للمرة الأولى في تاريخ مصر يتوافق النصف المدني من الشعب والطائفة المسيحية الكبيرة علي تهياة انفسهم بترقب لحكومة إسلامية مسيطرة بل ومن المنطقي جدا علي رئيس قادم من نفس المرجعية، وبينما تنتاب البعض الدهشة والفزع ، نجد البعض الآخر يعلقون آمالهم على المؤسسة ذاتها التي تتلقى اللوم على عجزها الديمقراطي ، فهم يعتقدون أن الجيش يمكن أن يوقف الإسلاميين أو على الأقل يحد من اكتساحهم . ” تلك هي هواجس المصرييون بشأن سيناريوهات المستقبل ، بينما يستبعد المتفائلون الانحدار إلى حمام الدم ، وتصادم الجيش مع الإسلاميين كما حدث في السيناريو الجزائري 1990 عندما ألغى الجيش البرلمان بينما كان الإسلاميون يستعدون للانتصار . بينما يتوقع آخرون السيناريو الباكستاني بظهور ضابط مثل ضياء الحق إسلامي الهوى ، يكون مقبولا للجيش والإسلاميين . أو السيناريو الثالث والسيء – أن يفعل الجيش مافعله في عام 1952 ويجد الذريعة لتعليق كل الأمور السياسية . ومن المستغرب حالة الاندهاش لدي بعض المصريين من فوز الإسلاميين بثلثي المقاعد في المرحلة الأولى والثانية للبرلمان الشبه حاكم،مع ان المتابع لتاريخ مصر في الفترة الأخيرة كان عليه أن يتوقع ذلك .

-منذ الانقلاب العسكري عام 1952 الذي أسقط الحكم الملكي ، كانت الرياح السياسية تهب من البحر المتوسط على أنحاء مصر كما كانت في العصور القديمة ، متزامنا معها عواصف حارة قادمة من شبه الجزيرة العربية والتي امتد تاثيرها ليصل بنا لللحظة المتاسلمة الحالية، ومع هبوب العدوان الثلاثي الغربي على السويس كانت النهاية الدامية والدرامية لكل القيم الليبرالية في النظام السياسي المصري وأفسح المجال لحكم الحزب الواحد وميلاد طيور الظلام.

ازداد تألق القومية مع بروز الأفكار الاشتراكية الإسلامية في تمازج فعال لعب الدور الاساسي في تشكيل الإيديولجية الناصرية لم يكن جمال عبد الناصر يشبه أتاتورك فقد كان عضوا في جماعة الإخوان المسلمين واختلافه معهم كان على المستوى السياسي وليس الأيديولوجي ، ولقد ذهب إلى الأزهر ليحشد الناس أثناء حرب 56 بخطاب عاطفي ، اقتبس فيه الكثير من آيات القرأن وذكر المصريين بالقتال الذي كان فرضا إسلاميا – وليس قوميا – لقد كان مزيجا من القومية والإسلامية صبغت عبد الناصر وساهمت في ازدياد شعبيته . بلا شك ان هناك فروق جوهرية بين الأزهر كمرجعية للاسلام والتدين السياسي السعودي ؛ ان الأول وإن كان معتدلا عن المؤسسة الدينية السعودية إلا أنه ليس ليبراليا مكتملا حيث يدعو إلى انفصال ” الكنيسة ” عن ” الدولة ” اما الثاني فهو ايدلوجية سياسية خاصة تقبع تحت سلوك ديني ممنهج .

ان هذا الجيل الشاب المسلح بالعلم والثقافة التكنولوجية واللذي تشبع بمعاني الحريات والديموقراطية خرج من ظلمات الديكتاتورية الفاسدة ليقود شرارة التحول والتي لن تنطفيء لازالوا قادرين على الحركة والتغيير وقلب الطاولة السياسية في أي لحظة ؛ فهم الذين قادوا حملة ضد المجلس العسكري مؤخرا ، وعرضوا وحشية الجنود في تعاملهم مع المظاهرات وأجبروهم على تنازلات رئيسية ، وهم يصعدون من حملاتهم ، ويصلون باحتجاجاتهم من وسط القاهرة إلى ضواحيها ان هذا الجيل لن يتخلي عن احلامه واماله الواسعة في تحقيق ثورتته اما شباب الجماعات الاسلامية فهي مسالة وقت حيث سيكون لهم الدور الفعال في صياغة روح الاسلام المعتدل بمافيه من معاني ومباديء ديموقراطية واحترام للحريات كما هي موجودة في حقيقة كل الشرائع والاديان، أن مصر وإن كانت محكومة بقبضة الجيش القاسية ، والمقاعد الحرجة يحتلها الإسلاميون ، الا اننا ننتظر الكثير من الشباب النشط وكيف سينظمون أنفسهم وماهو الدور الحيوي الذي سيلعبونه في تشكيل مستقبل مصر لعقود قادمة ، انهم يمثلون أكثر من نصف سكان مصر، ولا يجب أن يقلل من قدرهم أحد ، والسؤال اللذي يطرح نفسه الان في ترقب اي من السيناريوهات السابقة الذكر سيفرض نفسه علي مستقبل مصر؟

sameh farouk     -     [email protected]

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 162 مشاهدة
نشرت فى 27 فبراير 2012 بواسطة peaceland

ساحة النقاش

sameh farouk

peaceland
Civil.eng.Sameh.farouk -,Irrigation and Environmental Affairs- - -Environmental Affairs Consultant-international.NGO Diploma in Economics of, ,irrigation systems and water projects ,-General mannager of Egyptian engineers Syndicate »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

47,782