أخطاء متداولة عند كتابة البحوث أو تدريس مادة الأمراض النباتية
د. محمد عبد الخالق الحمداني
رئيس باحثين متقاعد/ تخصص أمراض نبات
مقالة مخصصة لموقع كنانة أولاين
يستخدم العديد من الباحثين العاملين بالأمراض النباتية أو الأساتذة القائمين على تدريس موضوع الأمراض النباتية لطلبة الكلية أو لطلبة الدراسات العليا بعض النصوص الخاطئة في التعبير عن حالة أخرى ليست لها علاقة بالنص الخاطئ. وحتى لايكون الموضوع المطروق في هذه المقالة يشمل الجميع ، فإن ما تقصده المقالة تقديم الأدلة على بطلان إستخدام تلك النصوص الخاطئة للتعبير عن ما يقصدونه. وحتى أكون منصفا مع الجميع ، فإن بعض هذه الأخطاء يكاد أن يقتصر على الأخوة العرب بسبب عدم الدقة في الترجمة عن الغة الأنكليزية:
أولا: الإستخدام الخاطيء لمصطلح الحساسية في التعبير عن الإستجابة المرضية أو السلوك المرضي في عناوين البحوث والأطاريح الجامعية
يلاحظ كثيرا ورود عناوين دراسات أو بحوث تكتب على الأشكال التالية:
1 . دراسة حساسية أصناف ..... ..... أو.
2. تقييم حساسية أصناف..... ......
3. مسح أولي لحساسية أصناف من ..........
إن إستخدام هذه التعابير أو المصطلحات لايقصد به بأن الباحث يعرف حق اليقين بأن أصنافه حساسة ولكنه يطلق كلمة الحساسية على إختباره ولاادري من أين تعلم أو نقل هذه الترجمة أو المصطلح... فهناك فرق كبير بين الحساسية وبين السلوك أو الإستجابة فقد تكون الإستجابة إيجابية تنعكس في أنواع إصابة عالية أو تكون إستجابة سلبية تنعكس في عدم وجود أي أثر للإصابة أو وجود انواع واطئة من الإصابة .. ويعبر السلوك المرضي عن نفس المفاهيم ...ولن نذهب بعيدا عندما نتسائل عن سلوك فرد تجاه حالة معينة أو فرد آخر ، لذلك أدعو الأخوة الباحثين وطلبة الدراسات العليا وكل الذين يتعاملون مع الأمراض النباتية أن يستخدمو العناوين التالية :
دراسة سلوك ... أو دراسة الإستجابة المرضية..... أو تقييم تفاعل العائل..... لأن الباحث العلمي يهدف ببحثه تحديد الأصناف الحساسة والأصناف المقاومة في منطقته أو بلده وقد تكون هذه الدراسة أول دراسة تقويمية لتلك الأصناف .... أي إنه لايعرف سلوكها أو إستجاباتها تجاه المسبب الممرض.....
ثانيا: إستخدام مصطلح المقاومة خطأ بدلا من المكافحة...
يستخدم البعض من العاملين بالأمراض النباتية كلمة المقاومة عندما يكتب معلومة عن أحد الأمراض النباتية ، فيجعل أحد العناوين الثانوية : المقاومة: ثم يبدا بتسطير أساليب المقاومة ويذكر منها على سبيل المثال:
<!--تقليل مياه الري
<!--تقليل التسميد الفوسفاتي
<!--التخلص من بقايا نباتات الموسم الماضي
<!--زراعة أصناف مقاومة
<!--إستخدام رشات وقائية من المبيد.... في الإسبوع ....... من الزراعة
<!--زراعة بذور معاملة بمبيد فطري
وغيرها من الأساليب التي قد تقلل أضرار الممرض....
