أثر الدعاية والإعلان على المستهلك
يكتب الدكتور جلال أمين في مقاله "السوبرماركت" المنشور في كتابه "عصر الجماهير الغفيرة" عن المستهلك الذي يخضع لتأثير الدعاية الخفية داخل السوبر ماركت ويصف لنا سلوكه هناك بقوله: " عند باب السوبرماركت يجد المرء سلة معدنية هي أقرب للمركبة منها إلى السلة, إذ إنها وعاء كبير يقوم على أربع عجلات,........لم تكن هذه السلة (التي تسمى الآن بالتروللي) عندما بدأ ظهور السوبر ماركت, أكثر من وعاء صغير من البلاستيك يحمله المرء بيده, ثم اكتشف أصحاب السوبرماركت نقطة ضعف خطيرة في زبانئهم لم يترددوا في استغلالها وتتمثل في النزوع الطبيعي لدى الإنسان إلى ملء ما كان فارغاً. إذا كان الأمر كذلك فإن إعطاء الزبون سلة عظيمة الحجم سوف يدفعه دفعاً إلى ملئها بمختلف السلع المعروضة عليه ......... لقد انقلب الأمر إذن عما كان عليه في الماضي, فبعد أن كان الحال في الماضي أن يشتري المرء ما يحتاج إليه ثم يبحث عن الوعاء اللازم لحمله, أصبح الحال في السوبرماركت الحديث, أن يحدد حجم الوعاء في البداية, ثم تتحدد كمية السلع المشتراة طبقاً لذلك"(9).
هذه الفقرة تصور بطريقة مبسطة جداً حال المستهلك الذي يخضع للدعاية المؤثرة في سلوكه فيتجه إلى التصرف بطريقة لا شعورية توافق رغبة البائع ولا تعبر عن حاجته الحقيقية.
لقد اعتمدت الدعاية والإعلان على العلوم النفسية التي درست السلوك الإنساني وفهمت جوانبه وطرق التأثير فيه, وبُذلت محاولات لإحياء ما سمي علم النفس التجاري الذى يبحث فى استخدامات علم النفس فى مجالات البيع والإعلان والتسويق بشكل عام بناء على دراسة وتحليل سلوك المستهلكين, ولهذا فلا يمكن لنا تجاهل الأثر الكبير للدعاية والإعلان على سلوك المستهلك وتوجهاته واختياراته وسلوكه الاستهلاكي. وبناء عليه فإنه يمكننا ملاحظة آثار مختلفة للدعاية والإعلان لا تقتصر على الفرد فقط وإنما تتعداه إلى المجتمع ككل.
ولا يخفى أن هناك جانباً إيجابياً للدعاية والإعلان يتمثل بأمور كثيرة تعود بالفائدة على المنتج والمستهلك على حد سواء, وقد بينت بعضها حين تحدثت عن أهمية الدعاية والإعلان. ولكن بحثي يهدف إلى التركيز على الجوانب السلبية للدعاية والإعلان
ساحة النقاش