قـــــريــــة ام دكـــيـــكـــــه

مرحبا بك في الموقع الرسمي لقرية ام دكيــكــه.

دخل الإسلام للسودان عام 31 للهجرة عن طريق اتفاقية البقط بين عبد الله بن أبي السرح وعظيم النوبة في دنقلة، وخلال 300 عام من هذه الاتفاقية تغلغل الإسلام رويدًا رويدًا إلى أهالي دارفور أسرع من النوبة، حيث نشأت أول سلطنة إسلامية في هذه المنطقة في القرن الثالث الهجري وهي سلطنة "الدايو" قبيلة إفريقية.

ورغم أن سلطنة الدايو حافظت بشكل أساسي على العادات والتقاليد الإفريقية إلا أنها أدخلت الشريعة الإسلامية كمكون أساسي للحياة في دارفور جنبًا إلى جنب مع قانون دالي.

فكانت الأمور المتعلقة بالجرائم الجنائية من سرقة وقتل وزنا وغيرها يحتكمون فيها إلى قانون دالي، ويقوم على رعاية هذا القانون وتفسيره وتطبيقه أمين السلطنة الملقب بشيخ دالي, ووفقًا لهذا القانون فقد كانت العقوبات تقدر بعدد من رءوس الماشية وفقا لفداحة الجرم؛ فالقتل مثلاً كان له عدد من رءوس الأبقار والزنا كانت الأغنام كفيلة بإزالة آثاره.

وجاءت الشريعة الإسلامية فكان قاضي القضاة في السلطنة يقوم على رعايتها وتطبيقها في أمور مثل: الزواج والطلاق والزكاة والحج والجهاد والمواريث والعقود, وغيرها من الأمور الأخرى التي لا تدخل في النطاق الجنائي.

وفى عام 1445م تأسست مملكة الفور الإسلامية في دارفور أيضا، وبعد 200 عام فقط سلمت الفور قيادة دارفور إلى العرب عبر السلطان سليمان صولون وذلك عام 1640م؛ بسبب زواج أبيه من أميرة دارفورية من بيت السلطان فازدهرت الحضارة العربية في السلطنة.

ولكن السلطان عبد الرحمن الرشيد كان سبب الانتقال الحقيقي لهذا النفوذ في البلاط السلطاني بعدما بنى مدينة الفاشر عام 1792م, وجلب العلماء من الأزهر والدول العربية المجاورة لتعليم الناس أمور دينهم.

وفي عهد الرشيد انتشرت الخلاوي ( كتاتيب ) التي أوقف عليها الحواكير –وهي أراضٍ زراعية يجعلها حكرًا على شيخ الخلوة لينفق منها على تلاميذه وطلاب العلم وعلى شئون الخلوة- وكانت المراسيم السلطانية تمنع منعًا باتًّا جباة الضرائب من أن يقتربوا منها, أو أن يأخذوا منها شيئًا.

ومع دخول العنصر العربي للحكم في دارفور تغيرت الألقاب في السلطنة ودخل لقب الأمين مكان شيخ دالي، والناظر وشيخ القبيلة مكان الألفاظ التي استعملت في السابق، واختفى تماما الحكم بقانون دالي عام 1812م, عندما أعدم السلطان محمد الفضل شيخَ دالي السلطنة بسبب صدام على النفوذ بين الرجلين، وبإعدامه أصبح المنصب والقانون في ذمة التاريخ وحكم العرب دارفور تمامًا.

ولكن التقليد الأساسي الذي احتفظ به سلاطين دارفور حتى سقوط السلطنة عام 1916م هو تربية أبناء مشايخ القبائل داخل قصر السلطان، وكان ابن شيخ القبيلة عندما يحين دوره في قيادة قبيلته مكان أبيه يخرج من قصر السلطان في موكب خاص لينصب من قبل السلطان, حال وفاة أبيه أو عجزه عن القيام بشئون القبيلة.

