حالة من اللغط والجدل القانونى تفجرت عقب صدور تقرير هيئة المفوضين بحل جماعة الإخوان المسلمين باعتبارها كيانا غير قانونى.
كتب: محمد شعبان – محمد فتحى
فقد أوصى تقرير هيئة المفوضين بالمحكمة الإدارية العليا بمجلس الدولة، بتأييد الحكم السابق صدوره من محكمة القضاء الإداري "أول درجة" بتأييد قرار مجلس قيادة ثورة يوليو 52 بحل جماعة"الإخوان المسلمين"، وعدم قبول الطعون على الحكم استنادا إلى أنها أقيمت من غير ذي صفة، واعتبار أن جماعة "الإخوان" كيان غير قانوني ومن ثم فلا يتمتع بتمثيل قانوني.
ولم تصمت جماعة الإخوان إزاء التقرير وإنما أعلن الدكتور محمود حسين الأمين العام للجماعة بشكل صريح اليوم فى مؤتمر صحفى أن وضع الجماعة قانوني تمامًا منذ تأسيسها عام ١٩٢٨م ولا يوجد أي حكم قضائي بحل الجماعة أو بعدم قانونية وضعها. وأضاف أنه بسبب إثارة اللغط حول هذا الموضوع بشكل كبير في الآونة الأخيرة فقد تم توفيق أوضاع الجماعة حسب القانون الحالي، رغم وضعه في عهد النظام السابق.
و أكدت جماعة الإخوان المسلمين أن وضعها قانوني برقم إشهار 644 لسنة 2013 بمقر المقطم، وذلك قبيل صدور أي أحكام قضائية.كما أكدت أن هذا الأمر يحسم قانونية الجماعة نهائيًّا.
لكن رغم ما أعلنته الجماعة من مبررات قانونية إلا أن أصحاب دعوى الحل من المحامين يؤكدون أن الجماعة تسعى لإرجاء الحكم وتعطيل القانون .. ففى تصريحات خاصة ل "بوابة الشباب" يقول المستشار أحمد الفضالى رئيس حزب السلام الديمقراطى وأحد مقدمى دعوى الحل: نحن أمام مأزق قانونى وسياسى وهو أن الجماعة تحاول إستباق الحكم المزمع صدوره يوم 26 من مارس القادم وذلك لأن المستندات التى تم تقديمها فى أوراق الدعوى هى مستندات مؤيدة لغلق المقرات ومصادرة وحل الجماعة لأنها تمارس نشاطها بشكل غير قانونى وبالتالى فإن الإعلان عن تحويلها لجمعية وإشهارها يعد نوعا من أنواع التحايل وإرجاء الحكم أو تعطيل فعالية الحكم ولكن مع ذلك فإن الحكم فى تقديرى سيصدر بحل هذه الجماعة وذلك لأن هناك فارق بين جمعية وجماعة كما أن الجمعية لا يجب أن تمارس السياسة وذلك وفقا للمادة رقم 11 من القانون رقم 84 لسنة 2002 والذى يقضى بمنع الجمعيات الأهلية من ممارسة كل الأنشطة السياسية وإخضاعها للقانون والرقابة المالية وبالتالى فإن الجماعة بعد تحويلها لجمعية فإنها تخالف القانون لأنها تمارس السياسة .. لكن الذى اكتشفناه ان الجمعية التى أنشأوا ليست هى جماعة الإخوان المسلمون لأن الجميعة سوف تصطدم بالواقع السياسى للجماعة فالقانون مثلا لم يقل أن هناك مرشدا يرأس الجمعية وإنما هناك مجلس إدارة وأعضاء وأمين صندوق فالقانون حدد ذلك وهذا لا يمكن أن ينطبق على حالة جماعة الإخوان وبالتالى هناك خلاف كبير .
وفي تصريح خاص ل "بوابة الشباب" يقول د. شوقي السيد- الخبير القانوني-: قرار المحكمة سيوضح إن كانت هذه الجمعية قانونية أم ليس لها شرعية، وهي بالتالي جمعية لا أساس لها من الناحية الشرعية من 1954 وبالتالي فهي جمعية ليس لها وجود، وأن على الحكومة وفقا للحكم القضائي يتعين عليها شطبها من الوجود، وتنفيذ قرار جمال عبد الناصر، وهم الآن يتحدثون عن توفيق أوضاعها، ولكن هذا يعني أنها تصبح جمعية أهلية لا تباشر السياسة، ولا يوجد مرشد عام، فيجب أن تعمل في الأغراض الاجتماعية والأهلية، وهي جمعية دعوية، وحتى عندما تم حلها في عهد حكومة النقراشي قالوا أنها جمعية دعوية دينية تحولت إلي مباشرة السياسة واستخدمت العنف، وبعد إصدار القانون يجب مصادرة أموالها ومقراتها فورا.
