السلام عليكم ورحمة الله وبركاته



ألفاظ ننعت بها كائنات أخرى، وهي بريئة منها، ومزروعة
في عقولنا وأفكارنا وآرائنا، ينطق بها لساننا بلا حياء ولا خجل
تبطش بها أيدينا بعنف وتوحش، ثم نقول نحن أناس ومفردها
إنسان والإنسان يعني الأنس ونسيان الشر، فلماذا نتناسى ما فعلنا
من شر؟ ونكتم عما صنعنا من فحش؟ ونمكر ونزعم أن غيرنا يمكر؟ ونخدع ونسند الخداع للأبرياء؟ ونصارع ونقول إننا نحاور؟.

الشر يجمع كل الصفات المذمومة والسيئة والخبيثة ومنها الحسد "..
من شر حاسد إذا حسد" "الفلق آية 5" ووسوسة الشيطان "من شر
الوسواس الخناس" "الناس آية 4" وشر ما خلق "من شر ما خلق"
"الفلق آية 2" وغيرها كثير. قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه
"شر الناس من لا يبالي أن يراه الناس مسيئا"، ويقول ابن عبد ربه
"شرار الناس من داراه الناس لشره"، وقيل "لكل شر باعث"، و"الشر
أخبث ما أوعيت من زاد".

- الفحش: هو القبيح من القول والفعل "أتأتون الفاحشة ما سبقكم
بها من أحد من العالمين" "العنكبوت آية 28"، "إنما حرّم ربي الفواحش
ما ظهر منها وما بطن" "الأعراف آية 33"، وفي الحديث "إن الله يبغض الفاحش المتفحش" فالفاحش ذو الفحش والخنا من قول وفعل والمتفحش الذي يتكلف سب الناس ويتعمده؛ وكثيرا ما ترد الفاحشة بمعنى الزنا.

- المكر: صفة مذمومة "أفأمن الذين مكروا السيئات أن يخسف الله
بهم الأرض" "النحل آية 45"، "وما يمكرون إلا بأنفسهم وما يشعرون" "الأنعام آية 123"، المكر هو احتيال في خفية، يقول ابن سيدة: المكر الخديعة والاحتيال، وفي المثل الانجليزي "الخبيث المكار لا يحتاج
إلى سمسار".

- الخداع: صفة سيئة "إن المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم" "النساء
آية 142"، "الخداع يضيف الخبث إلى الكذب" و"الخداع أقبح الذنوب"
مثل لاتيني، وفي المثل الاسباني "الثعلب يعرف الكثير من الخداع ولكن
من يقبض عليه يعرف أكثر" قال أحد الشعراء واصفا الخداع وصفا بشعا:

"ألا يا رب خــداع* من الناس تلاقيه
يعيب السم في الأفعى*وكل السم في فيه".

- الصراع: لا أعني به المصارعة الرياضية، وإنما أقصد الغلظة
والفظاظة في الحوار، لأن الحوار هو حديث يجري بين شخصين
أو أكثر، ففي القرآن الكريم "قال له صاحبه وهو يحاوره" "الكهف
آية 37" فالحوار هنا بعيد عن الصراع المتشدد، وقد قيل "مصارعة
قبل اختبار أفضل من مؤاخاة على اغترار".

هذه الصفات المذمومة يسندها الانسان للحيوان وللكائنات الأخرى
بينما الواقع غير هذا، إذ هي من صفات الإنسان، الذي فقد إنسانيته واستبد، والاستبداد سبب الهلاك كما ذكر علي بن أبي طالب رضي الله عنه "من استبدّ برأيه هلك، ومن شاور الرجال شاورها في عقولها" وعادى
وهو لا يعلم أن "من أمارات الخذلان معاداة الإخوان"، وأن "من ضعفت
آراؤه قويت أعداؤه"، بينما النص القرآني ينصحك "ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم" "فصلت آية 34"، واغتر
بينما "الغرور هو آخر مخبأ يلجأ إليه الرجل الفاشل" وحقد، قال الثعالبي "الحقد صدأ القلوب واللجاج سبب الحروب"، وغدر، ومن "علامات
الغدر أربعة: إفشاء السر، واعتقاد اللؤم، وغيبة الأحرار، وإساءة
الجوار"؛ وخان، وفي المثل العربي "من خان هان" وسفه، وقد قال
أحد الشعراء واصفا تعامله مع السفيه بالسكوت عنه:

"متاركة السفيه بلا جواب
أشد على السفيه من العذاب
ولا شيء أحب إلى سفيه
إذا وقع الكلام من السباب".

