<!--<!--<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"جدول عادي"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-priority:99; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin-top:0cm; mso-para-margin-right:0cm; mso-para-margin-bottom:10.0pt; mso-para-margin-left:0cm; line-height:115%; mso-pagination:widow-orphan; font-size:11.0pt; font-family:"Calibri","sans-serif"; mso-ascii-font-family:Calibri; mso-ascii-theme-font:minor-latin; mso-hansi-font-family:Calibri; mso-hansi-theme-font:minor-latin; mso-bidi-font-family:Arial; mso-bidi-theme-font:minor-bidi;} </style> <![endif]-->

خماسيات الإنسان في شعر الدكتور بسيم عبدالعظيم

إعداد الدكتور/صبري فوزي أبوحسين

أستاذ ورئيس قسم الأدب والنقد بكلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنات بمدينة السادات

مدخل إلى (بسيم) الإنسان:

عندما أشرق الإسلام بنوره على الأرض غيَّر الحياة بعد أن صهر قلوب العرب وعقولهم في بُوتقة الحضارة، وأخذ بأيديهم إلى مدارج الكمال، وقد كانوا قبل ذلك يتمرغون في مهاوي السقوط والضلال ويعيشون في مستنقع من الآثام والجهالة. ولم يتخلف الشعر عن تمثل هذا التحول الحضاري، الذي أثرى به الإسلام الحياة العربية؛ فقد سرت الدعوة الجديدة مسرى النور في الظلمات، وأصبح للإسلام شعراؤه الذين تتردد شعرهم في كل جنبات الحياة: صادعةً بذكر الله تعالى، ومُبجِّلة نبيَّه ـ صلى الله عليه وسلم، ومستعينة بالقيم العليا التي جاء بها هذا الدين الخاتم لهداية العالمين. وظل الشعر الإسلامي يمتد ويتطور من جيل إلى جيل، وفي كل عصر ومصر، حتى آننا الحزين، ذلكم الآن الذي طغى فيه تيار التغريب الذي لم يدرك الغاية من الحياة ولم يؤمن بها فشقيت نفسه وعاش الحياة برؤية سوداء قاتمة، واتجاهات معتمة كابية متأثرًا بأزمات نفسية وحضارية يعيشها المجتمع الغربي الذي يختلف اختلافًا جذريًّا عن المجتمع العربي الإسلامي. عاش هذا التيار التغريبي تائهًا متخاذلاً، غارقًا في ملذات الجسد بكل ألوانها، محاربًا العفة والأعفاء، شَموسًا جموحًا نافرًا من ثوابتنا الحقة، معتمدًا على عقائد الآخر وتصوراته الفكرية عن الحياة والألوهية والطبيعة وعلاقة الإنسان بذلك كله وبغيره، داعيًا إلى أن تكون هذه العقائد الغربية دينًا جديدًا للبشرية ينسف جميع ما عرفت من شرائع وعقائد، ثائرًا على الثالوث المميز لنا: الدين واللغة والقيم الطاهرة... وبذلك ضل هذا التيار بلبسه زيَّ الآخرين ومعاولَهم. تلك حقيقة قررها كثير من مؤرخي الفكر والحضارة الأصلاء  النبلاء.

ومن هنا كان لابد للمدرسة الأدبية الإسلامية العريقة أن تصحو وتحرص على الحضور في الساحة الشعرية رغم ازدحامها بالزبد والأصفار، الحضور الفاعل في الروابط والأندية الأدبية، وفي الجرائد والمجلات، وفي الجوامع والجامعات، وفي المطبوعات والدوريات، المطبوعة والإلكترونية، وقد كان ذلك الحضور بفضل كوكبة من مخلصي الأمة، من الدعاة المعاصرين إلى الأدب الإسلامي، والنشطاء في حقله المبارك: إبداعًا وتنظيرًا وتحفيزًا. من هؤلاء أستاذنا وحبيبنا الدكتور بسيم عبدالعظيم، الذي عاشرته يسير في ركب حزب الكلمة الطيبة الخضراء سيرًا حيًّا وحيويًّا وعفويًّا في غالب تجاربه، فلا تمر عليه مناسبة، ولا نص شعري فذ إلا كان له معه وقفة منفعلة به وفيه: بحثًا ونقدًا بقلمه الأكاديمي، أو معارضة وتناصًّا بمخيلته الشاعرة.

