرسول والخلفاء الراشدين0

<!--في الأدب الجاهلى وقضاياه

<!--مختارات من النصوص الأدبية  في عصر صدر الإسلام ـ تحليلاً ودراسة0

<!--دراسة  في الشعر الأموى 0

<!--في الأدب المصرى الحديث 0

<!--نصوص مختارة من الأدب المصرى الحديث تحليلاً ودراسة0

<!--خطوات البحث الأدبى بين النظرية والتطبيق0

ومن مؤلفاته المخطوطة:

1 -  قصة الخلاف بين شكرى والمازنى ـ دراسة أدبية 0

2 -   في النقد الأدبى القديم وقضاياه 0

وترجع صلتي بأستاذنا الدكتور السيد عويضة-رحمه الله تعالى-إلى مطلع العقد الأول من الألفية الثانية؛ حيث عملت معه، عقب عودته من إعارته الثانية، في تدريس عدد من المقررات، وقد رأيت فيه شخصية مغايرة، ليست على النمط المعهود، إنه أستاذ جاد كلاسيكي رصين، صاحب رأي ورؤية، شخصية قائدة دائمًا، تقف أمامه وقفة الجندي أمام جنراله ساعة الحرب، ما عليك حين مواجهته إلا أن تقول:سمعت وأطعت! شخصية قائدة وهو أستاذ، وقائد وهو رئيس قسم، وقائد وهو عميد، وقائد وهو أستاذ متفرغ، بل إنه قائد وهو شيخ يعاني من أمراض كثيرة مزمنة، ابتلي بها في أخريات أيامه، رحمه الله تعالى.

كان شخصية تُدير ولا تدار، تقود ولا تقاد، تُوجه وتُرشد، وتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر وتحكم بالعدل، وتقف مع المظلوم والضعيف، وتقف ضد كل كسول جهول... وأظن أنه كان الجميع حوله: كبيرًا وصغيرًا، بلا استثناء، يسمع ويطيع، وذلك بسبب هيمنة شخصيته وحضورها وما فيها من حزم وعزم وصراحة وصرامة، وكان ذلك ديدنه مع الجميع: زملاءَ، وهيئة معاونة، وطلابًا، وإداريين، خواصَّ وعوامَّ...

 كنا نرى فيه الجنرال الحاضر بشخصه وشخصيته دائمًا، والحاضر بقلبه وعقله، والحاضر بلسانه المهذب الصريح الصادق الصادع، في كل مجتمع وكل منتدًى داخل الكلية وخارجها؛ فقد كان شخصية صارمة ثابتة، لا تتغير ولا تتبدل، ولا يستطيع أحد كائنًا من كان أن يفرض  عليها تغيير الرأي أو تبديل الموقف ...

 كان الحق هدفه، وكان الحق قرينه، وكان الحق معه، وكان مع كل حق وحقيقة، بلا مداراة أو مواربة أو نفاق أو أي سلوك رمادي! كان حقًّا (القائد الحازم) رحمه الله تعالى. أحسبه كذلك والله حسيبه ولا أزكي على الله أحدًا...

 ولي معه موقفان لا أنساهما، موقفان أسهما في تقويمي:

 الموقف الأول:

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

كنت أدرس مقرر النقد الأدبي في كلية التربية بتفهنا الأشراف، ووضع القسم أستاذنا معي في تصحيح أوراق هذا المقرر، وكالعادة في قسمنا قمت بتصحيح الأوراق كلها، وقام هو بالتوقيع عليها بعد النظر السريع فيها! لكنني فوجئت بأستاذنا بعد فترة من الزمن، يتصل بي، ويخبرني بأن المبلغ الذي استلمه من الخزينة عن تصحيح هذا المقرر لا يستحقه؛ لأنه لم يدرس ولم يصحح! وأنني الأحق به! فقلت له: يا أستاذي، كلنا في القسم نتبادل التصحيح في المقررات، والشباب يساعد الشيوخ في التصحيح، ويتم التوزيع العادل لمكافآت التصحيح بيننا وكل يرضى بهذه التوزيعة العادلة!  فهو حقك عرفًا وشرعًا وقانونًا، فأبى رحمه الله، وأصر على إعطائي كامل المكافأة المالية، وعلمت من زملائي وأساتذتي أن هذا نهجه معهم، كان –رحمه الله- يراجع مفردات راتبه ومكافآته، يأخذ ما عمل به، ويترك ما لم يعمل به، كان وقافًا عند كل مال يدخل جيبه، فأخذت درسًا عمليًّا منه في الورع والتقوى، لما أجده إلا عنده وأمثاله من الصالحين،  رحمهم الله تعالى، وقليل ما هم!  