ولندقق النظر في الأساليب المذكورة في القائمة ... ونسأل السؤال المهم ... وهو ما ذا نقصد بالإسلوب الرابع... زراعة أصناف مقاومة (Resistant Varieties)... ماذا تعني لنا كلمة المقاومة(Resistance) هنا ... ولعلمنا بأن ا لمقاومة هي أحد الصفات الموروثة في النبات .... أما المكافحة فهو فعل أو نشاط قد يطبقه مزارع محدد ويرفضه مزارع آخر ....
لذلك يجب علينا أن لانخلط بين الصفة والفعل أو بين العام والخاص ... فعندما نتكلم عن مرض معين ... نقول يكافح المرض الفلاني بأساليب عديدة منها على سبيل المثال:
إستخدام الأصناف المقاومة
إستخدام المبيدات الفطرية المناسبة
التسميد المعتدل
مكافحة الأدغال
تقليل فرص الإجهاد البيئي على النباتات
مكافحة الحشرات
زيادة التسميد البوتاسي
وغيرها من أساليب المكافحة.....
لذلك لامجال لحشر مصطلح مصطلح المقاومة كبديل لمصطلح المكافحة حيث هناك فرق كبير ما بين
Disease Resistance و Disease Control
ثالثا: الخلط مابين النسب المئوية لمعامل المرض (Percentage of Disease Index) وشدة الإصابة أو شدة المرض (Disease Severity) ...
يلجأ العديد من الإخوة الباحثين إلى إستخدام مفهوم معامل المرض (Disease Index) كبديل عن شدة المرض Disease Severity) حيث يطلق عليه بالنسب المئوية لشدة المرض مستخدما المعادلة الخاصة بحساب النسب المئوية لمعامل المرض (Disease Index (DI)...المكتشفة من قبل العالم ماكيني عام 1923 ...... ولكي نثبت خطأ هذا ألإستخدام ونتفهم الفرق بين شدة الإصابة وبين دليل الإصابة (المرض) نستعرض المثال التالي :
لدينا أربعة اصناف محصول معين ... المطلوب تقييم شدة الإصابة على جذور تلك النباتات بعد مرور فترة زمنية محددة من زراعتها بتربة ملوثة بممرض محدد..
ملاحظة : الممرض يحدث أعراض تعفن الجذور ....
إستخدم مدرج (Scale) لشدة الإصابة مؤلف من خمسة صفوف (0-4)وكالآتي:
0: لاتوجد أيه أعراض مرضية على المجموع الجذري
1: تعفن بعض الجذور الثانوية
2: تعفن أغلب الجذور الثانوية
3: وصول التعفن للجذر الرئيسي
4: تعفن كامل للمجموع الجذري وموت النبات.
في الجدول التالي نتائج 100 نبات (أربع مكررات) من كل صنف مدون فيها أعداد النباتات المصابة أزاء كل صف من صفوف المدرج وكما يلي :
* بعد فترة محددة كما ذكرت يذكرها الباحث في المواد وطرق العمل.. يتم قلع النباتات بشكل يحافظ على المجموع الجذري .....
* توزع النباتات الـ100 (أربع مكررات / بواقع 25 نبات للمكرر الواحد) على مواقع صفوف المدرج الخمسة .... يتم تقييم المجموع الجذري لكل نبات لكي يوضع في الصف المناسب لمستوى الإصابة (التعفن) الملاحظ على الجذور...
* يعمل جدول يتظمن النتائج ...وكما مذكور في الجدول 1 على سبيل المثال...