وقد عشت مع شعره في ديوانيه المطبوعين، وبقية أشعاره المنشورة إلكترونيًّا، فوجدتني أراه يمثل الإنسان الكلاسيكي المحافظ على ثوابت وتقاليد تمثل في قلبه وعقله خطوطًا حمراء، لا يمكن تخطيها أو تجاوزها أو الاعتداء عليها أو النيل منها. وقد ناجى بشعره ربَّنا-عز وجل، ومدح نبينا، صلى الله عليه وسلم، وصور مجتمعه الأول:الأسرة، ثم مجتمعه الأوسط:بيئات التعليم، ثم مجتمعنا الأسمى: مصرنا، ثم مجمتمعنا الأعلى: أمتنا العربية والإسلامية، حيث الإسهام بشعره اللَّمْحِي السريع الخاطف في كل ما يُستدعى إليه من مناسبات سياسية أو اجتماعية أو ثقافية.وهو بهذه الرؤى الشعرية يمثل نموذجًا إنسانيًّا وسطًا في تعامله مع الحياة والأحياء . ومن ثم جاءت قراءاتي هاته معنونة بـ:"خماسيات الإنسان في شعر الدكتور بسيم عبدالعظيم".

 ويمكنني أن أحدد مدارات شعره الموضوعية  في خمسة محاور، هي:

-         بسيم المسلم

-         بسيم المُحِب

-         بسيم الواصل

-         بسيم الإلف

-         بسيم المعارض

إنه شاعر ملتزم منتم تجاه الإنسان والمكان بصدق، منطلقًا من أن الشعر للذات  والحياة معًا، بكل ما فيهما من قضايا وأحاسيس، وآلام وآمال.

الدكتور بسيم عبدالعظيم ابن المدرسة الكلاسيكية

مع بداية العصر الحديث واطلاع المثقف العربي على آفاق رؤيوية رحبة منداحة, تَفِد إليه من كل صوب وحدب: من شرقه السماوي روحًا، إلى غربه الأرضي مادة, مع هذه البداية العالمية العِلْمية، بدأ يظهر مناخ جديد في البحث الأدبي, وهو ربط الأدب بالعلوم الإنسانية المختلفة من تاريخ واجتماع ونفس وفلسفة وغيرها. وهذا الربط أثمر مجالات نقدية جديدة في آلياتها وإجراءاتها.  و شعر حبيبنا (الدكتور بسيم) لا يمكن لباحث قراءته قبل التعرف على شخصه، فهما صنوان مصهوران، فشعره شخصه، وشخصه شعره، إنه شاعر اجتمعت فيه – وله – جملة من المؤثرات الخارجية البارزة،  التي جعلت منه الشاعر الكلاسيكي المحافظ الاتباعي الإحيائي،  وشعره مزدحم بكثير من الإشارات والومضات والوقائع، التي لا يمكن تحليلها من خلال استنطاق بنية الشعر وحده، بل لا بد من تتبع مسيرة شاعرنا منذ المنشأ حتى لحظتنا هذه، تتبعًا مكثفًا عميقًا، يعتمد على الفقه النقدي لا التسجيل التاريخي! لننقل المحيط الذي نما منه وفيه، ونتبين التربة التي مهدت لهذا النمو إبداعًا وتلقيًّا([1](.

 نعم ينتمي (الدكتور بسيم)، منذ وُجِد ومنذ عرفته وقرأته إلى المدرسة الكلاسيكية الإسلامية المحافظة: قلبا وقالبا، على الرغم من شخصيته الررومانسيته! يقول أستاذنا الدكتور محمد فكري الجزار في تقديمه ديوانه (لو تطلبين العمر) رابطًا بين شخص المبدع ونصه الإبداعي:" وبالمناسبة لولا مهنة الباحث لكان الدكتور شاعرًا بالفعل، فعدد غير هين من أبيات قصائد الديوان يتمتع بقدر كبير من الشاعرية الرومانسية التي تعود إلى طبيعة شاعرنا الشخصية التي أراها يقينًا مطابقة لاسمه "بسيم". وشاعرنا بسيم بالفعل، لا يكاد يغضب لشيء أو على شيء مرةً في العام أو العامين، يألف الناس على ما هم عليه، وقد يألفونه على ما هو عليه من رضًا . وها هو الديوان شاهد صدق على ما أقول؛ ففي قصيدة واحدة غضب البسيم، ولكن طبيعته خالطت غضبه كثيرًا. ولمعرفتي بالشاعر لا أعجب من هذا القدر من الرومانسية المفرطة تجاه كل من كتب عنهم أو لهم قصائد هذا الديوان([2](" .

