بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
كنت أقول لكم كل مرة أهلا بكم، لكني هذه المرة أقول اشتقنا لكم، اشتقنا لكم من بعد رمضان، وأريد حقيقة أن أبدأ حلقة اليوم أو المرحلة الثالثة من صناع الحياة بعاطفة ود وحب وأخوة، وأتمنى أن أمد يدي داخل الشاشة وأصافح كل شاب وأبتسم في وجهه، وأسلم على أمهاتنا وآبائنا وعلى سيداتنا.
ولا يكون السلام يدا بيد فقط، وإنما يكون سلام تعاهد، سلام تأكيد على أننا نريد أن نفعل شيئا لبلادنا ولديننا، نريد أن نصنع نهضة ونشارك فيها، وهذه اليد حين تسلم تعطي عهدا بأن نعمل سوية لديننا وبلادنا، فالأيدي تسلم من وراء الشاشات ونحن لا نرى بعضنا، إلا أني متأكد أن الأرواح تتلاقى والأيدي تتصافح، فهذه الأيدي ستتصافح يوم القيامة وفي الجنة، ونتذكر أنه لم يرَ الواحد منا الآخر، ولكن نوايانا من وراء الشاشات كانت فعلا تريد العمل لنهضة بلادنا.
وقد أحببت أن أبدأ بهذه العاطفة وأنا بالفعل أشعر بهذا الإحساس، وأتمنى أن أسلم على كل فرد، وأحضن كل شاب، وأشجع كل فتاة، تقبل الله منا ومنكم، وأعاننا جميعا على طاعته.
ستبدأ المرحلة الثالثة من صناع الحياة، لكني حقيقة أريد أن أقول كلمة في عجالة قبل البدء، أريد أن أقول: أيها الإخوة نحن لم نقم بفكرة صناع الحياة ذكاء منا أو لنسمع منكم: ما شاء الله-إنها فكرة جميلة-أحسنتم. إخوتي: نحن لا نملك بديلا آخر، ليس لدينا بديل غير ما نقوم به الآن، فقد وصلت ظهورنا إلى الحائط، ولم يعد هناك أمل غيركم أيها الشباب يا من تروننا، وأنتم أيتها السيدات، وكل المشاهدين وشباب صناع الحياة وشباب الجامعات، لم يعد لدينا حل آخر.
هذه الحلقة مقدمة
حلقة واحدة عبارة عن مقدمة نشرح فيها ما سيتم في السنة القادمة كلها إن شاء الله إن أحيانَـا وفتح علينا.
ومن الممكن أن تسجلوها وتحتفظوا بها، وسنقوم بإنزالها على الموقع مكتوبة؛ لأن هذه الحلقة هي التي سترسم لنا كل ما سيحدث في السنة القادمة، فهي حلقة مهمة جدا، ولا تستبعدوا أن نرجع خلال السنة القادمة في كل فترة إلى حلقة اليوم هذه، فنقول هل تذكرون عندما اتفقنا أننا في السنة القادمة سنسير وفق الطريقة المعينة...
وبالتالي ستكون كل الاتفاقات في حلقة اليوم، ومن الحلقة القادمة سنبدأ العمل جديا في كل مجال من مجالات النهضة، ولكن لدينا اليوم أيضا بعض الأعمال، فنحن مقبلون على عمل كثير، فلم يعد هناك وقت لوضع الأيدي على الخدود، لم يعد هناك راحة.
ويشهد الله -تبارك وتعالى- أنه منذ بدء صناع الحياة لم نعد نجد الراحة، وإن شاء الله ستكون الراحة في الجنة، ولكن نعمل في الدنيا ونقوم بالنهضة.
سئل الإمام أحمد بن حنبل: متى يجد العبد طعم الراحة. فقال:"عند أول قدم يضعها في الجنة، وقبل ذلك لا راحة".
سنعمل في صناع الحياة بكل طاقتنا ولا راحة، وهذا الأمر من ضمن العهود التي اتفقنا عليها في أول الحلقة عندما وضعنا أيدينا في أيديكم.
صناع الحياة للسنة القادمة يُـقدم له من حلقة اليوم، وسنشرح فيها بالتفصيل ما الذي سيتم في السنة القادمة، وما هو شرط نجاحنا في السنة القادمة، وهذا ما سنعرفه أثناء الحلقة.
إذا فلنبدأ المرحلة الثالثة من صناع الحياة
لا! هذه الكلمة التي ذكرتها خاطئة، فقد قلت فلنبدأ المرحلة الثالثة من صناع الحياة، خطأ!
والصحيح: فلنبدأ صناع الحياة!
ماذا؟!
نعم نعم، فالصحيح أن اليوم هو البداية الفعلية لصناع الحياة، اليوم؟! وماذا عن العام الماضي؟
إن هذه الحلقة ليست المرحلة الثالثة، وإنما هي البداية الفعلية لصناع الحياة.
احفظوا هذا التاريخ 2222005م إنه تاريخ اليوم، ولا تنسوا هذا التاريخ، سنظل نذكِّر أنفسنا به، ونظل نذكركم به بعد تسع عشرة سنة، ألم نقل أن مدة نهضتنا عشرون سنة؟ وقد مرت السنة الماضية وبقيت تسع عشرة سنة.
كانت السنة الماضية تعهدا بالصدق والإصرار، كانت إرادة الشباب والبنات في الوطن العربي كله، وربما في العالم الخارجي أيضا، القيام بنهضة بلادنا، وترسيخ هذه الفكرة في الأذهان، هذا ما تم في السنة الماضية.
هل هذا يعني أن السنة الماضية كلها بما تم فيها لم تكن مشروع النهضة وكانت مسألة إثبات جدية؟ نعم هكذا كانت السنة الماضية.
فماذا عن المشروعات التي تمت فيها؟ وماذا عن المرحلة الأولى والمرحلة الثانية؟ ومشروعات التدخين؟ ومشروعات حماية الشباب من المخدرات (حماة المستقبل)؟ ومشروعات الملابس؟
ما كل هذا؟ كل هذا كان عبارة عن إثبات جدية.