جدول 1: تقييم شدة الإصابة في نباتات أربع أصناف ...... بعد شهرين من زراعتها في تربة ملوثة بـ...............1
صفوف مدرج شدة الإصابة على الجذور2 |
أعداد النباتات المصابة في الأصناف3 |
|||
صنف 1 |
صنف 2 |
صنف 3 |
صنف 4 |
|
0 |
10 |
5 |
20 |
40 |
1 |
20 |
5 |
50 |
50 |
2 |
40 |
20 |
20 |
10 |
3 |
25 |
30 |
5 |
0 |
4 |
5 |
40 |
5 |
0 |
مجموع النباتات
|
100 |
100 |
100 |
100 |
المجموع الكلي لحاصل ضرب كل صف مع تكراره |
195 |
295 |
125 |
70 |
القيم الصحيحة لشدة الإصابة أو ما يعرف بشدة المرض |
195÷100 1.95
|
295÷100 2.95 |
125 ÷100 1.25 |
70÷100 0.70 |
معامل المرض Disease Index4
|
48.75% |
73.75% |
31.12% |
17.50% |
في كلا الحالتين يقسم المجموع على عدد النباتات X أعلى قيمة للمدرج أي 4 ثم يضرب الحاصل X 100 ...... |
||||
النسبة المئوية لما يعرف بشدة الإصابة % Disease Severity !!5 |
48.75 |
73.75 |
31.12 |
17.50 |
<!--نقلت شتلات بعمر... إلى التربة الملوثة بمعلق الفطر.... تركيز ...... وبواقع ...... /
<!--أستخد مدرج من خمسة صفوف (0-4) لتقييم شدة الإصابة (المرض) في جذور النباتات وكما يلي: 0= عدم وجود إصابة في الجذور، 1= تعفن بعض الجذور الثانوية ..................................................................
<!--حسبت أعداد النباتات المصابة بعد ..... يوم من زراعة الشتلات في تربة ملوثة زز
<!--أستخدمت معادلة ماكيني....... (..... ) في حساب معامل المرض في كل صنف
<!--القيم الخاطئة المستخدمة كتعبير عن النسب المئوية لشدة الإصابة أو المرض....
كيفية حساب شدة الإصابة:
جمع حاصل ضرب كل صف من المدرج مع تكرار حصوله بدأ من 0 حتى 4 وكما يلي:
صفرX أعداد النباتات الغير مصابة +1 X أعداد النباتات المصابة بشدة 1 + 2 X أعداد النباتات المصابة بشدة 2 + 3 X أعداد النباتات المصابة بشدة 3 + 4 X أعداد النباتات المصابة بشدة 4...... ثم يقسم المجموع الكلي على العدد الكلي للنباتات المختبرة (100) ......
لذلك فإن أي نتيجة متحصلة من هذه المعادلة ستقع ضمن مدى المدرج المستخدم من قبل الباحث(0ـ4) وليس قبله أو بعده ... وبذلك فإن القارئ ستتولد لديه صورة واضحة عن أي قيمة لأنه يعرف مواصفات كل صف من صفوف المدرج ... فلو كانت قيمة أحد الأصناف 3 لعرفنا وبسرعة وبدون تفكير بأن التعفن في نباتات هذا الصنف قد وصل إلى الجذر الرئيسي وهو صورة واضحة لنوع إصابة عالي.... أما لوكانت النتيجة أقل من 1 فإن ذلك يؤشر وبوضوح تعفن بعض الجذور الثانوية وهو ما يعكس وجود تفاعل واطيء في نباتات ذلك الصنف .......
أما القيم التي يحسبها البعض بأنها النسب المئوية لشدة الإصابة فالحقيقة هي لاتمثل ذلك بل هي قيم النسب المئوية لمعامل المرض وهي فكرة طرحها الباحث H.H. McKinney عام 1923 عندما درس تأثير كل من درجة حرارة ورطوبة التربة على إصابة بادرات الحنطة بالفطر Helminthosporium sativum .
Percentage of Disease Index = ∑nk/NK X100
لنعود إلى الجدول : ونسأل أنفسنا بتجرد كامل
لو أردنا أن نوصف الصنف الثاني ونقارنه مع الصنف الرابع ... يفترض بنا أن ننقل الصورة بشكل واضح للقارئ الذي إستوعب حدود الإصابة في كل صف من صفوف المدرج... فنقول له بأن معظم الجذور الرئيسية في نباتات الصنف الثاني مصابة بالتعفن بينما لاتتجاوز الإصابة في أطراف بعض الجذور الثانوية لنباتات الصنف الرابع.....
