أسئلة لبنان الحائرة في تجربة (لماذا تذبل الوردة؟!)للشاعرة شريفة السيد

مقاربة للأستاذ الدكتور صبري فوزي أبوحسين

أستاذ ورئيس قسم الأدب والنقد في كلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنات بمدينة السادات

ما زال الشعر ديوان العرب، وما زال هو القناة الإعلامية الأولى المباشرة لكل حدث وحادثة، يرصد الحياة، ويصور الأحياء، حال الحب وحال الحرب، وحال الإقدام والإنجاز، وحال الهروب والانسحاب والانكسار، وما زال الشعر يؤرخ حالات الدم المباح وغير المباح، والسلم والاستقرار؛ وذلك لأن الشعر شعور مندفع ليس أمام مبدعه وقت للتزوير أو التزييف، إنه يرصد الصوت الفطري الأول داخل مبدعه، صوت  الخيال، إنه صرخة من العقل الباطن، ومن اللاوعي الجاثم.

و(لبنان) أيقونة من أيقونات الشعر العربي المعاصر، تقف إلى جانب القدس وبغداد وغيرهما عواصم النكبات العربية في زماننا الآني، فقد فُتِن بها الشعراء كل فتنة، فعبروا عن جمالها مكانًا وإنسانًا، تاريخًا وحاضرًا وحضارة، كما عبروا عن آلامها وأتراحها، وللحبيب الدكتور محمد سالمان-الشاعر والناقد والمحقق المعروف- كتاب رائع عن (مأساة لبنان في الشعر العربي)صادر سنة 2012م، وحقا إن لبنان حاضرة في الشعرالعربي منذ بدايته الكلاسيكية إلى الآن، بدءًا من أمير الشعراء أحمد شوقي في لاميته:

لبنانُ مجدكِ في المشارقِ أوّلُ                      والأرضُ رابيةٌ وأنتِ سنامُ

وبنوكِ ألطفُ من نسيمِك ظلُّهم                       وأشمُّ من هضباتِكِ الأحلامُ

أخرجتَهم للعالمينَ حَجاحِجِا                          عُرْبًا وأبناءُ الكريمِ كرامُ

بينَ الرياضِ وبين أفقٍ زاهرٍ                      طلعَ المسيحُ عليهِ والإسلامُ

ومرورًا بالشاعر العراقي معروف الرصافي في سينيته التي منها:

أرى الحُسْنَ في لبنانَ أينعَ غرسُه        وقاربَ حتى أمكنَ الكفَّ لمسُه

إذا ما رأته عينُ ذي اللبّ مُشرِقًا                 تنزّت به في مدرجِ الحبّ نفسُه

زكا مَغرَسًا فالذامُ ليس يؤمّه                     وطابَ جنًى فالسوءُ ليس يمسّه

قسا صخرُه لكن تفجّرَ ماؤه                          فلان بكفّ العيشِ منه مَجسُّه

لقد لبس الجوَّ اللطيفَ فزانَه                     بما فيه من غُرّ المحاسنِ لُبسًه

ففي الليلِ لم يزعجْكَ بردُ نسيمُه              وفي الظهرِ لم تلفحْكَ بالحرّ شمسُه

وقد عُبّدتْ للسالكينَ طريقُه                      وحُرّرَ أهلوه وبُوركَ أنسُه

إلى أن قال:

كتبتُ كتابَ المدحِ في وصفِ حُسنِه      فضاقَ ولم يستوعبِ الوصفَ طِرسُه

فما كلٌّ ما قالت به شعراؤه                   سوى ثُلثِ ما يحويه بل هو خُمسُه

ونتذكر قول محمود درويش المكثف عن بيروت: «بيروت قصتُنا... بيروت غصَّتنا»، وما آلمَ قول الشاعر إلياس أبو شبكة عن الوطن المستباح راهناً:

أيعيش في لبنان حر       ومعيشة الأحرار قهر

اليوم قد عبثت به        نُوَب وجار عليه دهرُ

وطوى الزمان كتابه     هل بعد ذاك الطي نشْرُ?!