هل تذكرون حين قلنا فلنركب الطائرة للنهضة ولنقلع ولْنسِرْ على الطريق السريع؟ فنطير ثم نجد الطائرة فارغة! أين الناس؟ لقد ذهبوا! أين؟ ناموا! وكل ذلك نتيجة الانخداع بالحماسة المؤقتة، لا توجد نهضة دون صبر أو تضحية، من أجل ذلك كنت طوال السنة الماضية أقول لكم اثبتوا يا إخوتي، ومن أجل ذلك كنا نسير وفق خطوات محددة طوال رمضان الماضي، كنا نحكي قصص الأنبياء ونقول أن سر نجاح الأنبياء وأتباعهم وسر نصر الله -سبحانه وتعالى- لهم هو الصبر والتضحية والإصرار والجدية.
لقد كانت السنة الماضية سنة أساس، وقد كنت خائفا جدا من أن أقول للناس كلاما يتحمسون له ثم لا نجد بعد ذلك أحدا.
يا رسول الله أبايعك ولكن...
هل تعرفون يا إخوتي بِشْر؟ الرجل الذي ذهب للنبي -صلى الله عليه وسلم- متحمسا جدا وقال:"يا رسول الله مد يدك أبايعك على نصرة الإسلام" ولأن النبي -صلى الله عليه وسلم- خبير بالنفوس نظر إليه وقال:"يا بشر سيُرَاق دمك ويعقَر جوادك". فلماذا أراد النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يخيفه؟ بسبب حماسته، فهل كان مدركا لحقيقة الأمر؟ فسحب الرجل يده قليلا وقال:"يا رسول الله أبايعك ولكن لا أطيق الصدقة ولا أقدر على الجهاد" أي اطلب مني أي شيء إلا هذين الأمرين. فقبض رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يده وقال:"يا بشر لا صدقة ولا جهاد، فبم تدخل الجنة؟".
هل فهمتم يا إخوتي، فكان لا بد من وجود سنة كاملة اختبارا للجدية، فهل تؤدون العربون؟ وكان لا بد من التأكد من هذا الكلام؛ لذلك انتظرنا سنة كاملة، ونقول أن اليوم (22/2) هو البداية الحقيقية لصناع الحياة، هو البداية الحقيقية لمشروع النهضة.
لكن ماذا عن كل الذي مضى؟ أنا أعلم أن هناك شبابا الآن يقولون وماذا عن كل ما بذلناه في السنة الماضية؟ هل ضاع هدرا ولم يكن في الحسبان؟ لا يا إخوتي، إن ما حدث في السنة الماضية أمر كبير جدا، والله لقد نجحنا نجاحا كبيرا في المرحلة الأولى والثانية، فالآلاف والملايين شاركوا، وهذا أمر عظيم جدا، خاصة بعد أن صارت فكرة النهضة فكرة مطروحة وأمرا يتكلم عنه الناس.
هناك أمر آخر كبير جدا حدث في السنة الماضية، فقد أصبح لدينا تعاهد وثيق، شباب وبنات قرروا العمل لنهضة بلادهم، ونجحوا وأثبتوا الجدية وأصروا وتفاعلوا، ونحن لا نتكلم عن عشرات أو مئات، بل نتكلم عن آلاف بل مئات الآلاف، بل نتكلم عن رقم اسمه مليون، شارك معنا مرتين: مرة في مشروع الملابس، ومرة في التصويت على الأحلام.
هناك أمر كبير نشعر أنه تحقق في السنة الماضية، لقد كانت السنة الماضية سنة الأساس، السنة التي تقول: الآن نستطيع أن ننطلق لمشروع النهضة.
السنة الماضية والأنصار -رضي الله عنهم-
إن ما حدث في السنة الماضية كان كالذي حدث مع الأنصار -رضي الله عنهم- أتدرون كيف أسلم الأنصار؟
في البداية وجد النبي -صلى الله عليه وسلم- ستة شباب جالسين -شباب كما تلاحظون- فذهب إليهم وتعرف عليهم وطلب منهم أن يعرض عليهم الإسلام فلم يمانعوا، فبدأ النبي -صلى الله عليه وسلم- يعرض عليهم الإسلام، فنظروا إلى أنفسهم وقد اكتشفوا أن هذا هو النبي الذي سمعوا عنه من اليهود في المدينة فأسلموا، إذن فهيا يا رسول الله نعاهدك ونبايعك، وتعالَ معنا إلى المدينة، ولكن لا! لماذا؟ لقد طلب منهم النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يذهبوا ويعودوا العام القادم! ولكن لماذا؟ ولاحظوا أنه لم يؤكد عليهم أية مواعيد، ولكن يأتوا لمقابلته -صلى الله عليه وسلم- في نفس المكان ونفس الموعد.
ولكن ألم يتوقع النبي -صلى الله عليه وسلم- احتمال عدم عودتهم؟ بالطبع فعل، فلماذا لم ينهِ النبي -صلى الله عليه وسلم- الأمر وهو في حاجة إليهم والأوضاع صعبة بمكة؟ ولماذا لا يذهب الرسول -صلى الله عليه وسلم- معهم؟
لقد كان ذلك لإثبات الجدية، فما فائدة ذهابه معهم إلى المدينة إن لم يكونوا مهاجرين كما ينبغي أن يكونوا؟ رضي الله عنهم وأرضاهم، هذا مجرد فرض، فهل يذهب النبي -صلى الله عليه وسلم- ثم يعود؟ لا، كان لا بد من إثبات الجدية.
إذا يذهبوا ويعودوا في نفس المكان العام القادم، فإن أتوا كان خيرا، وإن لم يأتوا فهم أحرار في تصرفاتهم، وبقي النبي -صلى الله عليه وسلم- يذكر الموعد، وهم أيضا يذكرونه، ياه! يا للجدية!
