الخدمة النفسية والارشاد النفسى الروحى الدينى

موقع متخصص فى الارشاد النفسى الدينى

أهمية الإرشاد النفسي الديني والحاجة إليه محمد مصيف

‫أهمية الارشاد النفسي الديني‬

‫يستمد الرشاد النفسي الديني أهميته من قسمين أساسيين: أهميته‬ ‫كإرشاد نفسي ، وأهميته كإرشاد ديني ، ويمكن توضيح ذلك كما يلي :‬
‫القسم الول : أهمية الرشاد النفسي الديني كإرشاد نفسي :‬

‫يؤدي الدين جملة من الوظائف التي ل غنى عنها لكل من الفرد‬ ‫والجماعة ، وكونه عامل ً مهما ً في حياة النسان النفسية ، وعنصرا ً أساسيا ً‬ ‫في نمو شخصيته ، وأعظم دعائم السلوك ، حيث يوفر قاعدة وجدانية‬ ‫تضمن المن والطمئنان النفسي والتزان النفعالي ، وتفاؤل وحب‬ ‫للحياة ، وعدم النظرة إليها نظرة تشاؤمية ، وتأكيد الهوية ؛ لما يوفره‬ ‫الحساس الديني من الحساس بالسعادة والرضا والقناعة واليمان‬ ‫بالقضاء والقدر ، ويخفف من وطأة الكوارث والزمات التي تعترض طريق‬ ‫الفرد ، فيشعر الفرد بالطمئنان وعدم الخوف أو التشاؤم من المستقبل ،‬ ‫من خلل إطار علقة النسان بخالقه ، التي تعد موجها ً لسلوكه في شتى‬ ‫منـاحي الحياة ، وفي كل مرحلة عمرية من حياة النسان )سعيد إبراهيم‬
‫، 3991 ، 341( ، )عبد الرحمن العيسوي ، 0002 ، 941 – 051( ،‬ ‫)رجاء عبد الرحمن الخطيب ، 2002 (.‬

‫وتتسم مرحلة المراهقة بنوع من اليقظة والنضج الديني ، والحاجة‬ ‫إلى تعقل الدين والشعائر الدينية ، وإن علم النفس وعلم الجتماع قد‬ ‫أفردا فرعا ً مستقل ً لتناول الظاهرة الدينية سميا : علم النفس الديني ‪The‬‬ ‫‪ Psychology of Religious‬وعلم الجتماع الديني ‪The Sociology of Religious‬‬ ‫على أساس أن الدين يعد تجسيما ً لعلى الطموحات النسانية بإعتباره‬ ‫حصن الخلق ، الذي يعد المصدر الساسي لمن الفراد لتحقيق السلم‬ ‫الداخلي لهم )عبد الباقي الهرماسي ، 0991 ، 61( .‬ ‫وأظهرت الكثير من البحوث والدراسات أن الدين يؤدي دورا ً إيجابيا ً‬ ‫في الوقاية من أعراض الضطرابات النفسية لدى المراهقين ؛ نظرا ً‬ ‫لرتباط ارتفاع مستوى التدين بالكثير من الجوانب اليجابية لدى الفراد ،‬ ‫فيؤدي إلى صحة نفسية أفضل وقدرة أكبر على مجابهة المراض والتغلب‬ ‫على آثارها السلبية وسرعة الشفاء من العراض النفسية والقدرة على‬ ‫تحمل الضغوط الناتجة عن أحداث الحياة القاسية )– 952 , 3002 , ‪Smith‬‬ ‫762(، وعلى الجانب الخر أشارت العديد من الدراسات كدراسة , ‪Bergin‬‬ ‫7891 , ‪ ، etal‬ودراسة ‪ ،etal , 1989 Watsong‬ودراسة رشاد علي عبد العزيز‬ ‫موسى )2991( إلى وجود علقة ارتباطيه موجبة بين التوجهات الدينية‬ ‫وتقدير الذات ، ووجود علقة ارتباطية سلبية مع كل من القلق والكتئاب ،‬ ‫وأن الفراد الكثر تدينا ً أقل قلقا ً واكتئابا ً وأكثر تأكيدا ً لذواتهم.‬ ‫وإن من أبرز الوظائف التي يؤديها الدين للفرد والجماعة تحقيق‬ ‫الستقرار النفسي ، فحينما يصاب الفراد بالتمزق النفسي والصراعات‬ ‫الداخلية يحقق لهم الدين توازنا ً نفسيا ً عن طريق ما يسوقه من علج‬ ‫ْ ِ ُ َ َ ْ َ َ َ َ‬ ‫نفسي ، وتوجيه إلهي ، لقول الله تعالى : " أ َهم ي َقسمون رحمة رب ّك‬ ‫ُ ْ‬ ‫ن َحن قسمنا ب َي ْن َهم معيشت َهم في ال ْحياة الدّن ْيا ورفعنا ب َعضهم‬ ‫ّ ِ َ ُ ْ ِ‬ ‫َ َ َ َ ْ َ‬ ‫ْ ُ َ َ ْ َ‬ ‫َ َ ِ‬ ‫ُ‬ ‫ْ َ ُ ْ‬ ‫فوقَ ب َعض دَرجات ل ِي َت ّخذَ ب َعضهم ب َعضا ً سخري ّا ً ورحمت رب ّك خي ْر‬ ‫ِ‬ ‫ْ ٍ َ َ ٍ‬ ‫ْ‬ ‫ْ ُ ُ‬ ‫َ َ ْ َ ُ َ َ َ ٌ‬ ‫َ ْ‬ ‫ُ ْ ِ‬ ‫مما ي َجمعون " ) الزخرف ، 23( ، ففي حمى الدين تخف وطأة‬ ‫ْ َ ُ َ‬ ‫ّ ّ‬

