قصيدة ...
كَفْكِف دموعَكَ وانسحِبْ يا عنترة
للشاعر المصري مصطفى الجزار
- كَفْكِف دموعَكَ وانسحِبْ يا عنترة
- فعيونُ عبلةَ أصبحَتْ مُستعمَرَة
- لا ترجُ بسمةَ ثغرِها يوماً، فقدْ
- سقطَت مـن العِقدِ الثمينِ الجوهرة
- قبِّلْ سيوفَ الغاصبينَ.. ليصفَحوا
- واخفِضْ جَنَاحَ الخِزْيِ وارجُ المعذرة
- ولْتبتلع أبياتَ فخرِكَ صامتاً
- فالشعرُ في عصرِ القنابلِ ثرثرة
- والسيفُ في وجهِ البنادقِ عاجزٌ
- فقدَ الهُويّةَ والقُوى والسيطرة
- فاجمعْ مَفاخِرَكَ القديمةَ كلَّها
- واجعلْ لها مِن قاعِ صدرِكَ مقبرة
- وابعثْ لعبلةَ في العراقِ تأسُّفاً!
- وابعثْ لها في القدسِ قبلَ الغرغرة
- اكتبْ لها ما كنتَ تكتبُه لها
- تحتَ الظلالِ، وفي الليالي المقمرة
- يا دارَ عبلةَ بالعراقِ تكلّمي
- هل أصبحَتْ جنّاتُ بابل مقفرة؟
- هـل نَهْرُ عبلةَ تُستباحُ مِياهُهُ
- وكلابُ أمريكا تُدنِّس كوثرَه؟
- يا فارسَ البيداءِ.. صِرتَ فريسةً
- عبداً ذليلاً أسوداً ما أحقرَه
- متطرِّفاً.. متخلِّفاً.. ومخالِفاً
- نسبوا لكَ الإرهابَ صِرتَ مُعسكَرَه
- عَبْسٌ تخلّت عنكَ.. هذا دأبُهم
- حُمُرٌ ـ لَعمرُكَ ـ كلُّها مستنفِرَة
- في الجاهليةِ..كنتَ وحدكَ قادراً
- أن تهزِمَ الجيشَ العظيمَ وتأسِرَه
- لن تستطيعَ الآنَ وحدكَ قهرَهُ
- فالزحفُ موجٌ..والقنابلُ ممطرة
- وحصانُكَ العَرَبيُّ ضاعَ صهيلُهُ
- بينَ الدويِّ وبينَ صرخةِ مُجبرَة
- هلاّ سألتِ الخيلَ يا ابنةَ مالكٍ
- كيفَ الصمودُ؟ وأينَ أينَ المقدرة!
- هذا الحصانُ يرى المَدافعَ حولَهُ
- متأهبباتٍ..والقذائفَ مُشهَرَة
- لو كانَ يدري ما المحاورةُ اشتكى
- ولَصاحَ في وجهِ القطيعِ وحذَّرَه
- يا ويحَ عبسٍ.. أسلَمُوا أعداءَهم
- مفتاحَ خيمتِهم، ومَدُّوا القنطرة
- فأتى العدوُّ مُسلَّحاً، بشقاقِهم
- ونفاقِهم ، وأقام فيهم مِنبرَه
- ذاقوا وَبَالَ ركوعِهم وخُنوعِهم
- فالعيشُ مُرٌّ .. والهزائمُ مُنكَرَة
- هذِي يدُ الأوطانِ تجزي أهلَها
- مَن يقترفْ في حقّها شرّا..يَرَه
- ضاعت عُبَيلةُ.. والنياقُ.. ودارُها
- لم يبقَ شيءٌ بَعدَها كي نخسرَه
- فدَعوا ضميرَ العُربِ يرقدُ ساكناً
- في قبرِهِ.. وادْعوا لهُ.. بالمغفرة
- عَجَزَ الكلامُ عن الكلامِ.. وريشتي
لم تُبقِ دمعاً أو دماً في المحبرة
وعيونُ عبلةَ لا تزالُ دموعُهـــــا
تترقَّبُ الجِسْرَ ألبعيــــــــد لِتَعبُرَه