وبالفعل تقابلوا في نفس الموعد وفي نفس المكان، ولكنهم هذه المرة لم يكونوا ستة، بل كانوا اثني عشر، فقالوا:"امدد يدك نبايعك يا رسول الله" فمد الرسول -صلى الله عليه وسلم- يده، ولكنه يبايعهم على الصلاة والصيام والبعدعن فعل المعاصي، وتركهم ليعدوا في السنة القادمة! فالأمر يكون مرحلة مرحلة، فالنبي -صلى الله عليه وسلم- لا ينخدع بالحماسة المؤقتة، مع أنهم كانوا مستعدين لأكثر مما بايعهم عليه، ولكن عليهم الذهاب الآن ثم العودة في السنة القادمة، وأرسل معهم النبي -صلى الله عليه وسلم- من يعلمهم، فأرسل معهم مصعب بن عمير، وهو شاب مثلهم.
فذهبوا، وعادوا في السنة القادمة في نفس المكان ونفس الموعد، وهذه المرة كانوا ثلاثة وسبعين رجلا وامرأتين، صلى الله على محمد -صلى الله عليه وسلم- الآن أصبح من الممكن أن يمدوا أيديهم ليبايعهم النبي -صلى الله عليه وسلم- فمد النبي -صلى الله عليه وسلم- يده ومدوا أيديهم، فخرج من بينهم أصغرهم، سيدنا أسعد بن زرارة، فقال:"يا قوم انتظروا" فنظروا إليه فقال:"انظروا على ماذا تبايعون الرجل، وأنكم تبايعونه على حرب العرب والعجم، والأبيض والأسود، فإن كنتم ستخذلونه فاتركوه من الآن" فنظروا إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- وقالوا:"فما لنا إن فعلنا ذلك؟" قال:"الجنة" وسكت. قالوا:"ربح البيع، لا نقيل ولا نستقيل، امدد يدك يا رسول الله".
فقام القوم كلهم يتسابقون إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كل منهم يريد أن يبايع أولا، ظنا منهم أنه من يبايع أولا فسيدخل الجنة أولا، حتى كاد القوم أن يتقاتلوا ويدوس بعضهم بعضا!
إذًا فإن ما تم في السنة الماضية كان أمرا كبيرا، كان إثباتا للجدية، واليوم الثالث عشر من محرم، الثاني والعشرون من فبراير يعد البداية الحقيقية بعد أن وُجد أناس أثبتوا الجدية.
ليست العبرة بمن سبق ولكن العبرة بمن صدق
فماذا عن الذين لم يعملوا العام الماضي؟ والذين يسمعوننا اليوم لأول مرة؟ أو أنهم كانوا يشاهدوننا العام الماضي وكانوا يقولون لا فائدة لن ننجح؟ نقول لهؤلاء: هيا شاركوا معنا، ومدوا
أيديكم أنتم أيضا وعاهدوا الله معنا، ليست العبرة بمن سبق، ولكن العبرة بمن صدق، فربما يركب معنا اليوم شخص في قطار النهضة ويضع يده في يدنا ويعاهد الله ويسبق كل من سبقوه في السنة الماضية، ويكون أكثر إصرارا وإخلاصا، فليست العبرة بمن جاء أولا.
أيها الإخوة، يا من تشاهدوننا اليوم لأول مرة، لقد أسلم عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- بعد خمس سنوات من المسلمين الأوائل، لكنه سبق الكثير من الناس وصار الفاروق.
وكذلك خالد بن الوليد الذي أسلم متأخرا جدا بعد الكثير من الناس، لكنه أصبح سيف الله المسلول وسبق الكثير من الناس.
مدوا أيديكم يا من تسمعوننا لأول مرة، لنتعاهد سويا من اليوم، فالسنة الماضية كانت عربونا للجدية سواء شاركتم أم لم تشاركوا، مدوا أيديكم سنعاهد الله -سبحانه وتعالى- على صنع نهضة لبلادنا، ونقابل الله يوم القيامة وأيدنا مضيئة {يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} (الحديد:12). المهم أن نقابل الله رافعين أيدينا لأننا قمنا بعمل شيء من أجل هذه النهضة.
من حين ابتدأت وأنا أقول لكم أن اليوم هو البداية الحقيقية، ما الذي سيحدث؟ وما الذي سيتم؟
الإنجازات
لقد اتفقنا وتعاهدنا ومددنا أيدينا ومضينا في صناعة النهضة، مَن يسمعنا لأول مرة ومَن عمل معنا في السنة الماضية.
لكن يا إخوتي أنا أعرف أن هناك من يقول: أنت تقول لنا أن السنة الماضية هي سنة الأساس وأننا عملنا كذا وأنجزنا كذا، فما الذي تم في السنة الماضية؟ لقد تمت خمسة إنجازات أساسية في السنة الماضية، وهذه الإنجازات هي التي تقول أننا مضينا وتحركنا ودفعنا عربون الجدية.
ولكن ما هي هذه الإنجازات؟
المشروع الأول
مشروع لا تؤذنا بدخانك
وقد شارك فيه سبعون ألفا، وقد عرفنا هذا العدد من خلال عدد من قاموا بتحميل الملصق الخاص بالمشروع، والذي تم تعليقه ووضعه في العالم العربي.
المشروع الثاني
حماة المستقبل للتوعية من المخدرات
وقد شارك فيه عشرون ألفا بدؤوا بالفعل وما زالوا يشتغلون به، في لبنان والبحرين وقطر وإنجلترا.
المشروع الثالث
مشروع جمع الملابس
وقد جمعنا مليون كيس، وهذا هو العدد الذي تم حصره، وربما كان أكثر من ذلك.
المشروع الرابع
إرسال أحلام النهضة(كيف ستكون بلادنا بعد عشرين سنة)
وقد وصلنا سبعمئة ألف اقتراح، تم حصرهم عن طريق الإنترنت، فجميع الأحلام موجودة على الموقع.