‫الحياة ، وتهون أمور الدنيا ، وتصبح هذه المظاهر أمرا ً ثانويا ً وبعيدا ً عن‬ ‫المألوف ) إبراهيم محمد عطا ، 8891 ، 621 – 721 ( .‬ ‫ويؤدي الشعور الديني إلى الحساس بالسعادة والرضا والقناعة‬ ‫واليمان بالقضاء والقدر خيره وشره ، الذي يعين الفرد على مواجهة‬ ‫الضغوط ، ويمنح الثقة والقوة لمواجهة التحديات والزمات التي تعترضه‬ ‫في مجرى حياته ، فيكون الملذ وقت الشدة ، الذي يشعره بالمان وعدم‬ ‫الخوف والتشاؤم ، لليقين بأن الله - ‪ - Υ‬يتدخل في الحداث المهمة من‬ ‫أجل الفضل دائما ً ، الذي يتحقق للفرد من خلل : الدعاء ، والصلة ،‬ ‫والشكر مما يوفر له أسمى صور الـدعم والطمأنينة )سعيده محمد‬
‫محمد أبو سوسو ، 6891( ، )عادل محمد هريدي ، وطريف شوقي‬ ‫فرج ، 2002( .‬ ‫ولذلك يذهب كل من 4991 ‪ ، Kipartrick‬وربيع عبد العليم 7991‬

‫إلى أنه مع هذا الدعم تتناقض مشاعر الخوف والقلق ، وخاصة قلق‬ ‫المستقبل، فيطمئن الفرد على مصيره المستقبلي ؛ المـر الذي يسهم‬ ‫في تحقيق السـواء النفسي ، لعتباره بعدا ً أساسيا ً للشخصـية السوية .‬ ‫إن للدين وظائف وآثارا ً نفسية واجتماعية على الفرد والمجتمع ،‬ ‫حيث يزود الفرد بنسق من القيم والمبادئ والمعايير والمحكات الجتماعية‬ ‫التي توفر له التكيف مع من حوله ، ويزوده برؤية عالم آخر غير محسوس‬ ‫فيه الخلص ، تشعره بالستقرار النفسي ؛ لنه بمثابة الطار المرجعي‬ ‫المعياري الذي يلجأ إليه الفرد في سعيه لكل ما قد يواجهه من مختلف‬ ‫صور الصراع )محمد أحمد بيومي ، 1991( ، )رشاد على عبد العزيز‬ ‫موسى ، 7991 ( .‬ ‫وأجـمل عدلي على أبو طاحون )9991 ، 12- 32 ( الوظـائف‬ ‫النفسية والجتماعية للدين فيما يلي :‬ ‫1- توفير نظام من الضبط الجتماعي من خلل المساهمة في تكوين‬ ‫ضمير الفرد والجماعة، حيث تقوم المبادئ الدينية ، وما يرتبط بها من‬ ‫قيم ومعتقدات مختلفة بتقوية الضبط الجتماعي الداحلى ، وبهذا‬ ‫أسهمت في تكوين ضمير النسان وتقوية دواعي الخير لديه.‬ ‫2- يساعد الدين على توفير المن الذي يعد مصدرا ً أساسيا ً للصحة النفسية‬ ‫، واختفاء عوامل القلق النفسي لدى مختلف الفراد في المجتمع ،‬ ‫حيث أن قيام الدين بمحاولة التنبؤ بأسرار ما بعد الحياة واتجاهه‬ ‫لتبشير المؤمنين خيرا ً ، وتوعد المسيئين شرا ً ، يعمل على حل الكثير‬ ‫من الضطرابات النفسية ، وبالتالي تقوية عوامل الستقرار في حياة‬ ‫الفرد .‬ ‫3- القيام بوظيفة تثقيفية تعليمية من خلل القصص الديني عن حياة‬ ‫السابقين .‬ ‫بينما يرى رشاد عبد العزيز موسى ) 3991 ، 655( أهمية الرشاد‬ ‫النفسي الديني في أثر سيكولوجية الدين في علج الضطرابات النفسية‬ ‫باختلف أنواعها ، المر الذي يدعم الهتمام ببرامج الرشاد النفسي الديني‬ ‫وفاعليتها في علج الضطرابات ، يعد بمثابة إضافة جديدة للتراث‬ ‫السيكولوجي .‬