أم نقول له بأن الصنف الرابع أفضل من الصنف الثاني لأن النسبة المئوية لشدة الإصابة كانت 17.5 بالمقارنة مع 73.75%. ثم ماعلاقة هذه النسب المئوية بشدة الإصابة ... وقد يقوم الباحث بوضع حدود أو مديات محددة تعكس حساسية أو مقاومة الأصناف المذكورة بالتقييم كأن يقول بأن الأصناف التي تملك معامل دليل المرض اكثر من 50% تكون حساسة و عندما تكون القيم تحت 25 فهذا يدل على المقاومة .... بدون معرفة العوامل التي حددت ذلك .... بينما عندما نقول بأن الصنف الثاني حساس جدا للمسبب الممرض ... فلدينا الدليل... وهو إن معدل شدة الإصابة في جذور نباتاته 3 أي إن التعفن قد وصل إلى الجذر الرئيسي ..............
ومن الجدير ذكره بأن الباحثين (Datar&Mayee) عام 1981 أقترحا حساب قيمة دليل معامل المرض Coefficient of Disease Index من خلال المعادلة التالية :
النسبة المئوية للإصابة X دليل المرض (Disease Index) / 100
وقد ذكرا بأن قيم دليل معامل المرض يمكن أن تعطي لنا فكرة عن الخسارة المتوقعة... وقد أشار الباحثين إلى مصدر ماكيني عند إشارتهما لمعامل المرض...
رابعا: إقحام النسب المئوية للإصابة في أمراض الدورات المضاعفة (Multiple Cycle Diseases) كالأصداء والتبقعات واللفحات والبياض الدقيقي والبياض الزغبي....
فمن غير المناسب أن تتحدث عن حدوث إختزال في النسب المئوية للإصابة بالفطر المسبب لمرض البياض الدقيقي أو الصدا نتيجة لإستخدام مبيد معين أو عند تقييم الإستجابة المرضية لعدد من أصناف محصول معين ..... وذلك لأن هذه اللغة خاطئة جدا ولايجوز التحدث بها ...فالوحدات اللقاحية لمسببات أمراض الصدا مثلا تتساقط على سطوح جميع أوراق النباتات سواء أكانت الأوراق لعائل ذلك الفطر أو غير عائل...
إذن فإن نسبة الإصابة عادة ما تكون 100% سواء على الصنف الحساس ام الصنف المقاوم ... لأن جميع الأوراق أستلمت وحدات لقاحية للفطر المسبب ... ولكن الفرق بين الصنفين هو ما نراه على مواقع الإصابة ... حجم البثرات... وجود أو عدم وجود مناطق ميتة حولها....
لذلك يتطلب من الأخوة الباحثين الركون لقياس شدة الإصابة عند التعامل مع تلك الأمراض...
إن ما دفعني لإضافة هذه الفقرة ما أطلعت عليه في أحد الأيام من أن أحد الباحثين المكلفين بتقييم كفاءة مبيد في مكافحة البياض الدقيقي ... ذكر في تقريره بأن أحد المبيدات أختزل النسبة المئوية للإصابة من 76% إلى 20% ولا أدري كيف حسب ذلك.....
خامسا : عدم إستخدام تحليل Duncan Multiple Range Test (DMRT) في التجارب التي لهاأكثر من معاملتين للمقارنة بدلا من تحليل Least Significant Difference(LSD) :
يلجأ الكثير من الباحثين إستخدام إختبار LSD في الإشارة للفروق المعنوية بين المعاملات العديدة على الرغم من إن هذا الإختبار غالبا ما يكون مخصصا للمقارنة بين عاملين فقط وليس بين معاملات عديدة . إن كلامي هذا لاينتقص من هذا العمل ولكن الأفضل أن يصار إلى توضيف إختبار دنكان ذو الحدود المضاعفة وما يطلق عليه Duncan Multiple Range Test (DMRT) للأسباب التالية:
<!--ما نعرفه من إختبار LSD بإعتباره إنه يعكس الفرق المعنوي بين قيمتين....