 

- حركة انتشار الإسلام:

وقد تعددت العوامل في انتشار الإسلام في دارفور قبل قيام سلطنة دارفور الإسلامية قبيل منتصف القرن الخامس عشر الميلادي بزمن طويل، هذه العوامل كانت تؤتي ثمارها منذ أن انتشر الإسلام في بلدان غرب إفريقيا ووسط إفريقيا المعروفة جغرافيًّا باسم بلاد السودان الغربي والأوسط، منذ القرن الحادي عشر، حيث كان يمر حجاج هذه البلاد في طريقهم إلى بيت الله المقدس بإقليم دارفور، إضافة إلى الاتساع في حركة التجار العرب وغير العرب من المسلمين في هذا الإقليم, والتي لاقت ترحيبًا من سكان الإقليم؛ وهو ما ساعد على انتشار مسيرة الإسلام وتوطيد العربية لغة القرآن الكريم، والتخاطب في شتى المجالات الثقافية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية.

وعندما أسس السلطان سليمان سلونق سلطنة الفور الإسلامية عام (848هـ- 1445م) اهتم ببناء المساجد وفتح المدارس وتعمير الخلاوي بالمدن والقرى، كما واصل حفيده السلطان أحمد بكر (1726م-1746م) نهج أسلافه في هذا المضمار، فقد شجع هجرة العلماء للعمل بدارفور لنشر دين الإسلام بطريقة علمية مؤسسة، فأرسل رسله للدول المجاورة، فوفد نفر كريم من العلماء الأجلاء من تمبكتو غرب إفريقيا ومن دار شنقيط ومن سلطنة البرنو، وسلطنة باقرمي والمغرب العربي، ومصر وتونس وفزان والحجاز وسودان وادي النيل بناء على دعوته..

دخل هؤلاء العلماء سلطنة دارفور في فترات متعاقبة واستقروا بها لأداء مهمتهم الجليلة، فوجدوا من السلاطين الرعاية والاحترام والتقدير والتكريم، فمنحوهم الأراضي والمال الوفير والخدم لراحتهم واستقرارهم، اعترافًا برسالتهم المقدمة، واستقروا بوطنهم الجديد دارفور، ونشطت مدارسهم، وازدهر العلم في ربوع البلاد، وقوي الإسلام، وتبحر الناس في علوم الدين.

- قوافل من سكان دارفور:

كما هاجرت إلى دارفور قبائل أخرى ليست عربية الأصل، وكان لها أثرها في نشر الإسلام، نذكر منها قبيلة الفولاني التي جاءت من غرب جالون في القرن الثامن عشر، فكان منهم العالم مالك علي الفوتاوي، حفيد العالم عثمان دان فوديو، والعالم التمرو من شمال غرب إفريقيا، وأبو سلامة، والفقيه سراج.

أما العلماء الذين وفدوا من سلطنة برنو فنذكر منهم العالم الشيخ طاهر أبو جاموسي الذي تزوج شقيقة السلطان تيراب، أيضا وفد من سلطنة باقرمي علماء مقدرون, أما الميما فكان لهم دور عظيم في نشر الإسلام خاصة أيام سلطنة التنجر بشمال دارفور, كان لهؤلاء العلماء دور كبير في نشر الثقافة الإسلامية، كما كان لهم الفضل في تعليم مذهب الإمام مالك، والكتابة بخط الورش قبل العمل بالخط العمري.

واستفاد أهل دارفور من مدارس أخرى كمصر وتونس والحجاز وسودان وادي النيل، إلا أنهم في ذلك العهد تأثروا كثيرًا من ثقافة غرب إفريقيا الإسلامية وأيضًا المغرب العربي.

 

- تعليم القرآن وعلوم الدين:

ويعتبر أهل دارفور تعلم القرآن والقراءة والكتابة واجبًا دينيًّا على كل شخص -رجلاً كان أو امرأة- خاصة في طور الطفولة؛ لذا كان يهاجر بعض التلاميذ إلى خلاوي بعيدة؛ وهو ما جعل حركة المهاجرين سمة من السمات الاجتماعية البارزة في دارفور، وهناك اعترافات بأن قبيلة الفور جعلت خلاوي المهاجرين مؤسسات قائمة بذاتها، لها نظم وقواعد ومفاهيم وقيم مرتبطة بها..