وفى دارسة قانونية نشرها موقع الإخوان دافعت عن الوجود القانونى للجماعة فذكرت الدراسة أن جماعة الإخوان المسلمين تأسست في مارس عام 1928 وعملت حتى مايو 1929 كجمعيةٍ غير مُسجَّلة رسميًّا، ولما احتاجت الجمعية لإنشاء مقر لها ومسجد ومدرسة لتمارس أنشطتها تمَّ تسجيل الجمعية في سجلات وزارة الداخلية؛ حيث كانت وزارة الداخلية هي الجهة المنوط بها عمل الجمعيات؛ وذلك قبل إنشاء وزارة الشئون الاجتماعية.
وكانت الجمعيات تميز نفسها عن الأحزاب بأن تذكر في قوانينها الداخلية أنها لا علاقةَ لها بالعمل السياسي، وعلى ذلك عندما صدر أول قانونٍ للإخوان عام 1930 نص فيه أن الجمعية لا تعمل بالسياسة، ولما عُدِّل في عام 1932 نص على نفس الأمر، وكان المقصود هو السياسة الحزبية أو بمعنى أوضح أنها ليست حزبًا من الأحزاب السياسية.
ثم حدث خلافٌ فى الأربعينيات بين الحكومة والإخوان فأغراض الإخوان أكثر بكثير من المسموح به في قانون الجمعيات، ورأت الحكومة أن تستفتي قلم قضايا الحكومة في صفة الإخوان المسلمين القانونية وتكييف شخصيتهم المعنوية، فقرر قلم الحكومة في فتواه أن الإخوان المسلمين هيئة دينية اجتماعية سياسية، وأن قانون الجمعيات الخيرية لا ينطبق عليها لأنه لا ينظم إلا نشاطًا واحدًا من أنشطة الإخوان، وهو البر والخدمة الاجتماعية، وبناءً على ذلك نظَّم الإخوان نشاطهم في البر والخدمة الاجتماعية طبقًا لأحكام القانون، وسجلوا قسم البر والخدمة الاجتماعية كجمعيةٍ مستقلةٍ إداريًّا عن الإخوان المسلمين وأصبحت فروع ذلك القسم فروعا للجمعية، كما سجلوا فرق كشافتهم وجوالتهم بجمعية الكشافة الأهلية وطبقًا لأحكام قانونها وكذلك سجلوا شركة المعاملات الإسلامية في المحكمة المختصة وفي حدود قانون الشركات.
ثم صدر قرار من محكمة القضاء الإداري في 17 سبتمبر 1951 إذ قرر أن جمعية الإخوان المسلمين تكوَّنت في ظل الحق الأصيل في تكوين الجمعيات الذي أعلنه دستور 1923م وقرر قيامه، فاكتسبت صفتها القانونية كما تمتعت بشخصيتها المعنوية من تكوينها وفق المبادئ المقررة من إسناد هذه الشخصية إلى كل هيئة استوفت عناصرها وتوافرت لها مقوماتها من إرادة خاصة ونظام تبرز به هذه الإرادة.
وردا على قرار مجلس قيادة الثورة بحل الجماعة فقد قام الإخوان برفع الدعوى 133 قضاء إداري، وكان رافعو الدعوة كلاًّ من المرشدَيْن عمر التلمساني ومحمد حامد أبو النصر والدكتور توفيق الشاوي، وطالبوا بإلغاء قرار مجلس قيادة الثورة بحل الإخوان، واستمرت الدعوى في التداول حتى عام 1992م حين قضت محكمة القضاء الإداري في 6/2/1992م بعدم قبول الدعوى لعدم وجود قرار إداري بحل الإخوان، وقررت في حيثيات حكمها:
"أنه من حيث المستقر عليه فقهًا وقضاءً أنه يشترط لقبول دعوى الإلغاء أن يكون هناك قرارٌ إداري سواء أكان هذا القرار إيجابيًّا أو سلبيًّا فإذا انتفى مثل هذا القرار تعيَّن الحكم بعدم قبول الدعوى وإذا ثبت مما سلف ذكره أن ليس هناك قرارٌ سلبيٌّ يمنع جماعة الإخوان من مباشرة نشاطها، فمن ثم يتعين والحالة هذه القضاء بعدم قبول هذا الطلب لانتفاء القرار الإداري".