وعاند، وقد قال الجاحظ "كل قول يكذبه العيان فهو يدل أن صاحبه عنود
أو مغفل" وحمق وقد قال علي رضي الله عنه "قلب الأحمق في لسانه ولسان العاقل في قلبه". وفي المثل الفرنسي "الأحمق يعجب بمن هو أحمق منه"، وقال أحد الشعراء:

"لكل داء دواء يستطب به*إلا الحماقة أعيت من يداويها".

فالناس كثير منهم قد انطبعوا على الشر، فقد قيل "كل ما تغرسه تجنيه
إلا ابن آدم فإذا غرسته يقلعك"، قال أبو الطيب المتنبي:

"إذا ما الناس جربهم لبيب*فإني قد أكلتهم وذاقا
فلم أر ودّهم إلا خداعا*ولم أر دينهم إلا نفاقا".

تلك هي بعض الألفاظ البذيئة في قولها وفي فعلها ننعت بها
الكائنات الأخرى، وهي صابرة لا تخاصم ولا تصارع ولا تخادع
ولا تمكر ولا تخون ولا تعادي، تتحلى بالصبر كالحمار والحصان
والجمل فنركبها وتوصلنا إلى حيث نشاء، وتتحلى بالحراسة
والأمن كالكلب وغيره، كالتي توقظنا للصلاة وتذكرنا بالعبادة كالديك
حين يؤذن وقت الصلاة؛ ففي الحديث النبوي "لا تسبوا الديك فإنه
يوقظ للصلاة" حديث صحيح روي عن زيد بن خالد.

ومن الطبيعة في الحديث النبوي حديث صحيح عن أبي هريرة
"لا تسبوا الريح فإنها من روح الله تعالى، تأتي بالرحمة والعذاب
ولكن سلوا الله من خيرها وتعوذوا بالله من شرها"؛ ومن الأمراض
في حديث مسلم عن جابر وهو صحيح "لا تسبي الحمى فإنها تذهب
خطايا بني آدم كما يذهب الكير خبث الحديد".. والحديث يطول
للاستدلال على كبرياء الانسان.

وقد قيل "ما تكبّر أحد إلا لذلة يجدها في نفسه" وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر" قال رجل
"يا رسول الله: إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنا، ونعله حسنا"
قال صلى الله عليه وسلم: "إن الله جميل يحب الجمال، الكبر بطر
الحق وغمط الناس"؛ قال الله تعالى "ولا تصعر خدك للناس ولا تمش
في الأرض مرحا إن الله لا يحب كل مختال فخور" "لقمان آية 17".

فراجع نفسك أيها الإنسان واتق الله، وأصلح عيوبك فإنك ضيف
في هذه الحياة الدنيا، لقد أفادك خاتم المرسلين عليه الصلاة والسلام
في حديث حسن روي عن أنس "طوبى لمن شغله عيبه عن عيوب
الناس، وأنفق الفضل من ماله، وأمسك الفضل من قوله، ووسعته
السنة ولم يعد عنها إلى البدعة".

وفي حديث آخر حسن رواه البخاري والطبراني والبيهقي "طوبى
لمن تواضع في غير منقصة وذل في نفسه في غير مسكنة، وأنفق
من مال جمعه في غير معصية، وخالط أهل الفقه والحكمة ورحم
أهل الذل والمسكنة، طوبى لمن ذل نفسه وطاب كسبه، وحسنت
سريرته، وكرمت علانيته وعزل عن الناس شرّه، طوبى لمن عمل
بعلمه وأنفق الفضل من ماله، وأمسك الفضل من قوله".

ولتكن على علم أيها الإنسان أن الرسول عليه الصلاة والسلام
أخبرك في حديث صحيح رواه الطبراني عن جرير "من لا يرحم
من في الأرض لا يرحمه من في السماء".
المصدر: حبايب
  • Currently 212/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
73 تصويتات / 1375 مشاهدة
نشرت فى 12 ديسمبر 2009 بواسطة princess

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

1,729,730