دلائل الصدق في محبة الرسول صلى الله عليه وسلم |
قال القاضي عياض في شرح الآية: (فكفى بهذا حضاً وتنبيهاً ودلالة وحجة على إلزام محبته، ووجوب فرضها، وعظم خطرها، واستحقاقه لها -صلى الله عليه وسلم-، إذ قرّع الله من كان ماله وأهله وولده أحـب إليه من الله ورسـوله وتوعدهم بقوله تعالى: (فتربصوا حتى يأتي الله بأمره)، ثم فسقهم بتمام الآية، وأعلمهم أنهم ممن ضل ولم يهده الله). ولكن السؤال هنا: كم من الناس يدعي محبة النبي عليه الصلاة والسلام وهو كاذب في دعواه؟ ما أكثر المتشدقين بحبه المدعين تعظيمه وتوقيره في قلوبهم، ولكن هذه الدعواى لا تثبت عند تمحيصها وتنقيتها. إن محبة الرسول صلى الله عليه وسلم ليست مجرد كلمات ومدائح يتغنى بها المنشدون في الموالد والمناسبات من غير أن يكون لهذه الكلمات أي أثر من عمل واتباع لمن يزعم محبته وتعظيمه، ليس والله ذاك هديـَه ولا هدي أصحابه ولا من تبعهم بإحسان. ولا يصح بأي حال أن يرمى من يدعو إلى ذلك بأنه لا يحب الرسول محمدا صلى الله عليه وسلم _ فداه آباؤنا وأمهاتنا وأنفسنا وما نملك _ بل إن الداعي إلى الوسطية في ذلك هو المتبع بحق وصدق للنبي صلى الله عليه وسلم. روى البخاري في صحيحه عن عمر بن الخطاب قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: لا تُطروني كما أطرت النصارى ابن مـريـم إنما أنا عبد فقولوا: عبد الله ورسوله). وروى الإمام أحمد عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَجُلًا قَالَ يَا مُحَمَّدُ يَا سَيِّدَنَا وَابْنَ سَيِّدِنَا وَخَيْرَنَا وَابْنَ خَيْرِنَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عَلَيْكُمْ بِتَقْوَاكُمْ وَلَا يَسْتَهْوِيَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ وَاللَّهِ مَا أُحِبُّ أَنْ تَرْفَعُونِي فَوْقَ مَنْزِلَتِي الَّتِي أَنْزَلَنِي اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ). ولقد لقد غلا بعض الناس في مدح النبي عليه السلام حتى أضفى عليه بعضهم صفات لا تجوز إلا في حق الله الكبير المتعال. كنسبة علم الغيب له والاستغاثة به من دون الله وربما سمعنا البعض وهو ينهض من مقامه يقول: يا سيدي يا رسول الله!! واعتقد بعضهم أن أمر الكون بيده!!كما قال البوصيري في قصيدته التي يمدح بها النبي عليه السلام كما زعم ونرى مع الأسف بعض المسلمين يرددها ويترنم بها يقول: نعوذ بالله من سخطه وعقابه. من الذي بيده أمر الدنيا والآخرة؟ من يعلم الغيب سواه جل وتقدّس؟ (قل لا يعلم من في السموات والأرض الغيب إلا الله..) (أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء). وهذا أحد الشعراء الغلاة يستنجد ويستغيث بالرسول صلى الله عليه وسلم، يقول: ألم يعلم هذا المفتون بقول الله جل وعلا لرسوله المصطفى عليه الصلاة والسلام وهو رسوله ومجتباه: {وَلاَ تَدْعُ مِن دُونِ اللّهِ مَا لاَ يَنفَعُكَ وَلاَ يَضُرُّكَ فَإِن فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِّنَ الظَّالِمِينَ}. وقال الحميدي: (كنا عند الشافعي رحمه الله فأتاه رجل، فسأله في مسألة؟ فقال: قضى فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا وكذا، فقال رجل للشافعي: ما تقول أنت؟! فقال: سبحان الله! أتراني في كنيسة! أتراني في بيعة! أترى على وسطي زنارا؟! أقول لك: قضى فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنت تقول: ما تقول أنت؟!). وقال شيخ الإسلام: (وليس لأحد أن ينصب للأمة شخصاً يدعو إلى طريقته، ويوالي ويعادي عليها، غير النبي -صلى الله عليه وسلم-، ولا يَنصِّب لهم كلاماً يوالي عليه ويعادي، غير كلام الله ورسوله وما اجتمعت عليه الأمة. بل هذا من فعل أهل البدع الذين ينصّبون لهم شخصاً أو كلاماً يفرقون به بين الأمة، يوالون به على ذلك الكلام أو تلك النسبة ويعادون). ومن لوازم محبته كثرة الصلاة عليه فقد حثنا ربنا على ذلك فقال " (إن الله وملائكته..) و قال صلى الله عليه وسلم: (البخيل من ذكرت عنده فلم يصل علي...) وقال: (رغم أنف امرئ ذكرت عنده فلم يصل علي) وقال: (من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشرا) وقال (أكثروا من الصلاة والسلام علي ليلة الجمعة ويومها فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم). اللهم صل عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا
.رشا سلامة |
نشرت فى 3 إبريل 2006
بواسطة rashasalama
عدد زيارات الموقع
129,787
ساحة النقاش