المشروع الخامس
التصويت على الأهم والأقل أهمية في أحلام النهضة
شارك فيه مليون شخص قاموا بالتصويت، وكان هناك عدادا يحدد عدد المصوتين في كل مكان.
هذه هي الإنجازات التي حصلت في السنة الماضية، وهي الأرض التي نقف عليها اليوم، كنا نقول في بداية صناع الحياة أننا نريد أن نفعل ونفعل، ولم يكن هناك شيئا في يدنا، والآن نقف على أرض ومعنا خمسة إنجازات واضحة، ونحن سعداء بهذه الإنجازات.
ولكن فلنكن واقعيين أكثر، هذا الذي حدث كان قليلا جدا، ولنتكلم بصراحة، فما حدث العام الماضي يا إخوتي كان عربون جدية، لكنه لا يقيم النهضة، لن تحدث نهضة بـجمع ملابس وتعليق ملصقات، أليس كذلك؟ لا يمكن لما حدث أن يصنع نهضة، نحن أناس واقعيون ونستطيع أن نفهم أن ما حدث من هذه النتائج العظيمة فعلا هي فقط لإثبات الجدية. لقد كنا سعداء بهذه النتائج، وأنا شخصيا كنت سعيدا بها، ولكنني كنت أعلم حينها أنها ليست هي التي ستصنع النهضة.
هل تذكرون عندما بدأنا في أول حلقة من صناع الحياة وقلنا لكم أن البداية عبارة عن شاب مقيد بعشرة قيود، السلبية وعدم وجود هدف في الحياة... وكان هذا الشاب في غرفة مظلمة، فدخلنا وقلنا له اخرج من هذه الغرفة المظلمة، هذه كانت المرحلة الأولى، فلنرَ هذا المشهد وننظر له نظرة جديدة ونرى ما الذي تم في السنة الجديدة من خلاله... إن هؤلاء الشباب هم الذين ظهروا في المشهد، وكنا سعداء بهم كثيرا.
لكن لا بد أن نكون واقعيين، فهؤلاء الشباب مازالوا في مستهل حياتهم، ربما كأغلب جمهورنا الحاضر الذين يسمعوننا الآن، شباب وبنات حديثو التخرج، ومنهم من في الجامعة لم يتخرج بعد، وربما منهم من في الثانوي، وربما منهم حديثو التخرج وليس لديهم خبرة، وربما ليس معهم مال ولم يعملوا بعد، وربما بقي آباؤهم يعطونهم المصروف، وعدد قليل ممن عملوا معنا في صناع الحياة في الفترة السابقة كانوا أصحاب خبرة كبيرة، فجُلّهم من الشباب الذين هم في مستهل حياتهم تنقصهم أمور كثيرة، تنقصهم الخبرة، وهذا هو أهم شيء، كما ينقصهم أن يكونوا ذووا إمكانيات أو أن يكونوا أصحاب قرار، فكما قلت لكم من قليل أن آباؤهم هم الذين ينفقون عليه، فهم ليسوا أصحاب إمكانيات أو قرار.
يا إخوتي أنا أتكلم بواقعية، من غير الممكن أن ننجح بحماسة الشباب وحدها، لا بد أن تتزوج الخبرة من حماسة الشباب لينجبوا النهضة، ودونهما لن تحدث النهضة.
ولكن لماذا لم أقل هذا الكلام من أول يوم بدأنا به صناع الحياة؟ ولماذا كان التركيز في الماضي على حماسة الشباب فقط؟ لأني لو قلت هذا الكلام في الماضي ونحن مازلنا في الغرفة المظلمة كالشاب الذي كان في المشهد لم يكن هذا الشاب ليخرج من الغرفة المظلمة أصلا، ولظل واقفا ويده على خده قائلا أن الأمر صعب، لكنه خرج بالفعل من الغرفة، ونستطيع الآن أن نقول له الكلام الصحيح، نستطيع أن نقول له ونقول للدنيا كلها أننا كنا نسير خطوة بخطوة، وأن المرحلة الأولى والثانية أكثر ما كانت تركز عليه حماسة الشباب وجديتهم، وكان هذا هو المطلوب.
هذه الحلقة مهمة جدا، وأهم ما فيها الجملة التي سأقولها الآن: نحن نحتاج أن يشترك معنا أصحاب الخبرة، نحتاج إلى شراكات مع صناع الحياة، وهذا هو شرط نجاح المرحلة الثالثة، ولا يمكن أن ننجح إلا عندما يكون هناك شراكات مع الشباب، شركاء من أصحاب الخبرة والمال والناس المخلصين في بلادنا، وبدون هذه الشراكات لا يمكن أن ننجح، شراكات من أي نوع وعلى كل المستويات.
ومن الذي سيأتي بهذه الشراكات؟ أنتم أيضا يا صناع الحياة، حضرتكِ يا سيدتي في عائلتك، وأنتم أيضا أيها الشباب، ابحثوا في عائلاتكم وأحضروا قائمة بأسماء العائلة، وننظر في أي مجال نريد أن نعمل النهضة، وسنعرض عليكم هذه المجالات الآن، ونرى في العائلة مَن يفيدنا في هذه المجالات، فمن تتوافر لديهم الخبرة في أي مجال فنحن نحتاج إليه أن يكون شريكا معنا، سنبحث عن العم والخال، وابن العم وكيل وزارة كذا، وابن الخال الذي لديه مزرعة يزرع فيها كذا، أيضا الخالة التي حَضَّرت رسالة الماجستير في وضع المرأة وإصلاح وضع المرأة، سنبحث في العائلة وسنبحث في المدرسة.
