من بين أربع لآليء رائعة ينتظم عقدها على شاطئ خليج عمان في الساحل الشرقي لدولة الإمارات العربية المتحدة وهي كلباء والفجيرة وخورفكان ودبا، وفي طرف هذا العقد الثمين شمالاً تقع – مدينة دبـا – درة نفيسة لا يزاحمها في جمال موقعها إلا عراقة تاريخها الموغلة جذوره في القدم.
مدينة دبا الفجيرة ثاني أكبر مدن إمارة الفجيرة، وتنفرد عن غيرها ربما من مدن الدولة كلها بأنها جمعت بين التاريخ والجغرافيا والطبيعة في لوحة واحدة، لا تخطئ العين أبداً أهميتها أو جمالياتها، وهي عروس الساحل الشرقي ذات الطابع السياحي والتراثي والحضاري، تقع على الساحل الغربي لخليج عمان، يحدها شرقا ساحل الخليج وتطل عليها غرباً سلسلة الحجر الغربي المرتبطة بجبال رأس مسندم، حيث تبلغ مساحتها 720 كيلو متر مربع وعدد سكانها حوالي 50 ألف نسمة وتبعد عن مدينة الفجيرة بمساحة 70 كيلو متر.
يرجع اسم دبا كما يروى في التاريخ، ذكر ياقوت الحموي في كتابه معجم البلدان مكانة وأهمية دبا في العصر الجاهلي فقال : (مدينة قديمة مشهورة، لها ذكر في أيام العرب وأخبارها وأشعارها، وكانت قديماً قصبة عمان)، وقصبة البلد مدينته الكبرى، وذكر في لسان العرب لابن منظور أنه كان يكثر فيها قديماً.
وقد برزت دبا بسبب موقعها الجغرافي كميناء وطريق تجاري يربط الشرق بالغرب في عصر الفينيقيين، ثم كانت من أسواق العرب المعروفة في الجاهلية واشتهرت في العصر الإسلامي من خلال حروب الردة، ثم مشاركة جيشها بقيادة المهلب بن أبي صفرة ومن معه من أبنائها في الفتح الإسلامي في بلاد فارس بعد ذلك.
ثم في مقاومتها للمستعمرين البرتغاليين أيام دولة اليعاربة ومن ثم في عهد دولة القواسم ثم في العصر الحديث حيث كانت المكان المفضل كمصيف لأبناء الإمارات الشمالية قبل ظهور البترول وقيام دولة الإمارات، ثم هي الآن في عصر دولة الاتحاد تشهد قفزات هائلة ومتلاحقة في التطور الحضري والعمراني لتبدو على ما هي عليه من روعة وجمال.
وقد ذكر الإمام الطبري في تاريخه دبا فقال : (هي المصر والسوق العظمى)، ويلخص الدكتور جواد علي في كتابه المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام النشاط التجاري في دبا فيقول : (كان يقصد سوق دبا تجار الهند والسند والصين ومواضع أخرى، فهي سوق عظيمة من الأسواق المقصودة المشهورة ذات تجارة مع العالم الخارجي)، وقد عثر من قبل بعثات التنقيب في دبا على مدافن تعود إلى الألف الثالث قبل الميلاد وبعضها يعود إلى الألف الأول قبل الميلاد، مما يدل على قدم واستمرارية الاستيطان البشري والحضري فيها.
دبا ... بجمالها الأخاذ وماضيها العتيد وحاضرها المتطلع إلى مستقبل حضاري وسياحي جديد على سفح السلسلة الجبلية للساحل الشرقي حيث الخضرة والجبال والسطح المنبسط والجبال حيث تلامسها مياه البحر، كما تتمتع المنطقة بشاطئ ذهبي تعمره سلسلة من الفنادق الفاخرة حتى أصبحت وجهة سياحية مميزة بفضل تخطيطها الاستراتيجي المستقبلي السليم والشامل وتحسن الخدمات المقدمة لسكان المدينة لها، ضمن أفضل المعايير والمقاييس العالمية في جميع المجالات.
بقلم/ رضا النمراوي – من مقيمي دبا الفجيرة
ساحة النقاش