فيروس الأنفلونزا.. العملاق النائم
استقبلت دول العالم القرن الجديد في ذعر تامّ نتيجة يقظة ما يسمى بـ "العملاق النائم" وهو فيروس "الأنفلونزا" وما يسببه من أخطار على حياة الإنسان، وترجع خطورة هذا الفيروس إلى أنه يتكوّن من ثلاثة أنواع، وكل نوع ينفصل إلى فصائل، لكل منها درجات واختلافات وراثية وأخطرها النوع "A" الذي يسبِّب الوفاة.
وترجع خطورة فيروس "الأنفلونزا" إلى أنه فيروس مخادع قادر على تغيير جيناته الوراثية كل عام، مما يستحيل معه إعطاء لقاح أو مصل يدوم تأثيره لأكثر من هذه الفترة، كما أن الفيروس يستطيع تغيير كل جيناته الوراثية خلال 4 سنوات مما يستحيل على جسم الإنسان التعرف عليه ومقاومته.
إن وباء الإصابة بفيروس الأنفلونزا فاق كل التوقعات مما يصعب معه وضع إحصاء لدرجات وعدد الإصابات التي تجاوزت عشرات الملايين في العالم، ورغم أن هذا الفيروس تمّ عزله عام 1923 وتم تصنيع اللقاح الخاص به منذ الأربعينيات فإنه ليس من المتوقع القضاء عليه أو حتى السيطرة عليه مثل: فيروس شلل الأطفال والجدري، إلا أن هناك وسائل كثيرة لمقاومته أو ترويضه.
وترجع خطورة هذا المرض إلى أنه يسبب نسبة 90% من الوفيات بين المصابين الذين يعانون من أمراض مزمنة مثل السكر والقلب والكلى وأمراض الدم المزمنة، وكبار السن ومرضى حساسية الصدر والأنف، وتحدث تغيرات الأحماض الأمينية بالفيروس في فصلى الخريف والشتاء، ويحدث تغير كامل في تركيب الجزيئين (هـ) و (ن) مما يساعد على انتشاره في أنحاء العالم، وقد حدث وباء لفيروس الأنفلونزا عام 1957 وآخر عام 1968، ولكن ليس بنفس الدرجة الموجودة حاليًا، لوجود المضادات الحيوية للبكتريا المصاحبة له، ومع كل ذلك يستحيل تحضير لقاح لهذا المرض والقضاء على خطورته بسبب التغيرات التي تحدث في جيناته، وقد أنشأت منظمة الصحة العالمية شبكة دولية لمسح فصائل الأنفلونزا حيث يقوم العلماء والأطباء من الشبكة بفحص عينات من الحلق والأنف من الأشخاص الذين يشتبه في إصابتهم بالفيروس بزرعها في مزارع الأنسجة للتعرف على فصائله وتصنيف سلالاته، ثم توجّه تعليمات ونصائح للشركات التي تصنع اللقاح سنويًا عن الأنواع الجديدة من الفيروس
(1) تركيب الفيروس وأنواعه
الفيروس لا يتكاثر إلا داخل خلايا الأنسجة الحية ولا تؤثر فيه المضادات الحيوية المعروفة مثل البنسلين والسلفا المستخدمة في علاج الأمراض البكتيرية، وهو كروي الشكل وحجمه يساوي واحدًا من الألف من المليمتر، والمادة الجينية للفيروس تتكون من الحمض النووي (R.N.A)، وهو يحتوي على 8 جينات وإنزيم "البوليميريز" الذي يلعب دورًا حيويًا في تكاثر الفيروس، ويحيط بالمادة النووية للفيروس غشاء داخلي من البروتين، ويحميه من الخارج غلاف يبرز منه نوعان من الجزيئات البروتينية السطحية وهما:
جزيء "الهيماجلوتينين" ويرمز له بالبروتين "هـ" وهو يلعب دورًا أساسيًا في قدرة الفيروس على إصابة خلايا الجهاز التنفسي بالعدوى باندماجه مع مستقبلات موجودة حول الخلية والتكاثر بداخلها، وهذا الجزيء أكثر أجزاء الفيروس قدرة على تحفيز الجهاز المناعي، وتقاس قدرة الجسم على المقاومة بمستوى مقاومة "الهيماجلوتينين"، أما الجزيء السطحي الآخر فيسمَّى "نيولامينديز" ودوره يتمثّل في خروج الفيروسات الوليدة من خلال الجهاز التنفُّسي بعد تكاثر لتنتشر في أنحاء الجسم.