وأنتم يا شباب الثانوي عليكم بناظر المدرسة والمدير، ليكون شريكا في صناع الحياة؛ كي نصلح التعليم. وشباب الجامعات أيضا، فكروا كيف يمكن الاستفادة من أستاذ الجامعة الذي انشغل بالبحث العلمي ولم يرَنا؟ ولم يرَ فكرة النهضة ولا صناع الحياة ولا يعلم ماذا نقول، ولكنه يحبنا ويحب بلده ويعتقد أن حماسة الشباب حماسة هوجاء، فكيف نخبره ليكون شريكا معنا؟
وأجدادنا وأعمامنا في المساجد، فعندما نذهب إلى المساجد نجد كبارا يجلسون في المساجد وصغارا، لكنهم لا يكلمون بعضهم البعض، فالكبار قد وصلوا إلى سن المعاش وأخذوا معهم خبرتهم ولا يجدون من يستفيد من هذه الخبرة، فكيف نذهب للتعرف عليهم ليكون هناك تواصل بين الأجيال داخل المسجد، فنذهب ونطلب منهم المساعدة، ونسألهم عن خبراتهم السابقة، فيتم دمج الشباب مع الكبار، ونأخذ خبرة الكبار ونضمها لصناع الحياة، ويرجع أملهم في الحياة بعد أن أصبحوا متفرغين لا يفعلون شيئا غير أنهم يذهبون للصلاة في المسجد ويعودون إلى بيوتهم، فهم يعبدون الله ولكنهم يتمنون لو استفاد أحد من خبرتهم كي يعبد الله حق عبادته، نحن من سيجعله يفعل هذا الشيء.
والوزراء المخلصون الذين تعرفونهم في بلادكم أوكيل وزارة، أو الجمعيات الخيرية في بلادنا أو الجمعيات التي تقوم بعمل نهضوي في بلادنا، كيف يمكن أن يكونوا شركاء معنا؟ يا إخوتي نحن لن ننجح إلا بشركاء.
وعلماؤنا المغتربون في الغرب، الذين يعيشون هناك ونحن لا نستفيد منهم، في كندا وألمانيا وفرنسا وإنجلترا... كيف يمكن أن نطلب منهم المشاركة معنا في النهضة؟
إذا دخلتم موقع www.amrkhaled.net ستجدون التقرير باللغتين العربية والإنجليزية، قوموا بطباعته وأعطوه للناس لتخبروهم عن مشروع النهضة الذي نسير فيه.
ستجدون أيضا ثلاث ورقات موجزة تتحدث عن موضوع صناع الحياة وما أنجزه، لقد قمنا بهذا العمل وعرضناه عليكم في الموقع كي تذهبوا به إلى آبائكم وأمهاتكم وأعمامكم وأخوالكم، والوزير الفلاني ورجل الأعمال الفلاني، ونريهم مشروعنا ونطلب منهم المشاركة فيه معنا.
نحن نريد أن نحضِر شراكات ليضعوا أيديهم في أيدينا، وهذا هو شرط نجاح المرحلة الثالثة، وقد بدأنا نحن بهذا الأمر، هل تذكرون يا إخوتي عندما قلت: نريد أن نقوم بعمل مشروع اسمه حماة المستقبل؟ وكنا في ذلك الوقت نفكر بنفس الطريقة، وهي ضرورة وجود من يشاركنا كي ينجح هذا المشروع، فقد كنا نريد عمل توعية في المدارس والجامعات ضد المخدرات، وكنا نريد من يشترك معنا، فكيف من الممكن أن يقوم برنامج فضائي بعمل توعية لوحده؟
فوجدنا شرطة دبي تتصل بنا وتطلب المشاركة معنا، وفوجئنا بالأمم المتحدة (المكتب الإقليمي للأمم المتحدة بالشرق الأوسط) يطلبون منا المشاركة، ويتم اللقاء لتوقيع عقد شراكة ثلاثية، فما الذي يجعل الأمم المتحدة توافق على أن تمضي اتفاقية مع صناع الحياة؟ لأن الأمم المتحدة تعلم أنه لا نجاح لأي مشروع إلا بجهود الشباب مع الجهات الدولية، فحتى الطرف الآخر الذي نسعى ليشاركونا يدركون نفس الأمر.
سأريكم لقطة لاتفاقية الشراكة كي تفهموا كيف نفكر للمرحلة الثالثة، اتفاقية الشراكة الثلاثية في دبي بيننا وشرطة دبي والأمم المتحدة. إن ما رأيتموه على المشهد لن ينجح إلا بهذه الطريقة، ومن الممكن أن تنجح أمور أكبر منه.
يا إخوتي إن طموحنا كبير جدا، هل تذكرون عندما بدأنا في حماة المستقبل، والله لو تعلموا فلقد كنت في هذا المكان أقول سندرب الشباب وسنبدأ حماة المستقبل، وسيكون في كل مدرسة وجامعة شخص مدرَّب على هذا الأمر، عندما لم يكن في يدي شيء كان معي الحلم، ولكن ظهرت في اليوم التالي شرطة دبي! واليوم الذي يليه كانت الأمم المتحدة! وتم عمل الاتفاقية الثلاثية! يا إخوتي أحلام الأمس تحققت اليوم، وحلم اليوم سيتحقق إن شاء الله، أنا أقول لكم هذا ولا بد أن يكون عندنا هذا الأمل.
المرحلة الثالثة بالتفصيل
لقد أرسلتم إلينا في ثلاثة وعشرين مجالا من مجالات النهضة، أحلامكم وأفكاركم واقتراحاتكم، فأخذنا كل هذه الأحلام في كل مجال وأنشأنا لجانا من المتخصصين في كل موضوع من الموضوعات، ففي الزراعة مثلا أحضرنا أساتذة الجامعة في هذا المجال ورجال الأعمال، وفي مجال الصناعة كذلك، وكلهم كانوا متطوعين، ولم يأخذوا منا أي مقابل؛ لأنهم أرادوا أن يكونوا شركاء معنا، وهذا نوع آخر من الشراكة التي أرويها لكم، وهكذا لجان في كل المجالات تضم أكبر المتخصصين في الوطن العربي كله، ومن المغتربين المسلمين والعرب الموجودين في الخارج، وقد احتوت هذه اللجنة على مسلمين ومسيحيين؛ لأن مشروع النهضة ملك لنا جميعا.
