الموقع الرسمى الخاص بـ أ/رمضان اسماعيل ريشه

اعرف الاسلام -اعرف نبيك-ارفع راسك انت مسلم

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد،
فبارك الله أرض فلسطين وقدسها -أي طهَّرها- واختارها للمسجد الأقصى ثاني بيوته في الأرض بعد البيت الحرام، وكتب -جل شأنه وسلطانه- أنها للمؤمنين، وإن اختلفت أعراقهم أو أجناسهم أو أوطانهم، طالما أقاموا الدين ورفعوا راية التوحيد والإيمان، كما في نداء موسى -عليه السلام-: (يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ)(المائدة:21)، وكما فسر ابن عباس الأرض في قوله -سبحانه-: (وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ)(الأنبياء:105)، فهي حقيقة قرآنية ومن قبله حقيقة في كلٍ الزبر والكتب.
وهى أيضا بشرى نبوية صادقة أخرجها أحمد في مسنده من حديث البراء بن عازب -رضي الله عنهما- حين قص ما كان من خبر الصخرة يوم الخندق التي حطمها المصطفى -صلى عليه وسلم- قائلا: (اللَّهُ أَكْبَرُ أُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ الشَّامِ وَاللَّهِ إِنِّى لأُبْصِرُ قُصُورَهَا الْحُمْرَ مِنْ مَكَانِى هَذَا) حسن إسناده ابن حجر في فتح الباري، وفى ما رواه البخاري عن المصطفى -صلى الله عليه وسلم- عن ست من أشراط الساعة فعد ثانيها فتح بيت المقدس.
بل بشر -صلى الله عليه وسلم- من قبلِ فتحِها أنها أرض الرباط وأنها أرض الطائفة الظاهرة المنصورة، فقال -صلى الله عليه وسلم- فيما يرويه أحمد: (لاَ تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِى عَلَى الدِّينِ ظَاهِرِينَ لِعَدُوِّهِمْ قَاهِرِينَ لاَ يَضُرُّهُمْ مَنْ خَالَفَهُمْ إِلاَّ مَا أَصَابَهُمْ مِنْ لأْوَاءَ حَتَّى يَأْتِيَهُمْ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كَذَلِكَ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَأَيْنَ هُمْ؟ قَالَ: بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ وَأَكْنَافِ بَيْتِ الْمَقْدِس) رواه عبد الله بن الإمام أحمد في زوائد المسند، والطبراني، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد: رجاله ثقات.
واستفتاح الشام وفلسطين وبيت المقدس قد بدأه المصطفى -صلى الله عليه وسلم-، فقد غزا -صلى الله عليه وسلم- بنفسه دومة الجندل وهي على تخوم الشام، كما بعث إلى جهتها السرايا المتتالية، وأرسل -صلى الله عليه وسلم- كتابا إلى هرقل حاكم الروم يدعوه للإسلام فوصله ببيت المقدس، وكان فيه ( بسم الله الرحمن الرحيم. من محمد رسول الله، إلى هرقل عظيم الروم، سلام على من اتبع الهدى، أما بعد، فإني أدعوك بدعاية الإسلام، أسلم تسلم، وأسلم يؤتك الله أجرك مرتين، فإن توليت فإن عليك إثم الأريسيين، و(قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ)، فأوشك هرقل حينها أن يسلم ولكن صده الكبر والخوف على الملك.
ثم بعث -صلى الله عليه وسلم- جيشاً من ثلاثة آلاف فاشتبك في معركة غير متكافئة مع الروم في غزوة مؤتة، وأراد الروم المبادرة في تبوك فعاجلهم النبي -صلى الله عليه وسلم- بجيش العسرة عندها، ففرت الروم رغم جحافلها ولم يلقوا النبي -صلى الله عليه وسلم-، وعقد عليه الصلاة والسلام لواء جيش فيه الصديق وعمر بن الخطاب لغزو الروم في عقر دارها، لكنه لقي الله والجيشُ لا يزال عند حدود المدينة المنورة، ليكون أول أمر يصدره الخليفة أبو بكر الصديق هو إنفاذ جيش أسامة وإمضاء لواء رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
تتابعت الوقائع في عهد الصديق -رضي الله عنه- لفتح الشام بداية بالعربة وداثن، ثم تلتها الوقائع الكبرى أجنادين ثم اليرموك، لتساقط مدن الشام الواحدة تلو الأخرى حتى ختمت بسقوط دمشق بعد حصار قاده أبو عبيدة بن الجراح، في أوائل عهد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب.