إن فيروس الأنفلونزا ثلاثة أنواع هي (A, B, C) طبقًا للتركيب الكيميائي للغشاء الداخلي للفيروس حيث يصيب النوعان (B, C) الإنسان فقط؛ إذ يؤدى فيروس © لإصابة بسيطة مشابهة لنزلات البرد بينما فيروس (B) يمكن أن يتسبَّب في حدوث عدوى شديدة تصل إلى درجة الوباء، أما النوع (A) فإنه يتسبَّب في حدوث وباء قد يكون محدودًا بمنطقة أو وباءً عالميًا كل 10- 40 سنة؛ إذ يوجد منه 15 نوعًا من الجزيء "هـ" وهو الهيماجلوتينين وتسعة أنواع من جزيء "نيولامينديز"، ويرمز له بحرف "ن"، ومنه يتكوَّن الفيروس الحالي المنتشر عالميًا وهو فيروس سيدني (A)، والذي تم عزله والتعرُّف عليه في مدينة سيدني بأستراليا عام 97 ويحتوى على جزيء [هـ 3] و [ن 3]
2) أعراض الأنفلونزا
في العادة يصيب فيروس الأنفلونزا الجهاز التنفسي بدءًا من الأنف والجيوب الأنفية والحلق مرورًا بالحنجرة والقصبة الهوائية فيسبِّب الرشح، أما الآن فيحدث العكس، وتبدأ أعراض الأنفلونزا بارتفاع درجة حرارة الجسم بدون رشح أو زكام، وبهذه الطريقة يفتح الفيروس الباب لهجوم الميكروبات الأخرى على أجهزة الجسم، خاصة على الجهاز التنفسي والجهاز الهضمي، فتظهر أمراض سوء الهضم مع القيء وزغللة العين والصداع وصعوبة البلع وفقدان الشهية.
إن أعراض الأنفلونزا من رشح وكحة وتكسير في الجسم تستمرّ لمدة يومين لأصحاب المناعة القويّة، وتطول هذه المدة لتصل إلى أسبوع مع ذوي المناعة الضعيفة، وقد تؤدِّي مضاعفات الفيروس الخطيرة إلى وفاة المريض خاصة بعد الإصابة بالالتهاب الرئوي، ويمكن تجنّب مضاعفات المرض بالراحة التامة وتناول فيتامين "C"، وتجنّب تناول المضادات الحيوية لكي نعطي الجسم الفرصة لتكوين مضادّات الفيروس اللازمة للدفاع عن الجسم، كما أن مصل الأنفلونزا يساعد على تجنّب الإصابة بالأنفلونزا طيلة العام.
إن ظهور الرشح لا يعني أن الإنسان أصيب بالأنفلونزا، فالرشح والعطس ربما يكونان نتيجة الجلوس في أماكن مغلقة دافئة ثم الخروج إلى جو بارد، ولا يعني ذلك الإصابة بالأنفلونزا، حتى ولو وصلت درجة الحرارة إلى 38 درجة لأن الأنفلونزا الفيروسية يصاحبها ارتفاع شديد في درجة الحرارة دون مقدمات مع الإحساس بألم في العظام والعضلات والصداع واحتقان بالحلق.
إن مضاعفات الفيروس قد تكون خطيرة بين المدخنين، وتصل إلى حد الإصابة بالالتهاب الرئوي، وتكون خطيرة أيضًا مع الأفراد الذين يعانون من ضعف في المناعة.
والتحذير الخاص الذي يطلقه الأطباء لمرضى الكلى والكبد والسكر ونقص المناعة وحساسية الجهاز التنفسي وسوء التغذية في محله؛ لأن تأثيرها السلبي على هذه الفئات سيكون أكثر خطورة وشدة من الإنسان العادي علاوة على أنهم أكثر قابلية للعدوى بالفيروس
(3) هل يختلف فيروس الأنفلونزا عن فيروس الزكام؟
فيروس الزكام من الفيروسات المألوفة لدينا فهو يتعايش معنا داخل الأنف وهو يتسلل مختفياً عن رقابة الجهاز المناعي في الأنف، وذلك عندما ينتقل الإنسان من مكان دافئ إلى آخر بارد، أو عندما يتعرض لتيارات هواء، وفيروس الزكام ضعيف ولذا فأعراضه ضعيفة. على الجانب الآخر نجد فيروس الأنفلونزا يتسم بالقوة ويهاجم في شكل أوبئة كل سنتين أو ثلاث سنوات بخلاف وجوده بشكل فردى طيلة العام.