الموقف الثاني:

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أنني رزقت به في لجنة ترقيتي إلى درجة أستاذ مساعد، التي تكونت من الأساتذة الأسياد النبلاء الثلاثة: (السيد الدد، رحمه الله، والسيد عويضة،رحمه الله، والسيد الديب حفظه الله)، فكان حريصًا كل الحرص على إجراء تقييم أعمالي العلمية المقدمة مني بكل شفافية ومصداقية، ولم يظهر منه عند اتصالي به أي لفظ أو عبارة تدل على ميل تجاهي، بل تعامل معي بكل تجرد، وكأنني عضو من خارج القسم والكلية، وليس زميلاً له في ذات القسم!

كما أنه رفض كل رفض حرصي على إضافة تلك اللجنة بعد المداولة والحكم في مطعم خارج الكلية، وأصر على إضافة اللجنة على حسابه الخاص؛ نظرًا لعلاقته الخاصة بالعضو والضيف الخارجي الدكتور السيد الدد، رحمهما الله تعالى!

وقد سمعت عن أستاذنا سلوكًا إداريًّا وهو عميد، ينبغي أن ينشر ويعلن في كل زمان ومكان وبكل وسيلة وعلى كل الأجيال! كان -رحمه الله تعالى- حريصًا على سير العملية التعليمية بكل حزم ودقة وإخلاص، يرفض أي تسيب أو تمارض أو تكاسل في المحاضرات، كان (الطالب) عنده المقدم والأهم، وكل المنظومة الجامعية مسخرة في تعليمه وتربيته وتطويره، ومن ثم عندما تغيب بعض الزملاء أو تأخروا في دخول المحاضرات أو تساهلوا في أدائها، أرسل إليهم فاكسًا، نصه:

[اتق الله في أولاد المسلمين

اتق الله في مالك!  ]

وما أقساه من فاكس! وما آلمه من درس! وما أشده من عظة وتذكير!

 

 

هذا، وقد ساعدني الفيس بوك في الحصول على شهادات كثيرة متنوعة في حق أستاذنا- رحمه الله تعالى- من زملاء  عاشروه وخالطوه أو طلاب تعلموا على يده، أقف منها مع أهمها وأبرزها، على النحو الآتي:

فمن جيل الزملاء لأستاذنا نقف مع شهاد الأستاذ الدكتور فتحي الدابولي: "كان -رحمه الله- من أهل الحق، يقول به وينتصر له"".

ومع شهادة زميله في القسم أستاذنا الدكتور فرج مندور: "رحمه الله وغفر له وأسكنه الفردوس الأعلى من الجنة .كان ولا أزكيه على الله طيب القلب، نقي الصدر، لا يحمل حقدًا ولا حسدًا، مع عفة اللسان وبشاشة الوجه وحلاوة الروح" .

ويقول الحبيب الرئيس الدكتور حسن سليم، وكان أقرب الناس إليه في القسم والكلية: "الأستاذ الجاد..المحب لإخوانه..الحريص على مصلحة طلابه..كان إنسانًا..قبل أن يكون أستاذًا.."

ويقول الحبيب الدكتور علي حميد: "كان -رحمه الله- هادئ الطبع دائم البسمة شديد الحياء"

ومن جيل طلاب الدراسات العليا نقف مع باحث الدكتوراه الشيخ عادل عبدالصمد، مدير عام الوعظ الآن بمحافظة كفر الشيخ، يقول:

"أستاذي الحبيب الأستاذ الدكتور السيدعبدالقادر عويضة كان أول لقائي به عام ٢٠١٢ في شهر أغسطس وكان أفضل لقاء بث في روح الجد والأمل حيث كان مشرفا على رسالتي في الدكتوراه هو وأستاذي الحبيب ا د صبري أبو حسين ، فكان رحمه الله نعم الأب والأستاذ والمعلم والمربي رحمك الله أستاذي الحبيب فسوف أظل مدينًا لك شيخي الحبيب وأستاذي الجليل، طيب الله ثراه..".

ويقول الأستاذ أحمد مصطفى من شهادة مطولة له تحت عنوان ): أستاذي الدكتور السيد عبد القادر عويضة، الناقد الذي رحل):