ومن الطريف أنك قد تجد في بعض هذه الخلاوي تلاميذ كبار السن لم يحفظوا القرآن في سن مبكرة أيام طفولتهم، ثم اقتنعوا بأن طالب العلم ليس له حد في العمر، والعلم واجب تحصيله؛ لأن طالب القرآن في ذلك الزمان كان مقدرًا ومحترمًا من قبل سكان البلد، وبعد حفظ الطالب القرآن وتخرجه، تذبح له الذبائح، ويعرض له الزواج بواحدة أو اثنتين أو أكثر؛ لأنه أصبح شخصًا مهمًّا في المجتمع، ومن ميزات حفظ القرآن أن صاحبه لا يُطلب منه دفع المهر لزواجه إثر تخرجه إكرامًا له.

- حبال الفور وحفظ القرآن الكريم:

لفقهاء الفور طريقة معينة لحفظ القرآن عُرفت بحبال الفور، وهي علم خاص، وفن راقٍ له طريقة تعليم معينة، لا تجد مثله عند القبائل الأخرى الموجودة بدارفور، فلا يرضى العالم عند الفور بتحفيظ القرآن إلا إذا كان متبحرًا في علم الحبال، والحبل هو أولاً عبارة عن وسيلة في عملية حفظ الآيات المتكررة، ثم يستعين بالحبال في حفظ الآيات المتشابهة، وهو أن يذكر جميع السور التي وردت فيها كلمة معينة وهذا أيضا بمساعدة الحبال، مثل الحبل "فبلاو" الذي يشير إلى الآيات التي فيها كلمة مصر والحروف المذكورة هي التي تلي كلمة مصر.

لذا لا بد لدارس القرآن في تلك المرحلة أن يعرف أعداد الحروف الواردة في الكتاب، ولا يعتبر الحافظ عارفًا بالقرآن، إلا إذا كان عارفًا بفن الحبال والحرف، فمعرفة الحبال تعتبر قمة المعرفة عند أفراد قبيلة الفور، وعندهم علم التجويد وهو من العلوم التي يدرسها التلميذ المتخصص.

ويوجد نوعان من الامتحانات للشهادات العليا في تعلم القرآن، فالنوع الأول هو امتحان القوني، فيجتمع عدد من العلماء الفقهاء، ثم يحضر الممتحن، وعليه أن يكتب ويقرأ من حفظه دون أن ينظر إلى المصحف، ثم عليه بالتجويد، وقد يطلب منه أن يقرأ من ثلاث عودات أو أكثر، كتابة وقراءة قبل أن تجاز له هذه الشهادة وهي لقب "قوني".

أما النوع الثاني فهو صعب غاية الصعوبة؛ لأن هذا الامتحان تحت إشراف وتنفيذ كبار المشايخ أي الفقهاء الذين اشتهروا بين الحفظة وبين أهل فن الحبال منذ سنين، في هذه المرحلة المتقدمة لا يسأل الممتحن عن حفظه بالقرآن، بل هذا الامتحان يرتكز على الحبال، فإذا نجح الطالب في الامتحان، فقد امتاز، ويسمح له بفتح خلوة جديدة، كما تقام له احتفالات ومهرجانات قد تستمر أسبوعًا كاملاً، يحضرها الحفظة والمشايخ والقواني، هذه هي العادات والنظم التي يتميز بها التعليم عند مجتمع الفور.

 

- مراكز العلم بدارفور:

نذكر من أشهر مراكز العلم بدارفور كريو لمؤسسة مالك الفوتاوي وأسرته، ومركز كوبي للعالم عبد الرحمن كاكوم، ومركز جديد السيل الذي درس فيه فقهاء الجوامعة، ومركز هبيلة للفقيه عبد النبي ساجا، ومركز شوبا شمال جبل مرة، ومركز الدامرة شمال كتم لمؤسسة الشيخ عبد الباقي المسيري الفليتي، ومركز كونو شمال زالنجي.

كان بكل قرية مسجد يتعلم فيه القرآن، وكان لكل عالم مسجد بالقرب من منزله يصلي فيه الصلوات الخمس وبجواره خلاوي المهاجرين، كان بعض المهاجرين يذهب إلى الأزهر بالتعريف بالقاهرة، حيث بدأت هجرتهم منذ 1850م، وخصص لهم في ذلك الوقت رواق بالأزهر، اسمه رواق دارفور ما زال محتفظًا بهذا الاسم إلى يومنا هذا كما هاجر أهل دارفور إلى تونس وغرب أفريقيا طلبًا للعلم.