وبدأت هذه اللجان تجتمع لمدة شهرين كاملين لتبحث في كلامكم؛ لأن كلامكم مهم جدا، ومحترم جدا، وبدؤوا في تفنيده إلى ما يصلح وما لا يصلح، بالطبع لن يغضب أحد؛ فهناك أمور مناسبة وأخرى ليست مناسبة، وكلنا نسمع كلام المتخصصين، وبعد شهرين من العمل أخرج لنا المتخصصون في كل مجال من مجالات النهضة المشروع الذي لا بد أن نبدأ فيه فورا.
ثم قمنا بعد ذلك بشيء آخر، قمنا بعمل ندوة في كل مجال من المجالات تجمع الناس الرسميين والجمعيات النهضوية والخيرية التي تعمل في المجال المطروح، وبذلك نكون قد قمنا بجمع آراء الشباب والمتخصصين والرسميين والحكومات فيما نقوم بفعله كي يكون المشروع مشروعنا جميعا، فقمنا بعمل ندوة عن الصناعة سترون منها لقطة، وقد اجتمع الكثير من الناس: المصريين والسوريين والسعوديين والسودانيين واليمنيين ومن الوطن العربي كله لحضور هذه الندوة خصيصا ليعطوا آراءهم فيما سيتم عمله في صناع الحياة.
هل تتخيلون الجهد الذي بُذل يا إخوتي؟ لأني لا أهدف لعمل برنامج حماسي، لا بد من العمل وفق أسس علمية مدروسة، أنا أقول ذلك لتعلموا أننا قمنا بعمل صحيح، قد قمنا بالعمل وفق كلام علمي مدروس، فقد أخذنا أولا آراء الشباب كي يكون المشروع مشروعنا، ثم ذهبنا للمتخصصين، وبعد أن أخذنا آراءهم أصبح لدينا مشروع أساسي في كل مجال من مجالات النهضة، وسنبدأ من الحلقة القادمة في الصناعة أو البطالة، وما هو المشروع الأساسي الذي سيحل مشكلة البطالة في الصناعة وفي الزراعة وفي الصحة والبيئة والتدين والقرب من الله سبحانه وتعالى والتعليم والسياحة؟ نأخذ كل مجال ونريكم أن هناك جهد علمي قد بُذل بشكل صحيح، فيه آراء الملايين من الناس، إضافة إلى المتخصصين والرسميين.
ما هي المشروعات التي سيتم العمل فيها خلال السنة القادمة؟
لدينا أحد عشر مجالا بعد أن كانوا ثلاثا وعشرين، فقمنا باختصارهم في أحد عشر مجالا، فقد قمنا بجمع بعض المجالات مع بعضها، فهناك بعض المجالات التي تتعلق ببعضها الآخر، فجمعنا الصحة مثلا مع الرياضة والبيئة، لتسير الثلاثة في اتجاه واحد.
وسنقوم بعرض المجالات عليكم، وهذه المجالات هي التي ستشكل الحلقات القادمة، وبهذا فنحن نعرض عليكم كيف سيكون العمل إلى نهاية السنة، وسنتناول الموضوع الواحد في حلقة أو حلقتين، ونتفق على المشروع ونطلب من الشباب البحث لنا عن الشراكات وأصحاب الخبرة، ثم نقوم بفتح المشروع ويبدأ العمل فيه متوكلين على الله، وبهذا نبدأ النهضة في هذا المجال، وهكذا سيكون سير العمل خلال السنة.
المجالات
ستكون المجالات وفق ترتيب الحلقات:
1. البطالة.
2. الصناعة.
3. الزراعة.
4. التعليم.
5. الصحة والبيئة.
6. المرأة.
7. السكينة الاجتماعية، والأسرة.
8. الثقافة والفنون.
9. البحث العلمي.
10. التكنولوجيا.
11. وحدة بلادنا.
هذه هي الحلقات التي سيتم عرضها خلال السنة في كل حلقة، وسنقوم بربط هذا الأمر بديننا، وكيف سنرضي الله بهذا المشروع، وسنقوم بعرض المشروع عليكم ونسألكم: مَن ينطلق ويأخذ هذا المشروع على عاتق كتفيه ويعيش لهذا المشروع عشرين سنة قادمة؟
بعد نهاية المرحلة الثالثة
أيها الإخوة، عندما قلت لكم في بداية الحلقة أننا سنتعاون ونعمل سويا، لم أكن حينها أطلب منكم أدوارا صعبة، فلا أقل من أن يقوم كل شاب وكل امرأة وحتى الطالب في الثانوية العامة الذي ليس لديه وقت بإخبار أصدقائه عن البرنامج، ويطلب منهم أن يشاهدوه ويكونوا شركاء معنا، وكذلك السيدات كما قلنا، فليخبرن أقاربهن وأصحابهن، أو يعطينهن الكتيبات الخاصة بصناع الحياة ويطلبن منهن قراءتها والمشاركة معنا، فلن نستطيع النجاح بدون هذه الشراكات.