ومضاعفات الأنفلونزا والزكام قد تكون واحدة لكنها تزيد في الأنفلونزا بالتهاب الأذن الوسطى والجيوب الأنفية والحنجرة والنزلة الشعبية والالتهاب الرئوي وخاصة عندما تطول الإصابة صغار السن كالأطفال أو المسنين أو من لديهم أمراض مزمنة أو يعانون من ضعف في الجهاز المناعي
(4) مصل الأنفلونزا
تكثر الإصابة بالأنفلونزا ابتداءً من نوفمبر وحتى فبراير والمفروض أن يتم التطعيم بمصل الأنفلونزا خلال شهري أكتوبر ونوفمبر ولا يعطي مناعة إلا بعد مرور فترة لا تقل عن أسبوعين، ولذا ينصح بتعاطيه قبل دخول موسم الموجات الباردة، أما في حالة انتشار الفيروس تحت أي ظرف من الظروف فينبغي أخذ المصل بشرط أن يتجنب الشخص الأماكن المزدحمة أو الاختلاط بأشخاص مصابين بالأنفلونزا خلال فترة الأسبوعين، أما إذا أصيب الشخص بالأنفلونزا أو نزلة برد فيصبح التطعيم غير مفيد.
ويجمع معظم الأطباء على أهمية تطعيم كبار السن فوق 65 سنة ممن يعانون من أمراض مزمنة في القلب أو نقص في المناعة أو المسافرين لأداء فريضة الحج، ويتفق معظمهم أيضاً على أن فيروسات الأنفلونزا متنوعة ومن الصعب تصنيع مصل مضاد لكل الحالات.
ولا ينصح بتعاطي لقاح الأنفلونزا لمن يعانون من الحساسية ضد البيض؛ لأن اللقاح يتم تحضيره من صفار البيض ومواد كيماوية أخرى، ويتم حفظة في الثلاجة في درجة حرارة ما بين 2 و 8 درجات مئوية، وقبل الحقن به لابد أن يترك في درجة حرارة الجو العادي. والجرعة المسموح بها للأطفال من سن 3 أشهر وحتى 3 سنوات ربع سنتيمتر في العضل ومن 3 سنوات وحتى البالغين نصف سنتيمتر في العضل، ويفضل عدم حقن الأطفال بأي نوع آخر من التطعيمات في الوقت نفسه، فلابد أن تكون هناك فترة زمنية لا تقل عن أسبوع بين كل طعم وآخر، ولا خوف على المرضعة من الحقن بالمصل، ولكن يفضل عدم تعاطيه للحامل، وقد توجد عدة مضاعفات للتطعيم مثل ظهور الإحمرار أو هرش في مكان الحقن، وارتفاع بسيط في درجة حرارة الجسم وصداع أحياناً لمدة يوم أو اثنين، وكلها مضاعفات بسيطة.
وقبل حقن الشخص بمصل الأنفلونزا لابد أن يجري تحاليل للتأكد من خلو الجسم من فيروس الأنفلونزا ومن أجل التعرف على نوع الفيروس إذا كان الشخص قد أصيب من قبل بالأنفلونزا، وحتى يظهر مفعول اللقاح لابد أن يتجنب الشخص الأماكن المزدحمة والمغلقة وعدم محالطة أي مريض بالأنفلونزا وذلك لمدة أسبوعين.
ولكن من يستطيع أن يحبس نفسه داخل منزله لمدة أسبوعين حتى يبدأ مفعول مصل الأنفلونزا، ومن يضمن لهذا الشخص ألا يكون هناك شخص مصاب بالأنفلونزا بين أفراد أسرته، وفى هذه الحالة يكون المصل ليس له أي فائدة، فمصل الأنفلونزا لابد أن يستخدم قبل دخول فصل الشتاء حتى نضمن عدم وجود أي نشاط للأنفلونزا.