ففي هذه الفقرة النقدية الجزارية نرى الربط الواضح بين خارج النص وداخله، وبين شخص المبدع وإبداعه، فنحن أمام شاعر له من اسمه وشخصه كل نصيب: هو (بسيم) في شخصيته، راضٍ، صافٍ، هادئ مُهدِّئ هادٍ ، إلف مألوف، غارق في ذاتيات ووجدانيات، واجتماعيات. إنه أنموذج للإنسان الذاهب إلى النبل والكمال بدرجة عالية مستمرة، نحسبه كذلك والله حسيبه، ولا نزكي على الله أحدًا، كتب الله لنا وله حسن الختام.

إن(الدكتور بسيم): إنسانًا وباحثًا ومبدعًا يرفض أن يتشتت في ربوع الطلاسم والمباهم والغمائم والكلام العقيم، فلا يخبط في الدياجي تائهًا، بل يرى الإبداع صدعًا وجهرًا وبيانًا وإعلامًا وإعلانًا، كما يقول شاعرنا وحيد الدهشان:

الشعر ما اخترق الحواجز موغلا           في النفس لا يكبو ودون تلعثم

الشعر ما شق الصدورَ بريقُه                و أنــار فـــيــهــا كلَّ درب معتم

الشعر ما اصطحب النفوس مطيعةً            نحو العلا عبرَ الطريقَ الأقومِ([3])

إن (الدكتور بسيم) شاعر، انصهر بأشعاره في بُوتقة الإسلام منذ بداياته الإبداعية الأولى، منذ الثمانينيات من القرن المنصرم، فصار الشعر لديه وسيلة إبداعية مُوظَّفة ومُستدعاة، للتعبير عن كل محمدة ومنقبة، ورصد حركة المد الإسلامي، هاتفًا لجيل جديد، جعل الإيمان أساس كل غرس ومنهج كل عصر، باثًّا في أبناء الإسلام أسباب الفخر والحماسة، مشعلاً جذوة الجهاد في بنيه على اختلاف أهوائهم، مقدمًا نفثات غيور وصرخات مهموم مكلوم، ذابت نفسه واكتوت للواقع الإسلامي الأليم. شاعر إسلامي حتى النخاع، جماهيري التوجه، يكاد يكون شعره إعلاميًّا وإعلانيًّا، يصل إليه كل متلق بسهولة ويسر، شاعر عرف كيفية الوصول إلى الناس في اللحظة المناسبة، من خلال لغة شعرية مرتجلة مباشرة تقليدية محافظة.

وليست تلك مبالغات لا واقع لها، فقد عاشرت (الدكتور بسيم) الشاعر والإنسان منذ منتصف التسعينات، فوجدته رجلاً حركيًّا لا يكسل ولا يخمد، يسير حاملاً قلمه، منتقلاً من ميدان إلى ميدان ومن ناد إلى ناد.  إنه يحيا ضمن ثُلَّة يجمع بينها حب الشعر وإقامة عكاظه بين أبناء العروبة، وإثبات حضوره في ابتلاءات الأمة في هذا الكون التائه!

مكونات الشخصية

إن قراءة في السيرة الذاتية لإنساننا (بسيم)، توقفنا على العوامل المكونة لشخصيته، والتي تتمثل في بيئته الأولى، ثم تعليمه، ثم تخصصه الأكاديمي، ثم هجرته الخارجية، ثم حضوره الفاعل في منتديات الثقافة والإبداع، هذا إضافة إلى ما منحه الله من حس مرهف، وذوق سليم، وبديهة طريفة. وهاك قارئي بيانًا تفصيليًّا بتلك المكونات:

    إنه (بسيم عبد العظيم عبد القادر إبراهيم)، من  مواليد محافظة المنوفية، بجمهورية مصر العربية سنة 1959م. تلك المحافظة التي تقع شمال العاصمة (القاهرة( في جنوب دلتا النيل، وعاصمتها هي مدينة (شبين الكوم)، تلك المحافظة التي صهرته صهرًا عجيبًا حتى إنه ليمثل الشخصية المنوفية في أجلى صورها، تجده مقدامًا، طموحًا، جادًّا، حاضرًا في كل مجمع علمي أو أدبي أو خيري بفعالية وإتقان وإخلاص، يفرح للجميع، ويُفرح الجميع، ويفرح له الجميع، يكوِّن شبكة علاقات كبيرة متنوعة بشريًّا وجغرافيًّا وأيدلوجيًّا وثقافيًّا، حتى صار حبيبنا (الدكتور بسيم) في مخيلتي ذلكم الإنسان الأبيض الوسط دائما وأبدًا. كما أن هذه المحافظة تغرس في بنيها الوطنية العملية التامة الخالصة المخلصة، وهذا ما نراه بعدًا رئيسًا في منتجه الشعري بديوانيه المطبوعين، كما سيتضح في قادم الصفحات، إن شاء الله تعالى.

وقد تنقل في التعليم العام، حتى حصل على ليسانس آداب وتربية (شعبة اللغة العربية) من جامعة المنوفية سنة 1981م، ثم ليسانس آداب (شعبة اللغة العربية)من جامعة عين شمس، سنة1984م،

وقد رُزق بتلقي علوم العربية وآدابها على يد مجموعة من الأساتذة الأزهريين الأصلاء الكبار أمثال: الدكتور محمد فتحي أبوعيسى، والدكتور محمد حسن جبل، والدكتور محمد محمد أبوموسى، والدكتور عبدالله الشاذلي، والدكتور أحمد  الحفناوي، والدكتور السيد مرسي أبوذكري. وهم – رحم الله من رحل منهم، وبارك فيمن بقي- قامات جليلة وأعلام أصيلة جزلة فذة، إضافة إلى الشيخ الجليل عبدالعزيز شلبي، والشيخ أحمد منصور، وهما من كبار قادة منطقة المنوفية الأزهرية في هذا الزمان.

ثم كان تعليمه الأعلى في الدراسات الأدبية الأندلسية؛ حيث حصل على درجة الماجستير في الأدب الأندلسي من كلية البنات بجامعة عين شمس، عام1991م بتقدير ممتاز، وموضوعها: (الصورة الشعرية عند ابن خفاجة الأندلسي).
ثم حصل على درجة الدكتوراه في الأدب الأندلسي من كلية البنات بجامعة عين شمس،عام 1995م بمرتبة الشرف الأولى، وموضوعها: (شعر الأسر والسجن في الأندلس: جمع وتوثيق ودراسة). ثم كانت دراساته المتنوعة في الشعر الحديث والمعاصر.

وكان عمله ذا صلة بالإبداع الشعري، فعلى الرغم من تعيينه  معيدًا في كلية التربية بجامعة المنوفية سنة1982م، إلا أنه كتب له الانتقال إلى كلية الآداب  بجامعة المنوفية، للعمل مدرسًا مساعدًا بقسم اللغة العربية وآدابها سنة1991م.  ثم ترقى في عمله إلى درجة مدرس الأدب العربي والنقد بذات القسم وذات الكلية سنة 1995م. وهذا يفسر لنا اعتماد شاعرنا في كثير من نصوصه على تجارب الماضى وخبراته، ونهله من المخزون الثقافي التراثي المتراكم لديه عبر سنى حياته الممتدة والصاخبة.

ثم كانت هجرته إلى المملكة العربية السعودية للعمل أربع عشرة سنة أستاذًا مساعدًا للأدب والنقد بكلية التربية للبنات بالأحساء من 1998م حتى 2010م، ثم أستاذًا مساعدًا للأدب والنقد بكلية الآداب في جامعة الملك فيصل بالأحساء من سنة 2010م حتى سنة2011م. .وقد أثرت فيه هذه الهجرة تأثيرًا بارزًا في شعره، حنينًا، واغترابًا، وفخرًا بالإحساء مكانًا وإنسانًا، فصار له شعر مهجري ذا سمات خاصة.

