النوم ..نعمة الله للخلائق على إختلاف أجناسها وإن إختلفت صورة ومدته من جنس لآخر..إختار الله للإنسان وقت النوم وهئ له الظروف لينام نوما هادئا ويستريح فيه من عناء النهار ومشقة العمل ويشحذ به الهمم ويمتلئ الإنسان بالنشاط لإستقبال يوم جديد وصدق الحق سبحانه وتعالى فى كتابه "وجعلنا الليل لبسا وجعلنا النهار معاشا" .. دراسات عديدة تؤكد على ضرورة أن ينام الشخص البالغ قدرا كافيا من الوقت لا يقل عن سبعة ساعات، أقصر من تلك المدة تفقد جزءا كبيرا من التركيز وتنجز مهامك بكفائة أقل وفى كثيرا من الأوقات يؤثر ذلك على إتخاذك القرار المناسب هذه من ناحية، أما من الناحية الأخرى فإن قلة النوم يترتب عليها العديد من الأضرار الصحية الخطيرة ومنها التوتر و التأثير السلبى على التركيز وقوة الذاكرة وضعف مناعة الجسم ومقاومته للأمراض والكائنات الحية الدقيقة وربما يمتد الأمر الى زيادة فى الوزن و إرتفاع ضغط الدم والإصابة بمرض السكر.
وإن كانت الأسباب التى تؤدى الى قلة النوم كثيرة ومتنوعة فإن لطبيعة الأغذية التى يتاولها الإنسان الدور الأكبر، هذا ما أثبتته الأبحاث العديدة أن الغذاء الذى نأكله يؤثر على نومنا وعلى قدرتنا على النوم، فهناك بعض الأطعمة التى يطلق عليها الأطعمة المنومة أى تساعد على النوم والبعض الآخر يطلق عليه الأطعمة المنبهة أى التى تساعدنا على البقاء فى حالة تيقظ وهذا ما سوف نسهب الحديث عنه.
الأطعمة المنومة .. تتميز بإرتفاع محتواها من الحامض الأمينى البروتينى المعروف بالتربتوفان والتي تساعد الجسم على تصنيع مادتي السيروتونين والميلاتونين واللتان بدورهما يساعدان الجسم على النوم ومنها منتجات الألبان و منتجات الصويا والمأكولات البحرية و اللحوم والدواجن والحبوب والفول و الأرز و الحمص والعدس و البندق والفول السوداني و البيض وبذور السمسم و حبوب عباد الشمس. ولوصول وتوفير أكبر كمية من حامض التربتوفان لخلايا المخ يجب مراعاة عوا مل عديدة منها:
أولا: ضرورة تناول الأطعمة الغنية بالتربتوفان قبل النوم بساعتينً على الاقل، حيث أن وصول مادة التريبتوفان إلى خلايا المخ بعد تناول هذه الأطعمة يستغرق في المتوسط ساعة .
ثانيا: تجنب تناول اللحوم بدون المواد الكربوهيدراتية قبل النوم منعا لبقائك متيقظا .. حيث أثبتت الدراسات العلمية أن تناول الأطعمة الكربوهيدراتية مثل البطيخ و العسل والبطاطس المهروسة (البورية) و الكورن فليكس والأرز والفيشار والخبز الفرنسي يحفز الجسم على إفراز مادة الإنسولين والتي بدورها سوف تزيل من الدم الأحماض الأمينية الأخرى مثل التيروزين والتي تنافس وتعارض مفعول مادة التريبتوفان. لذلك نجد أن تناول وجبات غذائية تحتوي على نسبة عالية من البروتينات مثل اللحوم (تحتوي على تركيزات عالية من جميع الأحماض الأمينية بما في ذلك التريبتوفان والتيروزين) وبدون كمية مناسبة من الأطعمة الكربوهيدراتية تؤدى الى بقائنا متيقظين بسبب تنافس حامض التيروزين مع حامض التريبتوفان على مستقبلات خلايا المخ وسوف تستخدمه تلك الخلايا وتقوم بتصنيع مواد تنبيهية تؤدى الى تحفيزالجهاز العصبي. لذلك يحتم الأمر علينا أن نتناول فى العشاء وجبات متزنة تحتوى على الكربوهيدرات بجانب البروتينات للوصل الى نوما هادءا مريحا. كما أثبتت الدراسات أن تناول عصائر الكرز الأحمر او العناب الغير محلى بالسكر والتى تحتوي على مواد كربوهيدراتية تعزز وتزيد من افراز السيروتينين في الدماغ والتى تجعل الشخص يسترخي دون توتر لذا ينصح بتناولها قبل النوم بساعة.