ورغم استخدام مصل الأنفلونزا كإجراء وقائي لعدم انتشار المرض بصورة وبائية فإن فيروس الأنفلونزا يتغير باستمرار ولا يستقر على حال فينتج مئات الأنواع التي يصعب السيطرة عليها ومقاومتها من خلال مصل أو لقاح لكل الأنواع، وقد نجح العلماء في إنتاج أمصال لبعض أنواع الفيروسات
( أ ) الوقاية المناعية
معظم مضاعفات الأنفلونزا التي تحدث في المجموعات الأكثر تعرضًا للإصابة بالعدوى، تمنعها أو تقلل من حدوثها من خلال أخذ التطعيم أو المصل الذي يحضر كل عام حسب السلالات المنتشرة في نفس العام، والذي يجب تناوله بدءاً من أكتوبر وحتى نوفمبر لأن أعلى نسبة من العدوى بالأنفلونزا تحدث ما بين شهري يناير ومارس، والأجسام المضادة التي ينتجها التطعيم لا تعمل بكفاءة قبل 4 ـ 6 أسابيع في حالة التطعيم لأول مرة أو 2 ـ 4 أسابيع في حالة تكرار التطعيم سنوياً، إلا أنه في حالات الانتشار السريع للأنفلونزا يجب على هذه المجموعات أن تتناول التطعيم في أي وقت، وتتمثل هذه المجموعات في:
* كبار السن أكثر من 65 عاماً
* المرضى بمرض مزمن مثل الفشل الكلوي ـ مرضى السكر ـ تليف الكبد ـ الإيدز أو أمراض نقص المناعة.
* مرضى القلب والشرايين التاجية ومرضى الصدر المزمن والحساسية والربو من الكبار والأطفال الذين يعتنون بكبار السن أو أي من المرضى السابق ذكرهم.
* المرضى الذين يتناولون أدوية مثبطة للمناعة بصفة دائمة مثل الكورتيزون وبعض أدوية علاج الأورام أو الذين تم زراعة أحد الأعضاء لهم من قبل.
* الحوامل بعد الشهر الثالث من الحمل.
* الأطفال الذين يتناولون الأسبرين كعلاج منتظم ودائم لأنه غير مستحب تناول الأسبرين في حالة إصابة الأطفال (من سن 6 أشهر حتى 18 شهراً بالأنفلونزا، أو الأطفال المصابين بالأنيميا المزمنة من أي نوع).
بخلاف هذه الفئات فليست هناك دولة حتى الولايات المتحدة تجعل التطعيم ضد الأنفلونزا روتينياً لكل الأشخاص، فعلى سبيل المثال قد تم تصنيع 60 مليون جرعة من هذا الفاكسين في الولايات المتحدة في عام 1999 بينما يبلغ عدد السكان أكثر من 250 مليون نسمة.
(ب) الوقاية الدوائية
إذا تم تشخيص الأنفلونزا في أول يومين (24 ـ 48 ساعة) يمكن للمريض أن يتناول أحد هذه الأدوية المضادة للفيروس ومنها دواءان جديدان تم اعتمادهما عام 1999 وهما "زاناميفير" ويؤخذ على شكل بخاخة بالفم كل 12 ساعة لمدة 5 أيام، أو دواء "أوسيلتاميفير" كبسولات بمعدل كبسولة كل 12 ساعة، بخلاف الأدوية القديمة المتاحة مثل "أمانتادين" وكذلك "ريمانتادين".
والأدوية الجديدة المضادة للفيروسات تعمل ضد نوعى الأنفلونزا أ، ب وتناولها في بداية المرض يُحْجِم انتشار العدوى داخل الجسم، ويقلل من حدتها ومن عدد أيام الإصابة بهما، كما يقلل إلى حد كبير من الأعراض المرضية المصاحبة للعدوى، لأنها أدوية مضادة للفيروس وليست مثل المضادات الحيوية التي تستخدم دون أن يكون لها تأثير على الفيروس، لكنها تعالج فقط العدوى البكتيرية في حالة حدوثها، ويمكن أن يستخدم المحيطون بالمريض هذه الأدوية المضادة للفيروس.
