لم يكد يهدأ للناس بال من روعة تأثير أزمتي مرض السار وجنون البقر وخطورتهما على صحة الإنسان والثروة الحيوانية والتي أثيرت في أواخر القرن العشرين حتى بات يتعين عليهم دخلوا دوامة القلق من جديد والخوف من مرض قاتل ينتقل للإنسان إلا وهو أنفلونزا الطيور . وتعتبر أوبئة الأنفلونزا من الأوبئة التي بصمت على سطور التاريخ أحداث لا تنسى منذ عام 1918م . وأنفلونزا الطيور مرض وبائي يصيب الجهاز التنفسي ويسببه فيروس أنفلونزا من النوع (أ) ويصيب الإنسان والطيور والحيوان (الخنزير، الخيول، عجل البحر والحوت) حيث تعتبر هذه الحيوانات مخزناً أو مستودع عدوى للإنسان. وتعتبر الطيور المائية العائل الأساسي للفيروس دون ظهور أي أعراض واضحة في هذه الطيور حيث يتواجد الفيروس في أمعائها ويخرج مع الإفرازات الخارجة منها كالبراز ويلوث البيئة المحيطة بها .
انتقال الفيروس بين الطيور :
- تنتقل أنفلونزا الطيور من الطيور البرية والمهاجرة وأيضاً الطيور المائية إلى الطيور المستأنسة كالدجاج والديوك الرومي من خلال الاحتكاك المباشر أو غير المباشر بالإفرازات الخارجة منها .
- ينتقل فيروس الأنفلونزا من الطيور المصابة إلى الطيور السليمة من خلال استنشاق الرذاذ الخارج من الأنف أو الاحتكاك المباشر بالبراز وفضلات الطيور .
انتقال الفيروس من الطيور إلى الإنسان :
- الاحتكاك المباشر أو غير المباشر بإفرازات الطيور الطيور البرية وخصوصاً طيور الماء ( كالبط والإوز ) التي تنقل الفيروس دون ظهور أي أعراض عليها نتيجة تكاثر الفيروس في أمعائها .
- الاحتكاك المباشر بالطيور المصابة وإفرازاتها الطبيعية خاصة في أسواق الدواجن الحية .
- الاحتكاك غير المباشر عن طريق لحوم الطيور الملوثة بالفيروس وكذلك كل الأدوات المستخدمة في أسواق الدواجن الحية والتي تلوثت بالفيروس.
وجدير بالذكر، أنه لم يسجل في السابق أن فيروس أنفلونزا الطيور ينتقل إلى الإنسان ولكن مع حدوث وباء أنفلونزا الطيور في كل من جزيرة هونج كونج (1997م) وهولندا (2002- 2003م) وظهور حالات مرضية ووفيات في الآدميين المخالطين للقطعان المصابة فقد أصبح الآن انتقال فيروس أنفلونزا الطيور للإنسان حقيقة مخيفة لا مجال للشك فيها لاسيما بعد ما زادت نسبة الوفيات من الآدميين المصابين بهذا الفيروس في الآونة الأخيرة بالصين (2005م) . وقد أوضح العلماء أنه ليس لدى الآدميين أي مناعة ضد هذه الفيروسات لذا عندما يظهر المرض في الطيور كما هي الحال الآن في دول جنوب شرق آسيا وبعض دول أوروبا الشرقية يخشى العلماء من وصول الفيروس إلى الآدميين مما قد يؤدي إلى تفشي المرض في جميع أنحاء العالم في صورة جائحة .
هل ينتقل فيروس أنفلونزا الطيور من لحوم الدواجن إلى الإنسان ؟
هناك الكثير من الخوف لدى الناس بهذه الأيام من تناول لحوم الدواجن مما أثر وبشكل مباشر على تجارة مزارع الدواجن. لكن لابد ان نذكر هنا أنه لم تسجل أي حالة لمرض أنفلونزا في السعودية حتى الآن وكذلك فإن هناك جهود جبارة من قبل وزارة الزراعة ووزارة الصحة وكذلك الهيئة الوطنية لحماية الحياة الفطرية للحد من دخول المرض. وبالأمس القريب كان هناك مؤتمر دولي في مستشفى الحرس الوطني تتطرق وبشكل وافٍ عن جميع التطورات الحاصلة بخصوص أنفلونزا الطيور على مستوى العالم وعلى مستوى السعودية ويعتبر هذا المؤتمر الثاني من نوعه في العالم .