هذا، وقد احتلّ لبنان وعاصمته بيروت مكانة خاصّة في قلب الشاعر نزار قبانى، حيث ترجم محبّته بكلمات في قصائد حفظتها الذّاكرة والتّاريخ، وأصبحت أيقونة للبلد الذى شهد منذ أيام انفجار مفجع خلف مئات الضحايا وآلاف المصابين، ولعلّ من أجمل ما كتبه نزار قبانى عن لبنان هو في السّطور التّالية:

يا ست الدنيا يا بيروت

من باع أساوركِ المشغولة بالياقوت؟

ومن صاد خاتمك السحرى؟!

وقص ضفائرك الذهبية؟!

من ذبحَ الفرحَ النائمَ في عينيكِ الخضراوينْ؟!

هذه الأبيات الشعرية للعملاق الراحل نزار قبانى تصف المأساة اللبنانية قبل سنوات طويلة، بعد ما شابها دمار الحرب الأهلية ومزقتها النزعة الطائفية، وتمر عقود من الزمن وتكتم لبنان آلامها لكن الوضع أصبح غير قابل للاحتمال.

وما أقسى قول نزار في رائعته:"بيروت محظيتكم .. بيروت حبيبتي":

 سامحينا..إن تركناكِ تموتينَ وحيدهْ ..

وتسلّلنا إلى خارجِ الغرفةِ نبكي كجنودٍ هاربينْ

سامحينا ..

إن رأينا دمكِ الورديَّ ينسابُ كأنهارِ العقيقْ

وتفرّجنا على فعلِ الخنا ..

وبقينا ساكتينْ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

آهِ .. كم كُنّا قبيحينَ، وكُنّا جُبناءْ ..

عندما بعناكِ، يا بيروتُ، في سوقِ الإماءْ

وحجزنا الشققَ الفخمةَ في حيِّ (الإليزيه) وفي (مايفير) لندنْ ...

وغسلنا الحزنَ بالخمرةِ، والجنسِ، وقاعاتِ القِمارْ

وتذكّرنا - على مائدةِ الروليتِ، أخبارَ الديارْ

وافتقدنا زمنَ الدِفْلى بلُبنانْ ..

وعصرَ الجُلَّنارْ ..

وبكينا مثلما تبكي النساءْ ..

 ـــــــــــــــــــــــــــ

آهِ .. يا بيروتُ،

يا صاحبةَ القلبِ الذهبْ

سامحينا ...

إن جعلناكِ وقوداً وحَطبْ

للخلافاتِ التي تنهشُ من لحمِ العربْ

منذُ أن كانَ العربْ !

وها نحن أولاء الآن مع الفاجعة المدمرة أخيرًا، تفجيرات شحنة "نترات الأمونيوم" فى مرفأ بيروت، يوم الثلاثاء 4/8/2020م، الذي خلف المئات من القتلى والمفقودين، والآلاف من الجرحي، وامتدت آثاره المدمرة على مدار كليومترات، والذي ملأ القلوب بالغضب والعجب وجعل الجميع في ثورة تامة،  بعد رؤية مشاهد لا تُنسى من الحزن والألم والقهر، فكانت تجربة (لماذا تذبل الوردة) لأميرة الشواعر وخنساء شعرنا المعاصر شريفة السيد، وهاكم قراءة أولى لهذه الخريدة البكائية التفجعية الرثائية!

أولاً: الهيكل الشكلي للتجربة

جاءت التجربة(لماذا تذبل الوردة؟!) تفعيلية حرة مكونة من تسعة وستين سطرًا، على نسق تفعيلة البحر الكامل(متفاعلن)،

وقد جاءت قوافي النص ونهايات الأسطر حسب الحالة العاطفية، التي تمر بها الشاعرة، وحسب ما يقتضيه السياق والمقام، فلم يكن فيها قصد إلى تنسيق قافوي للأسطر، فنجد أسطرًا تنتهي بقواف موحدة، مثل الأسطر الأخيرة في النص:

كيف تنمّرَ القِرَدَة ؟
لماذا وقتَ شِدّتنا نضاجعُ تلكمُ الشِّدٍّة ؟
لماذا يحذفُ القاموسُ من حركاتِهِ الشَّدَّة..؟
لماذا يرقصُ الشيطانُ عندَ مراسمِ السَّجدة ؟
لماذا تذبلُ الوردة ؟

فنجد الدال رويا والهاء وصلا، في الأسطر الخمسة، ونجد تجنيسًا بين قافيتي السطرين الثاني والثالث، في لفظة (الشدة) بفتح الشين وكسرها.