"كان أول لقاء بشيخي وأستاذي الدكتور السيد عويضة في شهر يوليو سنة 2005م، حيث قدر الله لي أن يكون الدكتور (عويضة ) عضوًا خارجيًّا للمناقشة، وكان لزاما عليَّ أن أتوجه إلى كلية اللغة العربية بالزقازيق ؛لأسلم أستاذي الدكتور السيد عويضة نسخة من الرسالة ، وقد اتصلت به مسبقا لأحدد موعد اللقاء ، وكان اللقاء في مكتبه بالكلية ، واستبشرت خيرا حين وجدته ترك خبرا للأمن بقدومي إليه ، فلما وصلت سألني رجل الأمن عن صفتي ، فلما سمع اسمي قال تفضل سيادة العميد بانتظارك .دخلت مكتبه ، وكان به بعض الأساتذة ، يناقشون أمرا خاصا بالكلية، لكن الرجل لما رآني أحسن استقبالي، ووقف ليسلم عليَّ وأنا الطالب الباحث وهو الأستاذ العميد، رأيت فيه السماحة والطيبة والتواضع، والأدب والأخلاق، رأيت فيه الأديب البشوش الخلوق الإنسان، رأيت فيه الأزهر بفخامته واعتداله وأصالته. استاذن في استكمال الحديث مع زملائه، وأمر العامل باحضار فطور، فاعتذرت، فأمره باعداد كوب من الشاي، والماء البارد، سلمته البحث، وكلي سعادة ورضا وفخر بهذا العلم العلامة الجليل النبيل. وفي الرابع عشر من شهر سبتمر 2005م ، كانت مناقشتي، ورفض تمامًا إحضار سيارة تقله من منزله لكلية اللغة العربية بإيتاي البارود، وقال: فقط انتظرني على محطة القطار الساعة كذا، هذا الأستاذ الكبير الجليل، جاء في القطار المكيف القادم من بور سعيد مرورًا بالزقازيق إلى إيتاي البارود، والحق إن الدكتور السيد الدد رحمه الله –وكان صديقا للرجل ورفيقا له في الإعارة بالسعودية – طلب مني الدكتور السيد أن أنتبه للتحضير للمناقشة وأترك له أمر استقبال أخيه الدكتور السيد عويضة، لكني استقبلته على باب الكلية، ومعي لفيف من أساتذة الأدب كانوا في انتظاره، والكل يشهد للرجل بعلمه وأدبه وخلقه ، وعفته وطهارة يده .استمرت مناقشة الدكتور السيد وحده ثلاث ساعات، ماترك كلمة في البحث إلا وناقشها، وقومها وعدلها، يثنى هنا ويعدل هناك، حتى انتهى، وكان رحيمًا، هادئًا، لطيفًا، مليحًا في نقده وتقويمه ونصحه وإرشاده .أشفق علي ابنه الباحث بعد هذا الجلد الأبوي الحاني الباني، وأهداني موضوعًا للدكتوراه، وأشاد ببحثي وحبي للتراث، وجسارة الخوض في دراسته، ولما انتهيت من التعديلات، زرته مرة أخرى في مكتبه، وكان اللقاء حميمًا أبويًّا، أحسن استقبالي وأكرمني، وأحسن إلي أحسن الله إليه، رحم الله أستاذي الدكتور السيد عويضة وغفر له، وجعله مع النبيين والصديقيين والشهداء والصالحيين وحسن أولئك رفيقًا ...

ويقول الطالب البحاثة محمد حبشي مغازي-ومدرس الأدب والنقد الآن- عن تعامل أستاذنا مع طلبة الدراسات العليا:

"أول لقاء جمعني به في مكتبه في كلية اللغة العربية بالزقازيق مع زملائي طلاب الفرقة الثانية دراسات عليا لما أُسند إليه رحمه الله مادة قاعة البحث منذ ستة أعوام تقريبا، يجلس على كرسيه جامعًا كفيه على عصاه الأنيقة العتيقة، واضعًا رأسه عليهما تواضعًا وإصغاءً،تكسوه مهابة، وتحيطه ألفة، مرتدياً زيه الرسمي الجامعي في أناقة وانسجام معتدًا بحسن مظهره، فجلسنا حوله كأن على رءوسنا الطير إكبارا له وإصغاءً لصوته الهادئ يعطينا خبرته ،فحدثنا عن هموم البحث والباحث، وفتح المجال لنا لنحدثه عن قضايانا وهموم بحثنا، فقلت له:أستاذي، سؤال ليس هذا أوانه لكني مشغول به، هل سيتيح لي القسم أن أسجل في الماجستير إن شاء الله في موضوع في القرآن الكريم، فقد نما إلى علمي أن هذا من الصعوبة بمكان لسببين:الأول أنه لا يسمح لطالب في الماجستير أن يسجل في القرآن الكريم، والثاني أن الدراسات الأدبية في القرآن الكريم ذات حساسية شديدة وينصح الطلاب بأن يجنبوا أنفسهم مخاطرها. فأجابني بصوته الهادئ رضي الله عنه وأرضاه :يا بني من قال لك هذا؟ اجتهد واقرأ جيدا وابحث عن موضوع جاد وستسجل بإذن الله،وسأكون معك، وذكر لي قصته مع باحثة أشرف عليها في بحث في الماجستير في القرآن الكريم لما كان معارًا رحمه الله إلي الخارج. وبعد شهور قليلة كتب الله لي النجاح في امتحانات الدراسات العليا، فقدر الله لي أن ألتقي بتلميذ شيخنا رحمه الله وهو بمنزلة ولده الأستاذ الدكتور/حسن عبد الرحمن سليم حفظه الله ، وكان يومها رئيس قسم الأدب والنقد، فلما رأيته انشرح صدري له لحسن ضيافته وبشاشة وجهه، وعذوبة حديثه، فعرضت عليه موضوعًا في القرآن الكريم فسُرّ به لشغفه الشديد بالدراسات القرآنية فزاد حبي له لحبه الشديد للقرآن، وقال: ستُكرم بكرامة القرآن. ومن عظيم فضل الله عليَّ أن تكون دراستي في القرآن الكريم، ويزيدني ربي كرمًا أن تكون لجنة الإشراف الشيخ رحمه الله، وتلميذه البار الدكتور حسن حفظه الله، الذي أبى إلا أن يضع أستاذه رحمه الله على رأس اللجنة مشرفًا أصليًا ويضع نفسه مشرفًا مشاركًا حبًا وكرامة. وبعد شهور هاتفته رحمه الله لأطمئن على حاله، فعاجلني بالاطمئنان على أحوالي، ولا أنسى له رحمه الله في هذه المكالمة قوله : يا بني لو حاسس إن الموضوع صعب عليك أو المادة المبحوثة قليلة قل لي وأنا أغير لك الموضوع ولا يهمك، المهم تكون قادرا على مواصلة البحث، فطمأنته على البحث والباحث، فدعا لي بالتوفيق، ولا أنسى له يوم مناقشتي رضي الله عنه وأرضاه إصراره على الحضور بالرغم من اشتداد مرضه الذي زاد من ضعفه مع كبر سنه، فآلى على نفسه وأصر على الحضور حتى لا يعكر صفو هذا اليوم، فاللهم كما أرضاني فارض عنه، وأجزه عني وعن طلاب العلم خير الجزاء، اللهم ارفع درجته، واغسل حوبته، وبيض وجهه، وتقبله عندك في الصالحين.

وهذا الطالب الشاعر إبراهيم الجهني والمدرس الجامعي الآن وأحد شعراء الأزهر الشباب الواعدين، يقول: "في عام 2006 استضافني الراحل الكريم أستاذنا الدكتور السيد عويضة في مكتبه - وكان عميد الكلية ولم أزل طالبًا - فاستمع إلى شعري بصدر رحب، وأهداني عددًا من مؤلفاته في الأدب والنقد؛ فلن أنسى فضله ما حييت، وسأظل أدعو له بالرحمة وحسن الثواب ولكل صاحب فضل".

رحمه الله كان عالمًا موسوعي المعرفة متواضعًا كريمًا مع طلابه، منهجه البساطة في الشرح مع دقة التنظيم... رحمه الله رحمة واسعة. وهذا الطالب إسلام محمد دياب يصف أستاذنا داخل القاعة الدراسية: "كان يرحب بمجهود طلابه، ويشجعهم، ويردد أسماءهم لتكريمهم، حدث ذلك معي في إعطائه لي خمس دقائق لشرح الجزء الأول من إحدى محاضرات مادة: الأدب المقارن، وفي المحاضرة التالية دخلتُ متأخرًا قليلاً، ودخل العميد: أ.د. صابر عبد الدايم، وسأل في عنوان المحاضرة ومفهومنا عنه، وكنت أُحضِّر المحاضرة لتلك المادة ... فرفعت يدي وأجبت ـ ونالت إجابتي تقدير الأستاذين الكبيريْن: سيادة العميد وسيادة الأستاذ الدكتور الحبيب، فقال العميد: ما اسمك؟ فقلت: إسلام، فأثنى خيرًا، وأعقبه أستاذنا الغالي الحبيب في الله بثناء من نوع خاص، وقال: هذا إسلام، شرح في المحاضرة السابقة و.. و ... ، ويُقدِّر الكبير والصغير، ويكره السوء من القول، وما كنا نسمع منه إلا الأدب الرفيع أو الصمت، أستاذي القدير، شرف لي أن كنت من طلاب العلم على يديه، رحمه الله رحمة واسعة"

وهكذا نعلم من خلال هذه الشهادات أبعاد شخصية أستاذنا كافة في مجال عمله التعليمي والعلمي والتربوي، كان إنسانًا، وكان نبيلاً، وكان معلمًا، وكان مرشدًا، وكان راعيًا للمواهب ومشجعًا للشباب، رحمه الله تعالى.

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 152 مشاهدة

الأستاذ الدكتور صبري فوزي عبدالله أبوحسين

sabryfatma
موقع لنشر بحوثي ومقالاتي وخواطري، وتوجيه الباحثين في بحوثهم في حدود الطاقة والمتاح. والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

303,584