ثالثا: إحرص على تناول منتجات الألبان مع العشاء للحصول على النوم الهادئ ويفس ذلك علميا بغنى تلك المواد الغذائية بعنصر الكالسيوم بجانب الحامض الأمينى التربتوفان والذى يلعب دورا هاما فى مساعدة خلايا المخ على إستخدام مادة التريبتوفان لتصنيع مادة الميلاتونين التى تساعد الجسم على النوم. كما اشار بعض العلماء أن تناول بعض أنواع الأطعمة اللبن الحليب الدافئ لحم الديك الرومي الغنية بالحامض الأمينى التريبتوفان تساعد في التحفيز على النوم كما ثبت أن بإمكانها من الناحية النظرية محاكاة تأثير مواد مخدرة قوية وخطيرة تعرف بالبنزوديازبين التى بمقدورها تعزيز عمل حامض الجاما أمينوبيوتيريك الذي يفرزه المخ في الجهاز العصبي المركزي والذى يعمل على تعزيز قدرة المرء على النوم عبر تقليل التوتر والظروف الأخرى التي تنهك المخ. كما أثبتت دراسات أخرى أن اللبن يحتوى على مادة شبيهة بالبنزوديازبين، والتى يمكنها خلق تأثير مخدر أسطوري.
رابعا: ضرورة تناول الأغذية الغنية ببعض الفيتامينات مثل ب6 (الأسماك ، الدجاج، اللحوم قليلة الدهن، الموز، الخوخ، البقول الجافة ، حبوب الإفطـار) ، ب12 (الكبد والحليب ومشتقات الحليب، الأسماك، اللحوم، الدواجن، و البيض، وفي الحبوب المدعمة ) والمعادن مثل الكالسيوم (الحليب ومشتقاته كالجبن واللبنة، منتجات الصويا والخبز، والحبوب الكاملة والبقول وبعض الخضروات خاصةً الورقية الخضراء الداكنة) والمغنيسيوم (الأجزاء النباتية الخضراء، اللوز، البندق، المشمش، التمور، السبانخ، البطاطا، سمك السردين، التين المجفف) والتى لها مفعول قوى في تعزيز عملية النوم الهادئ، حيث يعتبر فيتامين ب12 احد أهمّ عناصر المغذيات في مكافحة التعب من خلال المشاركة فى بناء خلايا دم حمراء قوية، إضافة الى دورة فى التخلص من حالة الأرق المزمن نظراً إلى تأ ثيره على هرمون الميلاتونين الذي يلعب دورا كبيرا فى تنظّيم مراحل عملية الخلود للنوم، كما أن الكالسيوم والمغنيسيوم يغذ يان الجهاز العصبي ويخففا ن من التوتر.
خامسا: تلعب بعض الأحماض الأمينية الأخرى مثل الليسين والأرجينين دورا هاما فى منع التوتر والخلود الى النوم. في تجربة أجريت فى إحدى الجامعات الأمريكية تم إعطاء مجموعة من الشباب 3 جرامات من الأحماض الأمينية الليسين والأرجينين (يتم الحصول عليها من تناول كوب من اللبن الخالي الدسم وملعقتين من المكسرات المتنوعة) وتم إعطاء مجموعة اخرى دواء وهميا بلاسيبو وطلب منهم القاء خطاب وعند فحص هرمونات التوتر لديهم في الدم وجد أن تركيزها فى دم الشخاص الذين تناولوا الأحماض الأمينية كانت النصف بالنسبة للذين لم يتناولوها .. واللبن هو اهم مصدر للحمض الأميني الليسين والمكسرات أهم مصدر للأرجينين وهي تقلل التوتر اذا ماتناولتها قبل النوم بساعات أو قبل مقابلة ووضع متوتر يسبب لك الاجهاد لذا ينصح بتناولها في وسط النهار وقبل النوم بساعة.
سادسا: فيتامين جـ يزيد من الشعور بالإسترخاء والنوم المريح.. يتواجد بكثرة فى الخضروات الورقية، البقدونس، الفلفل، عصائر الليمون والبرتقال.. ولقد أثبتت الأبحاث التى أجريت في جامعة ألباما الأمريكية والتى أثبتت ان تناول 200 ملليجرام من فيتامين جـ مرتين يوميا يوقف افراز الكوتيزول وهو الهرمون الذى يفرز داخل الجسم عندما يكون الشخص متوترا، كما أن تناول الفلفل الاحمرالذى يعد من أغنى المواد الغذائية غنا بفيتامين جـ الطبيعي قبل النوم مرة او مرتين يوميا يزيد من الشعور بالاسترخاء ويعزز النوم.
ساحة النقاش