وكما قد تأتي الأسطر في حالة ثانية، حيث تنتهي بقواف متقاطعة، و قد تأتي أيضًا في حالة ثالثة مختومة بنهايات مُرسلة من الروي!

وقد تكون البناء الفني للتجربة من عنوان، ومدخل سريالي، وأربعة مقاطع فكرية، يمكن إجمالها في مقدمة عن الحالة الداخلية للبنان، ثم خاتمة عن المطلوب من العالم تجاه نكبة لبنان وأخواتها!

كما بدأت الشاعرة نصها بعبارة: (ألا يا أيها العالم) في المقطع الأول، حيث تقول:

ألا يا أيها العالم.... لماذا تذبلُ الوردةْ ؟
 وختمت نصها في المقطع الأخير، بالعبارة نفسها، حيث قالت:

ألا يااااا أيها العاااالم
صراخ في حديقتنا....
وكأني بالقصيدة رسالة شعرية إلى العالم كله، عن الحالة المأساوية في لبنان عقب فاجعة مرفأ بيروت!

وهاكم بيان العناصر الفنية الأساسية في هذه التجربة:

أولا: العنوان:

(لماذا تذبل الوردة؟!) سؤال تعجبي، وقد يكون استنكاريًّا!

وهو مكون من الأداة(لماذا) الباحثة عن العلة والسبب، وتكاد تكون مهيمنة على العقل العالمي الآن تجاه فاجعة لبنان الحالية، وكل فاجعة ماضية مرت بها ومرت عليها، ومرت فيها لبنان الحبيبة! وقد تكررت(لماذا) ثماني عشرة مرة في النص!

إضافة إلى الأدوات الأخرى القرينة لهذه الأداة: (من) السائلة عن الفاعل؟ و(كيف) السائلة عن طريقة الإفساد والتخريب!

ثم تأتي الجملة الفعلية: (تذبل الوردة)، وما الوردة إلا لبنان، وصياغة الجملة توحي أن ذبولها لم يكن إلا منها! وأن الذبول وقع منها ووقع عليها!

وقد جاء هذا العنوان جملة محورية فاصلة بين مقاطع النص، قارّة في نهاية كل مقطع، كما ختمت الشاعرة به نصها! وذلك لأنه السؤال الأعم والأهم، المطلوب عالميًّا تجاه نكبة لبنان وكل نكبة تحدث له!

ثانيًا: المدخل السريالي:

يأتي هذا المدخل السريالي بنية ثانية في النص بعد العنوان، وجعلته الشاعرة تحت عنوان: (مدخل سريالي لنص مأزوم)  وهو نص نثري، يقوم على تخيل تحول المبدعة ومخاطبها إلى بلاد، ثم افتراض مثالي لحالة بعض العواصم العربية المحطمة، ومنها لبنان، حتى يستقيم العالم!

وكأني بالكون لا يستقيم إلا إذا استقامت لبنان وأخواتُها العربيات المنكوبات!

وقد تمثل ذلكم المدخل في ثمانية أسطر، تقول المبدعة:
==========
ما رأيُكَ لو تحولنا إلى بلاد.. ؟
أنا بغداد وأنتَ القدس..
تميلُ رأسي على كتِفِكَ قليلاً ...
فتُزهرُ دمشق ْ
وتعود ليبيا محتضنةً للجزائر وتونس
وتنيرُ السُودانُ السّمراء قمرًا في سماوات إفريقيا
وتعود لبنان الحبيبة لؤلؤة كما كانت
فيستقيم العالم......................؟ّ <!--<!--

وهذه النزعة السرياليةSurrealism))في بداية النص تدل على أن المبدعة تحاول أن تعلو على الواقِع، وأن تقدم تجربة فَنِّيَّة آلية أو تلقائية، نفسية خالصة، هدفها التَّعبير عن الفكر الصَّافي بعيدًا عن المَنطِق مع مَيْل ظاهِر إلى إبراز الأَحوال غير الَشعوريَّة.