<!--زيادة في دقة التحليل وإتساع الفروق المعنوية بين المعاملات المدروسة لأن القيم ستزداد عن قيمة LSD إعتمادا على عدد المعاملات. ومن المعروف بأن أقل قيمة في DMRT هي قيمة الفرق المعنوي بين معاملتين متجاورتين في المعدلات .... .
لذلك يلجأ بعض الباحثين إستخدام LSD ليريد خلق فروق بين المعاملات لاتصح عند تطبيق إختبار DMRT
<!--قد يلجأ بعض الباحثين من إستخدام إختبار LSD عندما توجد لدية أكثر من 10 معاملات أو أكثر .
سادسا : عدم الإهتمام بالجداول عند كتابة البحوث والأطاريح.
إن أول مقولة تقرأ على طلبة الدراسات العليا في درس الكتابة العلمية إن كان هناك درس يعطى لهم هي ... الجدول هو قلب البحث... وإن الجدول يجب أن يكون كاملا وكأنه بحث كامل...لذلك فإن أهم صفات الجدول في أي بحث أن يكون Self Explanation أي أن يكون موضحا لكل أرقامه وكبف جاءت أو حسبت . لذلك يجب أن يكون الشعار المرفوع إصلاح الجدول فإن صلح الجدول فقد صلح البحث... والمقصود بصلاح الجدول ... الأهتمام بما يحتوية من معلومات.. لازلت أذكر قول من درسني الكتابة العلمية في جامعة كنساس الرسمية في الولايات المتحدة عن الجدول...
قال بأنك لو عثرت على ورقة بها جدول لنتائج معينة... فبأس الباحث الذي كتبه .. إن لم تتمكن أنت من معرفة كل شي عن التجربة وموضوعها وإسم المحصول مثلا وإسم المسبب الممرض والموسم الذي جرت به التجربة والحسابات التي أخذت وغيرها من المعلومات ...
ولكي نحقق هذا المبدأ في إعتبار الجدول قلب البحث وإنه يشرح نفسه ... علينا بالإهتمام بالحواشي أو ما يعرف بـ Foot notes ... لا تبخس على أي جدول بالملاحظات ...
إن جدولا ببحث أو أطروحة خالي من الملاحظات ليس له قيمة علمية ,,,,
هناك اساليب لتأشير الملاحظات أسفل الجدول كإستخدام الأرقام داخل الجدول وأزاء الموقع الذي تريد توضيحه للقراء ...
كما إن من أوجه الإهتمام بالجدول .. اختيار عنوان واضح ومعبر.. مع عدم إستخدام أي ملخصات في العناوين كأن نكتب R.solani أو F.solani بل يكتب إسم الفطر كاملا .... كما إن من غير المعقول أن نرى جدولا لقراءات عن حاصل بفعل أربع أو خمس معاملات تسميد أو مبيدات أو غير ذلك ولا نعرف ماهو المحصول .... أو جدول لنتائج مرض ما على البطاطا ولا نعلم إن كانت النباتات المعاملة في أي موسم أو ما يطلق عليه بالعروة... العروة الخريفية أم العروة الربيعية ... لذلك علينا أن نولي الجداول أهمية عالية ولا نتقاعس عن كتابة حواشي أو حافات الجدول بغض النظر إن كانت مكتوبة في الجدول السابق أم في جداول سابقة ... فكل جدول مستقل بما يحتويه ....