‫ونجد في كلم الحق تبارك وتعالى أفضل توجيه وأصوب إرشاد ، وذلك‬ ‫لنه عندما يخاطب النفس النسانية ، فإنما يخاطبها مخاطبة العليم‬ ‫بأسرارها الخبير بما يفسدها ويزكيها ، المطلع على مواطن القوة والضعف‬ ‫َ‬ ‫فيها ، مصداقا ً لقول الله تعالى : " أل ي َعل َم من خل َق وهو الل ّطيف‬ ‫ِ ُ‬ ‫ْ ُ َ ْ َ َ َ ُ َ‬ ‫ال ْخبير " ) الملك ، 41( ، وفي سنة النبي - ‪ - ρ‬إيضاح للمنهج‬ ‫َ ِ ُ‬ ‫الرشادي المتكامل في القرآن الكريم ، وتفصيل لما جاء مجمل ً فيه ، كما‬ ‫أنه ما تركه لنا سلفنا الصالح من تراث له قيمته ، لم يخرج عن نطاق‬ ‫المصدرين الساسيين لديننا الحنيف ، الكتاب والسنة ، وكان على ضوئهما‬
‫)سعيد إسماعيل القاضي ، 3991، 844(.‬

‫فالدين عنصر أساسي في حياة النسان حيث تشمل التربية‬ ‫السليمة التربية الدينية ، كما يتضمن النمو السوي النمو الديني ، وتشمل‬ ‫الصحة النفسية السعادة في الدنيا والخرة ، ولذلك فالتربية الدينية‬ ‫المبكرة تعد وسيلة وقائية لصحة النسان النفسية فهي تساعده على‬ ‫تكوين نظام ثابت من القيم والمعايير الخلقية حيث تصبح ركيزة أساسية‬ ‫تقوم عليها أساليب تكيف النسان ، وبقدر ما يفيد سلوكه وتفكيره من هذا‬ ‫النظام بقدر ما يكون أقدر على التكيف النفسي ) حامد عبد السلم‬ ‫زهران ، 5991، 773( ، ) مصطفى فهمي ، 6791 ، 71( ؛ لنه الملذ‬ ‫من المشكلت النفعالية والصدمات النفسية بما يحمله من أفكار وقيم قد‬ ‫تكون علجا ً لكثير من المشكلت التي يقع فيها الفرد ، والتي قد تؤثر في‬ ‫نفسيته تأثيرا ً كبيرا ً ، فكثير من الناس يكون التخفيف للكثير من آلمهم‬ ‫النفسية يكمن في تذكرهم المفاهيم الدينية مما يجعلهم يجدون في ذلك‬ ‫راحة نفسية وطمأنينة روحية ، ويخفف الدين القلق النفسي وله صلة‬ ‫كبيرة بالنمو العام عند المراهقين )رشاد على عبد العزيز موسى ،‬
‫2991 ، 311(.‬