- أكابر العلماء في عهد سلاطين الفور:

هنالك عدد من العلماء اشتهروا بسلطنة دارفور الإسلامية، نذكر منهم العالم عبد الرحمن كاكوم، الذي أتى دارفور من سودان وادي النيل، وهو من أبرز العلماء الذين نشروا العلوم الإسلامية في دارفور، زامن عصره عهد السلطان محمد تيران الذي تولى حكم سلطنة دارفور من 1768م إلى 1787م بعد فترة غادر الفقيه عبد الرحمن كاكوم سلطنة دارفور إلى الأزهر ودرس كل ما يخص علوم الدين، ومكث هنالك قرابة ثلاثين سنة، وكان يصوم السنة فأطلق عليه الضويمر أي صايم ديمه، ثم عاد إلى دارفور عالمًا في زمن السلطان عبد الرحمن الرشيد الذي حكم دارفور في الفترة من 1787م إلى 1806م.

فاستقبله بحفاوة بالغة، واستقر بمدينة كوبي، وشيد مسجده الذي صار معهدًا، وجذب الكثير من طالبي العلم حتى من سلطنة وداي المجاورة لدارفور.

ذكر الثقاة أن الإمام كاكوم هو الذي أشار للسلطان عبد الرحمن الرشيد بصلاحية الفاشر كعاصمة لدارفور، ظل أحفاد العالم كاكوم يزاولون مهنة العلم والتدريس والإمامية إلى عهد السلطان علي دينار الذي استشهد في نوفمبر 1916م.

ومن مشاهير العلماء في دارفور آنذاك الفقيه حسين ود. عماري الذي ولد بطويلة وهو من قبيلة العريفات، فقد سافر حسين ود. عماري إلى الأزهر بصحبة قافلة تجارية، ومكث هناك أكثر من خمس وعشرين سنة، درس علوم الدين الإسلامي وتفقه فيها.

بعدها عاد إلى السودان، وزار في طريقه دنقلا وشندي وأم درمان وكوستي والأبيض، وكان يقوم بحلقات دراسية في هذه المدن، ثم وصل الفاشر في عهد السلطان محمد الفضل أكرم السلطان محمد الفضل الفقيه حسين ود. عماري وقربه إليه، وجعله معلمًا ومربيًا لأولاده، ثم رئيسًا لديوان السلطان.

أيضًا من أكابر العلماء مولانا فخر الدين بن الفقيه محمد سالم شيخ الشغا، والفقيه سالم شيخ العزيمة، والإمام الضو بن الإمام المصري، إمام السلطان، والعالم عز الدين من الجوامعة حضر من كردفان وملاونا القاضي أحمد طه بكوبي، العالم سعد من أهل الخبير والفقيه أبو سلامة بن الفقيه مالك شيخ الموطأ والفقيه الشيخ الدرديري من كردفان.

- علاقة العلماء بالسلاطين:

كانت علاقة السلاطين بالعلماء وطيدة وحميمة، فالحكام كانوا يهتمون بنشر الدين الإسلامي وازدهاره أشد الاهتمام، وكان للعلماء دور كبير في توثيق الصلات بين دارفور وبلاد مصر وتونس والمغرب والحجاز، فكان دور السلاطين احتضان العلماء والفقهاء في إثراء كل ما يخص الإسلام وتعاليمه.

فكان هناك تعاون وثيق بين الطرفين، حيث ضمن السلاطين للعلماء حياة رغدة آمنة مستقرة، كما دعم العلماء السلاطين بدعواتهم وإرشاداتهم ونصائحهم، فاستقام كل شيء في البلاد وتأكد أن ليس هناك اعتماد على غير الإسلام؛ لأن السلطنة كانت محاطة بدول إسلامية، وكان للعلماء دور عظيم في توحيد القبائل وتجميعها بدارفور، وهذا يرجع لفضل التعليم على المجتمع وعلى سياسة الدولة آنذاك.

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 71 مشاهدة
نشرت فى 3 مايو 2015 بواسطة omdekaeka

قرية ام دكيكه

omdekaeka
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

15,688