سابعا : مبدأ الأرض المحروقة أو حرق المراحل:
يقترف بعض الباحثين أقسى أنواع الإجحاف بل الإعتداء العلمي على الرواد الأوائل عندما يتغافلون عمدا أم جهلا بأعمالهم لأنه يريد أن يظن الناس بأنه أول من فكر بالموضوع... ولأنه يريد أن يعتبر عمله وكأنه الأول في بلده أو منطقته من خلال عدم تكليف نفسه بالبحث عن من كتب بنفس الموضوع ... إن إغفال أعمال الغير بنفس الموضوع حتى لو كانت نتائجه مختلفة تتحمل تفسيرين لاثالث لهما وكل منهما أتعس من الآخر... فإما هي عملية مقصودة يريد بها أن يقول للقارئ أنه الأول ... وإما إنه لم يقرأ ما كتب عن الموضوع ... وهذه كارثة ليس لها أول ولا آخر... لأنها لاتعكس أحقيته بأن يطلق عليه باحث علمي.....
ثامنا: المصادر العلمية للبحوث المنشورة:
ينتابك نوع من الحزن على أساليب تدريس مادة الكتابة العلمية إن وجدت في الجامعات العربية .. لأنك تطلع في البحوث المنشورة أو في الأطاريح التي يكتبها طلبة الدراسات العليا إستخدامات خاطئة للمصادر العلمية التي يستشهد بها الباحث أو طالب الدراسات العليا في الأطاريح الجامعية ... حيث يستشهد الكثير منهم بمصادر ثانوية ذكرت فيها معلومة من المصدر الأساسي.. وعلى سبيل المثال.. فإن أكثر من 80% من أطاريح الماجستير والدكتوراة تستخدم مصدر الدكتور الجليل خاشع الراوي عند ذكر التحليل الإحصائي... ومع إحترامي وتقديري بل نحن العلميين في العراق نكن كل التقدير لهذا الأستاذ الكريم .. لكن إستخدام مؤلفه عن التحليل الإحصائي غير جائز... بل علينا ذكر المصادر الأساسية...وأنا على ثقة بأن استاذنا الكريم يوافقني الرأي...
أذكر بهذه المناسبة حادثة حصلت معي عام 1984 عندما وجدنا في العراق بأن مسبب مرض البياض الدقيقي في الجتMidicago sativa (الفصة)هو الفطرspp. Leveillula وليس Erysiphi spp. . كتبت بحثا قصيرا لمجلة الفطريات البريطانية Transaction of British Mycologia Society لأنه كشف جديد .. .. وبناء على الأبعاد الخاصة بالجسم الثمري الجنسي وعدد الأكياس وأقطار الأكياس والأبواغ الكيسية وأطوال الأبواغ الكونيدية فقد تطابقت المواصفات مع الفطر Leviellula leguminasarum forma medicaginis وأشرت لمصدر في اواسط الستينيات يتحدث عن الفطر المذكور ... طلب مني المقيميين أو المحكميين تبديل المصدر لأنه ليس المصدر الأساسي وتم بالفعل إعطائي المصدر الأساسي وكان بحثا منشورا لمؤلف إسم الفطر وهو Golovin,P.N. 1960 في أكاديمية العلوم في الأتحاد السوفيتي السابق موسكو/ لينينغراد ... ومن الجدير بالذكر بأن هذا البحث كان أول بحث ينشر لي فتعلمت الدرس ...... ومن غرائب إستخدام المصادر العلمية الإشارة إلى مصادر محلية حديثة لتأكيد حاجة النبات إلى الفسفور مثلا أو إلى نجاح مكافحة مرض ما بفعل مبيد فطري فترى الباحث يشير إلى أطروحة زميله .بينما هناك مصادر أساسية أثبتت هذه المعلومة... وهكذا...
أرجو أن أكون قد أشرت الأخطاء الرئيسية التي تحتاج من البعض إلى مراجعة ....
الدكتور محمد عبد الخالق الحمداني
تموز 2012
ساحة النقاش