‫وبجانب ذلك نجد اختلفات كثيرة بين المدارس المختلفة للعلج‬ ‫والرشاد النفسي في نظرتهما إلى طبيعة الدوافع المحركة للسلوك ،‬ ‫وإلى طبيعة التهديدات المثيرة للقلق ، والمثيرة لنشوء أعراض المراض‬ ‫النفسية ، تجعل من الصعب الوصول إلى اتفاق عام بين هذه المدارس‬ ‫المختلفة حول نظرية متكاملة في الشخصية وتوافقها ، فكل مدرسة من‬ ‫هذه المدارس تنظر إلى النسان من زاوية معينة ومحددة ) محمد عبد‬
‫الفتاح المهدي ، 0991 ، 83 -93(.‬

‫فكل نظرية إرشادية ، وحتى الرشاد النفسي التكاملي أهمل أهم‬ ‫مؤثر في النفس الذي يسبب الوحدة والتكامل للنسان ، أل وهو " الروح‬ ‫" ، وعلقة الفرد بربة ) ناهد عبد العال الخراشي ، 9991 ، 85 ( ، )‬
‫1002 ‪.( Qulsoom Inayat‬‬

‫ولقد بدأت تظهر منذ بداية الستينات حتى الن المقدمات التي قام‬ ‫بها علماء النفس التي تنادي بأهمية الفادة من التعاليم والقيم الـدينية‬ ‫في الرشاد النفسي والصحة النفسية ، وترى أن اليمان الحقيقي بالله‬ ‫قوة هائلة تمد النسان المتدين بطاقة روحية تعينه على تحمل مشاق‬ ‫الحياة وتجنبه القلـق الناتج عـن الهتمام بالحياة المادية )محمـود إبراهيم‬
‫عبد العزيز فـرج ، 8991 ، 6 – 7( ، ) رجـاء عبد الرحـمن الخـطيب،‬ ‫2002(.‬

‫تمثلت تلك التجاهات في كتابات : عبد الوهاب حموده )2691(‬ ‫القرآن وعلم النفس ، ومحمد ماهر عمر )3891( ملمح علم نفس‬ ‫إسلمي ، وحسن محمد الشرقاوي )4891( نحو علم نفس إسلمي ،‬ ‫وسيد عبد الحميد مرسي )5891( سلسة دراسات نفسية إسلمية "‬ ‫ٍ‬ ‫الشخصية السوية" ، ومحمد عثمان نجاتي )7891( القرآن وعلم النفس ،‬ ‫والحديث النبوي وعلم النفس )0002( ، ومحمد عبد الفتاح مهدي )‬ ‫0991( نحو علم نفس إسلمي " العلج النفسي في ضوء السلم " ،‬ ‫وسيكولوجية الدين والتدين )2002( ، ورشاد على عبد العزيز موسى )‬ ‫3991( علم النفس الديني ، أساليب العلج النفسي في ضوء القرآن‬ ‫الكريم والسنة النبوية )1002( ، الرشاد النفسي في حياتنا اليومية في‬ ‫ضوء الوحي اللهي والهدي النبوي )1002( ، العلج الديني )1002( ،‬ ‫محمد يوسف خليل )4991( ، تلوة القرآن الكريم وأثرها على اطمئنان‬ ‫النفس ، ومحمد عوده ، كمال مرسي )4991 ( الصحة النفسية في ضوء‬ ‫علم النفس والسلم ، وعبد العلى الجسماني )6991( علم النفس‬ ‫القرآني والتهذيب الوجداني ، ومصطفى محمود )8991( علم نفس قرآني‬ ‫جديد ، وعبد الرحمن محمد العيسوي )1002( سيكولوجية السلم‬ ‫والنسان المعاصر ، ومحمد محروس الشناوي )1002( بحوث في التوجيه‬ ‫السلمي للرشاد والعلج النفسي ، ومحمد رمضان محمد )6002( ،‬ ‫العجاز العلمي للقرآن الكريم في علم النفس والتحليل النفسي.‬ ‫وأشارت العديد من الدراسات إلى أهمية استخدام المفاهيم الدينية‬ ‫في الرشاد والعلج النفسي وتحقيق الصحة النفسية ، ومنها : دراسة سيد‬ ‫صبحي 0891 ، وحامد عبد السلم زهران 5891 ، ومصطفى الشرقاوي‬ ‫5891 ، وإسعاد عبد العظيم البنا 0991 ، و 0991 , ‪ ، Stark‬و , ‪Park et al‬‬ ‫0991 ، وزينب محمود شقير 1991، و 3991 ‪ ، Sung mook & Christelle‬و‬ ‫4991 , ‪ ، Azhar et al‬وعبد الرقيب البحيري وأخرون 4991 ، و ‪Azhar , etal‬‬ ‫5991 , ، و محمد عبد التواب معوض 6991 ، ومحمود إبراهيم عبد العزيز‬ ‫فرج 8991 ، وعبد الباسط خضر 0002 ، و 2002 , ‪ ، Berry‬و محمد‬ ‫محروس الشناوي 1002، ومحمد عمار 1002، و 1002 ‪،Qulsoom Inayat‬‬ ‫و 2002 , ‪ ، Salleh Mobd , et al‬وناصر بن إبراهيم المحارب 3002، وإيمان‬ ‫حسني محمد العيوطي 4002 ، وهناء يحي أبو شهبه 4002 ، وهناء أبو‬ ‫شهبه 6002.‬ ‫يحتل التدين مكانة بارزة بين حاجات الفراد ، بوصفه دافعا ً فطريا ً‬ ‫لدى الفرد للتوحيد وعبادة الله ، وطلب العون منه سبحانه ، وقد أعتبره‬ ‫‪ Allport‬حاجة نفسية موروثة ، فمعظم الناس عبر تاريخ البشرية‬ ‫يمارسون شكل ً ما من أشكال التدين ، يمثل لهم محددا ً لهويتهم )محمود‬
‫حمدي زقزوق ، 1002 ، 81( ، )عادل محمد هريدي ، وطريف‬ ‫شوقي ، 2002 ، 94(.‬
‫القسم الثاني : أهمية الرشاد النفسي الديني كإرشاد ديني‬