المبدع الميداني:

ثم قدر لشاعرنا (الدكتور بسيم) أن يتفرغ تمامًا في عمره الخمسيني للكلمة الأدبية، ويحتك مع أهليها، بعد أن عاد من عمله بالمملكة العربية السعودية في عام 2011م إلى العمل بقسم اللغة العربية وآدبها في كلية الآداب بجامعة المنوفية، لتدريس الأدب العربي القديم، والمشاركة بأبحاثة ورؤاه في عملية البحث العلمي، والمتابعات الثقافية، فأخذ  يمارس نشاطه الإبداعي والثقافي في منتديات مصرنا الفاعلة من خلال عضويته بمجلس اتحاد الكتاب بمصر، ونيابته رئاسة اتحاد كتاب مصر، فرع المنوفية، ثم كونه محاضرًا مركزيًّا بالهيئة العامة لقصور الثقافة، وكونه عضو رابطة الأدب الإسلامي العالمية، وغيرها من الاتحادات والروابط، مما كان سببًا في مئات التجارب الشعرية، وعشرات الأبحاث الأدبية والنقدية. ونشرت له قصائد عديدة في دوريات مطبوعة داخل مصر وخارجها، وله معارضات شعرية مع كثير من الشعراء القدامى والمعاصرين، نشر بعضها في المجلات وبعضها في المنتديات الأدبية على الشبكة العنكبوتية، ومن أبرزهم المتنبي، والشاعرة الفلسطينية الأستاذة نبيلة الخطيب، والشاعرة المكية الدكتورة إنصاف بخاري، والشاعرة الأحسائية الأستاذة بشاير محمد، والشاعر الأردني الأستاذ بسام دعيس أبو شرخ، والشاعر السوري المهندس فواز عابدون، والشاعر السعودي المهندس جاسم الصحيح، والشاعر الأحسائي الأستاذ عبد الله العويد، والشاعرة الأردنية بسمة الفراية، والشاعرة المصرية رنا العزام، والشاعر الدكتور شعبان عبد الجيد، والشاعر الأستاذ محمد فايد عثمان، والشاعر الدكتور علاء جانب والشاعر ثروت سليم وغيرهم.
شعره:

أخذ (الدكتوربسيم) يشارك بشعره الكلاسيكي التقليدي، الذي يمثل ظاهرة إبداعية في نقدنا السلفي تسمى"شعر العلماء". وهو شعر صادر عن عالم باحث في المقام الأول، يستَدعيه في كل مكان يكون فيه الشاعر أو في أية مناسبة تطرأ أو تستحوذ عليه، أو يكون صادرًا عن معارضة وانفعال فني بتجارب الآخرين من السابقين عليه أوالمعاصرين له. شعر ينتهج البيانية والوضوح والخطابية والمباشرة تقنيات أساسية في بنائه الشكلي واللغوي. وقد نشر من أشعاره حتى الآن ديوانين، هما:

*الديوان الأول: (هموم وأشجان) [طبع سنة 2004م] ([4]).

ويمثل شعر البدايات الطفولية العفوية، وشعر المراهقة الإبداعية، والنزعات التعليمية والمناسبات الاجتماعية، ويشتمل على سبع وعشرين ومائة (127) تجربة شعرية. وقد عنون الشاعر ديوانه بعنوان قصيدته(هموم وأشجان) التي أبدعها في يناير سنة1988م، بمناسبة انتفاضة أطفال الحجارة الأولى التي اندلعت في ديسمبر سنة 1987م([5]). ولعل ذلك إشارة منه إلى أنها أعلى وأفخم قصائده فنيًّا في تلك المرحلة الإبداعية.  وقد احتوى هذا الديوان التجارب التي أبدعت منذ بدايته سنة 1980م، حتى سنة 2004م، وفيها شعر لمحي خاطف عجل، ارتجل ارتجالا، يغلب عليه قصر النفس الشعري بهيمنة النتف والمقطوعات على القصائد، وكون القصائد محدودة من حيث عدد الأبيات حيث تتجاوز أكبرها الأربعين بيتًا . كما يلاحظ  تكرار في الإيقاع والأفكار، وكسر الإيقاع أحيانًا!  وقد أحسن شاعرنا إذ التزم فيها الترتيب التاريخي ففي ذلك عون على تبين تطور الشاعر في شخصية بسيم. وإقدام شاعرنا على طباعتها ونشرها بكل ما فيها هنات ومؤاخذات شجاعة تحسب للشاعر، تدل على صدقه، يقول في تقديمها:"قمت بنظمها كما شعرت بها؛ فهي صورة نفسي وعنوان ذاتي، أطرحها بين أيديكم عارية عن لباس الخيال والصورة المجنحة التي هي جوهر الشعر([6])". ومن ثم نالت نقدًا حادًّا من الأستاذ سعد البواردي، بعنوان:"استراحة داخل صومعة الفكر: هموم وأشجان للدكتور بسيم عبدالعظيم عبدالقادر".

