اسرار الخط العربى
ان الخط هو لغة الكتب بالقلم ،وانه يقوى بالتمرين والممارسة.
اذ ليس لكل شخص قابلا ان يكون خطاطا ،لأن حسن الخط كامن فى بعض الناس ، وانه موهبة من الله تعالى لبعض الافراد ، لذا يكون استعداده الفطرى للخط اذا اشتغل به نراه ينبغ نبوغا باهرا دون ان يجد عناء ، و اما اذا لم يجد الظروف التى تظهره فيبقى مطمورا كما قيل ( الكنز الطمور فى الريف المهجور ).وأما من لم تكن له موهبة الخط و لم يكن له الاستعداد الفطرى لتحسين الخط فلا يمكن ان يصل الى مصاف الخطاطين مهما بذل من جهد و صرف من وقت .
وربما يكون حسن الخط وعدمه وراثة عائلية ، فقد تجد فى العائلة الواحدة ان معظم أفرادها خطوطهم جيدة و قد لا تجد ذلك فى عائلة اخرى .
و للخط فلسفة و اسرار عظيمة لا يفهمها الا من اشتغل فيه منها : -
ان الله وهب حسن الخط لمن استكمل خلقا و خلقا ، وحاشا من أتاه الله تعالى حسن الخط أن يكون جبارا شقيا .
لونظرت الى خطوط الرجال و النساء ، فإنك لا تجد فرقا ظاهرا ، والواقع انه يوجد هنالك فرق بينهما ، فإن كان خط المراة حسنا فإن رونق خطها و رشاقته أكثر من خط الرجل ، وأما كتابتها العادية فتكون ركيكة وفيها رقة ، بينما كتابة الرجل فيها متانة و هى الى الجودة اقرب .و الفرق بين كتابة الرجل و المرأة كالفرق بين صوتيهما و بين بشرتيهما .
تلعب نفسية الخطاط فى جودة الخط وعدم جودته من حيث الفرح و الحزن و الخوف و الغضب ،و الثبات و الاضطراب كذلك الجلسة الصحيحة ، فمثلا كتابة الجالس تختلف عن كتابته و هو قائما او راكبا، و كذلك تختلف باختلاف الاقلام و الاحبار و الورق .
من المستحيل على الكاتب ان يكتب كتابة مرتين فتكون احداهما مطابقة للاخرى مهما حاول ذلك او طبق قواعد الخط ، و هذا لا يعرفه الا اهل الخبرة فى اسرار هذا الفن الجميل ،خلافا لكتابة الالات الطباعية او الاختام .
ان بعض الخطوط لها مسحة جمالية يدركها الناظر اليها ببصيرته قبل بصره ، فان فيها جمال الجاذبية ما يأخذ بمجامع القلوب فلا تشبع العين من النظر اليها ، و من الخطوط ما ليس له تلك الجاذبية ، ولوانها كتبت حسب القواعد الخطية وأصولها و هذا راجع الى روح الجمال الفنى و الجاذبية المعنويةالتى مصدرههما ذوق الكاتب و خلقه
و الذى نفسه بغير جمال لا يرى فى الوجود شيئا جميلا
ان حسن الخط يكاد يكون مقصورا على الرجال دون النساء الا نادرا ، ولوتصفحنا تراجم من اشتهر من النساء فى الخط منذ بداية الاسلام الى يومنا هذا لوجدناهن قلة بالنسبة للخطاطين من الرجال ، و ذلك راجع الى قلة صبر المرأة على البحث و التدقيق، لضعف جسمها و لين عواطفها ورقتها ، بخلاف الرجل، فهو مظهر القوة و تحمل المشاق و الصبر على المكاره وبذل الجهد ومواصلة البحث .
كذلك تعرف المرأة بضعفها وشدة حيائها ونعومتها ومسكنتها ، فهى تمتاز عن الرجل بإدارة الشؤون المنزلية وتربية الاولاد .
لا يمكن للخطاط ان يكتب شيئا ما لم تكن له الرغبة فى نفسه للكتابة ، واذا طلب منه كتابة شىء ولم تتوفر لديه الرغبة فان الكتابة ستكون غير جيدة ، فالكتابة الجيدة تكون مع المزاج وهذا شأن كل عمل فنى .
لا يوجد فى العالم اثنان تتشابه خطوطهما فى جميع الحروف ، اذ لكل شخص شكل معين فى الكتابة و الضغط على القلم ، كما لا تتشابه بصمات اصابع شخص مع اخر و هذا ثابت علميا
كل هذه العوامل تجدها سرا من الاسرار العظيمة التى أودعها الله تعالى فى خلقه من البشر لعمارة الكون وضمان الحياة البشرية على الارض .
ساحة النقاش