‫وقد أقر الدين السلمي بفطرية التدين لدى الفراد ، ففي القرآن‬ ‫الكريم ، نجد قول الله تعالى : " وإ ِذْ أ َخذَ رب ّك من ب َني آدَم من‬ ‫ِ‬ ‫َ ِ‬ ‫َ َ َ ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ظُهورهم ذُري ّت َهم وأ َشهدَهم على أنفسهم أ َل َست ب ِرب ّك ُم قالوا ْ‬ ‫ْ َ ُ‬ ‫ُ ِ ِ ْ ّ ُ ْ َ ْ َ ُ ْ َ َ‬ ‫ُ ِ‬ ‫ِ ْ‬ ‫ْ ُ َ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ ُ‬ ‫َ‬ ‫ب َلى شهدْنا أن ت َقولوا ْ ي َوم ال ْقيامة إ ِنا ك ُنا عن هذا غافلين " )‬ ‫ّ َ ْ َ َ َ ِ ِ‬ ‫ِ َ َ ِ ّ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ِ‬

‫العراف ، 271( ، وقول الله تعالى : " فأ َقم وجهك للدين حنيفا ً‬ ‫َ ِ ْ َ ْ َ َ ِ ّ ِ َ ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫فطْرةَ الل ّه ال ّتي فطَر الناس عل َي ْها ل ت َب ْديل ل ِخل ْق الل ّه ذَل ِك‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِ َ َ ِ‬ ‫الدين ال ْقي ّم ول َك ِن أ َك ْث َر الناس ل ي َعل َ‬ ‫ْ مون " ) الروم ، 03 ( ، وفي‬ ‫ّ‬ ‫ُ َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ َ‬ ‫ِ‬ ‫السنة النبوية ، نجد قول النبي - ‪ " : -ρ‬ما من مولود إل يولد على‬ ‫الفطرة " )رواه مسلم ، وأحمد (.‬ ‫ولذا يشير محمد عودة ، وكمال مرسي )4991، 401 -501(‬ ‫إلى أن الحاجة للتدين استعداد فطري عند النسان ، وهي حاجة ملحة‬ ‫نامية ، يتعلم الفرد كيف يشبعها من خلل عمليات التنشئة الجتماعية في‬ ‫البيت والمدرسة ، وأن التدين الحقيقي الجوهري أفضل من التدين‬ ‫الظاهري في إشباع الحاجة إلى التدين ، وينادي علماء علم النفس والطب‬ ‫النفسي والصحة النفسية بضرورة تنمية الحاجة إلى الدين وإشباعها‬ ‫للوقاية من الضطرابات النفسية .‬ ‫وتعتمد الصحة النفسية أساسا ً‬ ‫على اللتزام بفطرة الله تعالى التي‬ ‫فطر الناس عليها ، وهي عقيدة التوحيد ، وعبادة الله تعالى ، واتباع المنهج‬ ‫الذي وضعه للنسان في الحياة ، والذي بينته لنا السنة النبوية ، وما دام‬ ‫قلب النسان على الفطرة السليمة المكملة بالشريعة المنزلة ، يكون‬ ‫النسان سويا ً متمتعا ً بالصحة النفسية ، ولكن إذا ما تأثر النسان بمؤثرات‬ ‫غير ملئمة من البيئة يكون من شأنها تحول القلب عن فطرته السليمة‬ ‫المستقيمة ، وأصيب النسان ، أي بالمرض