وفى أثناء حصار دمشق أرسل أبو عبيدة إلى أهل بيت المقدس قائلا: "بسم الله الرحمن الرحيم. من أبي عبيدة بن الجراح إلى بطارقة أهل إيلياء وسكانها... فإنا ندعوكم إلى شهادة أن لا إله إلا الله، فإن أبيتم فأقروا لنا بإعطاء الجزية، وإن أبيتم سرت إليكم بقوم هم أشد حبا للموت منكم للحياة ولشرب الخمر وأكل الخنزير، ثم لا أرجع عنكم إن شاء الله حتى أقتل مقاتلتكم وأسبي ذراريكم." فأبى أهلها.
فبدأ بعد فراغه من فتح دمشق بإرسال القوات لحصار بيت المقدس، وأرسل هذه القوات على سبع دفعات ليكون أوقع للخوف في قلوبهم، وتكامل الجيش بوصوله لتبدأ المناوشات والحصار لأربعة أشهر، فر خلالها القادة العسكريون من المدينة فقرر البطارقة التسليم بشرط أن يستلمها منهم أمير المؤمنين بنفسه.
وبالفعل توجه أمير المؤمنين عمر بن الخطاب إلى الشام ليتولى بنفسه عقد العهد مع أهل بيت المقدس، وتَحْمل لنا كتب التاريخ قصة هي للأعاجيب أقرب لولا أن نقلها من خلال الثقات، تروي القصة تفاصيل دخول الفاروق أرض الشام، وننقل نصها لأن فيها فصل الخطاب في السبب الذي نصر الله به هذه الأمة ونقلها إلى ريادة الدنيا وهدايتها، بعد ما عاشت قروننا تتطاحن ويقتل بعضها بعضا في أعماق الصحراء.
فيقول ابن كثير في البداية والنهاية:
قدم عمر بن الخطاب الجابية على طريق إيلياء (بيت المقدس) على جمل أورق، تلوح صلعته للشمس، ليس عليه قلنسوة ولا عمامة، تصطفق رجلاه بين شعبتي الرحل بلا ركاب، وطاؤه كساء انبجاني ذو صوف هو وطاؤه إذا ركب، وفراشه إذا نزل، حقيبته نمرة أو شملة محشوة ليفا، هي حقيبته إذا ركب ووسادته إذا نزل وعليه قميص من كرابيس قد رسم وتخرق جنبه.
فقيل له أنت ملك العرب وهذه بلاد لا تصلح بها الإبل، فلو لبست شيئا غير هذا وركبت برذونا لكان ذلك أعظم في أعين الروم.
فقال: نحن قوم أعزنا الله بالإسلام فلا نطلب بغير الله بديلا.
وفى طرف آخر من القصة ينقل أنه عرضت له مخاضة، فنزل عن بعيره ونزع موقيه فأمسكهما بيد، وخاض الماء ومعه بعيره، فقال له أبو عبيدة: قد صنعت اليوم صنيعا عظيما عند أهل الأرض، صنعت كذا وكذا، قال: فصك في صدره وقال: أولو غيرك يقولها يا أبا عبيدة، إنكم كنتم أذل الناس وأحقر الناس وأقل الناس، فأعزكم الله بالإسلام فمهما تطلبوا العز بغيره يذلكم الله.
ثم صالح عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أهل بيت المقدس على عهد عرف بالعهدة العمرية وهذا نصها:
"بسم الله الرحمن الرحيم. هذا ما أعطى عبد الله، عمر، أمير المؤمنين، أهل إيلياء من الأمان.. أعطاهم أماناً لأنفسهم وأموالهم ولكنائسهم وصلبانهم وسقميها وبريئها وسائر ملتها. أنه لا تسكن كنائسهم ولا تهدم، ولا ينقص منها ولا من حيِّزها ولا من صليبهم ولا من شيء من أموالهم، ولا يُكرهون على دينهم، ولا يضارّ أحد منهم، ولا يسكن بإيلياء معهم أحد من اليهود. وعلى أهل إيلياء أن يُعطوا الجزية كما يُعطي أهل المدائن. وعليهم أن يُخرِجوا منها الروم واللصوص. فمن خرج منهم فإنه آمن على نفسه وماله حتى يبلغوا أمنهم. ومن أقام منهم فهو آمن، وعليه مثل ما على أهل إيلياء من الجزية. ومن أحب من أهل إيلياء أن يسير بنفسه وماله مع الروم ويخلي بِيَعهم وصلبهم، فإنهم آمنون على أنفسهم وعلى بِيَعهم وصلبهم حتى يبلغوا أمنهم. فمن شاء منهم قعد وعليه مثل ما على أهل إيلياء من الجزية، ومن شاء سار مع الروم. ومن شاء رجع إلى أهله، فإنه لا يؤخذ منهم شيء حتى يحصد حصادهم، وعلى ما في هذا الكتاب عهد الله وذمة رسوله وذمة الخلفاء وذمة المؤمنين، إذا أعطوا الذي عليهم من الجزية.
كتب وحضر سنة خمس عشرة هجرية.
شهد على ذلك: خالد بن الوليد، وعبد الرحمن بن عوف، وعمرو بن العاص، ومعاوية بن أبي سفيان."
كتبت هذه العهدة قبل دخوله إلى القدس التي دخلها مكبرا وقيل ملبيا أيضا، سائرا على قدميه وغلامه أسلم يركب البعير؛ لأن الغلام وأمير المؤمنين كانا يتناوبان بعيرا واحدا وكان دور الغلام في الركوب!!