وبناءً على ذلك الحكم التاريخى فإن القضاءَ الإداري أقر من هذا العام بأنه ليس هناك قرارٌ يمنع الإخوان من ممارسة أنشطتهم ورغم ذلك قام الإخوان برفع دعوى استئناف لذلك الحكم ولم يحكم فيها إلى يومنا هذا، وهو حكمٌ يحتاج إلى قرار سياسي أكثر منه إجراء قانوني .
..ومهدي عاكف مديراً لجماعة الإخوان المسلمين بعد توفيق أوضاعها
قال عبد المنعم عبد المقصود، محامي جماعة "الإخوان المسلمين"، إن الدكتور محمد مهدي عاكف، مرشد الجماعة السابق، هو مدير للجماعة بعد توفيق أوضاعها.
وأضاف عبد المقصود في مداخلة تلفزيونية، أن الجماعة قننت وضعها القانوني طبقاً لقانون الجمعيات الأهلية الحالي وحمل رقم إشهار الجماعة رقم 644 .
وأشار إلى أن الجماعة قننت وضعها القانوني منذ أيام، وقبل التقرير الذي أصدرته هيئة مفوضي الدولة بالمحكمة الإدارية العليا بمجلس الدولة والذي أوصت فيه بإصدار حكم نهائي بأن جماعة "الإخوان المسلمين" ليس لها أي وجود قانوني، ووجودها الحالي غير شرعي، لأن الجماعة لم يكن لها أي كيان قانوني منذ تأسيسها.
وكان عبد المقصود قد صرح في مداخلة هاتفية مع قناة "العربية" بأنه لم تصدر أي أحكام سابقة بحل جماعة "الإخوان المسلمين". وقال "اتخذنا قرار توفيق الأوضاع بعدما رصدنا حالات تربص بالجماعة"، على حد قوله
وقال عبد المقصود إنهم اضطروا لتقنين أوضاع الجماعة وحصلوا على رقم إشهار 644 لسنة 2013 بمقر المقطم، حتى تكون الجماعة أكثر حيطة وحذرا من محاولات البعض لمحاولة تشويه صورتها.
ونفى محامي جماعة الإخوان المسلمين أن يكون تقيين أوضاعهم خلال اليومين السابقين اعترافا منهم بأن الجماعة لم تكن شرعية قبل ذلك مؤكدا أن محاكم الجنايات قد أكدت فى عدد من حيثيات أحكامها بأن جماعة الإخوان المسلمين جماعة شرعية ولها الحق فى مباشرة عملها وأن قرارهم جاء كنوع من التزايد للشرعية.
ومن ناحية أخري .. قال صبحي صالح، القيادي بجماعة الإخوان المسلمين، إن الجماعة أجرت توفيق أوضاعها عقب صدور الدستور الجديد مباشرة، طبقا للمادة 51 من الدستور الجديد، مشيرا إلى أنه بمجرد إقرار قانون الجمعيات الأهلية، سيتم تشكيل إدارتها، حيث سيكون الدكتور محمد مهدي عاكف رئيسا للجمعية، والدكتور محمد بديع مرشدها أو مديرها العام طبقا للائحة الجمعية، وبالنسبة لنواب المرشد ومنهم الدكتور محمود عزت وخيرت الشاطر ورشاد البيومي سيظلون كما هم حتى إجراء انتخابات جديدة عقب إقرار القانون.
وأضاف «صالح» أن الدستور يمنح حق تكوين الجمعيات والمؤسسات الأهلية والأحزاب بمجرد الإخطار، حتى تمارس نشاطها بحرية، وتكون لها شخصيتها الاعتبارية بعد سريان الدستور، موضحا أن الجماعة ستظل تحمل اسمها، طبقا للأحكام القضائية، التي تثبت الاسم، كما أن الجماعة ليس لها أي علاقة بمجموعة الشباب الذين أسسوا جمعية تحمل ذات الاسم، لأن الجماعة تاريخية لها السبق.
وتابع «صالح» سنقدم في انتخابات الجمعية النماذج، التي يشترطها القانون الجديد، طبقا للائحة، التي تحكم الجمعيات بالتطابق مع النص الدستوري، موضحا أن توفيق الإخوان أوضاعهم ليس له علاقة بالحزب لكون الجماعة لها كيانها الإداري والحزب له كيانه الإداري المختلف.