يتميز شهر رمضان المبارك بنظامه الغذائي الخاص الذي يميزه عن غيره من شهور السنة، ويجب الانتباه إلى ضرورة أن يكون الغذاء متوازنا ودقيقا خلال هذا الشهر.

لدى البعض في شهر الصوم، يختلط الحابل بالنابل في شأن الغذاء. وتظهر أصناف من الأطعمة غير الصحية بشكل ملفت، بل أصبحت سمة للغذاء فيه. وتختفي بشكل غير منطقي وغير مبرر أصناف من الأطعمة الصحية، وبشكل ملفت للنظر أيضا. وبدلاً من أن ينصب الاهتمام إلى تزويد الجسم بالماء، باعتباره أكثر العناصر المتأثرة بعدم الأكل والشرب خلال ساعات النهار، وبدلاً من الحرص على البدء بتناول أطعمة سهلة الهضم، كالرطب والفواكه وشوربة الخضار الخفيفة، يتجه الجهد نحو تلبية «سد الجوع» بالمعجنات والمقليات واللحوم والبقول المعقدة المليئة بالدهون.
والجوع الذي يتحكم بهؤلاء، ليس ذاك النداء الذي تصدره أنسجة الجسم حال نقص إمدادها بالعناصر الغذائية الضرورية، بل نداء المعدة العالي بأنها خالية ولا طعام فيها.
وننسى بالتالي الحقيقة المعلومة: أننا نأكل لا لنملأ وعاء المعدة بالدرجة الأولى، بل نأكل بالأصل لنعطي أعضاء وأنسجة الجسم ما تحتاجه من عناصر غذائية. وإلا فوعاء المعدة لا يمكن أن يمتلئ طوال الوقت، ولو جرينا وراء هذا الهدف فقط لكنا في خبر كان.

وننسى حقيقة مهمة أخرى، وهي أن جسم الإنسان الصحيح، الخالي من الأمراض، لا يتأثر بمجرد التوقف عن الأكل لمدة 12 ساعة، قدر تأثره بنقص الماء.

تناول الخضار والسلطة:


وأولى العناصر المظلومة في سلوكيات تناول الأطعمة خلال شهر رمضان، هي الخضار الطازج والسلطات المُعدة منها. ومن المحير جدا فهم سبب اختفاء السلطات من قائمة ما يوضع على الموائد الرمضانية في وجبات الإفطار أو السحور! وتحديداً، لماذا لا يتناول البعض السلطات وهي غنية بالماء؟ ولما لا يتم تناولها وهي التي تسد صرخات جوع المعدة بسهولة؟ ولما لا نتناولها وهي التي تعطي للجسم برودة تقاوم حر النهار؟ ولماذا لا نحرص عليها وهي العامرة بالفوائد، التي لتناولها أسباب صحية لا يمكن الجدال فيها؟ وخاصة من تجارب الناس، أن سلطات الخضار الطازجة لا تذكر ضمن الأطعمة التي قد تتسبب بالشعور بالعطش السريع، كما هو الحال مع المأكولات المالحة أو المأكولات حلوة الطعم.

عادة صحية:


إن تناول سلطات الخضار الطازجة هو ما يصنع الفرق بين أن يكون تناول الطعام وسيلة للتسمين وتكديس الجسم بعشرات الكيلوغرامات من الشحوم، وبين أن يكون عاملا مساعدا في انتظام عمل الجهاز الهضمي، وإعطاء الجسم الكثير من المعادن والفيتامينات والألياف، والقليل من السكريات والبروتينات والنادر من الدهون.

ولذا فإن تناول السلطة هو أحد أهم وأسهل العادات الصحية اليومية التي يمكن للشخص أن يتبناها في شأن التغذية. وصحن السلطة هو المتعة بقرمشة قطع الخس أو الخيار أو الجزر أو الأرضي شوكي، والطعم المميز للطماطم وحامض الليمون، والليونة في قضم شرائح الأفاكادو، والنكهات الفريدة للبقدونس أو الكزبرة أو الجرجير، وغيرها مما يضاف إلى السلطات. وصحن السلطة يكتسب مزيدا من الفائدة، بإضافة مرق «الصوص» المعد من زيت الزيتون والخل، وبإضافة مكسرات الجوز أو الأفاكادو. وقد يصبح طبق السلطة الخضراء وجبة كاملة بنثر مبشور جبن البارميزان لاذع الطعم، مع شرائح من صدر الدجاج أو قطع أسـماك التونا أو قطع الخــبز المحمص، أو حتى شرائح من فواكه البرتقال أو الخوخ أو البطيخ أو الشمام.

 أربعة أسباب صحية لتناول السلطات:


وهناك أربعة أسباب صحية أخرى، تجعل أحدنا يحرص على تناولها في وجبات طعامه. وهي:

1 - السلطة طريقك لتناول الألياف: ونحن نحتاج الألياف للوقاية من الإمساك، وأهم أدوية علاج الإمساك تحتوي على ألياف طبيعية. والألياف وسيلتنا لخفض امتصاص الأمعاء للكولسترول. وأيضا لضبط و«فرملة» السرعة التي يتم بها امتصاص السكريات. والمصادر الطبية تلاحظ أن الأشخاص الذين يتناولون الألياف، أقل وزنا من الذين لا يتناولونها.

- 2 تعطيك السلطة معادن وفيتامينات ومضادات الأكسدة: وحينما يشكل أحدنا مكونات طبق السلطة، بإضافة إما الطماطم أو الخيار أو الخس أو البقدونس أو الجزر أو الكرفس أو الملفوف أو الجرجير، أو الفلفل أو غيرهم من الخضار الملونة، فإننا نجمع كميات متفاوتة من الفيتامينات والمعادن. ومعلوم أن المعادن والفيتامينات عناصر أساسية حيوية للجسم، ولا يصنعها الجسم، بل عليه الحصول عليها من الغذاء.

3 - إن تناول محتويات صحن السلطة عملية تتطلب المضغ والبلع وملء جزء من المعدة بكتلة غذائية: وهذه الكتلة الغذائية قليلة المحتوى من طاقة السعرات الحرارية (كالورى). وبالنتيجة، فإن صحن السلطة وسيلة لسد جزء من الشعور بالجوع، وملء لجزء من المعدة بغذاء خفيف. ولأن السلطات غنية بالألياف، فإنها تبطئ امتصاص السكريات لفترة أطول. ولذا فتناول السلطة في رمضان وسيلة لإطالة مدة تزويد الدم بالسكريات الغذائية. وبالنتيجة، يقل الشعور بالجوع، ولا تنخفض بسهولة كمية السكر في الدم، طوال ساعات صوم النهار.

4 - حينما يتم إعداد طبق السلطة بالطريقة الصحية، يمكن الحصول على الدهون الصحية، حيث يضاف إلى قطع الخضار المتنوعة أنواع من الثمار الدهنية، كالأفوكادو وأوراق الرجلة (البقلة) وقطع من المكسرات المجروشة، وقليل من زيت الزيتون. وهذه الدهون الصحية إضافة إلى أنها تمد الجسم بنوعية عالية الفائدة، فإنها تسهل أيضا عملية امتصاص الأمعاء للمواد المضادة للأكسدة الموجودة بنسب عالية في الخضار الطازج الملون.

المصدر: مدونة آفاق علمية/ م: أمجد قاسم – مقال للدكتورة عبير مبارك
  • Currently 115/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
39 تصويتات / 959 مشاهدة

ساحة النقاش

رمضانيات

ramadaniat
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

156,622

شراب قمر الدين