في إطار حرصنا على نشر التجارب العملية التي يمر بها المربون للاستفادة منها، أردنا أن نعرض مشكلة قد مرت بنا من قبل. فأثناء متابعتنا الفنية لقطعان التسمين وصلتنا شكوى من أحد العملاء يشكو فيها من أن طيوره لم تحقق الوزن المطلوب و أن معدلات نموها ليست بالكفاءة المطلوبة
وقبل زيارة العميل قمنا بمراجعة الكتاكيت التي فقست في نفس اليوم من نفس قطيع الأمهات و تبين لنا أنه لاتوجد أي شكوى لدى العملاء الآخرين . وأثناء ذهابنا للعميل توقعنا أن يكون لدي الطيور أحد مشاكل الأمعاء التى تؤثر على الامتصاص و التحويل مثل الكوكسيديا أ و الكلوستريديا.
وعند الزيارة اندهشنا كثيراً، فقد كان هناك نقصا شديداً فى الأوزان حيث لم يتعد متوسط وزن الطائر فى القطيع 950 جراماً عند عمر 35 يوما، و علمنا من العميل أن الطيور لم تأكل العلف المستهدف فى هذه المرحلة أو بتعبير المربين " الطائر لم يأكل علفه" – وبمراجعة الأمور الإدارية للمزرعة وجدنا أن الأخطاء الإدارية لم تكن بالسوء الذي يؤثر على هذا القطيع بمثل هذا الشكل الكبير . كذلك لم توجد أي عوارض تدل على عدم سلامة أمعاء الطيور مما يعيق الامتصاص و أخيراً فقد قمنا بعمل تحليل كيميائى كامل للعليقة و كانت هنا المفاجأة حيث كانت نسبة البروتين في الحدود الطبيعية بينما كانت نسبة الطاقة 3900 كيلو كالورى لكل كجم علف .
التفسير
في الحالة السابقة نجد أن هذه العليقة تحتوى على نسبة عالية من الطاقة أكثر من تلك المقررة للطيور و لكن كيف أثرت هذه الطاقة فى تدهور نمو الطيور بهذا الشكل . إن الطائر إذا أتيحت له عليقة مفتوحة يظل يأكل و لا يمتنع عن الأكل حتى يغطى احتياجاته من الطاقة و حيث أن العليقة السابقة بها محتوى عالي من الطاقة كانت احتياجات الطائر موجودة فى كمية قليلة من العلف وهذا ما يفسر أن " الطائر لم يأكل علفه" و حيث أن النسبة بين الطاقة العالية و البروتين غير متزنة أثر ذلك على كمية البروتين المستهلك فى العليقة مما أدى إلى تدهور نمو الطيور .
مما سبق تتضح أهمية النسبة بين الطاقة و البروتين على وجه الخصوص في علائق التسمين لذلك سوف نوضح أهميتها في السطور التالية:
أولا:ً أهمية البروتين فى علائق التسمين
يحتاج الطائر للبروتينات للنمو و بناء أنسجة الجسم و إنتاج اللحم و يدخل في تركيب الدم و العضلات والجلد ويستخدم البروتين لتعويض الفاقد من بروتين الجسم كما أن الزائد عن احتياج الجسم يستخدم كمصدر من مصادر الطاقة للطائر وذلك بعد أن ينزع منه الجزء المحتوى على الأزون و الذي يخرج مع البول على هيئة يوريا .
ونظراً للنمو السريع لكتاكيت التسمين فى الأسابيع الأولى من العمر ، ونظراً أيضاً لانخفاض الاستهلاك النسبي فى الأسابيع الأولى فإنه يجب أن تحتوى علائق التسمين البادئة على نسبة عالية من البروتين لتغطية هذه الاحتياجات قد تصل إلى 23 % بروتين خام وبتقدم العمر فإن استهلاك الطائر من العلف يزداد نظراً لاحتياجاته العالية من الطاقة التي تغطى وظائف جسمه الفسيولوجية وبزيادة هذا الاستهلاك تقل نسب البروتين في العليقة لتصل في علف الناهي إلى 19 % بروتين . وكذلك فإنه يجب أن يكون البروتين المقدم للطيور من مصدر سهل الهضم .
