البرجوازية الاقتصادية الحديثة ومحاربة الإسلام لها

من المعروف أن البرجوازية هي طبقة اجتماعية ظهرت في القرنين الخامس عشر والسادس عشر كانت تمتلك رؤوس الأموال والحرف كما تمتلك كذلك القدرة على الإنتاج والسيطرة على المجتمع ومؤسسات الدولة للمحافظة على امتيازاتها ومكانتها بحسب نظرية كارل ماركس.

و بشكل أدق البرجوازية هي الطبقة المسيطرة والحاكمة في المجتمع الرأسمالي، وهي طبقة غير منتجة لكن تعيش من فائض قيمة عمل العمال، حيث أن البرجوازيين هم الطبقة المسيطرة على وسائل الإنتاج، ويقسمهم لينين إلى فئات حيث يشمل وصف البرجوازيين بالعديد من الفئات تنتهي بالبرجوازي الصغير وهم المقاولون الصغار وأصحاب الورش الصغيرة. والجدير بالذكر هنا أن الطبقة البرجوازية هي التي قامت بالثورة الفرنسية التي تعتبر بالتالي ثورة برجوازية أطاحت بطبقة النبلاء ورجال الدين وبشرت برؤى جديدة حول الحياة.

ومن خلال تعريف البرجوازية يتسرب إليك الإحساس بأوجه تشابه كثيرة بين ما يحدث الآن في الأنظمة الاقتصادية سواء احتكاريا أو استحواذ عدد محدود  من رجال الأعمال على رؤوس الأموال واكتناز الأموال وعدم وجود رادع أو نظام ثابت يتم محاسبتهم عليه لتفريغ جزء من أموالهم إلى الطبقات الأدنى أو أيضا إلى الاهتمام بخلق فرص آخري لمحدودي الدخل

من هنا حارب الإسلام البرجوازية وحرص على تحقيق العدل بين جميع الأطياف سواء اقتصاديا أو حتى اجتماعيا سواء بالحرص على العدل في توزيع وسائل الإنتاج بحيث أنها لا تكون محتكرة على فئة أو أشخاص معينين  بحيث تتوجه الموارد الاقتصادية إلى إشباع الحاجات الإنسانية أو سواء كان عبر الزكاة والصدقات لتوفير التكافل الأجتماعى للفقير  والغنى المعسر وأيضا لتغنيه الفقير بشكل يوفر له حياة مناسبة تحولهم من دائرة الاحتياج الدائم إلى الكفاية الدائمة

فالسلوك الإسلامي ينبثق من العقيدة الإسلامية والأخلاق الإسلامية العامة التي تحكم سلوك المسلم في الحياة كلها.
فالعقيدة الإسلامية تعطي المسلم تصوراً كاملاً ومتوازناً للحياة الدنيا والآخرة وتوفر له إرشادات وتوجيهات كلية تحدد الخطوط العامة لشؤون الحياة المختلفة، وتحدد له السلوك الأخلاقي الذي ينبغي له أن يسلكه في المجالات والحالات المختلفة.
وتحدد هذه الإرشادات والتوجيهات السلوك الاقتصادي في ما يتعلق بالكثير من القضايا الاقتصادية مثل الكسب، الإنفاق، الاستثمار والادّخار، ومن ذلك قوله تعالى: ((وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا)) (الإسراء 29).

وآيات أخرى تتحدث عن التطفيف في الكيل والميزان: ((وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ ﴿1﴾ الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ ﴿2﴾ وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ)) (المطففين 1-3).

أما السنة النبوية المطهرة فيجد فيها الإنسان المسلم كذلك أحاديث تشير إلى السلوك النبوي في المعاملات الاقتصادية، من ذلك قوله عليه الصلاة والسلام: «الذهب بالذهب والفضة بالفضة والبر بالبر والشعير بالشعير والتمر بالتمر والملح بالملح مثلاً بمثل يداً بيد فمن زاد أو استزاد فقد أربى والآخذ والمعطي سواء».

ولعل الاقتصاد الإسلامي في صورته الأساسية المستقاة من نصوص الكتاب والسنة، يعد الصورة الأولى لتأسيس فكر اقتصادي كلي يسعى إلى تحقيق التوازن بين المصالح الشخصية وتجلياتها، النابعة من طبيعة الإنسان وحبه للتملك والسيطرة وتعظيم مكاسبه الشخصية، والمصالح الاجتماعية التي تتطلع إلى تحقيق قفزة في الإمكانيات المتاحة لتحسين المستوى العام للحياة في المجتمع الإسلامي.

هذا الكون من ملك الله: فإن جميع الملكية، والثروة الواردة تعد ملكاً لله، وإن الله ينظم تلك الأشياء بالأسلوب الذي يرضيه. ولذلك، فإن جميع البشر يتصرفون في تلك الموارد ويكون لديهم السلطة عليها فقط بقدر ما يطبقون مشيئته وإرادته.  

  • Currently 60/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
20 تصويتات / 370 مشاهدة

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

62,118