كيف يمكن للمنظفات أن
تلوث البيئة؟!
لم تبرز مشكلة التلوث البيئي إلا بعد استخدام المنظفات المصنعة (أو المنظفات اختصاراً) بشكل واسع، والتراجع في استخدام الصابون التقليدي العادي بسبب العامل الاقتصادي، والقدرة التنظيفية، وكذلك بسبب احتواء هذه المنظفات على المواد المضافة بنسب عالية، وبنوعيات متعددة.
وأهم الآثار البيئية التي يرجع سببها إلى المنظفات هما:
1- تلوث المياه بالرغوة
2-ظاهرة الإخصاب العضوي الزائد.
ظاهرة الإخصاب العضوي الزائد
تحتوي التجمعات المائية، وخاصة السطحية، المتحركة والرّاكدة، على دورة حيوية وسلسلة غذائية معقدة، وبشكل منظّم ومتوازن بيئياً. يتأثر هذا التوازن بشدة نتيجة النشاط البشري المتنوّع. وكذلك تكون المياه القادمة من مناطق النشاط البشري غنيّة بالمواد العضويّة، وهذا يعتبر جانباً إيجابياً، حيث تتزوّد الكائنات الحيّة بالطاقة اللازمة لنشاطها الحيوي من هذه المواد العضويّة، على شرط أن تكون بكميات معقولة.
في البحيرات الملوثة بالفضلات المنزلية والمنظفات الغنية بالفوسفات بأنواعها، يحدث نمو شديد للعديد من النباتات، يترافق بنقص شديد في الأكسجين المنحل في الماء، الأمر الذي تعاني منه المكونات الحيوية الحيوانية في هذه الأوساط البيئية المائية، ويؤدي ذلك إلى موت آلاف الأسماك، وتزايد العمليات اللاهوائية في هذه المياه، فتنشر الروائح الكريهة منها، ومن الخزانات التي تُعبأ منها، وتعرف هذه العملية بظاهرة الإخصاب العضوي الزائد (Eutrophication)، التي تؤدي إلى إنسدادات خطرة في المصافي، وعدم صلاحية شرب هذه المياه لاحقاً.
فظاهرة الإخصاب العضوي الزائد تؤثر سلباً في العمليات الطبيعية الكيماوية والحيوية التي تحتاج إلى عناصر الكربون والهيدروجين والكبريت والنيتروجين وأشعة الشمس، وكذلك إلى كميات محدودة من الفوسفور والبوتاسيوم والماغنسيوم، وإلى درجة حرارة محددة.
يكون المصدر الأساسي للفوسفور هو الفضلات الإنسانية والمنظفات. فإذا كان إنتاج الفرد الواحد من الفوسفور يقارب 0.5 كجم في العام الواحد، فإن المنظفات تضيف إلى هذا الرقم 1.5 كجم في العام. وهذا يدل على مدى صعوبة السيطرة على كميات الفوسفور التي تصل إلى مياه المجاري وإلى الأوساط البيئية المحيطة. ويلاحظ التأثير السلبي الكبير للفوسفات على النشاط الحيوي لمياه المجاري، وتبين الإحصائيات أن حوالي 40% من الفوسفور الذي يدخل المياه، هو من مصادر المنظفات لوحدها. وقد حدا ذلك العلماء بأن ركزوا على ضرورة وضع ضوابط للمياه المصروفة إلى المجاري العامة، بحيث لا يزيد المحتوى عن 30 ملجم/لتراً من المواد الصلبة المعلقة، و20 ملجم/لتراً من الأكسجين الحيوي المطلوب، وذلك في نهاية مصارف المياه. وكذلك الحفاظ على نسبة تخفيف مياه الصرف المنزلي، بحيث لا تقل عن ثماني مرات من المياه الطبيعية الجارية لكل وحدة من مياه الصرف الملوثة.
تؤدي المعالجة الأولية والثانوية إلى مياه تحتوي على حوالي 2-4 جزءاً من المليون من الفوسفات. ويزيد هذا المقدار عن 50 ضعفاً القدر اللازم للنمو الأقصى للطحالب، الأمر الذي يستوجب إخضاع هذه المياه للمرحلة المتقدمة من المعالجة. غير أن الحل ليس سهل المنال، فتحديد صرف الفوسفات يعني التحكم وخفض استخدام المنظفات، وهو أمر غير سهل ويجابه بمعارضة من الرأي العام. لذلك توجب البحث عن حل بديل.
وينصح الآن باستخدام منظفات تحتوي على الزيوليتات (Zeolite) بدلاً من المنظفات المحتوية على الفوسفور للتقليل من تلوث المياه بالفوسفات.
وتجدر الإشارة إلى أن تركيز الفوسفات في البيئات مازال قليلاً نسبياً، ولكن الوعي بالأخطار التي تهدد الأوساط البيئية، ألزم المجتمعات المتحضرة البحث عن المشكلة، وتشخيصها جيداً، وذلك لوضع الحلول الناجعة قبل الوصول إلى وضع بيئي خطر، قد يتعذر علاجه، أو يكون هذا العلاج باهظ الثمن.
ساحة النقاش