صابر حجازى يكتب قصة قصيرة بعنوان : زهرة الدفلي

زهرة الدفلي
------------




زاد إصراري على الاستمرار في طرق الباب، بعد أن جذبت إحدى بناتها بنطالي، فطرقت الباب مرتين بقوة، بعد برهة.. انفتح الباب

كان شعرها كفارس خارج من معركة شرسة، عيناها زائغتان، على شفتيها بضع كلمات تساقطت قبل أن تفتح لى، .. إنها شبه مذعورة تعلو وجهها صفرة غريبة.
ألقيت عليها السلام، انسحبت ابنتها إلى الوراء لتعود للعب أمام المنزل مع أختها، أشارت علي بالدخول إلى غرفة الاستقبال، جلست على أول مقعد صادفني، طلبت منها كوب ماء مع رجاء أن يكون مثلجا، و كأنني ألقيت إليها بطوق النجاة، فهرولت من أمامي ...
تأخرت لبعض الوقت، إن زوجها قد سافر إلى إحدى الدول العربية بحثا عن نقود البترول، وهكذا استطاع بناء هذه العمارة التي يسكن فيها بالدور الأرضي ويترك الثلاثة أدوار الأخرى للمستقبل، ولولا سفره ما كان هذا الصالون وساعة الحائط، ومنضدة الرخام، وتلك السجادة التي تغوص فيها قدماي الآن.
كل هذا الوقت لإحضار كوب ماء ؟ ..
ربما تصفف شعرها وتعدل من هندامها، ولكن لا أدرى لماذا هذا الارتباك الذي انتابها..، زوجها مسافر الآن، لتدبير تكاليف شراء قطعة أرض أخرى على أطراف مدخل بلدتنا، وهو الآن يجمع تكاليف هذه الأرض النائية .
لاحظت عودتها إلى الشقة، جاءت أخيرا بكوب ماء و به قطعة ثلج.
- آسفة ..(فالثلاجة) معطلة منذ عدة أيام
بعد أن شربت سألتها عن أخبار زوجها
قالت في اقتضاب:

- "إنه بخير"
لاحظت أنها حافية القدمين.. !.. وما زالت في عينها نفس النظرة الزائغة
- لقد حضرت لأستعير كاميرا التصوير.. فاليوم عيد ميلاد ابنتي، طبعا ستحضرين
- طبعا
قامت من جلستها دون أن أكمل حديثي، أحضرت (الكاميرا)
- آسفة، لقد تأخرت عليك، ولكن أرجو أن تلاحظ أن بها أربع لقطات من فيلم منتهي
- إذا.. لا بأس، لا داعي لها
- لا بل خذها، أكمل ما فيها من صور.. فإن ذلك شيء عاد، ثم استخدم فيلما جديدا
- نعم ، لكن...
- لا عليك
عندما كنت أحدثها، كانت تحرك أصابع قدميها و دائمة النظر إلى ساعة الحائط ، إن هناك شيئا غريبا؛
فإنها ليست على عادتها، .....
مرت فترة صمت، كانت الساعة الخامسة بعد العصر
قلت:

- شكرا على الكاميرا، وآسف على الإزعاج
قالت:

- لا، أبدا ، 'إنت تشرف'
وعند خروجى من حجرة الاستقبال إلى باب الشقة، توقفت مودعا ، فوقع نظري على حجرة النوم؛
فقد كانت في وجهي تماما. وفى هذه اللحظة رأيت حذاء أبيض رجاليا ينسحب إلى أسفل السرير...
قلت:

- شكرا جزيلا
و خرجت إلى الشارع، كانت طفلتاها مازالتا تلعبان، نظرت إليهما وأدركت لماذا سيتم شراء الأرض
على أطراف المدينة ..
وفى طريقي أيقنت لماذا انتشر العمران في بلدتنا وقلت خيراتها....!!

----------
الجدير بالذكر أن زهرة "الدفلى" موطنها الأصلي حوض البحر الأبيض المتوسط
وتحتوي على «جلوكوسيدات ونيروسيدات واولياندوسيدات» وجلها تسبب قصورا في وظائف القلب، وقد يصاب الإنسان البالغ بالتسمم عند تناوله ورقة من هذا النبات، أو عند ملامسته السائل اللزج الأبيض الذي يخرج من سيقانها أو أوراقها وتناول الطعام مباشرة دون أن يقوم بتنظيف يديه، كما أن الدخان المتصاعد من حرق السيقان والأوراق قد يصيب الإنسان أيضا بالتسمم


*****

الكاتب
الإسم = صـــــــــابــر - اللقب والجد = حجــــــــــازى
الجنسية : عــــــربي - مــصــــرى
يكتب الشعر والقصة القصيرة والمقال والنقد الأدبي
- ينشر إنتاجه منذ سنة 1983 في العديد من الجرائد والمجلات والمواقع العربية ...
-أصدر
1- نبضات قلبين...............مجموعة شعرية 1983
2- قصائد الرحيل السبعة.......مجموعة شعرية 1984
3- ولكني مازلت احبك ........مجموعة شعرية 1986
4- قصص ممنوعة...........مجموعة قصصية 1987
5- الزمن و وجه العاشق القديم..مجموعة شعرية 1988
6- مدخل إلي الإبداع الشعري ....مقالات نقدية 1994
عضو بعدة نوادي ثقافية وأشرف على الصفحات الأدبية
بالعديد من الجرائد والمجلات المصرية لسنوات طويلة.
- شارك بالعديد من الندوات والمهرجانات الأدبية
كما شارك في العشرات من الأمسيات الشعرية والقصصية.
- نظم الكثير من الأمسيات الأدبية
- له في انتظار النشر :
( مخطوطات) :
1- ما تعسر من الحب..شعر بالعامية المصرية
2- الحب في زمن الفراق.....مجموعة شعرية
3- العودة إلى الله .............كتابات إسلامية
4- إعدام محامي...............قصص قصيرة

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 71 مشاهدة
نشرت فى 28 نوفمبر 2011 بواسطة saberhegazy

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

1,815