النفسي ) محمد عثمان‬ ‫لقد كان إشباع دافع التدين على مر العصور سبيل ً لتخفيف التوتر‬ ‫الذي لدى الفرد ، خاصة عندما تتهدد حياته أو تغلق أبواب الحلول‬ ‫لمشكلته ، فيدعوا ربه ، وتتجه فطرته إلى مالكها بأي سبيل من السبل ،‬ ‫ّ ُ‬ ‫لقول المولى - ‪ " : - Υ‬قل من ي ُن َجيكم من ظُل ُمات ال ْب َر وال ْب َحر‬ ‫َ ِ‬ ‫ّ‬ ‫ُ ْ َ‬ ‫ّ َ‬ ‫ْ ِ‬ ‫َ‬ ‫ت َدْعون َه ت َضرعا ً وخفي َة ل ّئ ِن أنجانا من هـذه ل َن َ ُ‬ ‫َ َ ِ ْ َ ِ ِ كون َن من‬ ‫ُ‬ ‫َ ُ ْ ً‬ ‫ّ ِ َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ ّ‬ ‫ّ‬ ‫الشاك ِرين " ) النعام ، 36( ) حمدي الفرماوي، 1002، 921( .‬ ‫ِ َ‬ ‫ويشير فيصل محمد خير الزراد )2002، 532( إلى أن معظم‬ ‫علماء النفس المحدثين يرون أن الرشاد النفسي الديني يعمل على إصلح‬ ‫السلوك لما له من تأثير قوي في النفس وفي السلوك، فالقرآن الكريم‬ ‫حافل باليات الكريمة التي تعتبر منهجا ً للهداية والشفاء والستقامة‬ ‫َ‬ ‫بالسلوك ، لقول الله تعالى : " ن َحن ن َقص عل َي ْك ن َب َأ َهم بال ْحق إ ِن ّهم‬ ‫ْ ُ ُ ّ َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ ْ‬ ‫ِ َ ّ‬ ‫فت ْي َة آمنوا ب ِرب ّهم وزدْناهم هدى " )الكهف ، 31( ، " ون ُن َزل من‬ ‫ِ ٌ َ ُ‬ ‫َ ِ ْ َ ِ َ ُ ْ ُ ً‬ ‫َ ّ ُ ِ َ‬ ‫ّ‬ ‫ال ْقرآن ما هو شفاء ورحمة ل ّل ْمؤمنين ول َ ي َزيدُ الظال ِمين إ َل ّ‬ ‫ُ ْ ِ َ ُ َ ِ َ‬ ‫ُ ْ‬ ‫َ َ ْ َ ٌ‬ ‫ِ َ‬ ‫ِ ِ َ َ‬ ‫ِ‬ ‫خسارا ً " )السراء ،28( ، " يا أ َي ّها الناس قدْ جاءت ْكم موعظَ‬ ‫ُ‬ ‫ُ َ‬ ‫ّ ْ ِ ة من‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ٌ ّ‬ ‫رب ّك ُم وشفاء ل ّما في الصدور وهدى ورحمة ل ّل ْ‬ ‫ْ َ ِ َ‬ ‫َ َ ْ َ ٌ مؤمنين " )‬ ‫َ ِ‬ ‫ّ ُ ِ َ ُ ً‬ ‫ُ ْ ِ ِ َ‬ ‫ّ‬ ‫يونس، 75 ( ، " وإ ِذا مرضت فهو ي َشفينِ" )الشعراء، 08(.‬ ‫ْ ِ‬ ‫َ َ َ ِ ْ ُ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫وتشير إيمان حسني محمد العيوطي )4002 ، 01 -11( إلى أن‬ ‫أهمية الرشاد النفسي الديني كإرشاد ديني تظهر في أنه يتناول معطيات‬ ‫دينية ذات أساس سماوي وليس وصفي ، تمس الجوانب الروحية‬ ‫والخلقية في النسان مما يجعل له طبيعة خاصة ، أدت إلى ظهور اهتمام‬ ‫واضح به في كثير من الدول ، وخاصة العربية ، بحيث ألزمت خريجي‬
‫نجاني ، 0002 ، 903( .‬