فما الذي سيحدث لو استطعنا النجاح في هذا الأمر؟ لو قمنا بعمل هذه الشراكات فستنتهي السنة وفكرة النهضة مغروسة في كل عقل من عقول شبابنا ونسائنا في الوطن العربي، وهذا هو ما نريده، ويتكلمون عنها وتملأ عقولهم وأفئدتهم، ومع نهاية المرحلة الثالثة ستكون فكرة النهضة في كل مكان في الوطن العربي وكذلك في البلاد الغربية من خلال أبنائنا الموجودين هناك، وبذلك فهم يضعون حلم النهضة على أكتافهم، حتى تصبح حلمهم وهدفهم في حياتهم، فعلى كل شاب البحث في المجالات التي وضعناها ليحدد في أي مجال قرر العمل، وهو يُشهِد الله -سبحانه وتعالى- على الرغم من كثرة ذنوبه أنه سيعيش للنهضة ويعمل في المجال الذي اختاره، ولن نقف ونشاهد ونضرب رؤوسنا ونقول: هذا هو واقعنا! وكيف يمكن أن نصنع نهضة! وإلا فلنبقَ إذًا مئة سنة أخرى ثم نقول: لم نستطع صناعة نهضة، فإن قلنا هذا فمن الذي سيصنع النهضة إذًا يا رجال؟ ولو لم نصنعها نحن فمن الذي سيصنعها؟ نحن الذين سنقوم بها إن شاء الله، لا تقولوا مستحيل.
هل تعلمون بماذا أشبّـه المرحلة الثالثة؟ إننا كمن يفتح طريقا للنهر، فنحن نبحث عن الشراكات، ونأتي بالمشروع الذي اتفق عليه الشباب والعلماء والمتخصصين، وأنا أفتح لكم الطريق ليجري النهر، ثم نقول: هيا أيها الناس، اجروا في هذه الطريق في الزراعة والصناعة...
نريد أن نقوم بعمل نهضة لبلادنا، وسيأتي وقت ينتهي فيه صناع الحياة كبرنامج، فمن المؤكد أنه سينتهي، فطريق النهضة عشرون سنة، ولا يعقل أن يستمر البرنامج عشرين سنة، صحيح أن البرنامج سينتهي ولكننا سنعيش لفكرة النهضة، إنها رقبتنا، فأنا سأعيش لها، وأنتم أيضا إن شاء الله، لقد اتفقنا ووضعنا أيدينا في أيدي بعضنا البعض.
لكن ما هو دورنا؟ أن نفتح الطريق كي يجري النهر ويكبر الشباب وتكبر الخبرة، والمشروعات تكبر وتكبر وتكبر، ستجري المياه، ويكبر الشباب بعد سنة واثنتين وثلاثة، وتكبر المشاريع كما تكبر النبتة وتزهر، وذلك في كل مجال من المجالات، والحكومات أيضا ستنسق وتساعد، وكذلك رجال الأعمال الذين سيجدون الشباب قد نجحوا فيساعدونهم أكثر فيزداد كبر المشروع أكثر، وكذلك الجهات الدولية، سترون أنها ستشارك معنا في السنين القادمة؛ لأننا نسير في الاتجاه الصحيح ونكبر ويكبر معنا المشروع ونرى حلم النهضة وهو يكبر أمام أعيننا.
ونسمع بعد عدة سنوات أن البطالة في الوطن العربي قد انخفضت من 35% إلى 5% ونجد أيضا أننا نصنع أدويتنا بأنفسنا، ونأكل قمحنا من يدنا ولا نأخذه من أحد، وتصبح المساجد في صلاة الفجر كما هي في صلاة الجمعة، ويعود الحب للأسَر.
سننجح بإذن الله
أنا أعلم أنني أقول هذا الكلام وهناك من يضحك علي، ولكنكم سترون يا إخوتي، سترون أنه سيحدث إن شاء الله، ولدينا أمل كبير جدا جدا، وأنا أستمد هذا الأمل من الله -سبحانه وتعالى- أستمده من أعين الشباب عندما أنظر لأعينهم وأجدها مليئة بالحماسة والرجولة وهم يصرون على المشاركة، وكذلك النساء والبنات اللاتي امتلأن حماسة وجدية، وحتى السيدات الكبيرات في السن اللواتي يتحركن بصعوبة وهي تقول أنها معنا في صناع الحياة، كل هؤلاء الناس هم الذين يدفعون الأمل، فلا بد أن يكون عندنا أمل.
كيف لا يكون عندنا أمل والله -سبحانه وتعالى- هو مالك الكون؟
وكيف لا يكون عندنا أمل وكتابنا كتاب عظيم وهو القرآن الكريم؟
وكيف لا يكون عندنا أمل ولدينا أعظم منهج في الدنيا؟
وكيف لا يكون عندنا أمل ونحن نرى شبابا ونساء يحبون الله -سبحانه وتعالى-؟
وكيف لا يكون عندنا أمل والله -سبحانه وتعالى- يقول في كتابه:{قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (26)
تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنْ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنْ الْحَيِّ وَتَرْزُقُ مَنْ تَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ(27)}(آل عمران) ؟
إن قضية أعداء الإسلام والشيطان الأساسية في سنة 2005، 2006، 2007، 2008... بث اليأس وقتل الأمل، لماذا؟ لأن الأمل روح فوق الروح طالما كانت الروح فينا، وقتل الآمال أسوأ من قتل الأجساد يا إخوتي، ولذلك يسعى الشيطان لقتل الأمل في نفوسنا، والمؤمن يعلم أن الله هو مالك الملك، وأن الله لن يضيع جهدنا {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لاَ نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً}(الكهف:30). وذلك إن خططنا جيدا، وقد فعلنا، ولو فكرنا جيدا وتحمسنا وصبرنا وضحينا، فلا بد بعدها أن ينصرنا الله -سبحانه وتعالى-.
انتبهوا، فقد ضاع المسلمون مئة سنة في أيام التتار، لقد قتلوا مليوني مسلم، ودخلوا بغداد، وهذا ما حدث في الشام أيضا، وانتهت الدنيا كلها، ولكن ما الذي حدث؟ وقفنا مرة أخرى على أقدامنا، وعاد لنا عزنا مرة أخرى، وما قيمة مئة سنة في عمر الأمم؟ ولماذا ينجح هذا الأمر في المرات السابقة ولا ينجح هذه المرة! فكما نجحت سابقا فستنجح هذه المرة.