وإن كنت أطالب شاعرنا الآن أن يعيد نظره الإبداعي في تجارب هذا الديوان الضعيفة، بعد أن احتكت بالنقاد وطالبوه بتنقيحها، فيعيد صياغتها، لتكون من الشعر المحكك المنقح.

* الديوان الثاني: (لو تطلبين العمر) [طبع سنة2011م] ([7]).

ويمثل شعر المبدع الصانع المغترب المتأنِّق، ويشتمل على ثلاث وستين(63) ([8]) تجربة شعرية. واثنتين ليستا له: إحداهما للدكتور عبدالرحمن العشماوي «أيا شعب مصر»، وقد عارضه بسيم بقصيدته التالية «أيا شاعر الحق»، وثانيهما يقع بآخر الديوان للشاعر أحمد محمد عبدالهادي، وعنوانه «هموم وأشجان»، وهو ثناء على الشاعر وتقريظ لديوانه الأول الذي أهداه للشاعر. وجميع قصائد الديوان من الشعر العمودي، عدا «في دروب العشق» فهو من شعر التفعيلة، وقد جاء على وزن الرمل.

ويحتوي هذا الديوان على الأشعار المنتقاة من رحلة الغربة، والأشعار التي أبدعها عقب عودته من هذه الغربة. ويمكن تحديدها تقريبًا في الفترة من 2004حتى سنة 2011م. وقد عنون الشاعر ديوانه بعنوان قصيدته(لوتطلبين العمر) التي أبدعها في الأحساء 6/4/ 2007م. وهي أيضًا قصيدة فذة مغايرة، تدل على الشعر البسيمي الخاص به دون غيره من سابقيه أو معاصريه، عبر فيه عن تجربة رومانسية عاطفية صادقة([9]).  وقد شرفت هذه المجموعة الشعرية بتقديم ناقدنا المحترف الدكتور محمد فكري الجزار، والذي اشتمل على التوصيف الصريح الصادق الجريء لمنتج الدكتور بسيم الشعري، كما احتوى على أبرز التقنيات الفنية في هذا المنتج.

والتجارب في الديوانين مصبوبة في القالب العروضي البيتي ذي الوزن الواحد، والقافية الموحدة غالبًا، وتنحصر تجاربه في أبحر تسعة، هي: (البسيط، الكامل، الوافر، المتقارب، الرمل، الخفيف، الرجز، الهزج، المجتث). وخلا ما طالعته من شعره من الأبحر العصية الجزلة النادرة مثل الطويل والمنسرح والسريع والمديد، ناهيك عن المقتضب والمضارع!

والتجارب متنوعة من حيث الكم البيتي بين البيت اليتيم، والنتفة والقطعة، والقصيدة، مع غلبة الشكل المقطوعي، وقد استقاها الشاعر من بيئته الشخصية، والعلمية والاجتماعية والثقافية التي عاش ويعيش فيها .

وله تحت الطبع ديوان بعنوان: (نبضات أحسائية). وقد نال شعره عددًا من التلقي الكتابي الصحفي الدِّعائي، وعددًا من القراءات  البحثية النقدية....

المحور الأول:بسيم المسلم

هذا بعد رئيس في شخصية الدكتور بسيم المحافظة؛ إذ له تجارب إسلامية كثيرة في ديوانيه، وفي أشعاره التالية، وقد تنوعت أغراض تجاربه الدالة على تدينه الإسلامي بين المناجاة، والحب النبوي، وتصوير الشعائر الدينية والمناسبات العبادية، والوقائع والأعلام الإسلامية. وهاك بيانها:

أما (المناجاة) فنجدها في قصائد: (دعاء([10]))، (أستغفر الله([11]))، (سبحان الله([12]))، (هذي الحياة([13])). يقول في قصيدة (دعاء) مستعينًا بربنا في مواجهة الخلق،:

إلهي إنني أشكو إليكم      عبادك والذي ألقاه منهم

ثم يختم قائلا:

رضاؤك رب عني جل قصدي   ينجيني ويهديني فأغنم

وفي قصيدة أستغفر الله :