(جـ) الوقاية السلوكية
هناك بعض السلوكيات التي يمكن أن نقلل من خلالها انتشار العدوى مثل غسل اليدين باستمرار، والتخلص من المناديل الورقية أولاً بأول، حيث إن الفيروس ينتقل عن طريق الرزاز والنفَس وأيضاً الملامسة في حالات العطس أو التمخط وتلوث اليدين، وبالمناسبة فالفيروس يحب الجو الجاف وإغلاق الحجرات وتشغيل الدفايات التي تجعل الجو جافًّا يساعد الفيروس على الانتشار، حيث إنه يمكن أن يعيش 3 ساعات بعد انطلاقه مع الكحة أو الرزاز، كما يجب تجنب التقبيل بقدر الإمكان، وتجنب الوجود في الأماكن المزدحمة وتهوية أماكن التجمعات البشرية مثل الفصول وأتوبيسات المدارس وغيرها، وتجنب الانتقال من الأماكن الدافئة إلى الأماكن الباردة بشكل حاد.
(د) تحسين قدرة الجهاز المناعي
تؤكد الأبحاث المناعية أنه يمكن للإنسان أن يزيد قدرة الجهاز المناعي لديه ومساعدته من خلال الإكثار من تناول فيتامينات موانع الأكسدة الموجودة في فيتامين A1 مثل الجزر والخضراوات الورقية الطازجة، كذلك فيتامين جـ ( C) الموجود في الموالح مثل الليمون واليوسفي والبرتقال والجوافة والتفاح والكانتالوب والفواكه والخضراوات الورقية، كذلك فيتامين هـ (E) الموجودة في الزيوت النباتية، والأطعمة التي تحتوى على الزنك والسيلينيوم. ولا بأس من تناول قرص فيتامين يومياً يحتوى على مثل هذه الفيتامينات بالإضافة إلى الإكثار من تناول السلاطة الخضراء المشكلة والفواكه وعصائر البرتقال والليمون الطازجة، حيث تساعد هذه الفيتامينات على تحسين قدرة الجهاز المناعي وتُحَجِم من انتشار العدوى داخل الجسم وتجنب الإنسان المضاعفات التي تحدث منها.
وقد أصدرت منظمة الصحة العالمية في منطقة شرق المتوسط بياناً حددت فيه الاحتياطات الوقائية في مواجهة وباء الأنفلونزا، جاء فيه "لعل أهم ما يجب أن نذكره في موضوع الأنفلونزا هو الاهتمام بالوقاية إذ يستطيع المرء أن يقلل من احتمالات تعرضه للإصابة بهذا المرض بالتزام عدد من الإجراءات الوقائية، وأهمها :
* تجنب الأماكن المزدحمة، ولاسيما إذا كانت سيئة التهوية، فهذه الأماكن هي أصلح البيئات لتكاثر الفيروس وانتشار المرض.
* تجنب العادات الاجتماعية ذات الاحتكاك الوثيق مع الأشخاص الذين يحتمل أن يكونوا مصابين، مثل تبادل قبلات التحية عند لقاء الأصدقاء والأقارب.
* الامتناع عن التدخين، إذ إن الامتناع يقلل من مقاومة الجسم، ويشمل هذا التدخين بالإكراه، أي استنشاق الأشخاص غير المدخنين دخان السجائر الذي ينفثه المدخنون.
* تجنب التعرض للبرد القارس، وهذا أمر كبير الأهمية في معظم بلدان إقليم شرق المتوسط التي يسود فيها مناخ معتدل خلال النهار ثم تتدنى درجة الحرارة كثيراً في الليل. وهذا يعني أن يتخذ الناس احتياطات جيدة كي لا يعرضون أنفسهم للبرد الشديد في الليل.
* يجب عدم إعطاء الأسبرين للأطفال المصابين بالأنفلونزا، نظراً لاحتمال أن يسبب بعض المضاعات، لذلك ينصح بالاقتصار على استخدام "الباراسيتامول" لخفض الحرارة
(6) ضحايا الأنفلونزا في العالم
مازال ضحايا الأنفلونزا يتساقطون في جميع أنحاء العالم فلم ينج منه كبير في السن أو طفل أو حتى شاب ففي بريطانيا تضاعف عدد المصابين بالأنفلونزا أربع مرات خلال شهر واحد فقط حيث أصاب المرض 197 بريطانياً من بين 100 ألف شخص. بينما تؤكد بعض المصادر أن الرقم الحقيقي قد يصل إلى 300 شخص، وقد اعترف المسئولون البريطانيون أن التغلب على انتشار هذا المرض الذي يعد الأسوأ منذ عشر سنوات سيستغرق وقتاً طويلاً.