ثانيا: أهمية الطاقة في علائق التسمين
يستخدم الطائر الحرارة الناتجة من الغذاء لتزويد جسم الطائر بالحرارة التى تحافظ على ثبات حرارة الجسم الداخلية و مواجهة التغير فى درجات حرارة الجو المحيط . كذلك يستخدم هذه الطاقة فى القيام بوظائفه الفسيولوجية . وكذلك جزء من هذه الطاقة في عملية إنتاج اللحم .
وتنقسم الطاقة التى ينتجها الطائر إلى جزأين أولهما الجزء المستخدم فى حفظ الحياة و القيام بالوظائف الفسيولوجية للجسم وتسمى الطاقة الحافظة ( Maintenance Energy) وجزء آخر و هو الزائد عن هذه الاحتياجات و يستخدمه الطائر فى الإنتاج و يسمى الطاقة الإنتاجية (Productive Energy) و إذا زادت الطاقة المستهلكة من قبل الطائر عن الطاقة الحافظة و الإنتاجية فإنه يخزن هذه الطاقة على صورة دهن، أما إذا نقصت فإن أولويات الطائر هي حفظ حياته ووظائف جسمه مما يؤثر ذلك على الطاقة الإنتاجية وبالتالي على الإنتاج .
وتحتاج طيور التسمين في مراحل العمر المبكر إلى علائق بها طاقة تصل إلى 3100 كيلو كالورى / كجم علف تزداد هذه النسبة في الأعمار الأكبر لتصل إلى 3300 كيلو كالورى /كجم علف وذلك لأن الطائر يكون قد كبر حجمه و يحتاج إلى طاقة أعلى لتغطية احتياجاته الغذائية.
ثالثا:النسبة بين الطاقة و البروتين فى علائق التسمين
من الممكن أن يترك الطائر يستهلك أي كميات يستطيع أكلها من العليقة . و لكننا نجد أنه يصل إلى مستوى احتياجاته و كفايته من العليقة تبعاً لإحتياجاته من الطاقة الممثلة بها . فالطاقة هي العامل المحدد لكمية العلف التى يستهلكها الطائر . فإذا كانت نسبة الطاقة عالية قل المستهلك منها و العكس صحيح مما يؤثر على نسبة البروتين المستهلكة . لذلك فإن هناك علاقة بين نسبة البروتين و الطاقة في العليقة يجب أن تكون تركيبة العليقة في حدودها وتسمى هذه العلاقة C/P Ratio وتكون هذه النسبة في حدود 1 جزء بروتين إلى ما بين 135-175 جزء من الطاقة تبعاً لعمر الطائر . من هنا كانت أهمية ضبط محتوى العليقة من الطاقة وكذلك ضبط النسبة بين البروتين و الطاقة فى العليقة .
أخيراً أردنا أن نوضح أن طيور التسمين تكون فى حالة استنفار فسيولوجي قصوى تعمل فيها كل أجهزة الجسم بشكل مستمر و متصل مما يعد إجهادا شديداً على الطيور و أن الحصول على طائر تسمين مطابقاً فى نهاية فترة التسمين بهذه الكفاءة التحويلية فى ظل التعديلات المطردة من قبل شركات التأصيل وكذلك اختصار فترة التسمين إلى هذا الحد يتطلب التركيز على بعض النقاط فى عملية التسمين لمساعدة هذه الطيور على إخراج هذه التعديلات الجينية المستمرة . ومن أهم هذه النقاط هى تأمين عليقة مطابقة للمواصفات من حيث البروتين و الطاقة أولاً ثم بقية العناصر الغذائية .
ساحة النقاش