يا رب هيء لنا من أمرنا رشدا    واستر بفضلك ما سرا فعلناه

واجعل لنا ربنا نورا نسير به   على الصراط فإن الواهب الله

والتسبيح نوع من المناجاة في قصيدة(سبحان الله) يقول:

سبحان ربي فالق الإصباح   الخالق الرزاق في إسماح

قد خصني الرحمن منه بنعمة   أكرم بها من منعم فتاح

وتجد المناجاة تدبرًا وتأملاً، في قصيدة (هذي الحياة)، التي فيها خلط بين إيقاعي البحرين: البسيط والكامل! يقول في مطلعها:

هذي الحياة لماذا نحن نحياها   وقسوة العيش فيها كيف نرضاها؟

ويظل في تسآله إلى أن يقول:

أفلسف هذه الدنيا بعقلي        ولكن أي عقل لي وعاها

أعود فأذكر الرحمن ربي     ومن سبر الحياة فقد براها

ثم يختم قائلا:

فصبرا إن وعد الله حق        سيجزي الصابرين على بلاها

أما الحب النبوي فنجده في قصائد: (هادي البرية([14]))، (يا رسول الله([15]))، و(في رحاب المدينة المنورة([16]))، وقصيدة(جناح الشوق([17])). ففي قصيدة (هادي البرية) نجد شعرًا مولديًّا، يستدعي فيها رسولنا الخاتم ليعالج واقعنا المريض، فيقول:

قم يا محمد بيننا إنا لفي   نوم عميق نحن كالأموات

               جدد لنا دينًا تبدل بيننا         فغدا ترانيمًا وتعويذاتِ

لا نبض فيه ولا حياة وإنما   جعلوه محض عبادة وصلاة

سصلى عليك الله في ملأ العلا     وعليك صلينا بكل لهاة

أرج بذلك من إلهي عفوه     وشفاعة تمحى بها حوبائي

والرسول الخاتم حي دائما في تجارب الشاعر يقول في مطلع قصيدته(جناح الشوق):

جناح الشوق طار بنا لأرض        بها خير البرية أجمعينا

رسول الله جئتك من بلاد           أتاكم وفدها متبتلينا

والشعر النبوي عند الدكتور بسيم دفقات ذاتية خاصة، ليس فيها تقليد لنموذج سابق، تدور حول شذرات من السيرة النبوية، وبث شكوى من الواقع إلى المقام النبوي الشريف.

أما شعائر الإسلام عند الشاعر فقد تمثلت في تجارب خاصة بشعيرة الصيام، وهي (شهر الصيام([18]))، و(ليلة العيد)، و(يا عيد([19]))، وتجارب خاصة بشعيرة الحج، وهي: (من هجر إلى مكة)، (تحية وشوق)، (من وحي الحج)، (أهواك يا مكة)، و(موكب الإيمان)، و(صحبة الأخيار) ([20]).

والأعلام الفذة في الأمة تفرض نفسها على الشاعر، في قصيدة( شاعر الإسلام([21]))، عن الشاعر الإسلامي السعودي الكبير الدكتور عبدالرحمن العشماوي، وقصيدة(حفيد الفاتحين([22])) وهي عن المرابطين في القدس وفلسطين)، وقصيدة(إمام دعاتنا([23])) وهي عن فضيلة شيخنا الشعراوي، رحمه الله تعالى، وألقيت أمامه وفي رحابه المبارك، وفي قصيدة(طائر الشوق([24])) تعديد لأبطال الإسلام، وحث على استعادة مجد الأمة ونصرة الحق في آننا. وتكاد تكون قصيدة(يا شباب الدين([25])) نشيدًا شعريًّا اسنتهاضيًّا لشباب الأمة إلى الالتزام والجد، يقول:

يا شباب الدين سيروا            في ظلال الدين نور

في سبيل الله ضحوا          في سبيل الله ثوروا

إنما الإسلام كنز            ليس يفنى أو يغور

فيه للدنيا نجاة           فيه للخلق سرور

أما المناسبات والأحداث الإسلامية فتمثلت في تجارب ثلاثة استنهاضية خاصة بقضية فلسطين والأقصى، (إلى أن تشرق الأنوار)، و(هموم وأشجان) ، و(الدرة([26])). 