ثانيًا:البناء الفكري للتجربة:

تكونت هذه التجربة من أربعة مقاطع فكرية، تدرجت مع المأساة وصفًا وتحليلا ونقدًا وجلدًا:

جاء المقطع الأول مكونًا من تسعة عشر سطرًا، ومعنونًا بـ(صرخة في الحديقة)، وما الحديقة إلا الوطن العربي كله أو لبنان، وما الصرخة إلا تلك الاستفهامات الموجودة عند كل لبناني وعند كل عاقل مفكر في الكون، تقول المبدعة:

ألا يا أيها العالم.... لماذا تذبلُ الوردةْ ؟
لماذا امتدت الآثامُ ... تعلنُ سطوة المَرَدَة ؟
وماذا فيكِ يا حُلوةْ
يقايضهم على القسوة؟
وماذا فيكِ جرّأهمْ وأنتِ بلحظة الخلوة ؟
‏لماذا دمروكِ وكنتِ في التاريخ أسطورة ؟
وفي هذا المقطع ألفاظ أو عبارات كنائية عميقة، مثل(المردة) وكأني بهم الساسة المتاجرون بلبنان والمتاجرون فيها، وحولها! و(الفاتورة السوداء) وكأني بها فاتورة الإرهاب والتشدد والتطرف والفتن الطائفية، و(العفريت) و(الطاغوت)، وكأني بهما التياران المتصارعان في لبنان: التيار الديني المتشنج، والتيار الليبرالي المتحلل! و(زمان الفسق) زمان الخروج على الأعراف والمسلمات والثوابت، والهويات، زمان الشذوذ، والتذويب، والتشويه! وما (لحظة الخلوة) إلا كناية عن حالة التباعد الاجتماعي التي فيها لبنان والكون بسبب فيرس كورونا!

ومن ثم كان ختام هذا المقطع التصويري القاتم هذه الأسئلة القانطة:    

لماذا هانتْ الدمعاتُ يا أوطانَـنا، قُولي؟
وهل في ضيعةِ الياقوتِ يحلو عـزفُ جُندولي ......؟
كأنّي في زمانِ الفسقِ أشهدُ عودةَ الرِّدَّة..!
 لماذا تذبلُ الوردة ؟
ويأتي المقطع الثاني مكونًا من ستة عشر سطرًا، يبدأ بأسئلة عن الحالة الجمالية الماضية التي كانت عليها وكانت فيها لبنان، تقول الشاعرة، على لسان الماء:

يقولُ الماء يا (بيروتُ): أينَ الأرضُ والسَّاقي؟
وأين عيونُكِ الخضراءُ
أين نعيمُك الرَّاقي ؟
وأين مفاتنُ الفتياتِ تُطعِمُ سطرَ أوراقي؟
أفيقي يا بلادَ الحُبِّ ، يا نغمي وتِرياقي
أياااااا بيرووووووووووووت
يا أحلاميَ العُسْرُ

ثم تقدم الشاعرة حثًّا على النهضة والثورة في وجه المخربين، عن طريق أسلوب الأمر الوعظي، تقول: 
أفيقي يا بروجَ النورِ من ظلماتك، انتفضِي
ورُدّي الصَّفعة العمياءَ ..
نادي الرّب واسترضي
وتظل الأسئلة التعجبية مهيمنة على الشاعرة في ختام هذا المقطع!

أما المقطع الثالث فيأتي مكونًا من تسعة عشر سطرًا، ويبدأ حزينًا باكيًا، تقول الشاعرة:

حِدادُ في عُمومِ القلبِ يا بيروتُ أذهَلَنا
وأسقطَ مِن دَمي دمعةْ،
وأبدلَ شمعتي صمْتا؛ فأخمدَ قوَّةَ اللمعةْ...!

ثم توظف اسم المغنية اللبنانية المعروفة (فيروز) وتتناص مع أغنيتها عن وطنها، كما توظف أماكن وأسماء أكلات وأدوات موسيقية شائعة بين اللبنانيين، لتختم المقطع بهذا السؤال المهم:
فهل تُستأنفُ العَودَة....؟
نعم: هل تعود لبنان إلى جميل ماضيها إبداعًا وفنًّا وغناءً وجمالًا؟!

