لو تحدثت إلى مسنين جزائريين عن العادات والتقاليد الحميدة في بلدهم لأمطروك بعبارات حزن واسف لا تنتهي عن اندثار الكثير منها واتجاه أخرى نحو الاندثار، لكن من بين أهم من قاوم تقلبات الدهر من تلك العادات زيارة الأقارب في سهرات رمضان، هي عادة غارقة في القدم ولا تزال قائمة حتى اليوم.
ويجتمع أفراد من العائلة المتفرقين في سكناهم في ليالي رمضان للسهر وتعزيز روابط المودة والأخوة والتآزر، على خلاف ما يكون عليه الوضع طيلة 11 شهرا من العام.
وتجمع سهرات رمضان شمل العائلات التي تشتت بفعل التطورات الحاصلة في أسلوب الحياة إلى جزيئات، ويجتمع الأجداد والأبناء والأحفاد في جلسات حول أباريق الشاي والقهوة والحلويات والمبردات وحكايات تجمع القديم بالجديد. ويسعد الحاج محمد الطاهر الفرجاني عميد أغنية «المالوف» في الجزائر حين يجتمع معه أبناؤه وأحفاده في سهرات رمضان.
وكثيرا ما طالبه الأبناء والأحفاد أن يؤدي لهم وصلات غنائية حتى وهو الآن متقدم جدا في السن، اذ بلغ عمره اليوم 83 عاما، ورغم ذلك يستجيب لهم، ويحمل عوده الذي لم يفارقه منذ ستين عاما، ويطلق العنان لحنجرة وان اهتزت نبراتها لثقل السنين لكنها لا تزال تسعد المستمع. ويساعداه في الغناء ولداه مراد وسليم، وهما أيضا فنانان يعملان على إبقاء إشعاع الجد حمو الفنان الكبير والأب محمد الطاهر الذي تربع منذ ازيد على 40 عاما على عرش أغنية «المالوف»، وهي فرع من طبوع الغناء الأندلسي.
الحاج يسعد بحضور العائلة الكبيرة وعدد أفرادها اليوم يزيد قليلا على العشرين بين الأبناء والبنات والأحفاد والحفيدات. يتحدث الفرجاني عن سهرات رمضان، وهو يقول: «هي أوقات شيقة لو كان بيدي لمددتها وسادت الوقت كله، في كل ليلة يأتيني الأبناء ويغمرونني بعطفهم وبضجيجهم الجميل الذي يكسر الرتابة.. انهم يحملون معهم حركة تجعل البيت يفيض بهاء».
واسترسل قائلا «في قسنطينة (اكبر مدن شرق الجزائر واعرقها، يشكل الشهر الفضيل، فضلا عن طابعه الديني رابطة عائلية قوية. ففي سهرات رمضان تكثر اللقاءات بين الأقارب، وفيها أيضا تزهو المحبة وتزيد الصلات، بما يذيب الخلافات ويفكك عوامل الغيظ».
المصدر: جريدة البيان، مراد الطرابلسي
نشرت فى 23 أغسطس 2011
بواسطة ramadaniat
رمضانيات
أقسام الموقع
ابحث
تسجيل الدخول
عدد زيارات الموقع
156,625
ساحة النقاش