خالد بن الوليد شارك في معارك الفرس والروم ومعه ثمانية عشر ألف جندي، وعندما زاد عددهم كانوا ثلاثين ألفا، وعندما دخل فارس كانت مواجهة مئتي ألف أمام ثمانية عشر ألف! واستمر في انتصاره، وملِك الفرس يكاد يجَنّ، فأرسل للقواد يسألهم كيف ينتصر خالد عليكم بثمانية عشر ألف؟ فيردون عيه:"يا سيدي إن هذا الرجل ومن معه يثقون في وعد ربهم كما نثق نحن في رؤية الشمس، إنهم قادرون أن يفعلوا أي شيء" ونحن عندنا وعد من الله سبحانه وتعالى.
وانتبهوا! فهناك فكرة تسيطر على عقول الناس كل مئة سنة، فالدنيا تتغير كل مائة سنة، والأفكار كذلك تتغير، ما معنى هذا؟ أنه في كل مئة سنة تُـطرح فكرة من أحد تملأ عقول الناس وتسيطر عليهم، ولا يتخيلون الدنيا دونها، ففي فترة من الفترات كانت الشيوعية فكرة مسيطرة، ولم يكن يُتـخيل أن تسير الدنيا دونها، وبعد مئة سنة تغيرت الدنيا، ففي فترة من الفترات انتشرت فكرة القومية، وفي فترة من الفترات كانت الإمبراطوريات، لماذا أقول لكم ذلك؟ أقوله لأن هذه الأمور انتهت، والمئة سنة الحالية هي خاصة بالأفكار الجديدة، فلماذا لا نكون نحن ذويها.
أعرفتم لماذا قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: " إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مئة سنة من يجدد لها دينها" (حديث صحيح) لأن كل مئة سنة تتغير الأفكار وتتغير الدنيا كلها.
وهل علمتم المعنى من قوله تعالى: {أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ فَانظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ وَانظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}(البقرة:259).
أنا لا أقول أن رقم مئة هو رقم ثابت، ولكن الدنيا تتغير كل مئة سنة، وكذلك الأفكار، وقد أفلَسَت الآن جميع الأفكار، كل العالم -وليس فقط في بلادنا- يتخبط ويبحث عن أفكار جديدة.
ما أحلى النهضة التي نحلم بها ونبشر بها! سنعيش من أجلها ونعمل لها.
الواجب المطلوب منا اليوم
ألن نقوم اليوم بفعل شيء؟ وهل سنضع أيدينا ولا نعمل! لا، فعندنا اليوم ثلاثة واجبات أساسية:
الدور الأول: دور إعلامي
فنحن نريد أن يشاهد البرنامج خمسة عشر مليون مشاهد، ولكن لماذا؟ هل لأننا نريد أن نفرح بمشاهدة الناس لنا في التلفاز؟ نحن لا نريد الشهرة ولا تهمنا، ولا هذا هو الموضوع الذي نفكر فيه أصلا، ولكننا نريد أن نغرس فكرة النهضة في أكبر عدد ممكن، فلا بد إذًا من أن يشاهدنا أكبر عدد ممكن من الناس.
إن القنوات الفضائية الأخرى تريد أن يراها كل الناس، وبالتالي فهي تقوم بعمل الإعلانات ليروها، ولكننا لن نقوم بعمل إعلانات؛ فأنتم إعلاناتنا، يا إخوتي سنسلم كل الحاضرين والسادة المشاهدين مكبر صوت! أنا أمزح طبعا، لكن أمتنا أمة محمد -صلى الله عليه وسلم- وبلادنا تحتاج مكبر صوت يدخل كل حارة وكل شارع وكل نادٍ وكل جامع وكل مدرسة معلنا: استيقظوا عندنا نهضة! فليستيقظ الجميع، أفيقوا لا وقت للنوم.
علينا القيام بدور إعلامي كبير، نريد أن نفعل كما فعل النبي -صلى الله عليه وسلم- عندما أمره الله -سبحانه وتعالى-: {فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ}(الحجر:94). فالله -سبحانه وتعالى- يأمره بأن يعلن، فلا يذهب النبي -صلى الله عليه وسلم- ليكلم الناس في الخفاء، بل يقف على جبل الصفا في المسجد الحرام وينادي الناس، فهو لا يسعى للشهرة أو للدعاية لنفسه، وإنما يوصل الفكرة، ولا بد أن تصل.
نريد أن يرى الناس البرنامج حتى ولو كان كلامنا ليس كلاما عاطفيا رقيقا، فأنا أعلم أن صناع الحياة ليس عاطفيا أو رقيقا، ولكنه أمل، ولا أمل إلا في هذا الأمر، وليس عندي شيء آخر أقدمه لكم الآن إلا أن نقوم بصناعة النهضة.
الدور الثاني: البحث عن الشراكات
احصروا كل معارفكم الموجودة والناس الذين نحتاج مشاركتهم في دفاتركم أو على الإنترنت، وأرسلوا لنا أسماءهم على أرقام البرنامج أو على صندوق البريد أو البريد الإلكتروني، فقد وضعنا الوسائل التي تستطيعون التواصل معنا من خلالها، ابحثوا عن كل الشركاء وحتى الصحافيين والفنانين والإعلاميين، واطلبوا منهم المشاركة معنا ومشاهدتنا.
الدور الثالث: الاتفاق في كل حلقة
وهذا الدور سيبدأ من الحلقة القادمة، فكل حلقة سنتفق فيها على المشروع، ويتقدم من الناس من يريد العمل فيه، فيحمله على عاتقه ويجري النهر ونفرح به يوم القيامة.
هذه بضاعتنا التي عندنا، وليس عندنا شيء آخر، نسأل الله -تبارك وتعالى- أن يكون المعنى قد وصل، ويكون الحماس والأمل قد زاد عند الشباب، ولا لليأس إن شاء الله، ولن نسلك طريق اليأس أبدا.
سنقابلكم الأسبوع القادم مع البطالة إن شاء الله.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
كتبتها يسرا جواد
ساحة النقاش