هل تجدد أمينة ودود للأمة إسلامها

 في تجربة هي الأولى من نوعها في العصر الحديث قامت الدكتورة أمينة ودود - أستاذ الدراسات الإسلامية في جامعة فرجينيا كومنولث بولاية غرب فرجينيا - بإلقاء خطبة الجمعة داخل قاعة كنيسة وإمامة ما يقارب 50 رجلا وامرأة اصطفوا جنبا إلى جنب فيما أدت عدة نساء الصلاة دون حجاب لأول مرة في التاريخ مما أثار جدلا واسعا وانتقادا هائلا بين المسلمين في شتى بقاع العالم

وتطالب أمينة - بحسب تعبيرها - بحق النساء المسلمات في المساواة مع الرجال في التكاليف الدينية كحق المرأة في الإمامة، وعدم ضرورة أن يصلي النساء في صفوف خلفية وراء الرجال باعتبار أن هذا الأمر ما هو إلا نتاج عادات وتقاليد بالية وقيود وضعها المسلمون بعد وفاة الرسول وليست في الدين من شيء والاعتراف بدور المرأة ومساهمتها في بناء الدولة والمجتمع – بحسب زعمها ، وتحتج في ذلك بعدم وجود أي حكم شرعي قاطع يمنع من إمامة المرأة للصلاة بل يوجد هناك خلاف حول هذا الموضوع بين الأئمة، وترى أنه من خلال الأبحاث التي قامت بها أنه لا يوجد في سلوكيات النبي محمد صلى الله عليه وسلم ما يمنع أن تؤم المرأة المسلمين رجالا ونساء، وتؤكد في كتابها أن الرسول الكريم وافق على إمامة المرأة المسلمة

وكانت د. أمينة ودود كانت قد ألفت كتاباً ذائع الصيت بعنوان ( القرآن والمرأة إعادة قراءة النص المقدس من وجهة نظر المرأة ) تناولت فيه قراءة للنصوص القرآنية من خلال وجهة نظر نسائية تطرح فيها حق المرأة في إمامة المسلمين، وترى ودود أن عدم إعطاء المرأة المسلمة هذا الحق هو أمر خاطئ متجذر داخل المجتمعات الإسلامية دون أن يقوم أحد بمحاولات جادة لتصويبه

وفي رأيي فإن ما قامت به الدكتورة أمينة وما يسعى إليه من هم على شاكلتها الفكرية ما هو إلا واحد من التحديات التي تواجهه المسلمين في العالم وفي أمريكا خاصة والهدف النهائي من وراء ذلك التيار الجديد المتنامي في قوته هو خلخلة المبادئ والأصول الثابتة للإسلام خاصة وأن الإسلام صار الخطر الأكبر على الغرب عقب انهيار الشيوعية 

رأي الشرع 

وإذا استعرضنا القضية من الناحية الشرعية فسنجد أن إمامة المرأة للرجال في الصلاة تتناقض مع كل مصادر التشريع في الإسلام، وهي الكتاب والسنة والإجماع والقياس فكما جاء في الآية 228 من سورة البقرة {وللرجال عليهن درجة والله عزيز حكيم} وفي الآية 43 من سورة النحل {وما أرسلنا من قبلك إلا رجالاً نوحي إليهم فَسْئلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون} 

أما في السنة فقد ورد في الحديث الذي رواه أنس بن مالك و أخرجه البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى به وبأمه أو خالته فأقامني عن يمينه وأقام المرأة خلفنا، وفي رواية أخرى لأنس بن مالك رضي الله تعالى عنه وأخرجها البخاري أيضا قال فصففت أنا واليتم وراءه صلى الله عليه وسلم والعجوز من ورائنا، وما ثبت من هدي النبوة أن سنة النساء في صلاة الجماعة التأخير عن الرجال فصفوفهن من وراء صفوف الرجال، التزاماً بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم " خير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها وخير صفوف النساء آخرها وشرها أولها" رواه مسلم والترمذي والنسائي وأبو داود وابن ماجه واحمد والدارمي

وعليه فقد جاء إجماع الفقهاء، المالكية والشافعية والأحناف والحنابلة والجعفرية والزيدية وأهل الحديث، بعدم جواز إمامة المرأة للرجال حتى أن من هؤلاء الفقهاء من ذهب إلى القول بأن صلاة الرجال باطلة خلف المرأة وفي أقوال ضعيفة أو غير معتمدة لم يذهب الإمامان الطبري وبن عربي الى ابعد من قولهم بجواز ذلك وإن اختلفوا في مكان وقوفها هل يكون أمام الرجال أم بمحاذاتهم باعتبار السترة التي قد تنتفي خلال حركات الصلاة المختلفة ، ومن ناحية أخرى يؤكد العلماء أن من شروط إقامة الجمعة عند الفقهاء أن تكون في مسجد جامع فضلا عن إقامتها في غيره فكيف تصح في كنيسة أو كاتدرائية مع وجود المساجد وبناء على ما سبق فإن هذه الصلاة غير مستوفية للشروط وعلى من أداها أن يعيدها ظهرا قضاء

أما بحسابات العقل والمنطق فبالله عليكم كيف يتأتى الخشوع أثناء الوقوف بين يدي رب العزة جل وعلا لأداء الصلاة وبجانبك امرأة تلامس قدمها قدمك وكتفها كتفك بل وأمامك امرأة تركع وتسجد ، هل يمكن لأي إنسان – اللهم إلا المعصوم صلى الله عليه وسلم – ضمان أن يعي ما يقول في صلاته بعد كل ذلك ناهيك عن كون المس ينقض الوضوء ويبطل الصلاة، وهل هذه المرأة أعز عند الله وأكرم من نساء بيت النبوة رضي الله عنهن فعائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قال فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم «خذوا شطر دينكم من هذه الحميراء» ، فلو كان في إمامة المرأة للرجال رفعة وعزة للمرأة فمما لا شك فيه أن أمهات المؤمنين أولى الناس بذلك ، فعائشة - رضي الله عنها – والتي علمت الأمة بعد رسول الله أمت النساء فقط في صلاة التراويح ووقفت في وسط الصف 

 

خـــــــــــــاتمــــــــــــة

قال تعالى { يُرِيدُونَ أَن يطفئوا نُورَ اللّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ ? هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ } صدق الله العظيم - سورة التوبة – الآيات 32 -33

 

 

                                                                                       رشـــــــــــــــــــــا ســــــــــــلامــــــــــــة

  • Currently 180/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
60 تصويتات / 295 مشاهدة
نشرت فى 16 إبريل 2005 بواسطة rashasalama

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

129,797