فلما دخلها سألهم عن مصلى داوود ومحرابه وهو موضع المسجد الأقصى فدلوه بعد مراوغة، فصلى فيه أول صلاة وَافتْهُ وكانت الفجر وقرأ فيها بسورتي ص والإسراء، وأقام حيث صلى مسجدا وجعل الصخرة التي عرج منها المصطفى -صلى الله عليه وسلم- في ظهره، وقد كانت قبلة اليهود، وكانت النصارى قد اتخذتها مزبلة نكاية باليهود، فشرع في تنظيفها بنفسه، يحمل ما عليها م قذارة ونجاسات في ثوبه فتبعه المسلمون على ذلك.
ويحلو للبعض أن يذكر في هذا المقام قصة مزعومة عن صلاة صلاها عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- خارج كنيسة القيامة حين حلت الصلاة -بزعمهم- وهو داخلها يتفقد المكان الذي يزعمون فيه دفن المسيح -عليه السلام- بعد الصلب.
ونقرر في هذا الموضع أن تلك القصة مختلقة جملة وتفصيلا للأسباب الآتية:
- لايوجد من مؤرخي المسلمين على الإطلاق من ينقل هذه القصة، بالرغم من أن بعضهم أسهب في وصف الفتح إسهابا عجيبا ونقل ما صح وما ضعف من الروايات التي تتعلق به.
- القصة من رواية بعض النصارى الذين أشار إليهم بعض مؤرخي المسلمين كالمقريزى صاحب الخطط إذ يقول: ويذكر علماء الأخبار من النصارى أن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، لما فتح مدينة القدس كتب للنصارى أماناً على أنفسهم وأولادهم ونسائهم وأموالهم وجميع كنائسهم لا تهدم ولا تسكن، وأنه جلس في وسط صحن كنيسة القمامة، فلما حان وقت الصلاة خرج وصلى خارج الكنيسة على الدرجة التي على بابها بمفرده، ثم جلس وقال للبطرك: لو صليت داخل الكنيسة لأخذها المسلمون من بعدي، وقالوا هاهنا صلى عمر، وكتب كتاباً يتضمن أنه لا يُصلي أحد من المسلمين على الدرجة إلاّ واحد واحد، ولا يجتمع المسلمون بها للصلاة فيها، ولا يؤذنون عليها.
ونقل أيضا عنهم قائلا: ثم إن عمر -رضي الله عنه- أتى بيت لحم وصلى في كنيسته عند الخشبة التي ولد فيها المسيح، وكتب سجلاً بأيدي النصارى أن لا يُصلي في هذا الموضع أحد من المسلمين إلاّ رجل بعد رجل، ولا يجتمعوا فيه للصلاة، ولا يؤذنوا عليه.
- يهدف النصارى من اختراع هذه القصة إلى إثبات نوع من تعظيم الفاروق لمقدساتهم، فهو -كما يزعمون- يتلمس المواضع المباركة عندهم كمدفن المسيح ومكان ميلاده للزيارة أو للصلاة تبركا بها.
- الإشارة ولو من طرف خفي إلى أن المسلمين قوم بهتان وزور، وقد يقع منهم نقض العهد العمري بحجج مصطنعة للاستيلاء على أماكن النصارى التي حظيت بالأمان، مما يستلزم عهدا خاصا لحماية هذه المواضع.
- طبقا لروايات المقريزي عن مؤرخيهم، أن عمر بن الخطاب صلى في موضع دفن المسيح في القدس وموضع ولادة المسيح في بيت لحم، وكتب ألا يصلى فيه إلا رجلا رجلا، وكأن الصلاة في هذه الأماكن مشروعة بالأصل، وسيأتي المسلمون للصلاة فأراد أن يضع نوعا من التنظيم.
- لا يتصور مسلم أن يصلى عمر بن الخطاب في موضع يزعم النصارى أن المسيح دفن فيه، وهو يعتقد أن المسيح رفع إلى السماء حيا ولم يصلب ولم يدفن بالتالي، خاصة مع وجود اللعن النبوي لمن اتخذ قبور الصالحين وآثارهم مساجد ومعابد.www.salafvoice.comموقع صوت السلف

المصدر: صوت السلف
  • Currently 15/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
5 تصويتات / 251 مشاهدة
نشرت فى 29 سبتمبر 2011 بواسطة ramadan2012

ساحة النقاش

رمضان اسماعيل عبدالحميد ريشه

ramadan2012
نصرة الاسلام والمسلمين »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

101,489
الى كل من يعجبه الموقع ومحتوياته عليه مراسلتى على الايميل التالى:


[email protected]


ملأ الله قلبك بالانوار
وحفظك من الاخطار
واسعدك ما دام الليل والنهار

وجعل حياتك حياه الصالحين الابرار

ايها الفتى العبقبرى

دع عنك ما قد مضى فى زمن الصبا واذكر ذنوبك وابكها يامذنب لم ينسه الملكان حين نسيته بل اسبتاه وانت لاه تلعب والروح منك وديعة اودعتها ستردها بالرغم منك وتسلب وغرور دنياك التى تسعى لها حقيقتها متاع يذهب الليل فاعلم والنهار كلاهما انفاسنا فيهما تعد وتحسب