وعلى الرغم من ذلك فإن بريطانيا لا تعد انتشار مرض الأنفلونزا بها حتى الآن قد وصل إلى حد الوباء؛ لأن مستويات الوباء التي حددتها الأجهزة الصحية تقتضي أن يصاب بالمرض 400 شخص على الأقل من بين 100 ألف شخص وإن كانت مواجهة انتشار الأنفلونزا قد كلفت الحكومة البريطانية 200 مليون جنيه إسترليني حتى اليوم. في حين أعلنت النمسا أن وباء الأنفلونزا الذي تتعرض له هو الأسوأ منذ أحد عشر عاماً، ففي فيينا وحدها أصيب 17.200 شخص بالأنفلونزا أي حوالي 1% من إجمالي عدد سكان العاصمة.
وفي الولايات المتحدة انتشر المرض من شمال البلاد إلى جنوبها، ففي إحدى مستشفيات نيويورك يضطر المرضى للانتظار ست ساعات للعرض على الطبيب و 14 ساعة للحصول على سرير في المستشفى، في حين أعلنت معامل الأدوية في الولايات المتحدة أنها تعاني نقصاً في المضادات الحيوية.
وقد ذكرت إحدى الصحف الأمريكية أن المواطنين الأمريكيين أصبحوا يتفادون ملامسة بعضهم بعضاً خشية الإصابة بالأنفلونزا، وأن جهات العمل المختلفة تحرص على منح إجازة لمن يشتبه في إصابتهم بها لمنع انتشار العدوى، كما تم تعميم استخدام المطهرات لقتل الجراثيم، والصابون المضاد للبكتريا، والمناديل الورقية المبللة بالكحول، وفى الطائرات ينكمش الركاب في مقاعدهم بمجرد سماع راكب قريب منهم يعطس! وأشارت الصحيفة إلى أن هناك إقبالاً شديداً على شراء الأدوية الواقية من البرد والأنفلونزا، والمطهرات القاتلة للجراثيم بصورة غير مسبوقة، وقد وصل الذعر من الأنفلونزا إلى المهندسين المعماريين الذين بدءوا في التفكير في تصميم أماكن للعمل تعتمد على الأبواب والصنابير الأوتوماتيكية حتى لا يضطر الموظفون إلى استعمال المقابض والصنابير التي قد تنقل العدوى.
وقد أعلنت بلجيكا رسمياً انتشار وباء الأنفلونزا ولهذا طلبت وزيرة الصحة "ماجدا ألفويت" تأجيل العمليات غير العاجلة لتوفير أماكن لمرضى الأنفلونزا في المستشفيات.
وفى فرنسا أصيب حوالي مليون شخص بالأنفلونزا، ورغم هذا فقد أعلنت السلطات الصحية أنها تتعامل مع الموقف بفاعلية.
وفى يوجوسلافيا قتل وباء الأنفلونزا الذي أصاب البلاد العشرات من اليوجوسلاف حيث أصاب المرض طبقاً للتقارير الرسمية 82 ألف صربي و 44 ألفًا من أبناء الجبل الأسود في حين يؤكد المسئولون أن الأرقام الحقيقية تفوق الأرقام الرسمية كثيراً، وأن هناك مؤشرات لبداية انحسار الوباء.
وفى ألمانيا تضاعف أعداد المصابين بالأنفلونزا بالمقارنة بالأعوام السابقة. في حين أكدت أسبانيا عدم ارتفاع المصابين بالمرض عن المستوى المعتاد.
وإذا كان الفيروس قد ظهر بصورة وبائية في دول أوروبا وأمريكا والهند وأدى إلى مقتل عدة مئات من المواطنين بالإضافة إلى إصابة الملايين إلا أنه ليس فيروساً شرساً، وجاء انتشاره بهذه الصورة الواسعة نتيجة لموجة البرد الشديدة التي تحتاج هذه الدول بما فيها الهند التي قتل فيها الفيروس 317 مواطناً بسبب الظروف الجوية السيئة والبرودة الشديدة التي تشهدها بعض مناطق الهند الشمالية ولهذه الأسباب كان فيروس سيدني نشيطاً ومخيفاً في هذه البلاد
ساحة النقاش