ثم تقدم الشاعرة رؤية استشرافية فيها فأل وأمل، تقول الشاعرة:

أيا وطنًا تحمَّلَ شعوذاتِ جميعِ مَنْ صَعَدوا إلى السُدَّة. ..
أراكَ سترفضُ الأزماتِ والكبواتِ والرَّقدة ؟

وما أبلغ هذه الجملة الشاعرية الفذة! : (شعوذاتِ جميعِ مَنْ صَعَدوا إلى السُدَّة) فالشعوذة الدينية والسياسية هي المهيمنة على الوضع اللبناني، وهي سبب نكسات لبنان ونكباته!

أيّام شُؤْمٍ غَدَت في القَلْبِ دامِيةً         منْ صُنعِ أعداءٍ شاءَت لهُ الكرَبَا

      حَاكتْ شَراذِمُها للحُبِّ مجْزرةً            للعاشِقِين ذُرَى لُبْنانَ مَا عَذُبا

أما المقطع الرابع والأخير فتكون من ثلاثة عشر سطرًا، وجاء رسالة شاكية باكية إلى العالم كله هذه الخريطة العربية المأساوية الدامية، تقول شاعرتنا:

الا يااااا أيها العاااالم
صراخ في حديقتنا....
‏هنالك في ذرا ليبيا... وفي السودان، وفي بغداد في سوريا.. وفي لبنان واليمنِ..
‏ألا قوموا لإفريقيا
ألا سيروا
ثم توجه خطابها إلى لبنان قائلة:

وإن قذفوكِ يا تغريدةَ الأوطانِ في بحرِ الأسى، هُبِّي
فبعدَ العُسرِ تيسيرُ
...
وتختم مقطعها وتجربتها بالأسئلة التي وصفتها بالمهذبة، للخانئين العملاء المتاجرين بها وفيها وحولها وعليها! تقول:

وتبقى في صميم الروح أسئلةٌ مُهذَّبةٌ لمَن خانوكِ:
كيف تنمّرَ القِرَدَة ؟
لماذا وقتَ شِدّتنا نضاجعُ تلكمُ الشِّدٍّة ؟
لماذا يحذفُ القاموسُ من حركاتِهِ الشَّدَّة..؟
لماذا يرقصُ الشيطانُ عندَ مراسمِ السَّجدة ؟
لماذا تذبلُ الوردة ؟

هذا، وأرى أن هذه التجربة في حاجة إلى مقطع يصور مشهد تفجيرات مرفأ بيروت وما خلفه من دمار بشري وحجري، وموقف اللبنانيين والعرب وزعماء العالم ودوله ومؤسساته، من هذه الفاجعة القاسية على لبناننا الحبيبة:

هذا مقامُ القولِ فيكِ ولم يزلْ                  لكِ في الضمائرِ محفلٌ ومُقامُ

أشكر مبدعتنا الرائعة الحية المحيية، شريفة السيد، دام شعورها الصادق، وشعرها الواصل وحضورها الساحر الآسر.

رابعًا: النص المقروء:

لماذا تذبُلُ الوردة؟

مدخل سريالي لنص مأزوم :
==========
ما رأيُك لو تحولنا إلى بلاد.. ؟
أنا بغداد وأنتَ القدس..
تميلُ رأسي على كتِفِكَ قليلاً ...
فتُزهرُ دمشق ْ
وتعود ليبيا محتضنةً للجزائر وتونس
وتنيرُ السُودانُ السّمراء قمرًا في سماوات إفريقيا
وتعود لبنان الحبيبة لؤلؤة كما كانت
فيستقيم العالم......................؟ّ <!--<!--
.
النص:
صرخة في الحديقة :
===============
ألا يا أيها العالم.... لماذا تذبلُ الوردةْ ؟
لماذا امتدت الآثامُ ... تعلنُ سطوة المَرَدَة ؟
وماذا فيكِ يا حُلوةْ
يقايضهم على القسوة؟
وماذا فيكِ جرّأهمْ وأنتِ بلحظة الخلوة ؟
‏لماذا دمروكِ وكنتِ في التاريخ أسطورة ؟
وكنتِ كجنةٍ في الأرضِ
كنتِ غـــــــــنـاءَ ( شُـــحرورة (... !
‏لمـاذا ترتدين حبيبتي النكباتِ فوق حِزامِ تنُّـورة ؟
أما يكفيكِ طفلٌ جاعَ في طرقاتكِ الخضراء والبيضاء
او في ( شارع الحَمرا ) ؟
ومَن سَيُسددُ الفاتورة السوداء ؟
مَن يتحمَّلُ الوِزرا ؟
لماذا يسكنُ العِفريتُ في جنَّــات وادينا ؟
لماذا ينفخُ الطاغوتُ نفختَهُ فيُردينا ؟
لماذا هانتْ الدمعاتُ يا أوطانَـنا قولي؟
وهل في ضيعةِ الياقوتِ يحلو عـزفُ جُندولي ......؟
كأنّي في زمانِ الفسقِ أشهدُ عودةَ الرِّدَّة..!
 لماذا تذبلُ الوردة ؟
،،
،،
يقولُ الماء يا (بيروتُ) أينَ الأرضُ والسَّاقي؟
وأين عيونُكِ الخضراءُ
أين نعيمُك الرَّاقي ؟
وأين مفاتنُ الفتياتِ تُطعِمُ سطرَ أوراقي؟
أفيقي يا بلادَ الحُبِّ ، يا نغمي وتِرياقي
أياااااا بيرووووووووووووت
يا أحلامي العُسْرُ
أفيقي يا بروجَ النورِ من ظلماتك ، انتفضِي
ورُدّي الصَّفعة العمياءَ ..
نادي الرّب واسترضي
ياااااا ( بعلبكُ (،
ياااااا ) جعيتا (
وياااا ( جبران) :
لماذا تأكلُ الأثداءَ (أرزتُنا)، تُباركُ فكرةَ الوأدة؟
لمــاذا طلقةٌ أخرى وأنتِ بأشهُرِ العِدة ؟
لماذا تذبلُ الوردة ؟
،،
،،
حِدادُ في عُمومِ القلبِ يا بيروتُ أذهَلَنا
وأسقطَ مِن دَمي دمعةْ ،
وأبدلَ شمعتي صمْتا ؛ فأخمدَ قوَّةَ اللمعةْ...!
أياااا ( فيروووووز ) هل ستعود (شتوية) .. ؟
وصوتك يملأ الأجواءَ موسيقى وأغنية؟
(بحبك يا لبنان ياوطني بحبك <!--<!--
بجبالك بدروبك بسهلك بحبك
وحبة من ترابك بكنوز الدُني .
بحبك يا لبنان يا وطنييييي (
ويا أرجوحةً سَكَرَتْ بماءِ البحرِ في ( صَيْدا ( !
يئن جدار قاعات البحوث بـ ( قصر اونسكو)
ويبكي ( السوق ) و ( الناطور )،
ينوح الخبز في ( لوريس )،
يبكي ( صحن تبولة )
تولول ( دبكةٌ ) عطشى، على دمعات (أرغولة)
فهل تُستأنفُ العَودَة....؟
أيا وطنا تحمَّلَ شعوذاتِ جميعِ مَنْ صَعَدوا إلى السُدَّة. ..
أراكَ سترفضُ الازمات والكبواتِ والرَّقدة ؟
لماذا تذبل الوردة ؟
.....
ألا يااااا أيها العاااالم
صراخ في حديقتنا....
‏هنالك في ذرا ليبيا... وفي السودان، وفي بغداد في سوريا.. وفي لبنان واليمنِ..
‏ألا قوموا لإفريقيا
ألا سيروا
وإن قذفوكِ يا تغريدةَ الأوطانِ في بحرِ الأسى هُبِّي
فبعدَ العُسرِ تيسيرُ
...
وتبقى في صميم الروح أسئلةٌ مُهذَّبةٌ لمَن خانوكِ:
كيف تنمّرَ القِرَدَة ؟
لماذا وقتَ شِدّتنا نضاجعُ تلكم الشِّدٍّة ؟
لماذا يحذفُ القاموسُ من حركاتِهِ الشَّدَّة..؟
لماذا يرقصُ الشيطانُ عندَ مراسمِ السَّجدة ،؟
لماذا تذبلُ الوردة ؟
لماذا تذبلُ الوردة ؟
#شريفة_السيد

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 76 مشاهدة
نشرت فى 17 أغسطس 2020 بواسطة sabryfatma

الأستاذ الدكتور صبري فوزي عبدالله أبوحسين

sabryfatma
موقع لنشر بحوثي ومقالاتي وخواطري، وتوجيه الباحثين في بحوثهم في حدود الطاقة والمتاح. والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

296,493