‫معاهدها وكلياتها الدينية بالهتمام بمراكز الخدمة الجتماعية والعلج‬ ‫النفسي .‬ ‫وتبرز الحاجة إلى الرشاد النفسي الديني لكون المجتمعات تشهد‬ ‫حالة من تزايد الوعي بالهوية الثقافية ، من خلل البحث عن معالم قومية‬ ‫لعلم النفس بصفة عامة ، والرشاد النفسي بصفة خاصة ، استنادا ً لما‬ ‫أشارت إليه العديد من الدراسات والبحاث إلى عدم ملءمة أساليب‬ ‫الرشاد الخرى للمجتمعات السلمية .‬ ‫ولذلك فإن نقل الرشاد كما هو معروف من المجتمعات الغربية إلى‬ ‫المجتمعات السلمية، ليس مناسبا ً ، لنه ليس النموذج المثل للتطبيق في‬ ‫هذه المجتمعات ، لعتبارات كثيرة من أهمها ما يلي :‬ ‫أ- يعد نقل الرشاد من مجتمع إلى مجتمعات أخرى تختلف عنها في‬ ‫عقيدتها ومناهج الحياة فيها من الخطاء المنهجية ما ينبغي إعادة‬ ‫النظر فيها ، لن الرشاد ل يمارس في معزل عن قيم وعادات‬ ‫وفلسفة الحياة والمجتمع الذي يطبق فيه.‬ ‫ب- بالرغم من نمو الرشاد في المجتمع الغربي في العقدين الماضيين ، إل‬ ‫أن الضطرابات النفسية أخذت في التزايد ، مما يدل على عدم قدرته‬ ‫على تحقيق أهدافه في تلك المجتمعات )كمال إبراهيم مرسي ،‬
‫وبشير الرشيدي ، 8891 ، 01 -11( .‬

‫ج- وجود فروق جوهرية بين الثقافة الغربية التي نشأ فيها النموذج‬ ‫الرشادي والثقافة العربية السلمية التي ينتقل إليها ، وتتلخص هذه‬ ‫الفروق في : فلسفة الحياة ونظامها ، طبيعة النسان وأهدافه وغاياته‬ ‫في الحياة ، والخذ بالسباب والتوكل على الله )كمال إبراهيم‬
‫مرسي، 9991، 501(.‬

‫د- اختلف قيم المجتمع العربي السلمي عن قيم المجتمع الغربي في‬ ‫العقيدة ، ومنهج الحياة الذي ترتب على اختلف ثقافتهما ، المر الذي‬ ‫يؤدي بطبيعة الحال إلى اختلف طبيعة الرشاد والحاجة إليه وأهدافه‬ ‫في مجتمعنا العربي عن المجتمع الغربي )راشد القصبي ، 5991 ،‬
‫93( .‬

‫هـ- الرشاد والعلج النفسي الفعال هو الذي يرتبط بثقافة المجتمعات‬ ‫ويتفق مع معتقداتها وقيمها، ويساند نظرة النسان فيها إلى الحياة ،‬ ‫وعلى المرشد أو المعالج النفسي أن يكون واعيا ً بخصوصيات ثقافة‬ ‫المسترشد حتى يرشده ويعالجه في إطارها ) باترسون ، 0991( .‬ ‫و- إن الكثير من علماء النفس في البيئة السلمية أدركوا أهمية التأصيل‬ ‫السلمي للرشاد النفسي فأخذوا ينقبون في القرآن الكريم والسنة‬ ‫الشريفة واجتهادات علماء المسلمين ، مما يسهم في بناء علم نفس‬ ‫إرشادي مرتبط بالثقافة السلمية )كمال إبراهيم مرسي ، 9991 ،‬
‫901(.‬

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 2680 مشاهدة
نشرت فى 15 مارس 2013 بواسطة psyedu67

ساحة النقاش

الخدمة النفسية والارشاد النفسى الروحى الدينى

psyedu67
الخدمة النفسية والارشاد الروحى الدينى »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

106,458