وتوجد تجارب تتجه وجهة وعظية نصحية تمثلت في: (فصل الصيف)، التأمل في الناس)، (الزلزال)، (موكب الإيمان)، و(دين السلام([27]))

المحور الثاني:بسيم المحب:

الحب عند شاعرنا عاطفة تجاه المرأة الجميلة النبيلة حينًا  والمكان/الوطن حينًا آخر، وهو فيهما صادق صريح.

أما حب المرأة الجميلة النبيلة فنجده في تجارب عشرين بديوانه الأول(هموم وأشجان):(بلوت الحب)، (القلب يهواك)، (لست أدري)، (سأنسى)، (سلام مع الماء)، (إلى كريمة)، (من وحي البحر)، (أثناء الخطوبة)، (نجوى)، (بيني وبين زوجي)، (بين صديقي وزوجي)، (لوعة)، (إلى ذات الخمار الأخضر)، (دعوت ربي)، (خير متاع)، (زوجي والأحدية)، (سهم قاتل) (ته يا غزال) (ادعاء) (انت الأميرة) ([28]). وهي تجارب متدرجة تاريخيًّا، تسرد قصة حب (بسيم) مراهقًا وشابًّا وزوجًا، منذ سنة 1980 حتى سنة 2003م.

أما في ديوانه الثاني فنجد سبع عشرة تجربة غزلية وجدانية، هي: (نديم الليل)، (خطاب الحبيب)، (لو تطلبين العمر)، (أين الحبيب)، (أعلنت حبك)، (عيني فدى عينيك)، (قالت سأحفظ شعركم بفؤادي)، (حنين واغتراب)، (في دوب العشق)، (حطي اللثام)، (أخاف عليك)، (الشعر منك)، (مساء الفل)، (قالت أدركني)، (أنا والمرايا)، (نديم الليل)، (يا مهاة كريمة) ([29]).. إنها إذن سبع وثلاثون تجربة من خالص الشعر البسيمي وأصفاه وأطبعه وأنصعه، ليس فيه معارضة لآخرين أو تأثر بآخرين، بل كلها إبداع ذاتي وجداني محافظ، ومن ثم تنال استحسان كل متلق، وتدخل شاعرنا عالم الشعر الحالم. يقول الدكتور محمد الجزار:" وقد كانت مناسبة انفراد شاعرنا دون أسرته في الغربة مناسبة حرة لبث مكنون لوعاته، فمن أجمل قصائد الديوان على الإطلاق قصيدة "طيف الحبيب" ، تليها في الجمال القصيدة التي أخذ الديوان عنوانها "لو تطلبين العمر"، وكذلك قصيدتا "أين الحبيب" و"أعلنت حبي"، حيث الصدق العاطفي يفرض الصدق الفني بشكل ميز القصائد الأربع من كل قصائد الديوان([30])".      



([1] ) راجع: في النقد الأدبى ص68 للدكتور شوقى ضيف، والرؤيا الإبداعية في شعر الهمشرى ص14 د/ عبد العزيز شرف، سلسلة اقرأ عدد 46 , طبع دار المعارف سـنة 1980 م0

([2] ) من تقديم أستاذنا ديوان لوتطلبين العمر ص5، الطبعة الأولى سنة 1433هـ=2011م.

([3] ) مجلة المهندسين عدد 431، سنة 1992م. ص73.

([4] ) دار المعالم الثقافية بالأحساء – ط 1 – 1425هـ/2004م.

([5] ) الديوان ص53، وقد ألقيت في مهرجان الشعر بكلية التربية بجامعة المنوفية في يناير سنة 1988م، ونشرت في غير مجلة ودورية.

([6] ) هموم وأشجان ص7.

([7] ) طبع مؤسسة المختار بالقاهرة ـ ط1 ـ 1433هـ/ 2011م.

([8] ) من مقال نقدي للدكتور مصطفى أبوطاحون، وقد ذكر أنها أربعة وستون نصًا من الوجهة الكمية .. لكن نص «نديم الليل» يتكرر مرتين في ص 77، ص 171!

([9] ) لو تطلبين العمر ص141. وهي عشرون بيتًا من البحر الكامل التام.

([10] ) هموم وأشجان ص21.

([11] ) لوتطلبين العمر ص19..

text-al

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 584 مشاهدة

الأستاذ الدكتور صبري فوزي عبدالله أبوحسين

sabryfatma
موقع لنشر بحوثي ومقالاتي وخواطري، وتوجيه الباحثين في بحوثهم في حدود الطاقة والمتاح. والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

296,509