في الحقيقة لم يتم حتى الآن عزل فيروس أنفلونزا الطيور من لحوم الدواجن المصابة ولا من البيض في أي منطقة في العالم ولكن قد تتلوث ذبائح الدواجن بالفيروس أثناء ذبحها وإعدادها في المناطق المصابة بالفيروس. أما البيض فاحتمال تلوثه أكبر لوجود الفيروس في براز الطيور المصابة. وقد أثبتت التجارب ان فيروس أنفلونزا الطيور يستطيع ان يعيش في ذبائح الدواجن أو عليها إذا حفظت هذه الذبائح في الثلاجة عند درجة حرارة 4 درجات مئوية لمدة تتراوح من 24- 35 يوماً. ومن حسن الحظ ان فيروس أنفلونزا الطيور يعتبر من الفيروسات الحساسة حيث يتأثر بالمعاملات الحرارية المختلفة لذبائح الدواجن ويموت سريعاً إذا كان متواجداً، كذلك يتأثر الفيروس بالأحماض المختلفة. ولابد ان نضع في الاعتبار ان استنشاق هواء محمل بفيروس الأنفلونزا ليس هو الطريق الأوحد للإصابة بهذا المرض ولكن تلوث الأيدي بإفرازات أشخاص أو طيور مصابة وملامستها للعين أو الأنف أو الفم قد يؤدي أيضاً إلى حدوث العدوى .
ولأهمية هذا الموضوع فإنه لابد من توضيح الآتي عن فيروس الأنفلونزا :
- لا تنتقل جميع فيروسات الأنفلونزا عن طريق الأكل المطبوخ جيداً (70 درجة مئوية) .
- إلى هذا اليوم لا يوجد أي دليل على إصابة شخص نتيجة أكل الدواجن أو منتجاتها المطبوخة جيداً حتى في المناطق المصابة بالمرض .
لهذا فإن في المناطق الخالية من المرض مثل السعودية فإنه لا يجب ان يكون هناك أي تخوف من أكل الدواجن أو منتجاتها ولكن ينصح بشدة بأن يتم طبخ الدواجن ومنتجاتها جيداً وذلك لتلافي انتقال أي ميكروب آخر. وبما ان البيض يعتبر المنتج الأساسي للدواجن ويستهلك بشكل عال فإنه لابد من التنويه بالاهتمام بالطبخ الجيد للبيض قبل تقديمه أما الطبخ المعتاد (ما يعرف بالعيون) فإن هذا قد لا يكون كافياَ للقضاء على الفيروس في حالة وجوده. ويجب التنويه كذلك أنه في المناطق المصابة فإن فيروس الأنفلونزا يتواجد على قشرة البيض وكذلك في محتواها الداخلي لهذا فإنه يجب التعامل معه بحذر .
واختصاراً فإن منظمة الصحة العالمية وضعت خمس شروط لإعداد طعام صحي آمن :
- اعتنِ بالنظافة أثناء تحضير وإعداد الطعام .
- افصل الأكل المطبوخ من الأكل الطازج .
- الطبخ الجيد عند درجة الحرارة المناسبة ( لا تقل عن 70 درجة مئوية ) .
- حفظ الطعام عند درجة حرارة آمنة ( 4 درجات مئوية أو 20 درجة مئوية تحت الصفر للمدة الطويلة ) .
- استخدام ماء وأدوات نظيفة لإعداد الأكل .
الوقاية :
الطريقة المثلى للوقاية من مرض الأنفلونزا في الإنسان هي إعطاء اللقاح الواقي من فيروس الأنفلونزا قبل الموعد المتوقع لظهور المرض بمدة من 6- 8 أسابيع حيث ان اللقاح يحتاج فترة أسبوعين كي يظهر تأثيره. أما إذا ظهرت أعراض الأنفلونزا على الإنسان فينصح بإتباع الآتي :
- الراحة وملازمة الفراش مع التدفئة حيث حركة المريض تزيد من سرعة التنفس مما يؤدي إلى برودة الأغشية المخاطية المبطنة للجهاز التنفسي وذلك يساعد الفيروس على التكاثر وتفاقم المرض .
- تناول كميات وفيرة من الماء أو السوائل حتى لا يصاب المريض بالجفاف .
- تناول الموالح الغنية بفيتامين « ج » .
- تناول فيتامين «أ» الذي يقوي الجهاز المناعي للجسم ويحافظ على سلامة الغشاء المخاطي المبطن للجهاز التنفسي، ولذلك يمكن الإكثار من تناول الجزر الأصفر، البطاطا والطماطم .
- تناول الثوم حيث أثبتت الأبحاث أنه ذو فاعلية مؤثرة على الفيروسات .
نشرت فى 1 إبريل 2006
بواسطة poultry
د/ محمود سعيد
مدير ومؤسس موسوعة عالم الدواجن الالكترونية Mob: + 201224960635 »
ابحث
تسجيل الدخول
عدد زيارات الموقع
1,290,267
ساحة النقاش