<!--

<!--<!--

الموجب والسالب

 

لم تجد شيئا فى القنوات لا الفضائية ولا المحلية ، فتقرر أن تغلق فى وجه كل من يتحدث فى التليفزيون الآن ، إن كان يتحدث عن شأن سياسي ، الإعلام ، الرياضة ...الخ                                                                             تضغط على الزر الأحمر بالريموت كنترول ..لا يعمل ، "ترزعه" رزعة متينة على يدك أو أى شئ صلب من حولك .. لا يعمل .. ثم تقول "ما بدهاش" ، يجب أن تستبدل "حجارة" الريموت البالية ، بحجارة جديدة من صنف ال "energizer" الذى لا يقهر ..                                                      تتأمل فى وضعية الحجارتين ، تجد الأولى موجهة سالبا ، والأخرى موجهة موجبا .. وسبحان الله ، إذا وضعت الحجارتين فى نفس الإتجاه لن يعمل الريموت ... وإذا تأملت على النطاق الأكبر ، ستجد أن الكون كله لا يستقيم إلا بوجود السالب والموجب معا بالتوازى ، وإلا فسد الكون و حدثت الكوارث ..                                                                                                                   هكذايجب أن تكون ذاكرة التاريخ..                                                                                                                                      يجب أن يكون كاتب التاريخ كالريموت كنترول ، لا يكتب من وجهة نظر هوائية ، إلا إذا كان يقصد ، لكن كتب التاريخ التى تسرده لمجرد التاريخ لا يجب أن تحمل مغزى إلا التأريخ .. فلا يمكن مثلا أن يؤرخ أو توضع قاعدة عامة أن النظام الملكى كان خائنا 100% وأنه لم تكن هناك حسنة واحدة تذكر لهذا العهد وأن 23 ثورة لم تكن ثورة وكانت انقلاب من باب أن القارئ يأخذ هذا الكلام على أنه منزل ولن يفكر فيه طويلا وأنه سيرفع الراية البيضاء عليه بدون قتال.. يجب ألا يكون هذا هو منهج المؤرخ لمصر الثورة (وليس الإنقلاب) ، لا يمكن أن يكون منهجه أن يؤثر على القارئ لا بالإيجاب ولا بالسلب ، بهدف تغيير عقلية القراء والشعب كله بعدما كان لا يري إلا ما يقال إليه ولا يترك العنان لخياله حتى يضع افتراضات بإمكانها أن تغير مسار الثورة فنقع تحت وطأة الحكم القامع مرة أخرى ..                                                                                              يجب أن تكون ذاكرة المؤرخ (neutral) أو محايدة ، الموجب بها مساوي للسالب ، فتصبح المحصلة صفرا من ناحية التوجيه أو الحب والكره أو التعظيم والتحقير ..                                                                                                على سبيل المثال لا الحصر , ما حدث فى 23 يوليو ، يجب أن يتغير تعريفه من ثورة إلا إنقلاب عسكري و شرح الفارق بين الإنقلاب والثورة بكل وضوح ..                                                                                   يجب ذكر إسم الرئيس السابق محمد نجيب بكل إجلال وتقدير بصفته أول رئيس جمهورية وأنه كان من قادة هذا "الإنقلاب العسكري" وأنه عزل ثلاثين عاما في منزله محظور عليه مقابلة أى شخص أى أنه وضع قيد الإقامة الجبرية دون جريمة ارتكبها !!                                                                                                                            يجب ذكر جمال عبد الناصر بما له وبما عليه ، يجب ذكره بما له من زعامة فى الإشتراكية وفي سياسة الإكتفاء الذاتى و إعادة الشخصية العربية لمصر ، وما عليه من قمع للساسة فى مصر و معتقلات حربية و نكسة 1967 ..                                                                                                                                                                      كما أنه ليس من المعقول المدح بكل مصداقية لكل من العهدين ، فمن يوافق على سياسية عبد الناصر لن يوافق على سياسة السادات ، ومن يوافق على الإشتراكية لن يوافق على الرأسمالية، وإلا يصبح من يكتب هذا ويعلن أنه غرق فى "دباديب" النظامين وهما على منهجين مختلفين تماما مصاب بمرض الإزدواجية و يريد أن ينشر وباءه فى عقول كل من يقرأ له ، لذلك فالأسلوب النيوترالى أو المحايد هو الحل حتى لا يقع المؤرخ فى شر أعماله .. فيذكر عصر السادات بالحلو والمر ، يذكر عقليته الحربية ودهاءه الفذ فى أكتوبر 73 وما كان قبلها من تعبئة كاذبة لخداع العدو، وما كان قبلها من معاهدة السلام ولكن فى هذا الأمر يجب أن يلتزم الكاتب المحايدة ال"عمياء" ، طالما أنه أمر قابل للمناقشة و الجدال ويحتمل الرفض والقبول .. كما أنه يجب أن يذكر سياسة الإنفتاح بما جلبته على الدولة من نفع وضرر و ما كان في هذا العصر من اعتقالات جماعية إلى قتله ... ولكن لا تأخذه المحايدة لدرجة "الإستهبال" أن هناك مجال لمناقشة قتله وأنها يمكن أن تكون مقبولة لأن هذا هو الشر المطلق الذي لا جدال فيه !!                                                               ثم يأتى عصر مبارك ، الذي بداية من ثالثة ابتدائى إلى ثالثة ثانوى لم أقرأعنه إلا أنه كان قائد الضربة الجوية مع تجاهل تام لمن كان معه من القواد الآخرين  و أن استرجاع جزء طابا كان فى عهده ، فأيضا يجب ذكر ما حدث في عهده من فساد فى الحكم ، كما يجب ذكر ما يحسب له أثناء الثلاثين عاما ..                                                                                                       وصولا إلى ثورة يناير – وهى مجيدة ولكن لا يجب تلقين القارئ أنها مجيدة لأنه لقب يجب أن يكتسب من وجدانه وليس من قرائته لصفحات التاريخ – بما أتت به من التخلص من نظام (بدون ذكر صفات) ظل قابع على صدور الشعب المصري ثلاثين عاما و كانت هذه هى إرادة الشعب ،  ثم الفترة الإنتقالية التى دامت لعامين مع ذكر كل كواليس هذين العامين بتداعيتهما من أحداث عنف دامى ..                                                                                                 ثم يأتى حكم "مرسي" القادم من جماعة الإخوان المسلمين ، وغير مسموح بوصف هذا الحكم بحكم "الإخوان" لأنه كوصف الثورة ب"المجيدة" فإنه مكتسب وليس قاطعا ، وهنا ..كان الله فى العون ليساعد الكاتب على المحايدة .. فلا أعلم من أين تأتى الشحنات الموجبة هنا ولكن ... اسعي يا عبد وأنا أسعي معاك ...                                                                                                   ثم تأتى الفترة الإنتقالية الثانية وجارى دراستها ...                  

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 269 مشاهدة

Salma Al-Bahey سلمى البهى

pointofview
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

4,570